الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » سل الركب إن أعطاك حاجتك الركب

عدد الابيات : 87

طباعة

سَل الركبَ إن أعطاك حاجتَك الرَّكبُ

مَن الكاعبُ الحسناءُ تمنعها كعبُ

قضى أنها مغلوبةٌ لِينُ عطفها

وحصَّنها أن تُملَك الأُسُدُ الغُلْبُ

حموْها وذابُّوا أن تُرامَ وما حَمَوا

قلوبَ الهوى من مقلتيها ولا ذَبُّوا

وهزّوا القنا الخطّار والبيضَ دونها

فمَن طالبٌ والمانع الطعنُ والضربُ

يخافون صوتَ العار أن يُصبحوا بها

حديثاً وأفواه المواسم تَستَبُّ

وما العارُ إلا أنّ بين بيوتِهم

قلوبَ المحبينَ السلائبُ والنَّهبُ

لئن أشحطوها أن تُزارَ فبيننا

مواثيقُ بُعدُ الدار إن رُعِيَتْ قربُ

وإن حُجبتْ والريح تَسفِرُ بيننا

بنجوَى فؤادَيْنا فما ضَرَّت الحُجْبُ

وفي دارها بالروضتيْن لناظرٍ

شفائفُ ضوءِ البدرِ تكفُره السحب

ومنها ومن أترابها في ثرى الحمى

عبائقُ تَهديها الصَّبا لِيَ والتربُ

وقفتُ وصَحبي في اللِّوى فأملَّهم

وقوفِيَ حتّى وقفتُ ولا صحبُ

أُذاكرُهُ مَرآةَ يَومِي بأهله

فيشكو الذي أشكو ويصبو كما أصبو

ولم أحسَب الأطلالَ تُخضعها النّوى

ولا أنّ جسم الربع يُنحِلهُ الحبُّ

تحدَّثْ بما أبصرتَ يا بارقَ الحمى

فإنك راوٍ لا يُظَنُّ بك الكذِبُ

وقلْ عن حشىً من حَرّها وخفوقها

تعلَّمتَ ما تنزو خِطاراً وتشتبُّ

وعن بَدنٍ لم يبرح الشوقُ مُعرِياً

وشَائظَهُ حتى التقى الجنبُ والجنبُ

فلو أنه في جِفن ظبيةِ حابلٍ

مكانَ القَذى ما كان يَلفظُه الهُدبُ

وهذا ضنا جسمي وقلبي عندها

فكيف به لو كان في جسدي قلبُ

فُطرتُ على طينِ الوفاء ودِينهِ

فنفسي إليه بالغريزة تنصبُّ

فكم نائمٍ عنّي وثيرٍ مِهادُهُ

وجنبي له عن لين مَضجَعه ينبو

أصابرُ فيه الليلَ حتى أغيظَهُ

فتحسُدَ أجفاني على السهر الشهبُ

وأعجبُ ما حدِّثتُهُ أنّ ذمّةً

وفَتْ فارسٌ فيها وخاسَت بها العُرْبُ

عذيرِي من الأيّام أوخمن مرتعي

ورنَّقنَ لي من حيثُ يُستعذبُ الشُّربُ

تُناوبُ قوماً غَضَّها وهشيمَها

وكلُّ نصيبي من معيشتها الجدبُ

أُخلِّي عليهم عفوَها وُدرورَها

فأرضَى بلا ذلٍّ بما كدَّه العصبُ

وأتركُها تَرْكَ المسالمِ قادراً

لأسلمَ منها وهي لي أبداً حربُ

وكم قد شكوتُ الدهرَ لو كان مُشْكِياً

وعاتبتُ جَورَ الحظّ لو نفع العتبُ

بلى في يدي لا أكفُرُ اللّهَ جانبٌ

من العز لي فيه الوسيعة والرَّحبُ

ومنبعُ جُود لو قَنعتُ كفى الغنى

وبلَّ غليلي ماؤه العَلَلُ السَّكْبُ

تعوّد جوِّي غيمَهُ ونسيمَهُ

وأرضِيَ أن تزكو عليه وأن تربو

أقِلْني من التغرير يا طالبَ العلا

ومن كدِّيَ الآمالَ تنهضُ أو تكبو

فلولا الندَى العِدُّ الرحيميُّ ما جرى

إلى أيكتي ماءٌ ولا اخضرَّ لي تربُ

هم الناس ناسي والزمانُ زمانُهم

ربيعي وكسبي من رضاهم هو الكسبُ

تملَّحْتُ فيهم والتحفتُ بريشهم

فوكرِي بهم حيث استوى الماءُ والعشبُ

وحسْبي غنىً أو سُودَداً أنَّ بحرَهم

وسيِّدهم عند الملمات لي حَسْبُ

إلى شَرفِ الدين انتشطنا حبالَها

تُعانِقُ في نفض الطريق وتختبُّ

سلائلُ ما صفَّى الغَضينُ وداحِسٌ

وحازت كلابٌ رهنَها واعتلت كلبُ

بناتُ الفلا والريحِ كل حسيرة

إليها الرياحُ المستقيماتُ والنُّكْبُ

كَسَيرِ العصا المقدودِ لو سُلكتْ بها

ثُقوبُ الخروت لم يضق دونها ثَقْبُ

تُخالُ عِناناً في العنان من الطَّوَى

وإن شُطِبتْ بالسو قلتَ هي الشَّطبُ

تُحَطُّ إليه وهي قُلْبٌ من الطَّوَى

وتُركَبُ عنه وهي مُجفَرَةٌ قُبُّ

إلى مَلِكٍ لا يملِكُ الخوفُ صدرَه

خُفوقاً ولا يغشَى على رأيه الخطبُ

ولا يطيَّبه التيهُ في معجزاته

إذا هامةُ المفتون أسكرها العُجبُ

مهيبِ الرضا مستصفَحِ السخطِ بالغٍ

به القولُ ما لا يبلغ الباتر العضبُ

مُحيطٍ بآفاق الإصابة رأيُهُ

بديهاً ورأيُ الناسِ مختمرٌ غِبُّ

إذا رَفَعتْ للإذن سَجْفاً رواقُهُ

فللأعين الإشراقُ والآنِف التربُ

مَقامٌ تُلاقِي عنده النِّعمُ السُّطَا

ويجتمع الرُّغْبُ المحبَّبُ والرُّعْبُ

إذا أَمَرتهُ مُرَّةً من حفيظةٍ

تسوءُ نهاه خُلْقه الباردُ العذبُ

تصوّرَ من حُسنٍ وحلمٍ ونائلٍ

ففي الدَّستِ منه البدرُ والبحرُ والعضبُ

من القوم لم تُضرَبْ عليهم إتاوةٌ

ولم يَعتبِدْهم غيرَ خالِقهم ربُّ

صدورُ قلوبٍ في المجالسِ والوغَى

إذا رشَحوا فاضوا وإن قدَحوا شبُّوا

ومدَّ عميدُ الدولة العِرضَ راسخاً

فحدَّثَ عن ضَربِ العلا الرجلُ الضَّربُ

وما علمتْ أمُّ الكواكبِ قبلَه

وقبلهُمُ أن الهلالَ لها عَقْبُ

وأنَّ شروقَ الشمس عنهم سينتهِي

إلى مَلِكٍ في صدره الشرقُ والغربُ

ارى المُلك بعد المَيْل قامت قناتهُ

ولُوحِمَ منه بعد ما انصدعَ الشَّعبُ

لك البُلجة البيضاءُ إن مات فجرُهُ

وفي يدك التفريجُ إن غَشِيَ الكربُ

وقد علِمتْ أمّ الوزارة أنها

إذا غبتَ ثَكلَى قَصْرُها الدمعُ والندبُ

وتُطمِعُ مخدوعَ المنى في نكاحِها

مَطامع كدَّتها وأنت لها خِطْبُ

ودبُّوا لها تحت الظلام عقارباً

ولو حسبوا وطء الأخامِص ما دبُّوا

ولمّا رأَوا عنها التفاتَك عاجلوا

وُثوباً وقِدْماً طاح بالقَدَمِ الوثْبُ

رَقَيْتَ بفضل الحلم شَوكَةَ لَسْبِهم

فقد ماتت الأفعَى وقد برأَ اللَّسبُ

هُمُ عقروها إذ تعاطَوا فعُذِّبوا

ورأيُك فيهم صالحٌ وهُم السَّقبُ

وراموا التي يَرضى بها الخُرقُ وحدَهُ

خِداعاً وتأباها الحزامةُ واللُّبُّ

ومن دونهاأن يخطبَ الليثُ هُدنةً

من الذئب أو يبكي من العطش الضبُّ

تُحدِّثُهم أحلامُهم أنَّ ظهرَها

رَكوبٌ ولكن يُكْذَبون إذا هَبُّوا

صِلُوها فما يشقَى من اليوم سعدُها

عليكم ولا تَذْوَى وأنتم لها قطبُ

ولا برحتْ فيكم تَجُرُّ عزيزةً

سرابيلَ لا يُخفِي ذلاذِلَها السَّحْبُ

ضَممتَ عزيبَ الملك بعد انتشارِهِ

وأفرشتَه أمناً وقد ذُعِرَ السِّربُ

وما زلتَ بالتدبير تَركبُ صعبَه

إلى سهله حتى استوى السهلُ والصعبُ

أَحَبَّك ودّاً مَن يخافُك طاعةً

وأعجبُ شيءٍ خِيفةٌ معَها حُبُّ

ولو نشَزتْ عنك القلوبُ لردَّها

لسانُك هذا الحلوُ أو وجهُك الرّطْبُ

فما مُقلةٌ إلا وأنتَ سوادُها

ولا كبِدٌ إلا وأنت لها خِلبُ

وأما القوافي فهي منذ رعيتَها

بطائنُ وادٍ أعوامِه خِصبُ

يكائفها نبتاً ويعدبُ مَشَرباً

فلسّاتُها خَضْمٌ ورشفاتُها عَبُّ

صحائحَ مُلْساً كالدِّهانِ وعهدُنا

بها عند قومٍ وهي مُجفِلةٌ جُرْبُ

وكم بَكَْرةٍ منها لمدحك قُدتُها

فقرّت ومن أخلاقها الغَشْمُ والشَّغْبُ

تغاديك أيام التهاني بوفدها

مكرِّرةً لُبساً وهنّ بها قُشْبُ

بشائرُ ملكٍ صدقهُ فيكَ لا يهى

له رُكُنٌ ولا يقصِّرْ له طُنْبُ

وأنَّ يَدَ اللّهِ البسيطةَ جُنَّةٌ

تقيكم وأحزاب السعودِ لكم حزبُ

يزوركُمُ قلبي بها مثلَ منطقي

فلا الغِشُّ مَخشِيٌّ عليها ولا الخِبُّ

وأمدحُ مَن أعطاكُمُ مِن لسانِهِ

وأرضاكُمُ مَن قلبُه بِكُمُ صبُّ

فلا تعدَموا منها عرائسَ عُطَّلاً

لها من أياديكم قَلائدُ أو قُلْبُ

إذا مشتِ الأقران حولَ خريدةٍ

فَوحدتُها في الحسنِ ليس لها تِربُ

أجُدُّ بها والطبعُ يُجرِي خلالَها

طُلاوةَ رَقراقٍ تُرِي أنها لِعْبُ

وغيرُمُ يرتاب بي إن مدحتُه

لعرفانه ألاّ يحِلَّ لها الغصبُ

فأرفعهُ بالفعِل لو كان فاعلاً

وقد خَفَضَتْهُ من نقيصتِهِ رُبُّ

يُساءُ كأني بالثناء أسبُّهُ

لعمرُ أبي إنّ النفاقَ هو السبُّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة