الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » نفرها عن وردها بحاجر

عدد الابيات : 68

طباعة

نفَّرها عن وِردها بحاجرِ

شوقٌ يعوقُ الماءَ في الحناجرِ

وردّها على الطَّوَى سواغباً

ذلُّ الغريب وحنينُ الزاجرِ

فطفِقتْ تُقنعُها جِرَّاتُها

من شِبَع دانٍ ورِيٍّ حاضرِ

يكسَعها الترابُ في أعطافها

تساند الأعضاد بالكراكرِ

ذاك على سكونِ من أقلقها

وأنها وافيةٌ لغادرِ

مغرورةُ الأعينِ من أحبابها

بخالبِ الإيماضِ غيرِ ماطرِ

تقابل المذمومَ من عهودهم

بكلّ قلبٍ ولسانٍ شاكرِ

وهي بأرماح الملال والقِلَى

مطرودةٌ منخوسةُ الدوابرِ

تشكو إليهم غدرَهم كما اشتكت

عقيرةٌ إلى شفارِ العاقرِ

قد وقَروا عنها وكانت مدّةً

تُسمِعُ منهم كلَّ سمعٍ واقرِ

وكلّما ليموا على جفائها

تواكلوا فيها إلى المعاذرِ

فليت شعرَ جدبها إذ صوّحوا

أين الخصيبُ الكَثُّ في المشافرِ

وهبهمُ عن السيول عَجَزوا

فأين بالقاطرِ بعد القاطرِ

كانت لها واسعةً ركابُهم

وكيلُهم في الحظّ كيلُ الخاسرِ

ففيم ضاقوا فتناسَوا حقَّها

والدهرُ يُعطيهم بسهمٍ وافرِ

كانت وهم في طيّ أغمادِهمُ

لم تتبرَّزهم يمينُ شاهرِ

وافرةً أقسامُها فما لها

لم تُقتضَب من هذه المناشرِ

هل ذَخَرتْهم دون من فوق الثرى

إلا ليومِ النفع بالذخائرِ

لو شاوروا مجدَ ابن أيوبَ لما

فاتتهُمُ حزَامةُ المشاورِ

إذن لقد تعلَّموا ولُقِّنوا

رعيَ الحقوقِ منه والأواصرِ

للّه راعٍ منهمُ مستيقظٌ

لم يتظلَّم طولَ ليلِ الساهرِ

يرى الصباحَ كلُّ من توقظه ال

عليا وما لليله من آخرِ

جرى إلى غايته فنالها

مخاطراً والسبقُ للمخاطرِ

ما برِحتْ تبعثُه همّتُه

في طلب الجسائم الكبائرِ

حتى أناف آخذاً بحقّه

من العلا أخذَ العزيز القادرِ

رَدّ عميدُ الرؤساء دارسَ ال

مجد وأحيا كلَّ فضلٍ داثرِ

حلَّق حتى اشتط في سمائه

بحاكمٍ في نفسه وآمرِ

وبَعدُ في الغيب له بقيَّةٌ

ناطقةُ الأنباءِ والبشائرِ

ولم يقصِّر قومُه عن سودَدٍ

يُخبَرُ عن أوّلهم بالآخرِ

ولا استنزلُّوا عن مقامِ شرفٍ

توارثوه كابراً عن كابر

لكنّه زاد بنفسٍ فَضَلَت

فضلَ يَدِ الذارعِ شبرَ الشابرِ

والشمسُ معْ أن النجومَ قومُها

تنسخُهنّ بالضياء الباهرِ

وخيرُ من كاثرك الفخرُ بهِ

شهادةُ الأنفُسِ للعناصرِ

هوَّنَ في الجود عليه فقرَه

أنّ المعالي إخوةُ المَفاقرِ

فالمال منه بين مُفْنٍ واهبٍ

والناسُ بين مقتنٍ وذاخرِ

ولن تُرى الكفُّ القليلُ وفرُها

في الناس إلا لابن عِرضٍ وافرِ

مَن راكبٌ تحمله وحاجةً

أمُّ الطريق من بناتِ داعرِ

ضامرة تركَّبتْ نِسبتُها

شطرين من ضامرةٍ وضامرِ

يَقطع عني مطرح العينين لا

أسومهُ مشقَّة المسافر

من أسهلتْ أو أحزنتْ رحلتُه

فحظُّه حظُّ المجيرِ العابرِ

بلِّغ على قرب المدَى وعَجَبٌ

قولِيَ بلِّغ حاضراً عن حاضرِ

نادِ بها الأوحدَ يا أكرمَ مَن

تُثْنَى عليه عُقَدُ الخناصرِ

لم تسُدِ الناسَ بحظٍّ غالطٍ

متّفقٍ ولا بحكمٍ جائرِ

ولا وزرتَ الخلفاءَ عَرَضاً

بل عن يقينٍ من عليم خابرِ

ما هزَّك القائمُ حتى اختَبَرتْ

بالجسِّ حدّيك يمينُ القادرِ

خليفتان اصطفياك بعد ما

تنخَّلا سريرةَ الضمائرِ

وجرَّبا قبلَك كلَّ ناكلٍ

فعرفا فضلَ الجُرازِ الباترِ

لم تكُ كالفاتل في حباله

والدِّينُ منه مُسحَلُ المرائرِ

يأكل مالَ اللّه غيرَ حَرِج ال

صدر بما جرَّ من الجرائرِ

فانعم بما أُعطيتَ من رأيهما

وكاثر المجدَ به وفاخرِ

واكتسِ ما أُلحفتَ في ظلَّيْهما

من رُدُنٍ زاكٍ وذيلٍ طاهرِ

فحسبُ أعدائك كَبْتاً وكفَى

كَبّاً على الجباهِ والمناخرِ

إن الذي ماتَ ففاتَ منهما

بقَّاك ذُخراً بعده للغابرِ

فابق على ما رغموا مُمَلَّكاً

أزِمَّةَ الدّسوتِ والمنابرِ

ما دامت المَروَة أختاً للصفا

والبيتُ بين ماسحٍ ودائرِ

واجلس لأيّام التهاني مالئاً

صدورَها بالمجدِ والمآثرِ

تَطلُع منها كلَّ يومٍ شارقٍ

بمهرجان وبعيدٍ زائرِ

لك الزكيّ البَرُّ من أيّامها

وللأعادي كلُّ يومٍ فاجرِ

واسمع أناديك بكلِّ غادةٍ

غريبةٍ لم تجْرِ في الخواطرِ

مؤيسةِ المرامِ في باطنِها

مُطمِعةٍ في نفسها بالظاهرِ

وهي على كثرةِ من يحبُّها

وحسنها قليلةُ الضرائرِ

تستولد الودادَ والأموالَ من

كلّ عقيم في الوِلادِ عاقرِ

فلستَ تدري فكرةٌ من شاعر

جاءت بها أو نفثةٌ من ساحرِ

ملَّكَكَ الودُّ عزيزَ رقِّها

وهي من الكرائم الحرائرِ

تُفضِل في وصفك ما تُفضلهُ

في الروض أسآرُ الغمامِ الباكرِ

لا تشتكيك والملالُ حظُّها

منك وأن ريعتْ بهجرِ الهاجرِ

في سالف الوصل وفي مستأنَف ال

جفاء بين شاكرٍ وعاذرِ

واعرف لها اعترافَها إذ أُنصِفَتْ

واعرف لها في الجَورِ فضلَ الصابرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة