الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » فقدت مصر فهي سكرى المآقي

عدد الابيات : 70

طباعة

فقدت مصر فهي سكرى المآقي

كوكبا في سمائها ذا ائتلاق

كوكبا كان يرسل الشعر نورا

ثم يرمي به على الآفاق

خر من جوه الرفيع صريعا

لا السنى يحميه ولا الشعر واق

ايها الكوكب انطفأت بليل

بغتة بعد ذلك الاشراق

ايها الليل هل وراءك صبح

مؤذن بعد ريثه بانفلاق

فجعت مصر بابنها البر شوقي

فهي ثكلى كثيرة التشهاق

صب يشوي على العراق شواظا

رزء مصر ومصر اخت العراق

كان روض وكان زهر وصدا

ح فما منها اليوم شيء باق

ايها الروض انك اليوم اورا

ق تهاوى سفعاً على اوراق

يوم صاح النعي قلت له تباً فما

هذا منك غير اختلاق

ثم لما ادل اطرقت حتى

مل شمس النهار من اطراقي

فلقد كنا شاعرين على ما

بيننا من تفاوت الاذواق

ايها الموت مالنا منك بد

كلنا هالك وانت الباقي

ايها الموت انت آخر سهم

من سهام لها الحياة تلاقى

ايها الموت قد خطفت كذئب

واحدا بعد واحد من رفاقي

ذهبوا مكرهين من غير عود

وقريب بالذاهبين لحاقي

انت كف القضاء تضرب من شا

ء وسيف القضاء في الاعناق

غلت بالامس حافظا وبشوقي

اليوم انشبت الظفر للالحاق

احتججنا لما عصفت بشوقي

انا والشعر والهوى باتفاق

بعد شوقي يا لهف نفسي عليه

اخفق الشعر ايما اخفاق

لا ترى اليوم منه الا رمادا

بعد نار من الشعور حراق

سرت تنأى فما تركت على الاخلاق

عينا يا شاعر الاخلاق

كان هذا الذي به كنت تشدو

بعض دقات قلبك الخفاق

تلك انفاس منك تصعد حرى

وانين يأتي من الاعماق

كل ما قلته لئالئ الا

انها لا تباع في الاسواق

وسيبقى على الزمان جديدا

ادب صنته من الأخلاق

انت ما ان فارقتنا لمعاد

نتسلى به زمان الفراق

انت ما كنت بالحمام خليقاً

فيوافيك آخذاً بالخناق

ايها الراقد الكريم بقبر

لك مما في قبرك الله واق

لك قد ذابت القلوب اسى ثم جرت

ادمعاً من الآماق

كنت ترتاب في فاسمع انيني اليوم

حزنا عليك واسمع شهاقي

بابي ذاك الوجه قد بات يذوي

تحت ما للثرى من الاطباق

ليس لي ما اهدى اليك سخياً

غير شعري ودمعي المهراق

انما انت للخلود بما

ابقيت للناس من قريض راق

انت فان وخالد في زمان

انت جسم يبلى وذكر باق

انت من مصر مثل دمعة ثكلى

بين اهداب العين والحملاق

كنت إما القيت في مصر شعراً

رنّ يرغو صداه في الآفاق

تسبك المعنى البكر في خير لفظ

فبه يحلولي وخير سياق

لم تبلغ من الرسالة شيئاً

غير الهام قلبك الخفاق

كل حي فأنما هو يوما

سيلاقي من الردى ما يلاقي

كل داء فانه لاصطياد الروح منا

ضرب من الاوها

قد ابى الجسم تفارقه الرو

ح فقالت لا تخشين فراقي

انا يا جسم لا اطوف على غيرك

فيما اذا فككت وثاقي

ثم حم الفراق فافترقا بعد

وداع برح وبعد عناق

ثم راما تلاقيا واذا الموت

فراق ما بعده من تلاق

رب قبر به صدى الحياة لي

يروى من وابل غيداق

ولقد كنت في قريضك ترجو

ما لحق اهين من احقاق

نبض الشعر من فيما اليه

مصر كانت تحتاج من اشفاق

شاعراً ان تكون اول من يد

مع فيها سياسة الارهاق

فلقد كنت ذا يراع ذليق

هو امضى من السيوف الرقاق

بك كانت امارة الشعر تزهو

مذ تقلدتها بالاستحقاق

رب خيل ركضن في حلبة السبق

فخلين الدرب للسباق

لا تعب الفاظي اذا هي رثت

بعد ان كانت غضة الاوراق

رب حسناء سلمها الدهر فقرا

فبدت في ثوب لها إخلاق

ساورتني بك الرزية حتى

ضاق عما اقول فيك نطاقي

واذا قصرّ القريض فدمعي

لك يغني عنه لدى الاهراق

لم يكن ما نظمته من رثاء

لك اصفى من دمعي الرقراق

نم بعيداً في جوف قبرك عمن

يتصدى اليك بالاقلاق

وانس ايامك التي كنت فيها

تتملى الحياة في كأس ساق

انس ما قد خلفته من قصور

شاهقات توفى ومن اعلاق

انما هذا القبر آخر بيت

لك يا مالك القصور الطباق

ان اناتي في المشيب سهام

لم يكن عن قصد لها اطلاقي

فهي اثناء سيرها قد تلاقي

غرضا نازحاً وقد لا تلاقي

حسرة لي على الليالي المواضي

وتخش من الليالي البواقي

لا يذم الحياة الا فريق

ما لهم من لذاتها من خلاق

قد رضعنا منها الافاويق ايا

ماً فكانت لذيذة في المذاق

واخذنا من الرفاهة حظاً

وشربنا المنى بكأس دهاق

الشباب الشباب فهو يساوي

كل ما في الحياة من اذواق

لا اظن الارواح تقبل اسراً

بعد حرية لها وانطلاق

غير ان الدنيا وان قل منها

الوصل دنيا كثيرة العشاق

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة