الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » لو لم يعاجله النوى لتحيرا

عدد الابيات : 48

طباعة

لَو لَم يُعاجله النّوى لَتحيّرا

وقَصارُه وقد انتأوْا أن يُقصِرا

أَفَكلّما راعَ الخليطُ تصوّبتْ

عبراتُ عينٍ لم تقلَّ فتكثُرا

قَد أوقدتْ حُرَقُ الفراق صبابةٍ

لَم تَستعرْ ومَرَيْنَ دمعاً ما جرى

شَعَفٌ يُكتّمه الحياءُ ولوعةٌ

خفيتْ وحُقّ لمثلها أن يظهرا

وأبي الركائبِ لم يكن ما عُلنه

صبراً ولكن كانَ ذاك تصبّرا

لَبَّيْنَ داعيةَ النّوى فأريننا

بين القِبابِ البيض موتاً أحمرا

وَبعدن بِالبينِ المشتّت ساعةً

فكأنّهنّ بعدن عنّا أشهُرا

عاجوا على ثَمدِ البِطاحِ وحُبّهمْ

أجرى العيونَ غداة بانوا أبحُرا

وَتَنكّبوا وَعْرَ الطّريق وخلّفوا

ما في الجَوانحِ من هَواهمْ أوعرا

أمّا السّلوُّ فإنّه لا يهتدِي

قصد القلوب وقد حُشِينَ تذكّرا

قد رُمتُ ذاك فلم أجده وحقُّ مَنْ

فقدَ السّبيلَ إلى الهُدى أن يُعذَرا

أهلاً بطيفِ خيالِ مانعة الحِبَا

يَقْظى ومُفضلةٍ علينا في الكرَى

ما كان أنعمنا بها من زَورَةٍ

لو باعدتْ وقتَ الورودِ المصدَرا

جزعتْ لوخْطاتِ المشيب وإنّما

بلغَ الشّبابُ مدى الكمال فنوّرا

وَالشيب إِنْ فكّرتَ فيه مَورِدٌ

لا بدّ يوردَهُ الفتى إن عُمِّرا

يَبيضُّ بَعدَ سَواده الشّعرُ الّذي

لو لم يزره الشّيبُ واراه الثّرى

زَمنَ الشبيبةِ لا عدَتْك تحيّةٌ

وسقاك مُنهمِرُ الحَيا ما اِستُغزِرا

فَلَطالَما أَضحى رِدائي ساحباً

في ظلّك الوافي وعودِيَ أخضرا

أَيّامَ يَرمُقنِي الغَزالُ إِذا رنا

شَعَفاً ويطرُقني الخيالُ إذا سرى

وَمرنّحٍ في الكُورِ يُحسَبُ أنّه اِصْ

طبح العُقار وإنّما اِغتبق السُّرى

بَطلٌ صَفاهُ للخداع مَزلّةٌ

فَإِذا مَشى فيه الزّماعُ تَغَشمَرا

إمّا سألتَ به فلا تسألْ بِهِ

ناياً يناغِي في البَطالة مِزْمَرا

وَاِسأَلْ بِهِ الجُرْدَ العِتاقَ مغيرةً

يخبطن هاماً أو يَطأن سَنَوَّرا

يَحمِلنَ كلَّ مُدجَّجٍ يَقرِي الظُّبا

عَلَقاً وأنفاسَ السّوافي عِثيَرا

قَوْمِي الّذين وَقَد دَجَتْ سُبُلُ الهدى

تركوا طريقَ الدّين فينا مُقمِرا

غَلبوا على الشّرَفِ التّليد وجاوزا

ذاك التّليدَ تَطرُّفاً وتخيُّرا

كم فيهمُ من قسْوَرٍ مُتخمّطٍ

يُردِي إذا شاء الهِزَبْرَ القَسْوَرا

متنمّرٍ والحربُ إن هتفت به

أدّته بسّامَ المُحيّا مُسفِرا

وملوَّمٍ في بذلهِ ولطالما

أضحى جديراً في العُلا أن يُشكرا

ومُرَفَّعٍ فوق الرّجال تخالُه

يوم الخطابة قد تسنّم مِنبرا

جَمعوا الجَميلَ إلى الجمالِ وإنّما

خَتَموا إِلى المرأى المُمدَّحِ مَخبَرا

سائلْ بهمْ بَدْراً وأُحداً والّتي

ردّتْ جبينَ بني الضّلال مُعفَّرا

للَّه دَرُّ فَوارسٍ في خيبرٍ

حملوا عن الإسلام يوماً منكرا

عَصَفوا بِسُلطانِ اليهودِ وأَوْلجوا

تلكَ الجَوانح لوعةً وَتحسُّرا

وَاِستَلحموا أَبطالهمْ وَاِستَخرَجوا ال

أَزلامَ من أيديهمُ والمَيسِرا

وَبِمرحبٍ أَلوى فتىً ذو جمرةٍ

لا تُصطلى وبسالةٍ لا تُعتَرى

إِنْ حزّ حزّ مُطبّقاً أو قال قا

لَ مصدَّقاً أو رام رام مطهَّرا

فَثَناهُ مُصفرَّ البَنان كأنّما

لطخ الحِمامُ عليه صِبْغاً أصفرا

تهفو العُقابُ بشِلوِهِ ولقد هَفَتْ

زمناً به شُمُّ الذّوائبِ والذُّرا

أمّا الرّسولُ فقد أبان ولاءَه

لو كان ينفع جائراً أن ينذرا

أمضى مقالاً لم يقله معرِّضاً

وأشاد ذكراً لم يشده مُغَرِّرا

وَثَنى إليهِ رِقابهمْ وأقامهُ

عَلَماً على باب النّجاة مشهَّرا

ولَقد شَفى يومُ الغديرِ مَعاشراً

ثَلِجَتْ نفوسُهُمُ وأدوى معشرا

قَلِقَتْ بهمْ أحقادهمْ فَمُرجّعٌ

نَفَساً ومانعُ أنّةٍ أن تجهرا

يا راكباً رقصتْ به مَهْرِيَّةٌ

أشِبَتْ بساحته الهمومُ فأصحرا

عُجْ بالغَرىِّ فإنّ فيه ثاوياً

جبلاً تطأطأ فاِطمأنّ به الثّرى

وَاِقرا السّلامَ عليه من كَلِفٍ به

كُشفتْ له حجبُ الصّباح فأبصرا

فَلو اِستَطعتُ جعلتُ دار إقامتِي

تلكَ القبور الزُّهرَ حتّى أُقبرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

91

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة