الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » تموق الليالي فيكم ثم تعقِل

عدد الابيات : 75

طباعة

تَموق الليالي فيكُمُ ثم تَعقِلُ

وتَقْسِطُ في أحكامها ثم تَعدِلُ

ويُعرِضُ وجهُ الملك عنكم عُلالةً

فيلفِته شوقٌ إليكم فيُقبِلُ

إذا جَرَّب الأبدالَ أصلحه لكم

على كثرةِ التقليب من يتبدَّلُ

وكم هجرةٍ لم تتفِقْ عن ملالةٍ

وصدٍّ يريبُ الحبَّ وهو تدلُّلُ

مكانكُمُ منه لكم أين كنتُمُ

مقيمُكُمُ والظاعن المتحوّلُ

وهل يسكن الأفلاكَ إلا نجومها

وإن غرَّ قوماً أنها تتنقَّلُ

وما أنت إلا البدرُ نأياً وأوبةً

تحِلُّ على حكم السعود وترحلُ

على كلّ قطبٍ ثابتٍ لك مَطلعٌ

وفي كلِّ برجٍ سائرٍ لك منزلُ

فكيف يساميك الإمارةَ والعلا

خَفِيٌّ دقيقُ الشخصِ يعلو وينزلُ

إذا تمّ بدراً أو تنصَّفَ شهرهُ

فإنك منه في سَرارك أكملُ

إذا غبتَ عنّا فالسحابة أقلعتْ

بجُمّتها الوطفاء والعامُ ممحلُ

ويقدُمك الإقبالُ حتى ترى الحصى

يروَّض خِصباً والجلاميدَ تُبقِلُ

وما المُلك يخلو منك إلا فريسة

تُمضَّغُ ما بين النيوبِ فتؤكلُ

إذا ذُدتَ عنها فهو وادٍ محرَّمٌ

وإن غبتَ شيئاً فهو نَهبٌ محلَّلُ

وقد ألِفتْ منك الوزارةُ موطناً

تَفَيَّأُ في أكنافه وتَظَلَّلُ

ربَتْ فهي ذاتُ الوَدْعِ في حُجُراته

وشَبَّتْ فهذا شيبُها والتكهُّلُ

أخو ثديها والناسُ أبناءُ عَلَّةٍ

وكافلُها إن زُوِّجت وهي تُعضَلُ

ووالدها الحاني الشفيقُ وبعضُهم

إذا ولدَ ابناً لم يُبَلْ كيف يَثْكَلُ

فلا ضامها يُتمٌ وأنت لها أبٌ

ولا عرفَتْ يا بعلَها كيف تُرمِلُ

ولا عدِمتْ مشكورَ سعيك دولةٌ

عليك إذا ذُمَّ السُّعَاةُ تُعَوِّلُ

نهضتَ بها والدهرُ تحتَ وُسُوقها

يناشدُ جنبيه النهوضَ فينكُلُ

فراحوا وألقَوْها على متمرِّنٍ

يخِفُّ عليه الأمرُ من حيث يَثقُلُ

إلى كم تراهم يسبُرون اجتهادَهم

وعفوُك فيها ثم عفوُك أفضلُ

وكم تتزوَّى هضبةٌ بعد هضبةٍ

بهم ولرَضوَى منكِب لا يُزَيَّلُ

وقد حَطَّها منبوذةً واستقالَها

مطَا كلِّ ظهرٍ ظنَّ أن سوفَ يحملُ

تناكصَ عنها الناسُ إذ قرُبوا لها

ومنهمْ قُرومٌ في الحبالِ وبُزَّلُ

ألم يك في التجريبِ وعظٌ فيُنتهَى

إليه ولا للحزم وعظٌ فيُقبَلُ

أقُول وركنُ الدين سمعٌ مصدِّقٌ

معي ولسانٌ شاهدٌ لي مُعدَّلُ

إذا هو شامَ المرهفاتِ وسلَّها

درى أيّها أمضى شباةً وأعملُ

رأى بك وجهَ الرشد الوقتُ فَترةٌ

وبابَ الهدى والملكُ شرعٌ مضلِّلُ

ولا أمنَ إلا أنّ سيفَك يُتّقَى

ولا رزقَ إلا أنّ كفّك تهطِلُ

كأنك في التدبير وحيٌ منزَّلٌ

لنا أو نبيٌّ في السياسة مرسَلُ

فلولا اتقاءُ العُجبِ لم يُملِ طرفَه

على القرب منك الناظرُ المتأمّلُ

ولو شئت أن تعطي علاءك حقَّه

سموتَ فخاطبتَ الكواكبَ من علُ

خليليّ والأنباء حقٌّ وباطلٌ

وتُسنَدُ أخبارُ الكرام وترسَلُ

بدينكما هل في فخارٍ سمعتما

به الذكُر يُروَى والأحاديثُ تُنقَلُ

كمجدٍ بنو عبد الرحيم ولاتُهُ

يُشيَّد في أبياتهم ويؤثَّلُ

وهل في بدور الأرض بعد ظهورها

وجوهٌ لهم يومَ السؤال وأنملُ

أقيما فلا الأخطارُ تُركَبُ دونهم

لحظٍّ ولا العيسُ المراسيلُ تُرحَلُ

قَعَا بالأماني الطائرات حوائماً

ترِفّ على باب الوزير وترفُلُ

إلى ملكٍ لا الحق يُدفَعُ عنده

بعذرٍ ولا الميعاد بالمطل يُقتلُ

يعاقب إصلاحاً ويعطي تبرُّعا

وكالمنع إعطاءُ الفتى وهو يُسألُ

صبا بالمعالي وهو في خَرَز الصِّبا

يُدارَى بها في مهده ويعلَّلُ

وأصفَى خليلَيك الذي كنتَ تِربَهُ

وأحلى حبيبَيْك الذي هو أوّلُ

على سرجهِ إن أركبتْهُ حميَّةٌ

أخو لِبَدٍ بادي الطوَى متبسّلُ

غضوبٌ إلى أن تغسِل العارَ كفُّه

ولو بدمٍ والعارُ بالدمِ يُغسَلُ

وفي دَستهِ يومَ الرضا البدرُ ضاحكاً

إلى وفده والعارضُ المتهلِّلُ

حمى الله للأيام منك بقيَّةً

هي الدهرُ والأيامُ أو هي أفضلُ

مددت يداً بالمكرمات بسطتَها

فطالت تنال النجمَ أو هي أطولُ

فكيف إليها الرزقُ وهي مَخوفةٌ

وكيف إليها الموتُ وهي تُقَبَّلُ

ولا كان هذا الشملُ مما يرُوعه

صُدوعٌ ولا ذا الظلُّ مما يُحوَّلُ

إذا غبتَ طارت بي على النأي لوعةٌ

تُقيم المطايا وهي نحوَك تُرقلُ

وخلفتني أمّا نهاري فمطلَقٌ

كعانٍ وأما لون ليلى فأليلُ

يراني صحيحاً من يرانيَ صابراً

وما ذاك إلا أنني أتجمّلُ

ولا وجه إلا و هو عنِّيَ معرِضٌ

ولا كفَّ إلا وهو دونيَ مقُفَلُ

إذا ذكروا ما موضعي منك والذي

إليك به من حرمةٍ أتوسّلُ

وأنيَ قد حَرّمتُ نفسي عليهمُ

ورِقِّيَ مِلكٌ في يديك محلَّلُ

رأيت أخي فيهم عدواً مكاشحاً

ومطريَّ فيهم عائباً يتعلَّلُ

فلا ينحسم داءٌ هواك يجرُّه

ولا عَزَّ قلبٌ في ودادك يُبذَلُ

ولا فاتني هذا الذَّرا الرحبُ موطناً

لعزِّي ولا هذا البساطُ المقبَّلُ

وكان الذي بَقَّى ليَ العمرُ فضلةً

لمدحكمُ تبقَى وفيكم تؤجَّلُ

تُسدِّي لكم في كلّ يومٍ وشائعاً

من الفخر مصبوغاتُها ليس تنصُلُ

لها من عِلاط الجهد وسمٌ مُخَلَّدٌ

يمر عليه الدهرُ والدهرُ مغفَلُ

نجائبُ أمّاتُ القريض بمثلها

عقائمُ إلا أن فكريَ ينسُلُ

نوازيَ من بين الضلوع كأنما

يجيش بها من بين جنبيّ مِرجلُ

على اسمك تُحدَى أو بوصفك تُقتضَى

صِعاباً فتعنو في الحبال وتسهُلُ

فلو كنت فيها خائفاً بُخلَ خاطري

لسمَّحهُ إحسانك المتقبَّلُ

تضوع بها أوصافُ فخرك ما جَرَتْ

على الأرض رعناءُ التنسُّم شمألُ

كأني إذا جرَّرتُ فيك ذيولَها

أُمسِّك في أذيالها وأمندِلُ

وينصرني فيها على الخصم أنني

على المجد فيكم والعلا أتوكَّلُ

بقيتُ لها وحدي وفي الناس أهلُها

كثيرٌ ولكن يدّعون وأعملُ

ومنها ليوم المِهرَجان قلادةٌ

تحلِّيه والأيامُ تَحلَى وتَعطَلُ

وإن كان يوماً سابقاً بجماله

فجلوتُهُ فيها أتمُّ وأجملُ

تلين لكم أعطافُها وهي شُمَّسٌ

وتُطلَق من أرساغها وهي تُشكَلُ

ثناءٌ عليكم آخرَ الدهر عاكفٌ

وودُّ بكم دون الأنام موكَّلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة