الديوان » العصر الأندلسي » الأبيوردي » أثرها فلا ماء أصابت ولا عشبا

عدد الابيات : 48

طباعة

أثِرْها فلا ماءً أصابَتْ ولا عُشْبا

وقد مُلئَتْ أحْشاءُ رُكْبانِها رُعْبا

ونحنُ بحَيْثُ الذِّئْبُ يَشْكو ضَلالَهُ

إِلى النّجْمِ والسّاري يَسوفُ بهِ التُّرْبا

نُحاذِرُ منْ حَيَّيْ سُلَيْمٍ وعامِرٍ

أَناسِيَّ لا يَرْضَوْنَ غيرَ الظُّبا صَحْبا

إذا خَلَّفَتْ بَطْحاءَ نجْدٍ وراءَها

فلسنا بمَنّاعينَ أن تَقفَ الرَّكْبا

فأينَ ومِثلي لا يَغُشُّكَ ماجِدٌ

نَصولُ بهِ كالعَضْبِ مُحتَضِناً عَضْبا

لهُ هِمّةٌ غَيْرى على المَجدِ برَّحَتْ

بنَفْسٍ على الأيّامِ منْ تيهِها غَضْبى

وإنْ يَكُ في نَجْديِّ قَيْسٍ بَسالَةٌ

فإنّي ابنُ أرْضٍ تُنبِتُ البَطَلَ النَّدْبا

يَعُدُّ إباءَ الضّيْمِ كِبْراً وطالما

أبَيْنا فلم نَعثُرْ بأذيالِنا عُجْبا

ولكننا في مَهْمَهٍ تُعْجِلُ الخُطا

على وَجَلٍ هُوجُ الرّياحِ بهِ نُكْبا

إذا طالَعَتنا منْ قُرَيْشٍ عِصابَةٌ

وشافَهْنَ من أعلامِ مَكَّتِها هَضْبا

نزَلْنَ منَ الوادي المُقدَّسِ تُرْبُهُ

بآمَنِهِ سِرْباً وأعْذَبِهِ شِرْبا

وفي الرَّكْبِ مَنْ يَهْوى العُذَيْبَ وماءَهُ

ويُضْمِرُ أحياناً على أهلِهِ عَتبا

ويَصْبو إِلى وادِيهِ والرّوْضُ باسِمٌ

يُغازِلُهُ عافي النّسيمِ إذا هَبّا

وواللهِ لولا حُبُّ ظَمْياءَ لم يَعُجْ

عليهِ ولم يَعْرِفْ كِلاباً ولا كَعبا

وما أُمُّ ساجي الطّرْفِ مالَ بهِ الكَرى

على عَذَباتِ الجِزْعِ تَحْسَبُهُ قُلْبا

تُراعي بإحدى مُقْلَتَيْها كِناسَها

وتَرْمي بأُخْرى نَحوَهُ نَظَراً غَرْبا

فَلاحَ لَها مِنْ جانِبِ الرّمْلِ مَرْتَعٌ

كأنّ الرّبيعَ الطَّلْقَ ألْبَسَهُ عَصْبا

فمالَتْ إليهِ والحَريصُ إذا عَدَتْ

بهِ طَوْرَهُ الأطْماعُ لمْ يَحْمَدِ العُقْبى

وآنَسَها المرْعى الأنيقُ وصادَفَتْ

مَدى العَيْنِ في أرجائِهِ بَلَداً خِصْبا

فلمّا قَضَتْ منهُ اللُّبانَةَ راجَعَتْ

طَلاها فألْفَتْهُ قَضى بَعْدَها نَحْبا

أُتِيحَ لَها عاري السّواعِدِ لمْ يزَلْ

يَخوضُ إِلى أوْطارِهِ مَطْلَباً صَعْبا

فوَلَّتْ على ذُعْرٍ وبالنَّفْسِ ما بِها

منَ الكَرْبِ لا لُقِّيتَ في حادِثٍ كَرْبا

بأَوْجَدَ منّي يومَ عَجَّتْ رِكابُها

لِبَيْنٍ فلمْ تترُكْ لِذي صَبوَةٍ لُبّا

وما أنْسَ لا أنْسَ الوَداعَ وقد بدَتْ

تُغَيِّضُ دَمْعاً فاضَ وابِلُهُ سَكْبا

مُهَفْهَفَةٌ لم تَرْضَ أتْرابُها لَها

ببَدْرِ الدُّجى شِبْهاً وشَمْسِ الضُّحى تِرْبا

تنفَّسُ حتى يُسْلِمَ العِقْدَ سِلْكُهُ

وأكْظِمُ وَجْداً كادَ ينْتَزِعُ الخِلْبا

وتُذْري شَآبيبَ الدّموعِ كأنّما

أذابَتْ بعَيْنَيْها النّوى لُؤلؤاً رَطْبا

وما كُنْتُ أخشى أن أُراعَ لحادِثٍ

منَ الدّهْرِ أو أشْكو إِلى أهلِهِ خَطْبا

وقد زُرْتُ منْ أفْناءِ سَعْدٍ ومالكٍ

ضَراغِمَةً تُغْرى كِنانِيَّةً غُلْبا

منَ القَوْمِ يُزْجِي الرّاغِبونَ إلَيْهِمُ

على نَصَبِ المَسْرى غُرَيْرِيَّةً صُهْبا

لهُمْ نَسَبٌ رَفَّتْ عليهمْ فُروعُهُ

وبَوّأَهُمْ منْ خِنْدِفٍ كَنَفاً رَحْبا

إذا ذَكَروهُ أضْمَرَ العُجْمُ إحْنَةً

عليهمْ وأصْلى جَمْرَةَ الحَسَدِ العُرْبا

وإنْ سُئِلوا عمّنْ يُديرُ على العِدا

رَحى الحَرْبِ فيهمْ أو يكونُ لَها قُطْبا

أشاروا بأيْديهِمْ إِلى خَيْرِهِمْ أباً

وأطوَلِهِمْ باعاً وأرْحَبِهِمْ شِعَبا

إِلى مُدْلجيٍّ رَدّ عن آلِ جَعْفَرٍ

صُدورَ القَنا والجُرْدَ شازِبَةً قُبّا

وقابَلَ بالحُسْنى إساءَةَ مُجْرِمٍ

فودَّ بَريءُ القَومِ أنّ لهُ ذَنْبا

تُراقُ دِماءُ الكُومِ حَولَ قِبابِهِ

إذا راحَ شَوْلُ الحَيِّ مُقْوَرّةً حُدْبا

ويَسْتَمْطِرُ العافونَ منهُ أنامِلاً

أبى الجُودُ أن يَستَمطِروا بعْدَها سُحْبا

رأى عندَهُ الأعداءُ مِلْءَ عُيونِهِمْ

مَناقِبَ لو فازُوا بِها وَطِئوا الشُّهبا

فوَدّوا منَ البَغْضاءِ أنّ جُفونَهُمْ

عَقَدْنَ بهُدْبٍ دونَ رؤيَتها هُدْبا

ولم يُتلِعوا أعْناقَهمْ نَحوَهُ هَوًى

ولا عَفّروا تلكَ الجِباهَ لهُ حُبّا

ولكنّهمْ هابُوا مَخالِبَ ضَيْغَمٍ

يَجوبُ أديمَ الأرضِ نحوَهُمُ وَثْبا

أبا خالدٍ إنّي تَرَكْتُهُمُ سُدًى

وأحْسابُهُمْ فَوضَى وأعْراضُهُمْ نُهْبى

وصَدّقَ قَوْلي فيكَ أفعالُكَ التي

أبَتْ لقَريضي أن أوَشِّحَهُ كِذْبا

وهزّكَ مَدْحٌ كادَ يُصْبيكَ حُسْنُهُ

وفي الشِّعرِ ما هزَّ الكَريمَ وما أصْبى

يحدِّثُ عنهُ البَدرُ بالشّرقِ أهلَهُ

ويسألُ عنهُ الشّمسَ مَنْ سَكَن الغَرْبا

ومَنْ لم يُراقِبْ رَبَّهُ في رَعيّةٍ

أخِشَّتُهُ تُدْمي عَرانينَهُمْ جَذْبا

فإنّكَ أرْضَيْتَ الرّعايا بِسيرَةٍ

تحَلّتْ بها الدُّنيا ولم تُسْخِطِ الرَّبّا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأبيوردي

avatar

الأبيوردي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alabywrdy@

390

قصيدة

159

متابعين

محمد بن أحمد بن محمد القرشي الأموي، أبو المظفر. شاعر عالي الطبقة، مؤرخ، عالم بالأدب. ولد في أبيورد (بخراسان) ومات مسموماً في أصبهان كهلا. من كتبه (تاريخ أبيورد) و (المختلف ...

المزيد عن الأبيوردي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة