الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » ظن غداة الخيف أن قد سلِما

عدد الابيات : 78

طباعة

ظنَّ غداةَ الخيف أن قد سلِما

لما رأى سهماً وما أجرَى دَما

فعاد يستقرِي حشاه فإذا

فؤادُه من بينها قد عُدِما

لم يدرِ من أين أصيبَ قلبُه

وإنما الرامي درَى كيف رمَى

يا قاتَلَ اللهُ العيونَ خُلِقتْ

جوارحاً فكيف صارت أسهما

ورامياً لم يتحرَّجْ من دمي

مقتنصاً كيف استحلَّ الحرما

أودعَني السُّقمَ ومرّ هازئاً

يقول قم فاستشفِ ماءَ زمزما

ولو أباح ما حَمى من ريقه

لكان أشفَى لي من الماء اللمى

يا بأبي ومن يبيعُ بأبي

على الظما ذاك الزُّلالَ الشَّبما

كأنّما الصهباءُ في كافوره

سِحريةٌ وجلّ عن كأنَّما

يا نافض البطحاء يبغى خبراً

إن هو أدّاه إليّ غَنِما

سل بانة الوادي إذا تأوّدت

عن ظبية مَن القضيبُ منهما

وأين سكَان الحمى من ولهي

بعدَهُمُ سَقياً لسكّان الحمى

توهّموا أن الفراقَ سَلوةٌ

عنهم فلا أحللتُ من توهَّما

وأنّ عيني مُلئت من غيرهم

إذ منعوا إذنْ رأت عيني العمَى

قالوا توخَّ الأجرَ واصبر طامعاً

والحظ في الهيفاء مع مَن أثِما

لام ولا يعلمُ فيها ناصحٌ

مجتهدٌ أغرى بها لو علِما

قالَ اكْنِ عنها فاسمُها علامةٌ

رضيتُ فيها أن أكون علَما

أُضمُمْ يداً على الحبيب ما وفَى

ضميرُه واصلَ أو تَصرَّما

ولا تدعْ حُلَّة يومٍ لغدٍ

يأتي بأخرَى فالهوى ما قدُما

قد غمز الدهرُ بنابيه على

عُودي فلا خارَ ولا تحطَّما

وفَرَّني ريبُ الزمان قارحاً

وجَذَعاً فما أطعتُ اللُّجُما

يحكمُ في حظِّيَ ما شاءَ فإن

مرَّ بِعرضِي لم أكن مُحكَّما

لم تأكل الأيام وفرِي عسلاً

إلا رأت مُضغةَ لحمي علقما

حَملتُ مجبوبَ الجُنوب ظَالعاً

منها الذي أعيى الجُلاَلَ المُقرمَا

إذا أتى اليومُ بشرٍّ عابسٍ

لقيتُه منافقاً مبتسما

خبَرتُ حظّي فسواءٌ سفِه ال

دهرُ عليَّ عامداً أو حَلُما

وكيف يُرجَى النَّصفُ من مُحكَّم

يعرفُ إلا العدلَ فيما قسَما

ومن كريم الصبر عندي أسوةٌ

بمعشرٍ يعلمون الكرَما

هم طرقوا بسودها وحُمرها

نوائبا خُرْساً وخَطْباً أعجما

فلم يكن للريح وهي عاصفٌ

أن تستلينَ منكِبَيْ يلَملَما

تسربلوا الحزم لها واتخذوا

فيها العزاءَ للعلاء سُلَّما

وأقبلوها أوجهاً بائحة

بالبشر فيها ونفوساً كُتُما

حتى رأى الاعداءُ فيما سُلبوا

من نَعَمٍ أن قد أفيدوا أنعُما

أُسْرة مجدٍ لا يَرونَ فائتاً

من وفرهم والعرضُ باقٍ مغرمَا

كأنّ ما ينقُص من أعدادهم

ومالهِم زيَّدهم وتمَّما

إن مات منهم سيِّدٌ قام له

منهم شبولٌ يَخلِفون الضَّيغما

تزاحموا على العُلا واقترعوا

على الندى فانتصفوه أسهما

وارتكَضوا يُجَبِّنونَ الأسْدَ في ال

غابات أو يُبَخِّلون الدِّيَما

كلُّ غلام ذاهبٌ بنفسه

حيثُ مضى المجدُ به ويمَّما

إذا أبى طارت به حَميَّةٌ

علويَّةٌ أقربُ برجَيْها السما

فإنِ خبت شمسُ نهارٍ منهمُ

غطُّوا الدجى أهلّةً وأنجما

أراكةٌ عبدُ الرحيم عِرقُها

ثمَّ زكَى الفرعُ الكريمُ ونمى

وكان من ثمارِها لما علت

أبو المعالي مُورقاً ومُطعِما

كان فتاها مُرضَعاً وكهلَها

مثَّغِراً وشيخَها محتلِما

وتاجَها المعصوبَ وسوارَها

إن رفعتْ رأساً ومدّت مِعصما

صبا لأصوات العُفاة سمعُه

كأنما يؤنس منها نَغَما

واستصغر الدنيا فلو جاد بها

موهوبةً لم يعتقبها ندَما

أوجعُ من ضمٍّ على جمر الغضا

في حسِّه كفٌّ تضمُّ دِرهما

تعلَّم النسيمُ من أخلاقه

حتى صفا والغيثُ حتى كَرُما

لو أسخطتك يدُه وحوشيتْ

أرضاك أو زادك وجهاً وفما

إذا افتقدتَ نصره لغايةٍ

داس لها النار وخاضَ الفَحَما

لله أنتَ مُقْبلاً على الندى

بوجهه والدهرُ قد تجهَّما

وقائماً فداعماً بيده

ماثُلَّ من عَرش العلا وهُدِّما

أجدبتِ الحال فلم تأسَ غنىً

نفسٌ أكنْتَ واجداً أو مُعْدِما

أوْ لم تَسَعْ مالاً فأوسعتَ به

بِشراً فكنتَ مانعاً ومُنعِما

وخَبُثَتْ سرائرٌ فلم تكن

لله في تدبيره متَّهِما

لا جَرَماً وإن ذوَتْ دولتُكم

لترجِعَنَّ غَضَّةً لا جَرَما

لا بدّ أن يُجمَع حظٌّ شاردٌ

ضلَّ وأن يُقلِعَ دهرٌ أجرَما

وأن تحِنَّ نعمةٌ قد فارقتْ

أوطانَها حتى تعودَ أنعُما

إذا سلِمتم أنفساً وحسباً

فقد سلِمتم نشَباً ونِعما

فإن أصاب فرصةً بشمتِهِ

عدوُّكم فطالما قد رُغِما

توقّعوا عَودَ إيابِ عزّكم

وليتوقَّع غيظَه المضَرَّما

كأنني من خَلَل الغيبِ أرى

شمسَ الضحى تفتُقُ هذي الظُّلَما

عِيافةٌ ما كذَبتْني فيكُمُ

قطّ ولا زجرتُ منها أشأما

وواعدٌ من الأماني لم يكن

خالاً ولا ضاغثتُ منه حُلُما

فاسمع لها بشارةً من صادقٍ

صحّ على السَّبرْ لكم وسلِما

لم يَزْوِ وجهاً عنكُمُ وقد هفا ال

دهرُ بكم ولا أزلَّ قدَما

ولا ونَى مكاشفاً عدوَّكم

بمدحكم معْ كونه محتشما

لا يرهبُ القاهرَ من سلطانه

ولا يبالي سيفَه المنتقِما

وكيف أخشى الأمرَ والله معي

يعلَمُ أنّي فيه أرعىَ الذمما

وحرّة من الكلام سهلة

ليست على كلّ فمٍ تكلَّما

يحذَرُ منها العُصْمُ فرطَ خُدَعِي

يا لَلرجالِ من يحطُّ العُصُما

أشقَى بمعناها ويحظَى معشرٌ

ينتحلون اسما لها مقتَسما

هل نافعٌ لي حسنُ إفصاحي بها

إذا غدا حظّي بها مُجمجِما

جاءتك في حَبيرةٍ تسحبُها

سحبَ اليمانِي بُردَه المسهَّما

فاجتلِها كما اجتليتَ قبلَها

بِكراً فضضتَ عُذْرَها وأيِّما

يلقاك وجهُ المهرجان سافراً

عنها ويلقَى معشراً ملثَّما

واسلم لألفٍ مثلِها في مثلِهِ

تعدُّها موالياً منتظما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

134

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة