الديوان » العصر الاموي » النابغة الشيباني » أرقت وشر الداء هم مؤرق

عدد الابيات : 82

طباعة

أَرقتُ وَشَرُّ الداءِ هَمٌ مُؤَرِّق

كَأَنّي أَسيرٌ جانَبَ النَومَ موثَقُ

تذَكر سَلمى أَو صَريعٌ لِصَحبِهِ

يَقولُ إِذا ما عَزَّت الخَمرُ أَنفِقوا

يَشُبُّ حُمَيّا الكَأسِ فيهِ إِذا اِنتَشى

قَديمُ الخِتامِ بابِلِيٌّ مُعَتَّقُ

يَقولُ الشُروبُ أَيُّ داءٍ أَصابَهُ

أَتَخبيلُ جِنٍّ أَم دَهاهُ المُرَوَّقُ

يَموتُ وَيَحيا تارَةً مِن دَبيبِها

وَلَيسَ لَهُ أَن يُفصِحَ القيلَ مَنطِقُ

وَأَعجَبَ سَلمى أَنَّ سَلمى كَأَنَّها

مِن الحُسنِ حَوراءُ المَدامِعِ مُرشِقُ

دَعاها إِلى ظِلٍّ تُزَجّى غَزالَها

مَعَ الحَرِّ عُمرِيٌّ مِن السِدرِ مُورِقُ

تَعَطَّفَ أَحياناً عَلَيهِ وَتارَةً

تَكادُ وَلَم تَغفُل مِن الوُجدِ تَخرَقُ

وَلِلحليِ وَسواسٌ عَلَيها إِذا مَشَت

كَما اِهتَزَّ في ريحٍ مِنَ الصَيفِ عَشرِقُ

إِذا قَتَلَت لَم يُؤدَ شَيئاً قَتيلُها

بَرَهرَهَةٌ رَيّا تُوَدُّ وَتُعشَقُ

وَتَبسِمُ عَن غُرِّ رُواءٍ كَأَنَّها

أَقاحٍ بِرَيّانٍ مِن الرَوضِ مُشرِقُ

كَأَنَّ رُضابَ المِسكِ فَوقَ لِثاتِها

وَكافورَ داريٍّ وَراحاً تُصَفَّقُ

حَمَتهُ مِن الصادي فَلَيسَ تُنيلُهُ

وَإِن ماتَ ما غَنّى الحَمامُ المُطَوَّقُ

تَكونُ وَإِن أَعطَتكَ عَهداً كَأَنَّها

إِذا رُمتَ مِنها الوُدَّ نَجمٌ مُحَلِّقُ

فَبَرَّحَ بي مِنها عُداةٌ فَصَرمُها

عَلَيَّ غَرامٌ واِدِّكارٌ مُشَوِّقُ

وَقالَ العَدُوُّ وَالصَديقُ كِلاهُما

لِنابِغَةَ البَكرِيِّ شِعرٌ مُصَدَّقُ

فَأَحكَمُ أَلبابَ الرِجالِ ذوو التُقى

وَكُلُّ اِمرىءٍ لا يَتَّقي اللَهَ أَحمَقُ

وَلِلناسِ أَهواءٌ رَشَتّى هُمومُهُم

تَجَمَّعُ أَحياناً وَحيناً تَفَرَّقُ

وَزَرعٌ وَكُلُّ الزَرعِ يُشبِهُ أَصلَهُ

هُمُ وُلِدوا شَتّى مُكِيسٌ وَمُحمِقُ

فَذو الصَمتِ لا يُجني عَلَيهِ لِسانُهُ

وَذو الحِلمِ مَهدِيُّ وَذو الجَهلَ أَخرَقُ

وَلَستُ وَإِن سُرَّ الأَعادي بِهالِكٍ

وَلَيسَ يُنَجّيني مِنَ المَوتِ مُشفِقُ

وَأَشوَسَ ذي ضِغنٍ تَراهُ كَأَنَّهُ

إِذا أَنشَدَت يَوماً رَواتي مُخَنَّقُ

وَلَم يَأتِهِ عَنّي مِنَ الشَتمِ عاذِرٌ

خَلا أَنَّ أَمثالي تُصيبُ وَتَعرُقُ

وَبُدِّلتُ مِن سَلمى وَحُسنِ صِفاتِها

رُسوماً كَسَحقِ البُردِ بَل هِيَ أَخلَقُ

عَفَتها خَسا الأَرواحِ تُذرى خِلالَها

وَجالَ عَلى القَضِّ التُراب المُدَقَّقُ

وَغَيَّرَها جونٌ رُكامٌ مُجَلجِلٌ

أَجَشُّ خَصيفُ اللَونِ يَخبو وَيَبرُقُ

يَلالي وَميضٌ مُستَطيرٌ يَشُبُّهُ

كَما جالَ في دُهمٍ مِنَ الخَيلِ أَبلَقُ

تَنوءُ بِأَحمالٍ ثِقالٍ وَكُلُّها

وَقَد غَرَقَت بِالماءِ رَيّانُ مُتأَقُ

كَأَنَّ مَصابيحاً غَذا الزَيتُ فُتلَها

ذُبالاً بِهِ باتَت إِذا التَجَّ تَذلَقُ

كَأَنَّ خَلايا فيهِ ضَلَّت رِباعُها

وَلَجَّةُ حُجّاجٍ وَغابٌ يُحَرَّقُ

تَمَرَّضَ تَمريهِ الجَنوبُ مَعَ الصِبا

تَهامٍ يَمانٍ أَنجَدٌ وَهوَ مُعرِقُ

يَسُحُّ رَوايا فَهوَ دانٍ يَثُجُّها

هَرِيتُ العَزالي كُلُّها مُتَبَعِّقُ

يُسيلُ رِمالا لَم تَسِل قَبلَ صَوبِهِ

وَشَقَّ الصَفّا مِنهُ مَعَ الصَخرِ مُغدِقُ

سَقى بَعدَ مَحلوبٍ سَناماً وَلَعلَعاً

وَقَد رُوِيَت مِنهُ تَبوكٌ وَأَروقُ

وَأَضحَت جِبالُ البُحتَرِيّينَ كُلُّها

وَما قَطَنٌ مِنها بِناجٍ تُغَرَّقُ

إِذا فُرَّقٌ في الدارِ خارَت فَنُتِّجَت

أَتى بَعدَها مِن دُلَّحِ العَينِ فُرَّقُ

فَأَقلَعَ إِذ خَفَّ الرَبابُ فَلَم يَقُم

رُكامٌ تُزَجّيهِ الشَمالُ وَتَسحَقُ

فَمِنهُ كَأَمثالِ العُهونِ دِيارُها

لَها صَبَحٌ نَورٌ مِنَ الزَهرِ مُونِقُ

عَفَت غَيرَ أَطلالٍ تَعَطَّفُ حَولَها

مَراشيقُ أُدمٌ دَرُّها يُتَفَوَّقُ

وَشوهٌ كَأَمثالِ السَبائِجِ أُبَّدٌ

لَها مِن نِتاجِ البيضِ في الرَوضِ دَردَقُ

يَقودُ الرِئالَ حينَ يَشتَدُّ ريشُها

خَريقانِ مِن رُبدٍ جَفولٌ وَنِقنِقُ

يَكادُ إِذا ما اِحتَكَّ يَعقِدُ عُنقَهُ

مِنَ اللِين مَكسُوُّ الجَناحَينِ أَزرَقُ

فُراسُنُها شَتّانِ وافٍ وَناقِصٌ

فَأَنصافُها مِنهُنَّ في الخَلقِ تُسرَقُ

نَقانِقُ عَجمٌ أُبَّدٌ وَكَأَنَّما

مَعَ الجِنِّ باتَت بِالمَواسي تُحَلَّقُ

تَرى حِزَقَ الثيرانِ يَحمينَ حائِلاً

فَكُلٌّ لَهُ لَدنٌ سِلاحٌ مُذَلَّقُ

تُزَجّى المها السَفعُ الحُدودِ جَآذِراً

وراداً إِذا رُدَّت مِن الرِيِّ تَسنَقُ

وَتَخذُلُ بِالقيعانِ عِينٌ هَوامِلٌ

لَها زَمَعٌ مِن خَلفِ رُحٍّ مُعَلَّقُ

إِذا أَجفَلَت جالَت كَأَنَّ مُتونَها

سُيوفٌ جَرى فيها مِنَ العِتقِ رَونَقُ

وَكُلُّ مِسَحٍّ أَخدَرِيٍّ مُكَدَّمٍ

لَهُ عانَةٌ فيها يَظَلُّ وَيَشهَقُ

بِأَكفالِها مِن ذَبِّهِ بِشَباتِهِ

خُدودٌ وَما يَلقى أَمَرُّ وَأَعلَقُ

إِذا اِنصَدَعَت وَاِنصاعَ كانَ كَأَنَّما

بِهِ وَهوَ يَحدوها مِنَ الجِنِّ أَولَقُ

هَوامِلُ في دارٍ كَأَنَّ رُسومَها

مِنَ الدَرسِ عادِيٌّ مِنَ الكُتبِ مُهرَقُ

فَمِنهُنَّ نُؤيٌ خاشِعٌ وَمُشَعَّثٌ

وَسفعٌ ثَلاثٌ قَد بَلَينَ وَأَورَقُ

فَجَشَّمتُ نَفسي يَومَ عَيَّ جَوابُها

وَعَينِيَ مِن ماءِ الشُؤونِ تَرَقرَقُ

مِنَ الأَرضِ دَوِّيّاً يُخافُ بِها الرَدى

مَهامِهَ مِمحالاً بِها الآلُ يَخفِقُ

تُغَربِلُهُ ذَيلُ الرِياحِ تُرابَها

فَلَيسَ لِوَحشِيٌّ بِها مُتَعَلَّقُ

يَها جِيَفُ الحَسرى أَرومٌ عِظامُها

إِذا صَفَّحَت في الآلِ تَبدو وَتَغرَقُ

كَأَنَّ مُلاءَ المَحضِ فَوقَ مُتونِها

تَرى الأُكمَ مِنهُ تَرتَدي وَتُنَطَّقُ

وَيَومٍ مِنَ الجَوزاءِ مُستَوقِدُ الحَصى

تَكادُ عِضاهُ البيدِ مِنهُ تَحَرَّقُ

لَهُ نِيرَتا حَرٍّ سَمومٌ وَشَمسُهُ

صِلابُ الصَفا مِن حَرِّها تَتَشَقَّقُ

إِذا الريحُ لَم تَسكُن وَهاجَ سَعيرُها

وَخَبَّ السَفا فيها وَجالَ المُخَزَّقُ

وَظَلَّت حَرابِيُّ الفَلاةِ كَأَنَّها

مِن الخَردَلِ المَطروقِ بِالخَلِّ تَنشِقُ

بِأَدماءَ مِن حُرذِ الهِجانِ نَجيبَةٍ

أَجادَ بِها فَحَلٌ نَجيبٌ وَأَينُقُ

بَقِيَّةُ ذَودٍ كَالمَها أَمَّهاتُها

تَخَيَّرُها ثُمَّ اِصطَفاها مُحَرَّقُ

لَها كاهِلٌ مِثلُ الغَبيطِ مُؤَرَّبٌ

وَأَتلَعُ مَصفوحُ العَلابي عَشَنَّقُ

وَجُمجُمَةٌ كَالقَبرِ بادٍ شُؤونُها

وَسامِعَتا نابٍ وَلحيٌ مُعَرَّقُ

وَعَينان كَحَلاوانِ تَنفي قَذاهُما

إِذا طَرَفَت أَشفارُ عَينٍ وَحِملِقُ

وَخَدّانِ زانا وَجهَ عَنسٍ كَأَنَّها

وَقَد ضَمَرَت قَرمٌ مِنَ الأُدمِ أَشدَقُ

وَخَطمٌ كَسَتهُ واضِحاً مِن لُغامِها

نَفاهُ مِنَ اللَحيَينِ دَردٌ وَأَروَقُ

يُبَلُّ كَنَعلِ السِبتِ طوراً وَتارَةً

يَكُفُّ الشَذا مِنها خَرِيعٌ وَأَفرَقُ

يَعومُ ذِراعاها وَعَضدانِ مارَتا

فَكُلٌّ لَهُ جافٍ عَنِ الدِفِّ مِرفَقُ

مُضَبَّرَةٌ أُجدٌ كَأَنَّ مَحالَها

وَما بَينَ مَتنَيها بِناءٌ مُوَثَّقُ

وَتَلوي بِجَثلٍ كالإِهانِ كَأَنَّها

بِهِ بَلَحٌ خُضرٌ صِغارٌ وَأَعذُقُ

مَناسِمُ رِجلَيها إِذا ما تَقاذَفَت

يَداها وَحُثَّت بِالدَوائِرِ تَلحَقُ

عَلى لا حِبٍ يَزدادُ في اللُبسِ جِدَّةً

وَيَبلى عَنِ الإِعفاءِ طوراً وَيَخلُقُ

تُقِّلِّبُ أَخفافاً بِعَوجٍ كَأَنَّها

مَرادِيُّ غَسَانِيَّةٍ حينَ تَعتِقُ

وَكانَت ضِناكاً قَد عَلا النَحضُ عَظمَها

فَعادَت مَنيناً لَحمُها مُتَعَرِّقُ

إِذا حُلَّ عَنها كُورُها خَرَّ عِندَهُ

طَليحان مُجتَرٌّ وَأَشعَثُ مُطرِقُ

وَماءٍ كَأَنَّ الزَيتَ فَوقَ جِمامهُ

مَتى ما يَذُقهُ فُرَّطُ القَومِ يَسبِقُ

فَوَصَّلتُ أَرماثاً قِصارا وَبَعضُها

ضَعيفُ القُوى بِمَحمَلِ السَيفِ موثَقُ

إِلى سَفرَةٍ أَمّا عُراها فَرَثَّةٌ

ضِعافٌ وَأَمّا بَطنُها فَمُخَرَّقُ

أَلُدُّ بِما آلَت مِنَ الماءِ جَسرَةً

تَكادُ إِذا لُدَّت مِنَ الجُهدِ تَشرَقُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن النابغة الشيباني

avatar

النابغة الشيباني حساب موثق

العصر الاموي

poet-Al-Nabigha_Al-Shaibani@

27

قصيدة

1

الاقتباسات

234

متابعين

عبد الله بن المخارق بن سليم بن حضيرة ابن قيس، من بني شيبان. شاعر بدوي، من شعراء العصر الأموي. كان يفد إلى الشام فيمدح الخلفاء، من بني أمية، ويجزلون عطاءه. مدح ...

المزيد عن النابغة الشيباني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة