الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » نصيحكما فيما يقول مريب

عدد الابيات : 60

طباعة

نصيحُكما فيما يقولُ مُريبُ

وشأنُكما في اللائمينَ عجيبُ

وإن الذي أسرفْتُما في ملامِهِ

بهِ من قِراعِ الحادثاتِ نُدوبُ

فما سَمْعُه للعاذِلاتِ بعُرضةٍ

ولا قلبُه للظاعنينَ جَنِيبُ

إِذا ما أتيتُ الغَوْرَ غورَ تِهامة

تطَلَّعَ نحوي كاشِحٌ ورقيبُ

يقولون مَنْ هذا الغريبُ وما لَهُ

وفِيمَ أتانا والغريبُ مُريبُ

غَدا في بُيوتِ الحي ينشُدُ نِضْوَهُ

ونحن نرى أَنَّ المُضِلَّ كَذُوبُ

وهل أنا إلا ناشِدٌ في بُيوتِهم

فؤاداً به مما يُجِنُّ ندوبُ

وماذا عليهم أنْ يُلِمَّ بأرضهمْ

أخو حاجةٍ نائي المزارِ غريبُ

وما راعَهمْ إلا شمائلُ ماجدٍ

طَروبٍ أَلا إنَّ الكريمَ طروبُ

ولو نامَ بعضُ الحَيِّ أو غابَ ليلةً

لقرَّتْ عيونٌ واطمأنَّ جُنوبُ

خليليَّ بالجَرْعاءِ من أيمَن الحَمى

هل الجزعُ مرهومُ الرياضِ مَصُوبُ

وهل نطفةٌ زرقاءُ ينقشها الصَّبَا

هنالك سَلسالُ المذاق شَروبُ

فعهدي به والدهرُ أغيَدُ والهَوى

بماء صِباهُ والزمانُ قَشِيبُ

وبالسَّفحِ مَوْشِيُّ الحدائقِ آهلٌ

وبالجِزْع مَوْلِيُّ الرياض غريبُ

بأبطحَ مِعْشابٍ كأن نسيمَهُ

ثناءٌ لمجدِ المُلْكِ فيه نصيبُ

هو الأزهرُ الوضَّاحُ أَمّا مَهزُّه

فلَدْنٌ وأمّا عُودهُ فصليبُ

ذَهوبٌ من العلياءِ في كلِّ مذهبٍ

وَهوبٌ لما يحوي عِداهُ نَهوبُ

يُشَيِّعُه في ما يرومُ فُؤادُه

إِذا خَانَ آراءَ الرِّجالِ قُلوبُ

منوعٌ لأطراف الممالك حافظٌ

جَمُوعٌ لأشتاتِ العَلاءِ كَسُوبُ

أخو الحَزْمِ أَمّا الغورُ منه فإنَّه

بعيدٌ وأَمّا المستقَى فقريبُ

يَنوبُ عن الأنواءِ فيضُ يمينهِ

ويُغني عن البيضاء حين تغيبُ

ويرفَضُّ نُجْحَاً وعدُه لعُفَاتِه

وبعضُهمُ في ما يقولُ خَلوبُ

مُدَبِّرُ مُلكٍ لا تني عَزَماتُه

إِذا ما ترامتْ بالخُطوبِ خُطُوبُ

وحامِي ذمارٍ لا تزالُ جِيادُه

تحومُ على ثَغْر العِدَى وتلوبُ

بهِ انتعش المُلكُ المُضاعُ وأقبلتْ

توائبُه بعدَ الفواتِ تثوبُ

أقامَ عمودَ المُلك بالشرق وانثنى

إِلى الغربِ نَاءٍ حيثُ كان قَريبُ

ولما سما للبغي ثانِيَ عِطْفِه

طَموعٌ لأقصَى ما يُرامُ طَلوبُ

وضَمَّ إِلى ظِلِّ اللواء عصابةً

مقاحيمَ تُدعَى باسمه فتُجيبُ

وضاعتْ حقوقُ المُلك إِلّا أقلَّها

وكادتْ ظُنونُ الأولياءِ تَخِيبُ

وأيقظَ أبناءُ الضَّلالةِ فتنةً

تهالَكَ فيها مُخطِئٌ ومُصيبُ

أُتِيحَ لها شَزْرُ المريرةِ مُقْدِمٌ

على الهَول مصحوبُ الجَنانِ مَهيبُ

سَرَى يطردُ الجُرْدَ العِتاقَ سواهِماً

ترامَى بها بعدَ السُهوبِ سُهوبُ

موارِقُ تمتاحُ الغبارَ وقد طَوى

شمائلَها طَيَّ الرداءِ لغُوبُ

إِذا ما لبسنَ الليلَ طفلاً خلعْنَهُ

عليه ووَخْطُ الصُبحِ فيه مشيبُ

لها مصَّةُ الماء القَراحِ ونشطةٌ

من الروض والمرعَى أعمُّ خصيبُ

يؤُمُّ بها أرضَ العراق مُشَاوِرٌ

وقد عاثَ في السَّرْحِ المسَيَّبِ ذيبُ

هجمنَ عليها بالقنابل والقَنَا

تَمُورُ على أكتافهن كعُوبُ

تعاسلنَ أطراف القُنيّ كأنها

جَرادٌ زهتها بالعَشِيِّ جَنُوبُ

وفي سرعانِ الخيل رائِدُ نُصْرةٍ

له موطِيٌء أينَ استرادَ عَشيبُ

يَرُدُّ دبيبَ المارقين بوثبةٍ

وهل يتساوى وثبةٌ ودَبيبُ

أمرَّ لهم عقدَ المكيدةِ حازمٌ

بصيرُ بأدواءِ الخُطوب طبيبُ

تنام العِدَى من كيدهِ وهو ساهرٌ

وتفتُرُ عمَّا هَبَّ وهو دَؤُوبُ

إِذا أضمروا كيداً تدلَّى عليهم

عليمٌ بأسرارِ الغُيوب لَبيبُ

وما أُتِيَ المغرورُ فيمن برى له

من الحزمِ لولا ما جَناهُ شَعُوبُ

أرادَ وقد حاقَ الشقاءُ بجدِّهِ

مغالبةَ الأقدارِ وهي غلوبُ

ولم يكن المقدارُ فيما علمْتُهُ

لِيُسْعَدَ عبداً أوبقَتْهُ ذُنوبُ

سرى نحوَهُ الحَيْنُ المُتاحُ ودونَهُ

بِساطٌ لأيدي اليَعْمُلاتِ رحيبُ

وعاجله المقدارُ من دون بغيه

وللبغي سيفٌ بالدماءِ خَضِيبُ

ولم يَدْرِ أَنَّ العزَّ كان رِداؤُهُ

مُعَاراً إِلى أن خَرَّ وهو سليبُ

وأُقسِمُ لولا يُمْنُ جَدِّك قُطِّعَتْ

رِقابٌ وعُلَّتْ بالدماءِ جُيوبُ

هي الغمرةُ العظمى تجلَّتْ وأقلعتْ

برأيكَ إِذْ عمَّ القلوبَ وجيبُ

تقوض إِقلاعَ الجَهام فسادها

وقد كانَ يَهْمي وَدْقُهُ ويصُوبُ

أبُثُّكَ مجدَ المُلْكِ قولةَ صادقٍ

وكِذْبُ الفَتَى فيما يُحَدِّثُ حوبُ

أُراني لَقَىً لا أُنْتَضَى لِمُلِمَّةٍ

ولا أُرتَضَى للخطب حين ينُوبُ

يُثَبِّطنِي فضلي عن الغاية التي

يَخِفُّ إِليها جاهلٌ فيُصِيْبُ

ويقصُرُ باعي أنْ ينالَ شظيّةً

من العِزِّ يزكو نَيْلُها ويَطيبُ

وهُلْكُ الفتى أن لا يُساءَ بسطوهِ

عدوٌ ولا يرجُو جَداهُ حبيبُ

فهَبْ ليَ يوماً منك يُنْشَرُ ذِكْرُهُ

فأنتَ لما يرجو العُفاةُ وهوبُ

وعِشْ سالماً طولَ الزمان فإِنما

بقاؤك زيَنٌ للزمان وطِيبُ

لنجمكَ في أفقِ المكارم رفعةٌ

وللريح في جوّ العلاءِ هُبوبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

184

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة