الديوان » العصر الأندلسي » الأبيوردي » طربن إلى نجد وأنى لها نجد

عدد الابيات : 42

طباعة

طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ

وبغداذُ لمْ تُنْجِزْ لنا مَوْعِداً بَعْدُ

وأسْعَدَها سَعْدٌ على ما تُجِنِّهُ

من الوَجْدِ لا أدمى جَوانِحَهُ الوَجْدُ

فيا نِضْوُ لا يَجْمَحْ بكَ الشّوقُ واصْطَبِرْ

قَليلاً وكَفْكِفْ منْ دُموعِكَ يا سَعْدُ

فما بِكُما دونَ الذي بي منَ الهَوى

ولكن أبَى أن يَجْزَعَ الأسَدُ الوَرْدُ

ستَرعى وإنْ طالَتْ بنا غُرْبَةُ النّوى

رُباً في حَواشي رَوْضِها النَّفَلُ الجَعْدُ

بحَيْثُ تُناجينا بألحاظِها المَها

إذا ضَمّنا والرّبْرَبَ الأجْرَعُ الفَرْدُ

ولَيْلَةَ رَفّهْنا عَنِ العِيسِ بَعْدما

قَضَتْ وَطَراً منْهُنّ مَلْويّةٌ جُرْدُ

سَرَتْ أمُّ عَمْرٍو والنّجومُ كأنّها

على مُسْتَدارِ الحَلْيِ منْ نَحْرِها عِقْدُ

فلمّا انْتَبَعّنا للخَيالِ تولّعَتْ

بِنا صَبَواتٌ فَلَّ منْ غَرْبِها البُعْدُ

وقُلْتُ لعَيْني وهْيَ نَشْوَى منَ الكَرى

أبِيني لنا حُلْمٌ رأيْناهُ أم هِنْدُ

لَئِنْ أخْلَفَ الطَّيْفُ المَواعيِدَ باللِّوى

فبالهَضباتِ الحُمْرِ لمْ يُخْلِفِ الوَعْدُ

وبِتْنا برَوْضٍ يَنْثُرُ الطَّلُّ زَهْرَهُ

عَلينا ويُرخي منْ ذَوائِبِهِ الرَّنْدُ

ونحن وراء الحَيّ نَحذَرُ منهُمُ

عُيوناً تُلَظّيها الحَفيظَةُ والحِقْدُ

وتَجْري أحاديثٌ تَلينُ مُتونُها

ويَفْتَنُّ في أطرافِها الهَزْلُ والجِدُّ

وتحتَ نِجادي مَشْرَفيٌّ إذا الْتَوى

بجَنْبيَ رَوْعٌ كادَ يَلْفِظُهُ الغِمْدُ

وهل يرْهَبُ الأعْداءَ مَنْ غَضِبَتْ لهُ

مَغاويرُ منْ بَكْرٍ كأنهُمُ الأُسْدُ

يَذودون عني بالأسِنّةِ والظُّبا

ولولاهُمُ أدنى خُطا العاجِزِ القِدُّ

فأوْجُهُهُمْ والخَطْبُ داجٍ مُضيئَةٌ

وألْسِنَتُهُمْ والعِيُّ مُحتَصَرٌ لُدُّ

إذا انتَسَبوا مَدَّ الفَخارُ أكُفَّهُمْ

إِلى شَرَفٍ أعلى دَعائِمَهُ المَجْدُ

فكُلٌّ سَعى للمَكْرُماتِ وإنّما

إِلى ناصِرِ الدّينِ انتهى الحَسَبُ العَدُّ

أغَرُّ يَهُزُّ الحَمْدُ عِطْفَيْهِ للندىً

على حينَ لا شُكْرٌ يُراعَى ولا حَمْدُ

أتَتْهُ العُلا طَوْعاً وكم رُدَّ طالِبٌ

على عَقِبَيْهِ بعدما استُفْرِغَ الجُهْدُ

ترى سيمِياءَ العِزِّ فوقَ جبينِهِ

كما لاحَ حَدُّ السّيْفِ أخْلَصَهُ الهِنْدُ

له نِعْمَةٌ تأوي إِلى ظِلّها المُنى

ويَسْحَبُ أذيالَ الثّراءِ بها الوَفْدُ

وعَزْمَةُ ذي شِبلَيْنِ ضاقَ بِهَمِّه

ذِراعاً فلا يَثْنيهِ زَجْرٌ ولا رَدُّ

يُقَلِّبُ عَيْناً لا يزالُ لدى الوَغى

يَذُرُّ عليها منْ خَبيئَتِهِ الزَّنْدُ

إذا السّنَواتُ الشُّهْبُ أجْلى قَتامُها

عنِ المَحْلِ حتى عَيَّ بالصَّدَرِ الوِرْدُ

حَلَبْنا أفاوِيقَ الغِنى منْ يَمينِهِ

وما غَرّنا البَرْقُ اللَّموعُ ولا الرَّعْدُ

ودَرَّتْ علَيْنا راحَةٌ خَلَصَتْ بِها

إلينا اليدُ البيْضاءُ والعِيشةُ الرَّغْدُ

فداهُ منَ الأقوامِ كُلُّ مُبَخَّلٍ

لهُ مَنْظَرٌ حُرُّ ومُخْتَبَرٌ عَبْدُ

إذا بَسَطَ المَدْحُ الوُجوهَ وأشرَقَتْ

زَوى بينَ عَيْنَيهِ على الشّاعِرِ الوَغْدُ

فلا بَلَغَتْ إنْ زُرْتُهُ ما تَرومُهُ

رَكائِبُ أنْضاها التّوَقُّصُ والوَخْدُ

يَخُضْنَ الدُّجى خُوصاً كأنّ عُيونَها

وهُنَّ جَليّاتٌ أَناسِيُّها رُمْدُ

إذا ما المَطايا جُرْنَ عن سَنَنِ الهُدى

وجاذَبَنا قَصْدَ النِّجادِ بها الوَهْدُ

ذَكَرْناكَ والظّلْماءُ تَثْني صُدورَها

إِلى الغَيِّ حتى يَسْتَقيمَ بِها الرُّشْدُ

حَمَلْنَ إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً كأنّما

غَذَتْهُ برَيّا الشّيحِ عُذْرَةٌ أو نَهْدُ

فما زِلْتُ أحْدوهُ إليكَ مُحَبَّراً

وللهِ دَرّي أيَّ ذي فِقَرٍ أحْدو

ولاعَبْتُ ظِلّي في فِنائِكَ بَعدَما

أبَى أن يُزيرَ الأرضَ طُرَّتَهُ البُرْدُ

وقد كان عَهدي بالمُنى يَسْتَميلُني

إليكَ وتُدْنيني البَشاشةُ والوُدُّ

فما بالُنا نُجْفَى ومنكَ تعلَّمَتْ

صُروف اللّيالي أن يَدومَ لها عَهْدُ

وما بي نَوالٌ أرْتَجيه فَطالما

نَقَعْتُ الصّدى والماءُ مُقْتَسَمٌ ثَمْدُ

ولكنّكَ ابنُ العمِّ والعمُّ والِدٌ

وما لامرِئٍ منْ بِرِّ والِدِهِ بُدُّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأبيوردي

avatar

الأبيوردي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alabywrdy@

390

قصيدة

159

متابعين

محمد بن أحمد بن محمد القرشي الأموي، أبو المظفر. شاعر عالي الطبقة، مؤرخ، عالم بالأدب. ولد في أبيورد (بخراسان) ومات مسموماً في أصبهان كهلا. من كتبه (تاريخ أبيورد) و (المختلف ...

المزيد عن الأبيوردي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة