الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » قدني إليك فقد أمنت شماسي

عدد الابيات : 61

طباعة

قُدْني إِليك فقد أمِنتَ شماسي

وكُفيتَ منّي اليومَ صدقَ مِراسي

ولقيتنِي مُتخشِّعاً لا يُرتَجى

نَفعي ولا يُخشى العشيّةَ باسي

أسرِي بلا هادٍ بكلّ مضلّةٍ

وأجوبُ مُظلمةً بلا مقباسِ

وأذودُ عن قلبي الهمومَ كأنّني

أَحمي أسودَ شرىً عنِ الأخياسِ

وتُدِرُّ لي نُوَبُ الزّمان مصائباً

في كلِّ شارقةٍ بلا إبساسِ

في أَسْرِ قاصمةٍ أُخادع جِيرتي

عنها وأكتُمُ داءَها جُلّاسي

فَأَنا الجَريحُ بلا شفارِ صوارمٍ

وأنا الرَّميُّ بغير ما أقواسِ

يا لَلرّجالِ لفَجْعَةٍ جَذَمَتْ يدي

وددتُها ذهبتْ عليّ براسي

ما زلتُ أحذر وِرْدَها حتّى أتَتْ

فحسوتُها في بعض ما أنا حاسِ

رادَيْتُها فلقيتُ منها صخرةً

صَمَّاءَ من جبلٍ أشمٍّ راسِ

ومطلتُها زمناً ولمّا صَمَّمَتْ

لم يَثْنِها مَطْلي وطولُ مِكاسي

ومنعتُها دمعي فلمّا لم تجدْ

دمعاً تحدّر أوقَدَتْ أنفاسي

ومصيبةٍ وَلَجَتْ على سُرُجِ الهدى

آلِ النبيّ حفائرَ الأرْماسِ

ثُلموا بها بعد التَّمامِ كأنّما

ثُلموا بجَدْعِ الأنفِ يومَ عِطاسِ

وتراهُمُ بعد الهدوِّ كأنّهمْ

سِرْبُ الخَمِيلةِ ريِعَ من فِرْناسِ

يا صاحبِي هَل نابَ سَمْعكَ مِثلما

قَد نابني نبأٌ أطار نُعاسي

لا أَرتضي منهُ وضوحَ يقينِهِ

وأودُّ أنّي منه في إلباسِ

أنْحى على كَبِدِي بوَشْكِ سَماعِهِ

ناراً تَحزُّ جُنوبَها بمواسي

وظَنَنْتُهُ مثلَ الرّزايا قبلَه

فإذا به رُزءاً عزيزَ الآسي

خطرٌ أَعُطُّ عليه صبري بعدهُ

وأُجِلُّهُ عن أن أعُطَّ لباسي

لا تُنِكرا من فيض دمعِيَ عبرةً

فالدّمعُ خيرُ مساعدٍ ومواسي

وإذا سُئِلتُ عن الّذي بِيَ بعدَهُ

فصممتُ عنه فلا تَعِبْ إبلاسي

ونعى إليّ وليتَه لم ينعَ لي

عَنَتَ القُرومِ وفاضحَ السّوّاسِ

ومُعثّرَ النُّجَباءِ خلفَ ترابِهِ

ومُعجّز النُّظَراء والأجناسِ

مَن قاد شوسَ الفخر بعد تقاعسٍ

وَاِستاقَ شمّ الذكر بعد شِماسِ

مَن كانَ مَرْجوّاً لِكلِّ حفيظةٍ

تُدعى وَمَدعوّاً ليومِ عَماسِ

مَن كانَ يأبى فضلُه العالي الذُّرا

مِن أنْ يُقاسَ إلى الورى بقياسِ

مَن كان طَلْقَ الوجهِ يومَ طلاقةٍ

ومعبّساً شَرَساً على الأشراسِ

ذاكَ الّذي جَمع الفخارَ فخارُهُ

سَبْقاً إليه من جميع النّاسِ

إنّ الفضائلَ بعد فقدِ محمّدٍ

دَرَسَتْ معالمُها مع الأدراسِ

فالآن هنّ كشَنَّةٍ منبوذةٍ

أو حِلْسِ مُستغنٍ عن الأحلاسِ

واهاً لعُمركَ من قصيرٍ طاهرٍ

ولربَّ عُمْرٍ طال بالأرجاسِ

ولَتُرْبُ قبرِكَ ما حوى من مُنْتَحٍ

جوّابِ أرضٍ في عُلاً دَوّاسِ

بِتْنا وأنتَ لآملٍ حيث المُنى

وأتى الصّباحُ وأنتَ عند الياسِ

يا موتُ كيف أخذتَ نفسِي تاركاً

نفساً عليها جَمّةَ الأنفاسِ

كَيفَ اِجتَنبتَ سوى الأكارِعِ عامِداً

وأصبتَ حين أصبتَ أُمَّ الرَّاسِ

ألّا أخذتَ بمن أخذتَ عصائباً

ليسوا لمَكْرُمةٍ من الأكياسِ

ووقيتَه بِي ما عراهُ فالرَّدى

ممّا يجود به الفتى ويواسي

قُلْ للّذينَ تَشامَتوا في يومِهِ

ما بالرّدى طَرَقَ الفتى من باسِ

إمّا مَضى وَبَقيتمُ مِن بَعدهِ

فلقد مضى صِفْراً من الأدناسِ

هَل فيكُمُ مِن دافعٍ لحِمامِهِ

في هابطٍ من أرضِهِ أوجاسِ

أَو فائتٍ يوماً وقَد بلغَ المَدا

لَهَواتِ ذاك الفاغِرِ الفَرَّاسِ

يا ساقيَيّ مِنَ المحاذِر شَرْبةً

ما ذُقتما لا ذقتما في كاسي

ما دار ما أَدْوَيتُما قلبي به

من قبلُ في فكري ولا إيجاسي

ها فَاِنظُرا منِّي الدّموعَ غزيرةً

وتعجّبا لخشوعِ قلبٍ قاسِ

وتعلّما أنّ الّذي بِي كلّما

رقد المسلَّمُ هاجَ لي وسواسي

لَو كانَ مَن يرمي سوادي بادياً

لَتَقَيتُهُ وحميتُ منه أناسي

لكنّه يخفى عليَّ مكانُهُ

ويَدِقّ عن بصري وعن إحساسي

كيف النّجاء ولا نجا من جاثِمٍ

فيما يَشاءُ مِنَ الفَتى خنّاسِ

يَلِجُ البيوتَ مَنيعةً لا تُرتَقى

وَتضِلُّ عَنهُ أعينُ الحُرَّاسِ

إِنْ شاءَ كان مواصلاً لمرائِري

أو شاء كان معطّلاً أمراسي

صَلّى الإلهُ على ضَريحك وَاِرتوى

من كلّ مُنْهَمِرِ الحيَا بجّاسِ

صَخِبِ الرّعودِ كأنّ جَرْسَ غمامِهِ

جَزْلاً أُعِينَ بسائر الأجراسِ

وَكأنّما رُكّامَهُ متلبِّداً

عِيسٌ مُعَقَّلَةٌ إلى أعياسِ

وَرَمَتْ رِياحُ الجوّ تُربَك كلَّما

رمتِ الثّرى بالنّاعم الميّاسِ

حتّى يُرى خَضِلاً تَعانق حولَهُ

قُضُبُ الأقاحي ماثلاً للآسِ

مَنْ مبلغٌ فخرَ الملوك بأنّنِي

للفضل من نعماهُ لستُ بناسِ

شرّدتَ عنّى كَرْبَهَا من غُمَّةٍ

وعدلتَ لِي الإيحاشَ بالإيناسِ

وخلستَنِي منها وقد ضمّتْ على

جلدي الرّواجبَ أيَّ يومِ خِلاسِ

إِن كانَ فَرعي قد مضى وبقيتَ لِي

فالفرعُ مسدولٌ على الآساسِ

ولَئِنْ رُزِئتُ فقد محوتَ رزيّتي

بيديك مَحْوَ النِّقْس من قِرطاسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

91

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة