الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » أيقظني للبرقِ وهو نائم

عدد الابيات : 100

طباعة

أيقظَني للبرقِ وهو نائمُ

جهالةً والعربيُّ حازمُ

لو هاج من دائك ما هيَّج لي

علمتَ أني للبروق شائمُ

حدَّثني عن الغضا وأهلِهِ

فانكشفَ السِّترُ ونمَّ الكاتمُ

للبارقاتِ مطَرٌ وهذه

مُزنتُها دموعِيَ السواجمُ

في كلِّ ذات صبوةٍ من عَبْرتي

ما يشكُرُ الراعي ويَرضَى السائمُ

رعايةً وإنه من شيمتي

عهدٌ حصينٌ وحِفاظٌ دائمُ

سلا المحبّون وعندي زفرةٌ

عسراءُ لا تنقضها العزائمُ

كم خطَرٍ دونَكِ يا ذات اللَّمي

خِيضْت له الفِجاجُ والمخارِمُ

ووقفةٍ ترمُقُني مرتابةً

فيها ظُبا قومِكِ واللهاذمُ

أساند الدوحَ فتمتارُ الجوَى

من نزَواتِ صدرِيَ الحمائمُ

وباللوى من نظرةٍ ضائعةٍ

لم تغرَميها والزعيمُ غارمُ

إنّ الظباءَ بالغضا ضياغمٌ

والأَجَمُ الكِناسُ والصرائمُ

أَصُدّ عن سَلْع بقلبٍ كلّما

أُطيرَ خوفا عاد وهو حائمُ

كما يُطيعُ اليأسُ ثم يلتوِي

طماعةً مع الشميم الرائمُ

كم أُنفقُ العمرَ على رعيِ المُنَى

وهي خبيثاتُ الثرى هشائمُ

وحاجتي إلى الزمان صاحبٌ

مساعدٌ وقدَرٌ مسالمُ

أكلُّ من كاشَرني بوجههِ

بِشْراً فوجهُ قلبِهِ مُجاهِمُ

ما أغضبَ الناسَ عليّ هل سوى

أني بدنياهم خبير عالمُ

عندي الغنَى عنها على خَصاصةٍ

وعندَهم حظوظُها الجسائمُ

والفضلُ والعفَّةُ عنهم قسمةٌ

أُعطيتُها كما أراد القاسمُ

وليسَ كلُّ شفَةٍ مبلولةً

وإن سخَتْ بمائها الغمائمُ

لله في طُرْقِ المعالي فِتيةٌ

رفيقُهم على الزمان حاكمُ

تعرَّفوا ريحَ الهجيرِ فغدَتْ

نسيمَ أنفاسِهِمُ السمائمُ

يضيقُ رحبُ الأرضِ في أزحامهم

فأرضُهم تحت السُّرَى العزائمُ

صوَّحَ كلُّ نابتٍ في عامهم

حتى الجِمَامُ السودُ واللهازمُ

تحمِلُهم منتقَياتٌ سُوقُها

تَحِلُّ منها للرُّبى المحارمُ

تزقو بأصواتِ الحصا أخفافُها

كل تحُصّ الوَبرَ الجوالمُ

كأنما الأرضُ لها مَهارِقٌ

يُملي السّرى وتكتبُ المناسمُ

مثل السهام فوقها بصائرٌ

مُبيضَّةٌ وأوجُهٌ سواهمُ

إذا استغاثت تحتها تعريسة

تقاصرت ليلاتُها التمائمُ

كأنما الليلُ سوادُ لِمَّةٍ

سُلَّ من الصبحِ عليه صارمُ

قل للذي يحصِب ظهرِي ريبةً

زِدْ سَفَها إني امرؤ محالمُ

لا تطمِس الشمسَ يدٌ مُدَّتْ ولا

يغمِزُ في الصَّعدةِ نابٌ عاجمُ

قد كان أبدَى لك دهري صفحتي

شيئا وبانت منّيَ المراجمُ

فمن لك اليومَ ونصري حاضرٌ

وحظِّيَ الغائبُ عني قادمُ

والقمرُ الآفلُ قدْ أعيدَ لي

بدرا وأنفُ الظلُمات راغمُ

رُدَّ الندى إلى الثرى ورجَعتْ

فملأتَ غمودَها الصوارمُ

لكلِّ شاكٍ غَدرةً من دهره

عندَ بني عبدِ الرحيم راحمُ

الأنجُمُ الزُّهرُ فمنها ثاقبٌ

مستسلَفُ النورِ ومنها ناجمُ

والعِترة البيضاءُ لم يعلَقْ بها

من دنَس الُهجنة عِرقٌ واصمُ

اِستَبقوا الجودَ فكلُّ دافعٌ

عن ضيفِهِ أخاهُ أو مُزاحمُ

وانتصفَ الفضلُ بهم مذ جُعلت

منه إلى حُكمهم المظالمُ

قل لأبي سعدٍ على ما جرَّهُ ال

شوقُ عليّ والفراقُ الغاشمُ

قد كنتُ أرضَى أمسِ من أمنيّتي

بأن يقال عادَ وهو سالمُ

فاليومَ يا طيرةَ قلبي فرَحاً

بأن يقالَ سالمٌ وغانمُ

قد قلَّدوا منه زمامَ أمرهم

أغلبَ لا تُخضِعه العظائمُ

إن الكُفَاة لم يكن عميدَهم

في دائهم إلا الطبيبُ الحاسمُ

ألقابُ قوم نافراتٌ شُمُسٌ

تنبو وألقابُكُمُ ميَاسمُ

وما رأتْ عينُ العلا لنفسها

فيما يسدّي المجدُ أو يلاحمُ

كخلعٍ رحتَ بها مكتسياً

عزّاً وتُكسَى اللِّبَدَ الضراغمُ

خاطوا السحابَ حُلَّةً فضُمِّنَتْ

جسمَك فلتفخرْ بمن تجاسمُ

بيضاء أو صبيغة وَشَّى لها

زُهرَ النجومِ راقشٌ وراقمُ

ظاهرة الفخرِ ومن باطنِها

أخرى وخير المِنَحِ التوائمُ

وتوَّجوك عِمَّةً وإنما

تيجانُ أمثالكم العمائمُ

وختَّموا ملساء لم يخدِشْ بها

سنٌّ على إثر العطايا نادمُ

وسائل الغُرّةِ وافٍ ردفُهُ

أُدِّبَ أن يُشفِقَ منه الحازمُ

أحوَى إذا قام إليه ماسحٌ

قام إلى وجه الوجيه لاطمُ

بَنيَّة لا يدَّرِي صَفاتَها

يومَ الرِّهان من لُغوبٍ هادمُ

مُنطلِقٌ بأربع قوائمٍ

كأنهنّ خفةً قوادمُ

مع الرياح لم يكن من قبلها

تهزأ بالأجنحة القوائمُ

يمرح في مِقوده ذئبُ الغضا

وتوعِد الوحشَ به القشاعمُ

ويتَّقي ما تتَّقي برُسغِهِ

وهي على بطونها الأراقمُ

أُركِبْتَه بدراً وقد حُطَّت لك ال

جوزاءُ فهي العُذْر والشكائمُ

نظائمٌ من النّضار عُقْنَهُ

بَهْرا بما أثقلَهنّ الناظمُ

ورحبة الصدر على ضيقٍ به

مفصِحة وقومُها أعاجمُ

لمياء تعطيك فماً أشدقَ لا

يغبُّه الدهرَ لسانٌ لاثمُ

يُحْمَدُ منه ما تُذَمُّ أبدا

بمثله الشِّفاهُ والمباسمُ

تُزهَى بصُفرٍ من بني الروم لها

آباؤها الأحابشُ الأداهمُ

لها من الشمس وشاحٌ تحته

جيدٌ أغمُّ والبنانُ فاحمُ

افتضَّها الحَلْيُ ففي أحشائها

أجنَّةٌ لم تحوِهم مشائمُ

ليس لهم ما بقِيتْ وما بقُوا

عما أدرَّت من رَضاعٍ فاطمُ

تمضِي حدودَ القتلِ والقطعِ يدٌ

فيهم وليست لهمُ جرائمُ

لا ينطِقون لغةً وكلُّهم

بين الأنام رُسُلٌ تَراجمُ

إمرَتُها دَسْتُك تستخدمها

يدٌ لها صَرفُ الزمان خادمُ

دُوِيُّكم جفونُ أسيافكُمُ

وكُتبكم لملككم دعائمُ

وكنتمُ متى عَصَت قبيلةٌ

وأخذتْ بالكَظَم الخصائمُ

أطرتمُ منها إلى أعدائكم

أجادلا أوكارُها الجماجمُ

قم بمساعيك فنل أمثالَها

إن المساعي للعلا سلالمُ

يَفديك مشمولٌ بظلِّ غيره

يسعَى سواه وهو كاسٍ طاعمُ

نامَ على هذي الصفاةِ غفلةً

وأنت من نبذ الحصاةِ قائمُ

عاقدَ في حبّ الهوينا عجزَه

أن لا يبالي ما يقول اللائمُ

إذا نضا سِربالَه كلَّمَهُ

من حسدٍ في كلِّ عضوٍ كالمُ

بكم بني عبد الرحيم يامنت

إلى المنى وطيرها أشائمُ

زوّجتُ آماليَ من أيْمانكم

فولدَتْ بطونُها العقائمُ

باعُ رجائي بكُمُ موسَّعٌ

وغصنُ عيشى في ذَراكم ناعمُ

أسمنَ قومٌ ملأتْ عرينَهم

مثلَ الحصون الإبلُ السوائمُ

وعندكم جَذيمُ مالٍ أبدا

تعرِفهُ الحقوقُ والمغارمُ

تلتزمون كَرَما ما تدّعِي

فيه العدا ويستحلُّ الظالمُ

إنكُمُ من معشرٍ عندهُمُ

فيما استفادَ ربُّهم مساهمُ

وقد لبستم فاخلعوا إن الندى ال

عادلَ أن تُقَسَّمَ المغانمُ

بنتم بها فبيِّنوا واصفَها

بمثلها فهكذا المكارِمُ

خُصُّوا بها تكرِمةً مَن لم يزل

تُهدَى لكم بناتُه الكرائمُ

معرِبةً بمدحكم فيها رِضَى

قومٍ وفي قومٍ لها سخائمُ

متَى تكن سَلُولُ أو باهلة

آباءَ شعرٍ فأبوها دارمُ

سوائرٌ مع النجوم ترتمي

بها نجودُ الأرض والتهائمُ

تودّ أكبادُ العدا إن صغتُها

أسورةً لو أنّها مَعاصمُ

تُدويهمُ غيظا وتشفيهم بما

تُفصح فهي المسُّ والتمائمُ

يُحبَى بها يقظانُ منكم حاضرٌ

وغائبٌ عن البلاد حالمُ

ضاجعَكم طيفي بها فأُوِّلَتْ

صادقةً وقد يُغَرّ النائمُ

يَشهدُ لي مِفتاحها وخَتمها

بأنني للشعراءِ خاتمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة