الديوان » العصر العثماني » محمد المعولي » أيها العاقل الذي شاء تزو

عدد الابيات : 79

طباعة

أيها العاقِلُ الذي شاءَ تَزْو

يجاً من الأقْرِباءِ والبُعَداءِ

ينبَغِي لا تُبْدِى كلاماً ولا تَعْجَ

لْ عَلَى خِطَبةٍ من الأوليَاءِ

قبلَ أن تنظُرَنّ مَن شئتَ منهُمْ

ثم أسقِط مَقالَةَ الجُهَلاءِ

واتّبِع قولَ مُعْوَلِيٍّ فصيحِ

ذي ودَادٍ وانبُذْ مَقالَ الهُذاءِ

قُمْ وبادِر وانظُرْ وسل وتبَصَّرْ

شخصَ من شئتَهُ وراءَ الخِباءِ

وتجَسَّسْ عن طبْعِها وتحسَّسْ

وتَوَسَّمْ في اللَّوْنِ والأعضاءِ

واكتمُ السِّرَّ عن جميع البَرَايا

من رجالٍ تلقَاهُ أو من نِسَاءِ

فيصدُّوكَ عنهُمُ أو يصدُّوا

قلبَ من شئته بغيرِ مِراءِ

فإذا أعجَبتْكَ حُسناً وطَبْعاً

وسَرَى حُبُّها إلى الأحشَاءِ

ثم لا تنظُرَنّ منها حَرَاماً

واتَّقِ الله ذا العُلَى والبَقَاءِ

فاتّخِذْ صاحباً محبّاً حبيباً

يعتَرِى للأُمَّاتِ والآبَاءِ

ويكونُ الذي تُدَبِّرُ مقبولاً

لَدَى الأوليَاءِ والأكْفَاءِ

فإذا القلبُ خِلتَهُ مالَ عنه

لا تجهَّمْ فالخير عند التنَّائي

وإذا لم يكن ودادٌ ولا بُغضٌ

فهذا تراهُ بعد اللِّقاءِ

وإذا كنتَ ذا جَمالِ ومالِ

وشبابِ ونجْدَةٍ وعَلاءِ

وسَخاءِ وعزَّةٍ ورَخاء

وثَرَاءِ فاخطُبْ من الأغنياءِ

لا تُبالي بالمالِ وابذُلْ ولا تبخ

لْ عليهم واختَرْ خِيارَ النساءِ

ذاتَ حُسنٍ وبهجَةٍ وجَمالٍ

باهرٍ في الوَرَى وذات رُواءِ

ليكونَ الفؤادُ منكَ مُرِيحاً

مستَرِيحاً من تَرْحَةٍ وشقاءِ

وتكونَ العيونُ قَانعَةً من

حُسن ليلاهُمُ ومن أَسماءِ

وإذا كنتَ يا بُنَيَّ فقيراً

غيرَ مُثْرِ فاخطُبْ من النُّظَرَاءِ

وإذا كنتَ ذا مَشيبٍ وفَقْرٍ

فعَجُوزاً وَلَّى بغير مِراءِ

وإذا كنتَ ذا مَشيبٍ غِنيّاً

فَطَمَاعِيَّةُ النسا في الثّرَاءِ

لا تتزوَّج قطعاً طليقَةَ زوجٍ

وهْي فيه شديدةُ البُرَحاءِ

والتي تقبَلُ العِطيَّةَ عَيْبٌ

من سوى زوجها بغيرِ إباءِ

والتي ألقت القِناعَ عن الرَّا

سِ ولا تلتحف بثوب الحَياءِ

والتي في النهار تأكل أكْلاً

دائماً لا تزالُ باستِقْصاءِ

والتي لم تمنع ولم تشكُر اللّهَ

عَلَى ما حَوَتْ من الآلاءِ

والتي عِنْدها بنونَ صِغارٌ

وكبارٌ يأْوُونَ وقتَ العَشاءِ

والتي تسكُنُ المقاماتِ في البَرْ

دِ وفي الحَرِّ جانب البَيْداءِ

والتي تسكُنُ الخواجير في الحَر

ر وآباؤها من الغُرَباءِ

فهُمُ الدهرُ يأكلون عليها

عَدِّ عنها لا تغتَرِر بسواءِ

فاحذرنّ التي تُفَرِّق لا تدَّ

خر قطعاً شيئاً من الأشياءِ

كي يقولوا فُلانةٌ ذاتَ جُودٍ

والغَوَاني يُحبِبْنَ قولَ الرُّبَاءِ

واللواتي يأْوين كل بيتٍ

كل حينٍ من غير ما اسِتحياءِ

والتي لا تهمُّها حاجةُ البيت

ت وتأوى منازلَ القُرَباءِ

وكذاكَ الحَمقاءُ لا تقربنْها

فترى الاعوجاجَ في الحمقاءِ

والتي لا تزال في النَّوْمِ دَأْباً

لم تفقْ في صباحها والمساءِ

واللواتي يقُلْنَ كل صباحٍ

هات ما تشتهي بلا إبطاءِ

واحذرنّ العجوز لا تقربنها

فهي للدَّاءِ دهرها والدَّواءِ

فإذا قلت مَن يُخبِّرُني عن

كل هذا يطولُ فيه عَنائي

فأقول اعتمِد وشاوِرْ وشمِّرْ

وتنصَّل تجده في الأماءِ

وهْو لابدَّ أن تُشاوِر حَبْراً

عالماً بالأحوالِ والآراءِ

ذا اختيارٍ وحكمةٍ واعتبارٍ

وقياسٍ وفطنةٍ ودَهاءِ

واخفِ سرّاً عن البرية طُرّاً

لا تُعالم حيّاً من الأحياءِ

فأخاف الأسرار تسرى إلى مَن

هو يفشى الأسرار للبُعَداءِ

فيصدُّوكَ غيرةً ويصدُّوا

عنك مَن تبتغي بغير امتراءِ

لا تقفْ ساعةً إذا ما اتفقتُم

وتزوَّج تسلَمْ من الإلْتواءِ

مثل هذا التعجيل فيه صلاحٌ

فاسمعوني لها خير من الإبطاءِ

فعسَى إن أبطأْتَ يحدث رأْىٌ

من جناب القُرْبَى أو الأصدقاءِ

فقُلوب الورَى تُقِّلبُها الآراء

حيناً كَريشَةٍ في الفضاءِ

وإذا ما امتلكْتَ عَجِّل بعُرْسٍ

خيفَةً من مكايد الأعداءِ

فعسَى تنجح المكابِدُ منهُمُ

فتصُدَّ القلوب بالامتراءِ

لا تزوَّجْ قطعاً بغير مَشُوراتٍ

من الأقرباء والأصدقاءِ

لا ولا ترسلَنَّ غير كريم

ذي ودادٍ وحكمةٍ وصفاءِ

وإذا ما أرسلْتَ فَدْماً غبيّاً

صرت عند الأنامِ كالأغبياءِ

وإذا ما ظفِرْتَ بامرأة ذاتِ

جَمالٍ وسيرةٍ حسناءِ

لا تَزَوَّجْ قطعة عليها ولا

تنظُرْ سواها ياذا التُّقَى والوَفاءِ

لست أَنهى كل البرية عن أن

يجمعوا ضَرَّتين في إيواءِ

لا كبعض لا يستوى عنده الثِّنتا

نِ أقصاه زوجة بالحِراءِ

وكذا بعضهم إذا جمع الثنتين

لا زالَ في عَمىً وعَماءِ

وكذا بعضهم بغير عَناءِ

أربعٌ كلهنَّ في الاستواءِ

لكن الزوجُ إن تعدَّى تداعت

في شقاقٍ زوجانُه وشقاءِ

وتعدِّيه أن يُفَضِّلَ بعضاً

في بيتٍ ومأْكلٍ وعَطاءِ

يبتغى العدل منه والعدلُ صعبٌ

إنما العدل شِيمَةُ الأتقياءِ

وأُوَصِّى الرجالَ باللُّطف واللِّ

ين والجود والنَّدَى للنساءِ

والبشاشات والرِّعاية والإ

حسان جدّاً في شدَّةٍ ورخاءِ

والعَطايا الجِسام من غير مَنٍّ

كي تلينَ القلوبُ بالإعطاءِ

وأُوَصِّى النساءَ بالسمعِ والطا

عة دَأْباً في غُدْوَةٍ ومساءِ

فتحذَّرْ من كل شيءِ كريهٍ

كي يضرَّ الكريهُ بالعذراءِ

وإذا ما أردتَ عُرْساً فبادِرْ

وتغَسَّل ثم اغتسل بالماءِ

وتلَطَّخ من كل عِطرٍ وطيبٍ

وتبخّرْ بالعود أو بالكَباءِ

وإذا كان فيك نَشرٌ كريهٌ

من فَمٍ أو أنفٍ من الأدْوَاءِ

فامضغ الزنجبيلَ من بعد هيلٍ

وأخيه قُرُنفُلٍ بالشراءِ

إن هذا إن كنتَ شخصاً غنيّاً

ليس هذى الأوصافُ للفقراءِ

إن هذى نصيحتي فاسمعتْها

لا تُقابِلْ أخى بالاستهزاءِ

وإذا لم تأخذ بها وبما قلتُ

فأنتَ الغَرِيقُ في الدَّأْماءِ

فأنا الناصحُ الأمينُ ومَن غَشَّ

أخاه فعَزِّهِ بالعَفاءِ

ثم صلّى الإلهُ ما هبَّت الرِّ

يحُ على المصطفى السَّرِيِّ البَرَاءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد المعولي

avatar

محمد المعولي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Mohamed-Almawali@

208

قصيدة

2

الاقتباسات

32

متابعين

محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ...

المزيد عن محمد المعولي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة