الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » تناهى فاطمأن إلى العتاب

عدد الابيات : 42

طباعة

تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ

وأحسنَ للعواذلِ في الخِطابِ

وسارَ جَنِيبَ غُصْنٍ غيرِ رَطْبٍ

وكان جنيبَ أغصانٍ رِطابِ

خَلَتْ منه ميادينُ التَّصابي

وعُرِّيَ منه أفراسُ الشَّبابِ

وزهَّدَه خِضابُ الناسِ لمَّا

تولَّى عنه في زُورِ الخِضابِ

وردَّ كؤوسَه في الحَلْي تُجلَى

وكان يَردُّها عُطْلَ الرِّقابِ

وأيقنَ أنه ظِفرُ اللَّيالي

تبيَّنَ في شَبا ظفْرٍ ونابِ

وإن غادرْتَ مِصباحاً ضئيلاً

فقد ساوَرْنَ أثقبَ من شِهابِ

رأيتُ رِداءَه عِبثاً عليه

وسهلَ طريقِه حَزْنَ الشِّعابِ

كأن لم يُغْنِ فتيانَ العوالي

بنَجدَتِه وفتيانَ التَّصابي

ولم يَعْدِلْ صفاءَ العيشِ فيهم

وبعضُهُمُ قَذاةٌ في شَرابِ

ورُبَّ مُعصْفراتِ القُمْصِ طافَتْ

عليه بها مُعَصفرةُ النِّقابِ

وألفاظٍ له عَذُبَتْ فأغَنتْ

غِناءَ الرَّاحِ بالنُّطَفِ العِذابِ

يكرِّرُها على راووقِ فِكْرٍ

فيبعُثها كرَقراقِ السّرابِ

وخَرْقٍ طال فيه السَّيرُ حتى

حَسِبناه يسيرُ مع الرِّكابِ

صَحِبْنا فيه تَرْحاتِ التَّنائي

على ثِقَةٍ بِفَرْحاتِ الإيابِ

إلى الخِرقِ الذي يَلْقى الأماني

رحيبَ الصَّدْرِ منه والرِّحابِ

لقد أضحَتْ خِلالُ أبي حُصَيْنٍ

حصوناً في المُلِمَّاتِ الصِّعابِ

كساني ظِلَّ نائِلِه وآوى

غرائبَ مَنطِقي بعدَ اغترابِ

فكنتُ كروضَةٍ سُقِيت سَحاباً

فأَثنتْ بالنَّسيمِ على السَّحابِ

عطاءٌ يَستَهِلُّ البِشرُ فيه

فيبعثُه انسكاباً في التهابِ

كما ساَرتْ مؤلَّفَةُ الهَوادي

بلَمْعِ البرقِ مُذهَبَةَ الرَّبابِ

تَجرَّدَ للجِهادِ فكان عَضباً

حديدَ الحَدِّ فيه غيرَ نابِي

ينازلُ مُصلَتاً من كلِّ أوبٍ

ويدخُلُ مُعلَماً من كلِّ بابِ

وأشيبَ عاينَ العلياءَ طِفْلاً

فقارعَ قبل تقريعِ العِتابِ

وحرَّمَ مِسْمَعَيْهِ على المَلاهي

وهُدَّابَ الإزارِ على التُّرابِ

يروعُكَ وهو مصقولُ السَّجايا

إذا ما هَزَّ مصقولَ الذُّبابِ

وقد شَغَلتْ كعوبُ الرمحِ منه

يَديهِ عن مُلامَسَةِ الكِعابِ

وخفَّ عليه ثِقْلُ الدِّرعِ حتى

كأنَّ دروعَه سَرَقُ الثِّيابِ

وكم خرَقَ الحِجابَ إلى مَقامٍ

توارَى الشَّمسُ فيه بالحِجابِ

إذا شُنَّتْ به الغاراتُ كانت

نفوسُ المُعلَمينَ من النِّهابِ

كأنَّ سيوفَه بينَ العوالي

جداولُ يطَّرِدْنَ خِلالَ غابِ

وخَيْلٍ قادَها في جنْح ليلٍ

تَطيرُ بِوَطْئِها نارَ الضِّرابِ

إذا مرَقَتْ من الظَّلماءِ أذكَتْ

على المُرَّاقِ ثائرةَ العَذابِ

وقِرْنٍ شامَ صفحتَه فعادَى

صفيحةَ سيفِه عندَ الضِّرابِ

وقد وضحَتْ سطورُ البيضِ فيه

كما وَضَحتْ سطورٌ في كِتابِ

مناقبُ تملأُ الحُسَّادَ غَيْظاً

وتُغْني الطَّالبينَ عن الطِّلابِ

وحُكمٌ يَفْرُقُ الأعداءُ منه

كأنك فيه فاروقُ الصَّحَابي

يَوَدُّكَ فيه مَنْ تَقضي عليه

لشافي الحُكمِ أو كافي الصَّوابِ

إليكَ زَففتُها عذراءَ تأوي

حِجابَ القلبِ لا حُجُبَ النِّقابِ

أذَبْتُ لِصَوْغِها ذَهَبَ القوافي

فأَدَّتْ رونقَ الذَّهَبِ المُذابِ

تهاداها الملوكُ كما تَهادَتْ

أكفُّ البيضِ منظومَ السَّخابِ

تروقُك وهي ناجمةُ المعاني

كما راقَتْكَ نَاجِمةُ الحَبابِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

110

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة