الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » ما ضر طيفك لو والى زياراتي

عدد الابيات : 64

طباعة

ما ضرّ طيفَكِ لو والى زياراتي

ما بَينَ تِلكَ المَحاني والثّنِيّاتِ

والرّكبُ عنّا مشاغيلٌ بأَبيَنهمْ

مِنَ الدّؤوب وإرقالِ المطيّاتِ

صَرْعى كأنّ زجاجاتٍ أُدِرْنَ لهمْ

فهمْ لعينيك أحياءٌ كأمواتِ

إنْ حرّم الصّبحُ وصلاً كان يُجذلُنا

فَهْوَ الحلالُ بتهويمِ العشيّاتِ

وَكَم أَتاني وجُنحُ اللَّيلِ حُلّتُهُ

مَن لَم يَكُن في حسابي أنَّه ياتي

وَزارَ في غيرِ ميقاتٍ وكم لُوِيَتْ

عنّا زيارتُهُ في كلِّ ميقاتِ

وَقَد رَأَيتمْ وَقد سار المطيُّ بكمْ

كَيفَ اِصطِباري على تلك المصيباتِ

وَكَم ثنيتُ لِحاظي عَن هوادِجكمْ

وَفي الهَوادِجِ أَوطاري وحاجاتي

وقلت لا وجدَ في قلبي لِلائِمِهِ

وَالقلبُ تحرقُهُ نارُ الصّباباتِ

قلْ للّذين حَدَوْا في يوم رِحلَتِهم

خُوصاً خمائِصَ أمثالَ الحنيّاتِ

مذكّراتٍ فلا سَقْبٌ لهنّ ولا

كَرِعْنَ يوماً بنشوانِ الوليداتِ

لَهُنّ والرّحلُ يَعْلَولِي مناسِجَها

إلى السَّباسِبِ شوقاً كلَّ حنّاتِ

وكمْ ولَجْنَ شديداتٍ صَبَرْنَ بها

حَتّى نَجونَ كِراماً بالحُشاشاتِ

فَإِنْ بُعِثْنَ إِلى نيلِ المُنى رُسُلاً

كفَلْنَ منك بتقريبِ البعيداتِ

مَنْ فيكُمُ مُبلغٌ عنّي الوزيرَ إذا

بَلَغْتموه سلامي والتحيّاتِ

وَمن سعود الورى ثمّ البلاد بهِ

لم يَظلموا إذ دعوه ذا السّعاداتِ

قولوا لَيتني كنتُ الرّسولَ وما

أدّى إليك سوى لفظِي رسالاتي

للّه دَرُّكَ في مُستغْلَقٍ حَرِجٍ

أسعفتَ فيه بفرحاتٍ وفُرجاتِ

وفاحمٍ مُدْلَهمٍّ لا ضياءَ بهِ

نزعتَ عنه لنا أثواب ظُلماتِ

وفي يديك رسولٌ منك تُرسلهُ

متى أردتَ إلى كلِّ المنيّاتِ

مثلَ الرِّشاءِ يُرى منه لمبصرِهِ

تغضّنُ الرُّقمِ يقطعن التّنوفاتِ

حَلفتُ بالبُدْنِ يرعين الوَجيف ولا

عَهدٌ لهنَّ بِرَيٍّ من غماماتِ

يُردنَ بيتاً به الأملاكُ ساكنةٌ

بنيّة فَضَلَتْ كلَّ البِنيّاتِ

وَالطائِفين حوالَيْهِ وقد سَدَكوا

بِه تُقاءً بمسحاتٍ ولثماتِ

وما أراقوه في وادي مِنى زُمَراً

عند الجِمارِ من الكُومِ المسنّاتِ

وأذرُعٍ كسيوفِ الهندِ ضاحيةٍ

يَقذفن في كلِّ يومٍ بالحُصيّاتِ

وَالبائتينَ بجَمْعٍ بعد أن وقفوا

على المعرَّفِ لكنْ أيَّ وَقْفاتِ

وَجاوَزوه خِفافاً بَعد أَن ذَبحوا

حتّى أَتوه بِأجرامٍ ثقيلاتِ

مَحا النضارةَ من صَفْحاتِ أوجههمْ

ذاكَ الّذي كَان محواً للجريراتِ

لأنتَ مِن دونِ هَذا الخلقِ كلِّهِمُ

أَحقّ فينا وَأَولى بالموالاةِ

قُدنِي إِلَيكَ فما يَقتادني بشرٌ

إلّا فتىً كان مأوىً للفضيلاتِ

وَاِشددْ يَديك بما ناولتَ من مِقَتِي

ومن غرامي ومن ثاوِي مودّاتي

أَنا الّذي لا أَحول الدّهرَ عن كَلَفِي

بِمن كلفتُ ولا أسلو صباباتي

لا تخشَ منّي على طول المدى زللاً

فكلُّ شيءٍ تراه غير زلّاتي

سِيّانِ عندي ولا منٌّ عليه بهِ

مَغْنى الأذى ومقرّاتُ اللّذاذاتِ

أَشكو إلى اللَّه أَشواقي إِليك وما

في القلبِ مِن حرّ لوعاتٍ ورَوْعاتِ

وَإِنّني عاطِلٌ مِن حَلي قُربِكَ أو

صِفْرُ اليدين خليٌّ من زياراتي

ولو رأيتُك دون النّاسِ كلِّهِمُ

قَضيتُ مِن هَذهِ الدّنيا لُباناتي

لا تَحسَبوا أَنّني لَم أَلقَهُ أبداً

فَإِنّنا نَتَلاقى بالمودّاتِ

وَكَمْ تَلاقٍ لِقَومٍ مِنْ قلوبهمُ

كَما أَرادوا على بُعدِ المَسافاتِ

وَالقربُ قربُ خبيئاتِ الصّدور وما

تحوي الضمائرُ لا قربُ المحلّاتِ

إِنّي الصديقُ لمن كنتَ الصديقَ له

ومن تُعادِي له منّي معاداتي

وأنتَ من معشرٍ تُروى فضائلُهمْ

سادوا على أنّهمْ أبناءُ ساداتِ

البالِغين مِنَ العَلْياءِ ما اِقتَرحوا

وَالقائِمينَ بصَعْباتِ المُلمّاتِ

وَيَشهَدونَ الوغى من فَرْطِ نَجْدَتهمْ

والرّعبُ فاشٍ بألْبابٍ خليّاتِ

كأنّ أيدِيَهُمْ في النّاس ما خُلقتْ

إِلّا لِبَذل الأيادِي والعَطِيّاتِ

مُقَدَّمين عَلى كلِّ الأنامِ عُلاً

مُحَكّمين على كلِّ القضيّاتِ

فإِنْ تَقِسْهُمْ تَجِدْهُمْ منزلاً وبناً

طالوا النّجومَ التّي فوق السّماواتِ

قد فُقْتَهُمْ بمزيّاتٍ خُصِصْتَ بها

هذا على أنّهمْ فاقوا البريّاتِ

ولم تزلْ مُنجباً فيمن نَسَلْتَ كما

أخَذتها لك من أيدِي النجيباتِ

وكنتَ فضلاً وديناً يُستضاءُ بهِ

خلطتَ للمجدِ أبياتاً بأبياتِ

إنّ الرَّئيس الّذي راسَ الأنام بما

حواه من فضلهِ قبل الرّياساتِ

فَإِن تَجمّل قومٌ في وزارتهمْ

فَاِجَّمَّلتْ فيك أدراعُ الوزاراتِ

جاءتكَ عفواً ولم تبعثْ لها سبباً

ولا بسطتَ إليها قبضَ راحاتِ

وقد أتانِيَ فيما زارني خبرٌ

فَطالَ منهُ قُصارى كلِّ ساعاتي

سَقاني المُرَّ مِن كَأسيهِ وَاِستَلبتْ

يُمناهُ من بَصَرِي لذّاتِ هَجْعاتي

إِنِ اِضطَجعتُ فمِنْ شوكِ القنا فُرُشِي

وإنْ مشيتُ فواطٍ فوقَ جَمْرَاتِ

قالوا اِشتَكى مَنْ يوَدُّ النَّاسُ أنَّهُم

كانوا الفداءَ له دون الشّكاياتِ

وَلَم أَزَلْ مُشفقاً حتّى علمتُ بما

أَنالَهُ اللَّهُ مِن ظِلِّ السّلاماتِ

وَبشّروا بالعوافي بعد أن مُطِلَتْ

بُشري ولكنّها لا كالبشاراتِ

وَالحمدُ للَّه قَد نلتَ المَرادَ وما ال

سَعيدُ إلّا الّذي نالَ الإراداتِ

فَعِشْ كما شئتَ من عزٍّ يطيف بهِ

للَّهِ جَيشٌ كثيفٌ من كفاياتِ

وَلا بُليتَ بِمَكروهٍ ولا قَصُرَتْ

منك الأناملُ عن نيلِ المُحبّاتِ

فلم تكنْ مُعْنِتاً من ذا الورى بشراً

فَكيفَ تُبلى منَ الدنيا بِإِعْناتِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

91

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة