الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » لمن في عراص البيد نوق مطاريب

عدد الابيات : 81

طباعة

لمنْ في عِراصِ البيدِ نُوقٌ مَطَاريبُ

يُدَرِّسُها رجعَ الحداءِ الأعاريبُ

تُشلُّ بأطرافِ القَنا قد تردَّعَتْ

من الدَّمِ والمسكِ الذكيِّ الأنابيبُ

عليها هلالٌ من هِلالِ بنِ عامرٍ

به يَهتدي جُنْحَ الظلامِ الأراكيبُ

يَحُفُّ بها آسادُ خُفَّانَ تحتَها

سراحينُ إلا أنهنَّ سَراحِيبُ

أغيلِمةٌ لا يملِكُ الحزمُ بأسَهُم

هُمُ والمذاكي والرياحُ مناسيبُ

ولي كَبِدٌ مقروحةٌ وجوانِحٌ

تَحكَّمُ فيهن الحِسانُ الخراعيبُ

إِذا رنَّحتها خَطوةٌ أو ترجَّحَتْ

لها صَبْوةٌ أطَّتْ كما أطَّتِ النِّيْبُ

وعينٌ نصوحُ الماقيينِ إِذا رأتْ

معالمَ حَيٍّ فالدموعُ شَآبِيبُ

وأعوانُ حبٍّ إنْ عفَا كَلْمُ صَبْوةٍ

فلِلقلب منها عَقْرُ كلمٍ وتعذيبُ

رُويحةُ أصباحٍ وخفقةُ بارقٍ

وأورقُ غِرِّيدٌ وأسحمُ غِربيبُ

وفي أُخرياتِ الليل زار رِحالَنا

خيالٌ له أسآدُ سهرٍ وتأويبُ

يُلِمُّ ومن أعوانِه الخِدْرُ والدُّجَى

ويسري ومن أعدائِه الحَلْيُ والطِيبُ

وعينيَ في ضَحْضَاحِ نومٍ مُصَرَّدٍ

يغازلُ جَفنيها كما يلِغُ الذِّيبُ

وقد مَعَجتْ ريحُ الصَّبَا وتخاوصتْ

نجومٌ لها في طُرَّةِ الغرب تصويبُ

بمعتركِ الأحلام يطلبُ ثأرَهُمْ

بنو الحربِ والبيضُ الحسانُ الرعابيبُ

فما جُرِّد البيض الرقاق لمشهدٍ

كما ابْتُزَّ عن تلك الخدود الجَلابيبُ

فيا حسنَها أضغاثُ حُلمٍ وبَردَها

على القلب لولا أنهنَّ أكاذيبُ

ألا حبَّذَا ظِلٌّ بنَعمانَ سَجْسَجٌ

يُزاحِفُه عَذْبُ المذاقةِ أُثعوبُ

إِذا فطمتْهُ الشمسُ فهو مُفَضَّضٌ

وإن حضنتهُ مَسَّ قُطْريهِ تذهيبُ

ومقرورةٌ سجراءُ من نفحةِ الصَّبَا

وللشمسِ من صبغ المشارق تعصيبُ

وليلٌ رقيقُ الطُّرَّتينِ كأنَّه

برقَّةِ وجهي أو بخُلقيَ مقطوبُ

وهَضْبٌ كأجيادِ الكواعبِ أتلَحٌ

وبانٌ كأجفانِ المحبِّينَ مهضوبُ

ولم أرَ مثلي ساحباً ذيلَ عِزَّةٍ

وللدهرِ ذيلٌ في عِناديَ مسحوبُ

ينازعني عزمي وحزمي وهمَّتِي

ويرجِعُ عنِّي وهو خزيانُ مغلوبُ

وإني لأستحيِي لنفسيَ أن أُرى

وصبريَ مغلوبٌ وجأشِيَ مرعوبُ

أصُدُّ عن الماءِ القَراحِ تشوبُه

قَذاةٌ وما بين الجوانحِ أُلُهوبُ

وأحقِنُ ماءَ الوجهِ طَيَّ أديمِه

ومن دونِه ماءُ الوريدينِ مصبوبُ

وقد سَرَّني أنِّي من المالِ مُقْتِرٌ

ولا الوجهُ مبذولٌ ولا العِرضُ منهوبُ

كما سرني أني من الفضل موسرٌ

على أنه فضلٌ من الرزقِ محسوبُ

وما قعد الإقتارُ بي عن فضيلةٍ

وقد يقطع العَوْدُ الفَلا وهو منكوبُ

وليس انقيادي للخطوبِ ضراعةً

وللطِرْفِ نفسٌ مِرَّةٌ وهو مجنوبُ

ولا وقفتي الحادثاتُ تبلُّداً

وكيف اتساعُ الخطوِ والقيدُ مكروبُ

صَحِبْتُ بني الدنيا طويلا وذُقتُهم

وأحكمني فيهم وفيها التجاريبُ

قلوبٌ كأمثالِ الجلاميدِ صخرةٌ

وشرٌّ كشرِّ الزندِ فيهنّ محجوبُ

ودهرٌ قضتْ أحكامُه مُذْ تشابهتْ

أعاجيبُه أنْ ليس فيها أعاجيبُ

هو الأدهُم اليحمومُ لكنْ جبينُه

بشادخةِ المجدِ النظاميِّ معصوبُ

عُلىً فوق أعناقِ النجومِ بناؤُهَا

وعند مجال الغيبِ نَصٌّ وتطنيبُ

يفوتُ بها شأوَ المجارينَ سابقٌ

له عَنَقٌ في ساحتَيها وتقريبُ

ثقيلُ حَصاةِ الحِلم مستصحفُ الحُبَى

إِذا ما هفتْ قُودُ الجِبال الشَّنَاخِيبُ

إِذا ماط عنه السِّتْرَ مُدَّ سُرادِقٌ

عليه من النور الإلهيِّ مضروبُ

مُلَقَّنُ غيبٍ يستوي في ضميرِهِ

قِياسٌ وإلهامٌ وظَنٌّ وتَجْريبُ

له النظرةُ الشَّزْراءُ يقتلُ لحظُها

فتجمُدُ منها أو تذوبُ مقانيبُ

وما راع أهلَ الشامِ إلا طلاعها

رقاقُ الظُّبَى والمقرَباتُ اليعابيبُ

وأرعنُ بحرٍ لو جرى البحرُ فوقَهُ

لما نضخَ الغبراءَ من مائِه كُوبُ

خِضَمٌّ له بالأبرقَيْنِ تدافعٌ

كما انهارتِ الكُثبانِ وارتَّجَّتِ اللُّوبُ

له حَبَبٌ من بَيْضه وحَبيكُهُ

سوابغُه والمرهَفاتُ القراظيبُ

ففي صهواتِ الخيل في كُلِّ غَلْوَةٍ

له منهجٌ مثلَ المجرَّةِ ملحوبُ

إِذا ما دجا ليلُ العجاجةِ لم يزلْ

بأيديهم جمرٌ إِلى الهند منسوبُ

من القادحاتِ النارَ في لُجِّ غَمْرةٍ

ولا الجمرُ مشبوبٌ ولا الماء مشروبُ

ضوامِنُ أن تشقَى الغُمودُ بحَدِّها

إِذا سلِمت منها الطُّلى والعراقيبُ

على عارفاتٍ للطِّعانِ كأنها

دُمَىً ورواقُ النقعِ منها محاريبُ

تُبادر فُدْرَ الرُّعْنِ وهي جوافلٌ

وتفجَأُ كُدْرَ الوُكْنِ وهي أساريبُ

يُعرِّضها للطعن من لا يرُدُّهُ

عن البأسِ والأفضال ذعرٌ وتأنيبُ

لَبِسنَ شفوفَ النقعِ تُخْملُ بالقَنَا

عليهن إضْريجٌ من الدّمِ مخضوبُ

عليها سطورُ الضربِ يُعجِمُها القَنَا

صحائفُ يغشاها من النَّقْع تتريبُ

وخفَّاقةٍ طوعَ الرياحِ كأنَّها

كواسِرُ دُجْنٍ اِلتقتها الأهاضيبُ

تَميدُ بها نشوى القُدودِ كأنها

قُدودُ العَذارى يزدهِيهنَّ تطريبُ

يُرنِّحُها سُقْيا الدماءِ كأنَّها

مُدامٌ وآثار الطِّعانِ أكاوِيبُ

بها هِزَّةٌ بين ارتياحٍ ورهبةٍ

فللنصر مرتاحٌ وللهول مرهوبُ

لها العَذَباتُ الحُمْرُ تهفو كأنَّها

ضِرامٌ بمُستَنَّ العواصفِ مشبوبُ

إِذا نُشِرتْ في الرَّوْعِ لاحتْ صحائِفٌ

عليهنَّ عُنوانٌ من النصرِ مكتوبُ

طوالِعُ طرفُ الجَوِّ منهن خاسِئٌ

حسِيرٌ وقلبُ الأرضِ منهن مرعُوبُ

ولما رأتْها الرومُ أيقنَّ أنَّها

سحابٌ له وَدْقٌ من الدمِ مسكوبُ

فما أقلعتْ إلا وفي كلِ ترعةٍ

بها مِنْبرُ الدينِ الحنيفيِّ منصوبُ

وكم لك فيهم وقعةٌ بعد وقعةٍ

جمعتَ بها الأهواءَ وهي أساليبُ

صدقْتَهُمُ حُرَّ الطِّعانِ فأدبَروا

وبَرْدُ المُنَى بين الجوارحِ مكذوبُ

ولما أتَوا مستلئمينَ معاذِراً

غدَوْا ولهم أهلٌ لديكَ وترحيبُ

رأوكَ ولا في ساعدِ البأس سطوةٌ

عليهم ولا في صفحةِ العفوِ تقطيبُ

وما لَبِسَ الأعداءُ جُنَّةَ ذِلَّةٍ

ومعذرةٍ إلا وسيفُكَ مقروبُ

ولو عجموا للحرب عُودَكَ مرةً

لما عاد إلا خائبُ الظنِّ محروبُ

طُبِعْتَ على حلمٍ فلو شئتَ غيرَهُ

غُلِبتَ عليه والتكلُّفُ مغلوبُ

لك اللّهُ كم ذا الحلمُ عن كلِّ مذنبٍ

له كلما أغضيتَ عضٌّ وتتبيبُ

وما السطوُ في كلِّ الأمور مذمَّماً

ولا العفوُ في كل المواضِع محبوبُ

فإن كنتَ لم تهمُمْ بسطوٍ فإنهُ

بجَدِّكَ مطعونُ المقاتلِ مضروبُ

وكم عاقدٍ عِرْنينَ عِزٍّ تركتَهُ

ومارنُهُ من وسمِ حَدِّكَ معلوبُ

ألم يزجُرِ الأعداءَ عنك عوائدٌ

من اللّهِ فيهن اعتبارٌ وتأديبُ

ألم يستبينوا أن بُقياكَ رحمةٌ

وحِلمَكَ تأديبٌ وعفوَكَ تثريبُ

أما يتَّقِي قرعى الفِصال استنانها

وقد عَجَّ تحت العبءِ بُزْلٌ مصاعيبُ

لقد غَرَّهم متنٌ من السيف ليِّنٌ

فَهلّا نهاهم حدُّهُ وهو مذروبُ

بك اقتدتِ الأيامُ في حَسَناتِها

وشيمَتُها لولاكَ هَمٌّ وتكريبُ

فلا رِزقَ إلّا من نوالكَ مُجتَنَى

ولا عُمْرَ إلّا من عطاياكَ محسوبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

184

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة