الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » تربعت بين العذيب فالنقا

عدد الابيات : 107

طباعة

تربّعتْ بين العذيب فالنقا

مرعىً أثيثاً ومَعيناً غَدَقا

وبُدِّلتْ من زفراتِ عالجٍ

ظلائلاً من الحمى وورَقا

ترتع فيه مرِحاتٍ بُدُناً

كما اشتهت ربيقةً أن تُطلَقا

فدبّ فيها الخصبُ حتى رجعتْ

سدائساً بُزْلاً وكانت حِقَقا

فكلّما تزجرها حداتُها

رعى الحمى ربُّ الغمام وسقى

وإنما ذاك لينفُضنَ لنا

إلى ديار الظاعنين الطُّرُقا

حواملاً منا هموماً ثقُلتْ

وأنفساً لم تبق إلا رَمقا

يحملننا وإن عزين قصَباً

وإن دمين أذرعاً وأسؤقا

واصلةً ومَن يردُّ جنبَهُ

عن ليلها وإن سئمن العَرَقا

خلن لها فَلْجاً فخلنا وقعَها

في آلِهِ وهي طوافٍ عَرَقا

نواصلاً من غمرةٍ في غَمرةٍ

لا يعلق السيلُ بها تدفُّقا

دام عليها الليلُ حتى أصبحتْ

تحسَب فجرَ ذات عرقٍ شَفقا

ومَن لها ومَن لنا يُخبرنا

عن ظبياتِ عاقلٍ أن يصدُقا

وعن قلوبٍ رحن في قبابها

لو نضح الماء عليها احترقا

يا حبّذا المُعرضُ عن سلامنا

برامةٍ سالفةً وعنقا

وحبّذا حي إذا شنّوا الوغى

شاموا السيوفَ واستسلوا الحدَقا

ورامياتٍ لا يؤدّين دماً

ولا يبالين أسال أم رقا

وقفن صفّاً فرأين شَرَكاً

من القلوب فرمَين طلَقا

ولا ومَن كنّ الردى بأمرهِ

لولا القلوبُ لم يجدنَ مَرشَقا

من راكبٌ تحمله إلى الهوى

أختُ الهواء نزوةً وقلَقا

عرِّج على الوادي فقل عن كبدي

للبان ما شئت الجوى والحُرَقا

واحجر على عينيك حفظاً أن ترى

غصنين منه دَنَيا فاعتنقا

فطالما استظللتُه مصطبحاً

سلافةَ العيش به مغتبِقا

أيّامَ لي على المها بلِمَّتي

إمارةٌ أُرجَى لها وأُتّقَى

وفي يدي من القلوب حبُّها

أملكها صبابةً وعُلَقا

والبينُ ما استنبح لي كلباً ولا اس

تنعب في شملي غراباً أحمقا

وشرب جارتي مِنىً ومشربي

من منهل إما صفا أو رنقا

أمشي وقد رصعنني بأعين

تكحلهنّ أُشُراً ورونقا

فاليومَ بقَّى العيشُ لي قذاتَه

وارتجع الشعشاعةَ المصفَّقا

لا جار إلا أن تكون ظبيةٌ

ولا ديارَ أو تكون الأبرقا

لا وأبي خنساء أو رقادها

على النوى وقد فنيتُ أرقا

ما سهري ببابلٍ ونومُها

بحاجرٍ إلا النعيمُ والشقا

وليلةٍ من التِّمام جئتها

أساير النجمَ وأحدو الغسَقا

تمطُلُ عيني أن ترى من فجرها

بين السواد أبيضاً وأزرقا

ضلّت بها البيضاءُ عن طريقها

فلم تجد بعد الغروب مشرِقا

سريتها مستأنساً بوَحدتي

وطالبُ العز قليلُ الرُّفَقَا

وطارق على الكلالِ زارني

بعد الهدوء وبخيرٍ طَرقا

يُهدي من الكوفة لي تحيةً

ذكيةً تملأ رحلي عبَقَا

فضمّنت سوادَها صحيفةٌ

ردت سوادَ النِّقْسِ فيها يققا

من الزكيّ طينةً ودوحةً

وثمراً وخِلقةً وخُلُقا

معرفة وافق معناها اسمها

كالسيف ألفى مفصلاً فطبَّقا

وبعضهم ملقّب أكذوبة

لا صادق المعنى ولا متّفقا

فقع بكوفان فقل لبدرها

إن بلَّغتك العيسُ ذاك الأفُقا

يا خير من حُلَّت على أبوابه

حُبَى الوفود جُمَعاً وفِرقَا

وخيرَ من طافَ ولبَّى وسعى

وعبَّ في بئر الحطيم وسقى

وانتظموا المجد نبيّاً صادعاً

بالمعجزات وإماماً صدَقا

وابن الذين بصَّروا من العمى

وفتحوا باب الرشاد المغلَقا

مناسكُ الناس لكم وعندكم

جزاءُ من أسرف أو من اتقى

والوحيُ والأملاكُ في أبياتكم

مختلفان مهبِطا ومُرتَقى

لا يملك الناسُ عليكم إمرةً

كنتم ملوكاً والأنامُ سُوَقا

في جِدّة الدهر وفي شبابه

وحين شاب عمرُه وأخلَقا

مجداً إلهيّاً توخَّاكم به

ربُّ العلا وشَرفاً محلِّقا

أربقتُمُ بالدين قوماً ألحدوا

فيكم وعن قوم حللتم رِبَقا

وأمَّنَ اللّه بكم عبادَه

حتى حماكم بيتَه المطوَّقا

ليس المسيحُ يومَ أحيا ميِّتاً

ولا الكليمُ يومَ خرّ صعِقا

ببالغَيْنِ ما بنى أبوكُمُ

وإن هما تقدَّما وسبقا

وراكب الريح سليمان لو اب

تغاكُمُ في ظهرها ما لحقا

ولا أبوه ناسجاً أدراعه

مضاعفاً سرودَها والحلَقا

فضلتموه ولكلٍّ فضلُهُ

فضيلةَ الرأسِ المطا والعنُقا

ومنكُمُ مكلِّم الثعبان وال

عابر والموتُ يراه الخندَقا

ومؤثر الضيف بزادِ أهله

وصاحبُ الخاتَمِ إذ تصدَّقا

وكلُّ مهديّ له معجزة

باهرةٌ بها الكتابُ نطقا

من استقام مَيلُه إليكُمُ

فاز ومن حرّف عنكم أوبِقا

كنت ابنه سيفاً حماماً ويداً

غيثاً زكياً وجبيناً فلَقا

وأنّ غصناً أنت من فروعه

لخيرُ غصنٍ مثمراً أو مورقا

ولُسُناً إذا الكلام انعقدت

أطرافه وأخَذَ المخنَّقا

تطعن شزراً والخصامُ واسعٌ

فيه وإن كان المجالُ ضيِّقا

فواركٌ من الكلام لم يكن

تنكَحُ إلا الأفوهَ المنطَّقا

قد وصلتْ تحلُّ لي عقودها

منخرَط الشهب انحدرنَ نَسَقا

أُسمعُ منها المتحدّي مُعجِزاً

حتى يُقرَّ وأريه مونِقا

أعرتَني فيها سماتِ مِدَحٍ

كنتَ أحقَّ باسمها وأليقا

واليتها باديةً وعُوَّدا

كالسيل يرمي دُفَقاً فدُفَقا

حتى ملكتَ رقَّ نفسٍ حرّةٍ

بها وقيّدتَ فؤاداً مُطلَقا

تكرمة أيقظك الفضلُ لها

والحظّ قد غمَّض عنها الحدَقا

جاءت أميناً كيدُها في زمنٍ

لا تُخدعُ الحيّاتُ فيها بالرُّقَى

كأنما رُدَّ على قلبي لها

في دولةِ الوحشةِ أنسٌ سُرِقا

والعينُ في أمثالها مشرَعةٌ

ما لم يقِ اللّهُ وقِدْماً ما وقى

نَحَلْتني مدحَك فخراً باقياً

في عَقِبي ما دام للدهر بقا

حلَّيت منه فارساً من بعد ما

تعطَّلتْ أسوِرةً وأطوُقا

فاستقبلتْ من عزّها ما قد مضى

واسترجعتْ من مُلكها ما طَلُقا

وكيف لا يُنصَر فضلُ معشرٍ

هم نشروا لواءَكم أو خفقا

وهم أعزُّوا صهرَكُمُ وودَّكم

وقد أطاع القرباءَ الرُّفَقا

وبيننا إن لم تكن قرابة

ولايةٌ تُحصِفُ تلك العُلَقا

ولم يكن أحرارُ ملك فارسٍ

إلا عبيداً لكُمُ أو عُتَقا

وعاجلٌ أمطرني منك الحيا

وآجلٌ أومضَ لي وأبرقا

وعدتَني فارتشتُ محصوصاً بما

وعدتنيه وغنيتُ مخفِقا

فاسمع وعش تُجزَى بما تسمعه

مَطارِباً لو نادت الميْتَ زقا

لو ما رميتُ الحجرَ الصلدَ بها

أخدعه عَمايةً لانفلقا

تخلقُ لي في قلبِ كلّ حاسدٍ

إما هوىً محضاً وإما ملَقا

قد ترك الناسُ لها طريقَها

وسلَّموا الركضَ لها والعَنَقا

إذا الكلامُ الفصلُ كان ذنَباً

أو كفَلاً كانت طُلىً ومفرِقا

غريبة الحدثان في أزمانها

بذَّت فحولَ الشعراء السُّبَّقا

إذا الكلام اشتبهتْ شِياتُهُ

واختلطتْ عرفتَ منها الأبلقا

يجهلُ منها الناسُ ما علمتَه

لا عجباً أن يُحرَموا وتُرزَقا

فهي إليك دون كلّ خاطبٍ

تُزَفُّ شَفعاً وتساق رُفَقا

بشّرني عنك الخبيرُ بالتي

تحيي السرورَ وتميتُ الحُرَقا

وقال صبراً وانتظر صبحَ غدٍ

تُدني السماءُ بدرَها المحلِّقا

غداً تراه فرفعت ناظراً

كان على قذَى الفراق مطبَقا

وقلتُ نفسي لك إن قبلتها

حقُّ البشير قال رهنٌ غَلِقا

قد مَلكَتني غائباً نَعماؤه

وأفعمتْ قلبيَ حتى اندفقا

فلم يدع قبلَ اللقاء طَوْلُه

فيه مكانَ فرحةٍ يومَ اللقا

فمرحباً إذا صدقتَ مرحباً

لك المنى إن تمّ أو تحققا

جادتك أنواءُ السماء أبداً

أين حللتَ وُكَّفاً ووُدَّقا

ولا عدت بكَتْبها ونشدِها

سمعَك موروداً بها مستطرَقا

ولا يزال المهرجانُ واضحاً

بها عليك في الطلوع مُشرِقا

والصوم والعيد إلى أن ينطوي

مرُّ النجوم طَبَقاً فطَبقا

إذا دعوتُ اللّهَ أن يبقيك لي

فقد دعوتُ للمعالي بالبقا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة