بين هاتيك المغاني والقصور
ترك القلب رهينا ورحل
في هوى غانية تحكى البدور
غنيت عن كل صبغ بالكحل
وعليه وقفت قلبا أمين
كان من أمرهما ان الفتى
بينما قد كان في روض يدور
شاهد الحسناء ترنو فاتي
قربها يحسبها ذات غرور
دأبها صيد قلوب العالمين
فأجالت فيه طرفا طاهرا
شف عن قلب تسامى بالعفاف
فرأته ناظرا بل حائرا
فتولت عنه إذ باتت تخاف
كلمة منه لها يندى الجبين
فغدا ينظر من طرف خفي
ليرى وجتها ثم القرار
فرآها قد مشت لم تعطف
نحو كهل ذي جلال ووقار
كان يرعاها بعين الوالدين
ثم قاما عجلا وارتحلا
فمضى والقلب منه في ضرام
ورأى أن الذي قد املآ
في جبين الليث إذ بنت الكرام
نزهت افعالها عما يشين
وانقضى من بعد ذياك اللقا
زمن بالقرب للصب سمح
وإلى نهب السرور انطلقا
راكبا متن جواد ما جمح
عن طريق الحل والطهر المبين
وغدا بعلا لتلك الغانيه
بعد ما كان رأى من صدها
لم يكن يصبر عنها ثانيه
وله قد كان اقصى ودها
وبنات رزقا ثم بنين
والهنا كان حليفا لهما
ورقيب الحظ في برج السعود
والصفا عن أمره حولهما
قائم قد ذر في عين الحسود
غبرة تدفع كيد الماكرين
وهي ان قال لها هذا اللبن
اسود قالت شديد الحلك
وإذا ما أرقت عاف الوسن
ويرى فيها عفاف الملك
وتراه خير خل وقرين
ونداء الطفل في مسمعها
مثل تغريد هرار أو غناء
والتحلي ليس من مطمعها
وترى ترتيب بيت والعناء
في صلاح الولد للحسنا يزين
وتقضي الوقت من بعد الطعام
مع زوج ينتقي احلى السير
في حديث قد حكى صفو المدام
خالي الكاسات من كل كدر
فهي معه في هنا كل حين
لكن الأيام والغدر لها
شيمة معروفة عند الكرام
قد رمت من بعد يسر بعلها
تحت اعباء ديون لا ترام
فاذاقته نكال الماردين
فغدا والدهر قد اخنى على
ماله رهن خسار وفشل
وانثنى من بعد ريح املا
قانعا مما تمنى بالوشل
فتراه باسما وهو حزين
وهي من ذلك تخفي الكمدا
ولها قلب عليه في قلق
ولكل الناس تبدي الجلدا
وله تبذل انواع الملق
علها تسليه عن كل ثمين
فإذا ما قال قد جاء الشتا
قالت الملبوس عندي في مزيد
وإذا قال لها الصيف انى
وارى ان تشتري ثوبا جديد
قالت الاسراف شأن الجاهلين
ان ثوبا انت تستحسنه
جنة قد هام فيها خاطري
والذي تقضي به عندي دين
والذي العيش عندي ان اراك
في سرور يا حبيبي وهناء
وانشراحي واغتباطي في رضاك
وسوى ذلك عندي كالهباء
وجمال الكون لي منك يبين
قسطاكي بن يوسف بن بطرس بن يوسف بن ميخائيل الحمصي. شاعر، من الكتّاب النقّاد. من أهل حلب، مولداً ووفاة. أصله من حمص، هاجر أحد جدوده (الخوري إبراهيم مسعد) إلى حلب ...