الديوان » العصر الجاهلي » أحيحة بن الجلاح » أتعرف رسماً كالرداء المحبر

عدد الابيات : 57

طباعة

أَتَعرِفُ رَسماً كَالرِداءِ المُحَبَّرِ

بِرامَةَ بَينَ الهَضبِ وَالمُتَغَمَّرِ

جَرَت فيهِ بَعدَ الحَيِّ نَكباءُ زَعزَعٌ

بِهَبوَةِ جَيلانٍ مِنَ التُربِ أَكدَرِ

وَمُرتَجِزٌ جَونٌ كَأَنَّ رَبابَهُ

إِذا الريحُ زَجَّتهُ هِضابُ المُشَقَّرِ

يَحُطُّ الوُعولَ العُصمَ مِن كُلِّ شاهِقٍ

وَيَقذِفُ بِالثيرانِ في المُتَحَيَّرِ

فَلَم يَترُكا إِلّا رُسوماً كَأَنَّها

أَساطيرُ وَحيٍ في قَراطيسِ مُقتَري

مَنازِلُ قَومٍ دَمَّنوا تَلَعاتِهِ

وَسَنّوا السَوامَ في الأَنيقِ المُنَوَّرِ

رَبيعُهُمُ وَ الصَيفَ ثُمَّ تَحَمَّلوا

عَلى جِلَّةٍ مِثلِ الحَنِيّاتِ ضُمَّرِ

شَواكِلُ عَجعاجٍ كَأَنَّ زِمامَهُ

بِذُكّارَةٍ عَيطاءَ مِن نَخلِ خَيبَرِ

بِهِ مِن نِضاخِ الشَولِ رَدعٌ كَأَنَّهُ

نُقاعَةُ حِنّاءٍ بِماءِ الصَنَوبَرِ

كَسوها سَخامَ الرَيطِ حَتّى كَأَنَّها

حَدايِقُ نَخلٍ بِالبَرودَينِ موقَرِ

وَقامَ إِلى الأَحداجِ بيضٌ خَرايِدٌ

نَواعِمُ لَم يَلقينَ بُؤسى لِمَقفَرِ

رَبايِبُ أَموالٍ تِلادٍ وَمَنصِبٌ

مِنَ الحَسَبِ المَرفوعِ غَيرِ المُقَصِّرِ

هَدَينَ غَضيضَ الطَرفِ خَمصانَةِ الحَشا

قَطيعَ التَهادي كاعِباً غَيرُ مُعصيرِ

مُبَتَّلَةً غُرّاً كَأَنَّ ثِيابَها

عَلى الشَمسِ غِبَّ الأَبرَدِ المُتَحَسِّرِ

قَضوا ما قَضوا مِن رَحلَةٍ ثُمَّ

وَجَّهوا يَمامَةَ طَودٍ ذي حِماطٍ وَعَرعَرِ

وَعاذِلَةٍ فادَيتُها أَن تَلومَني

وَقَد عَلِمَت أَنّي لَها غَيرُ موثِرِ

عَلى الجارِ وَالأَضيافِ وَالسايِلِ الَّذي

شَكا مَعرَماً أَو مَسَّهُ ضُرُ مُعسِرِ

أَعاذِلَ إِنَّ الجودَ لايَنقَصُ الغِنى

وَلا يَدفَعُ الإِمساكُ عَن مالِ مُكثِرِ

أَلَم تَسأَلي وَالعِلمُ يَشفي مِنَ العَمى

ذَوي العِلمِ عَن أَنباءِ قَومي فَتُخبَري

سَلامانَ إِنَّ المَجدَ فينا عَمارَةٌ

عَلى الخُلُقِ الزاكي الَّذي لَم يُكَدِّرِ

بَقِيَّةُ مَجدِ الأَوَّلِ الأَوَّلِ الَّذي

بَنى مَيدَعانُ ثُمَّ لَم يَتَغَيَّرِ

أولَئِكَ قَومٌ يَأمَنُ الجارُ بَينَهُم

وَيُشفِقُ مِن صَولاتِهِم كُلُّ مُخفِرِ

مَرافيدُ لِلمَولى مَحاشيدُ لِلقِرى

عَلى الجارِ وَالمُستَأنِسِ المُتَنَوِّرِ

إِذا ظِلُّ قَومٍ كانَ ظَلَّ غَيايَةٍ

تُذَعذِعُهُ الأَرواحُ مِن كُلِّ مَفجَرِ

فَإِنَّ لَنا ظِلّاً تَكاثَفَ وَاِنطَوَت

عَلَيهِ أَراعيلُ العَديدِ المُجَمهَرِ

لَنا سادَةٌ لايَنقُصُ الناسُ قَولَهُم

وَرَجراجَةٌ ذَيّالَةٌ في السَنَوَّرِ

تَجِنُّهُمُ مِن نَسجِ داوُدَ في الوَغى

سَرابيلُ حيصَت بِالقَتيرِ المُسَمَّرِ

وَطِئنا هِلالاً يَومَ زاجٍ بِقُوَّةٍ

وَصَفناهُمُ كَرهاً بِأَيدٍ مُؤَزَّرِ

وَيَوماً بِتَبلالٍ طَمَمنا عَلَيهِم

بِظَلماءَ بَأسٍ لَيلُها غَيرُ مُسفِرِ

وَأَفناءُ قَيسٍ قَد أَبَدنا سَراتَهُم

وَعَبساً سَقَينا بِالأُجاجِ المُعَوَّرِ

وَأَصرامُ فَهمٍ قَد قَتَلنا فَلَم نَدَع

سِوى نِسوَةٍ مِثلِ البَلِيّاتِ حُسَّرِ

وَنَحنُ قَتَلنا في ثَقيفٍ وَجَوَّسَت

فَوارِسُنا نَصراً عَلى كُلِّ مَحضَرِ

وَنَحنُ صَبِرنا غارَةً مُفرَجِيَّةً

فُقَيماً فَما أَبقَت لَهُم مِن مُخَبَّرِ

وَدُسناهُمُ بِالخَيلِ وَالبيضِ وَالقَنا

وَضَربٍ يَفُضُّ الهامَ في كُلِّ مِغفَرِ

وَرُحنا بِبيضٍ كَالظِباءِ وَجامِلٍ

طِوالِ الهَوادي كَالسَفينِ المَقَيَّرِ

وَنَحنُ صَبَحنا غَيرَ عُذرٍ بِذِمَّةٍ

سَليمَ اِبنِ مَنصورٍ بِصَلعاءَ مُذكِرِ

قَتَلناهُمُ ثُمَّ اِصطَحَبنا دِيارَهُم

بِخُمرَةَ في جَمعٍ كَثيفٍ مُخَمَّرِ

تَرَكنا عَوافي الرُخمِ تَنشُرُ مِنهُمُ

عَفارِيَ صَرعى في الوَشيجِ المُكَسَّرِ

وَبِالغَورِ نُطنا مِن عَلِيٍّ عُصابَةً

وَرُحنا بِذاكَ القَيرَوانِ المُقَطَّرِ

وَخَثعَمَ في أَيّامِ ناسٍ كَثيرَةٍ

هَمَطناهُمُ هَمطَ العَزيزِ المُؤَسَّرِ

سَبَينا نِساءً مِن جَليحَةَ أَسلَمَت

وَمِن راهِبٍ فَوضى لَدى كُلِّ عَسكَرِ

وَنَحنُ قَتَلنا بِالنَواصِفِ شَنفَرى

حَديدَ السِلاحِ مُقبِلاً غَيرَ مُدبِرِ

وَمِن سائِرِ الحَيَّينِ سَعدٍ وَعامِرٍ

أَبَحنا حِمى جَبّارِها المُتَكَبِّرِ

مَنَعنا سَراةَ الأَرضِ بِالخَيلِ وَالقَنا

وَأَيأَسَ مِنّا بَأسُنا كُلَّ مَعشَرِ

إِذا ما نَزَلنا بَلدَةً دُوِّخَت لَنا

فَكُنّا عَلى أَربابِها بِالمُخَيَّرِ

بَنو مُفرِجٍ أَهلُ المَكارِمِ وَالعُلى

وَأَهلُ القِبابِ وَالسَوامِ المُعَكَّرِ

فَمَن لِلمَعالي بَعدَ عُثمانَ وَالنَدى

وَفَصلِ الخِطابِ وَالجَوابِ المُيَسَّرِ

وَحَملِ المُلَمّاتِ العِظامِ وَنَقضِها

وَإِمرارِها وَالأَأيُ فيها المُصَدِّرُ

كَأَنَّ الوُفودَ المُبتَغينَ حِبائَهُم

عَلى فَيضِ مَدّادٍ مِنَ البَحرِ أَخضَرِ

فَكَم فيهِمُ مِن مُستَبيحٍ حِمى العِدى

سَبوقٍ إِلى الغاياتِ غَيرِ عَذَوَّرِ

وَهَوبٍ لِطَوعاتِ الأَزِمَّةِ في البُرى

وَلِلأُفُقِ النَهدِ الأَسيلِ المُعَذَّرِ

نَمَتهُ بَنو الأَربابِ في الفَرعِ وَالذُرى

وَمِن مَيدَعانِ في ذُبابٍ وَجَوهَرِ

لُبابُ لُبابٍ في أُرومٍ تَمَكَّنَت

كَريمَ غَداةِ المَيسِرِ المُتَحَضِّرِ

فَأَكرِم بِمَولودٍ وَأَكرِم بِوالِدٍ

وَبِالعَمِّ وَالأَخوالِ وَالمُتَهَصَّرِ

مُلوكٌ وَأَربابٌ وَفُرسانُ غارَةٍ

يَحوزونَها بِالطَعنِ في كُلِّ مَحجَرِ

إِذا نالَهُم حَمشٌ فَإِنَّ دَوائَهُ

دَمٌ زَلَّ عَن فَودَي كَمِيِّ مُعَفَّرِ

مُدانِحِمِ يُعطي الدَنِيَّةَ راغِماً

وَإِن دايَنوا باؤوا بَريمٍ مُوَفَّرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحيحة بن الجلاح

avatar

أحيحة بن الجلاح حساب موثق

العصر الجاهلي

poet-ahihh-bin-algelah@

35

قصيدة

3

الاقتباسات

206

متابعين

وهو أبو عمرو أحيحة بن الجلاح بن الحريش الأوسي شاعر جاهلي من دهاة العرب وشجعانهم. قال الميداني: «كان سيد يثرب وكان له حصن فيها سماه المستظل وحصن في ظاهرها سماه ...

المزيد عن أحيحة بن الجلاح

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة