الديوان » العصر العباسي » صردر » من علم القلب ما يملى من الغزل

عدد الابيات : 58

طباعة

من علَّم القلبَ ما يُملى من الغَزَلِ

نوحُ الحمام له أَمْ حَنَّةُ الإبلِ

لا بل هو الشوقُ يدعو في جوانحنا

فيستجيبُ جَنانُ الحازم البطلِ

لكلِّ داء نِطاسىٌ يلاطفهُ

فهل شفاك طبيبُ اللوم والعذلِ

بيْنٌ وهجرٌ يَضيع الوصلُ بينهما

فكيف أرجو خِصام الحبِّ بالملَلِ

يُميت بثِّىَ في صدرى ويَدفِنه

أنى أرى النَّفث بالشكوى من الفشلِ

هن اللآلىء حازتها حمولُهمُ

وإنما أبدلوا الأصداف بالكِلل

ولستُ أدرِي أبا الأصداغِ قد كَحَلا ال

أجفان أم صبغوا الأصداغَ بالكَحَلِ

ما يستريب النقا أنَّ الغصون خطت

عليه لكن بأوراقٍ من الحُللِ

من يشهد الركبَ صرعىَ في محلّهِمُ

يدعوه رَمْسا ولا يدعوه بالطلل

قد أَلِفَ الحىُّ من مسراكِ طارقةً

تبيتُ أحراسُهم منها على وجلِ

أمسى شجوبى وإرهافي يُدلِّسنى

على الرقيب بسُمرٍ بينهم ذُبُلِ

لم يسألوا عن مقامي في رحالِهمُ

إلا أتيتُ على الأعذارِ والعِللِ

لله قومٌ يُبيحون القِرَى كرما

وينهرون ضيوفَ الأعينِ النُّجُلِ

لو عِدموا البيَض والخَطِّىَّ أنجدَهم

ضربٌ دِراكٌ ورشْقاتٌ من المُقلِ

كأنما بين جَفْنَىَ كلّ ناظرةٍ

ترنوِ كنانةُ رامٍ من بنى ثُعَلِ

لا روضُ أوجههم مَرعىَ لواحظنا

ولا اللَّمَىَ مَوردُ التجميش والقُبَلِ

تحكى الغمامةَ إيماضا مباسمُهم

وليس يحكينها في جَوْدها الهطِلِ

خافوا العيونَ على ما في براقعهم

من الجمال فشابوا الحسنَ بالبَخَل

يا رائد الركب يستغوى لواحظَهُ

برقٌ يلاعب ماءَ العارض الخَضِلِ

هذا جَمال الورى تُطفى مناصلُه

نارَ القِرَى بدماء الأينُق البُزُلِ

لا يسأل الوفدَ عمّا في حقائبهم

إن لم يوافوا بها ملأى من الأملِ

وما رعين المطايا في خمائله

إلآ سخَطن على الحَوْذانِ والنَّفَلِ

إنِ امتنعتَ حياءً من مواهبه

أولاكها بضروب المكرِ والحيلِ

قصَّرتِ يا سحبُ عن إدراك غايتهِ

فما بروُقك إلا حُمرةُ الخجلِ

ومصلح بين جدواه وراحته

يسعى ويكَدح في صلح على دَخَلِ

سيفٌ لهاشمَ مسلولٌ إذا خشُنتْ

له الضرائبُ لم يَفرَقْ من الفَلَلِ

في قبضة القائم المنصور قائمُهُ

وشَفرتاهُ من الأعداء في القُللِ

بيضُ القراطيس كالبِيِض الرِّقاق له

وفي اليراع غِنّى عن اسمرٍ خطِلِ

وطالما جدَّلَ الأقرانَ منطقُه

حتى أقرُّوا بأنّ القولَ كالعملِ

يوَدُّ كلُّ خصيم أن يعمِّمهُ

فضلَ الحسام ويُعفيه من الجدَلِ

ما البأس في الصَّعدة الصَّماَّء أجمعه

في القول أمضَى من الهندىِّ والأسلِ

ومستغرِّين بالبغيا مزجتَ لهمْ

كيدا من الصَّابِ في لفظٍ من العسلِ

ما استعذبت لَهَوَاتُ السمع مشربَهُ

حتى تداعت بناتُ النفسِ بالهبَلِ

أطعتَ فيهم أناةً لا يسوِّغها

حلمٌ وقد خُلق الإنسانُ من عجلِ

ثم اشتَمَلْتَهُمُ الصَّماَءَ فانشعبوا

أيدِى سَبَا في بطون السهل والجبلِ

ليس الرُّقَى لجميع الداء شافيةً

الَكُّى أشفَى لجلدِ الأجربِ النَّغِلِ

قل للُعريبِ أنيبى إنها دولٌ

والطعنُ في النحر دون الطعنِ في الدولِ

هيهات ليس بنو العباس ظلُّهمُ

عن ساحة الدين والدنيا بمنتقلِ

حَمَى حقيقتَهم مُرٌّ مَذاقَتُهُ

موسد الرأى بين الرَّيثِ والعجلِ

موطَّأُ فإذا لُزَّت حفيظتُه

تكاشر الموتُ عن أنيابهِ العُصُلِ

إيها عقيل إذا غابت كتائبُهُ

فُزتم وإن طلعتْ طِرتم مع الحَجَلِ

هلاَّ وقوفا ولو مقدار بارقةٍ

وما الفِرار بمنَجاةٍ من الأجلِ

فالهَىْ عن الرِّيف يا فَقْعاً بقَرقَرةٍ

وابغى النزولَ على اليَربوع والوَرَلِ

نسجُ الخَدَرنَقِ من أغلى ثيابكُمُ

وخيرُ زادِكُمُ دَهُريَّة الجُعَلِ

إن يعَهدوا العزَّ في الأطنابِ آونةً

فذا أوانُ حُلول الذلّ في الحُلَلِ

ترقَّبوها من الجُودى كامنةً

في نقعها ككمون الشمس في الطَّفلِ

إن عُطفتْ عنكُمُ يوما فإنَّ غداً

مع الصباح توافيكم أو الأُصُلِ

بكلّ مرتعدِ العِرنين ما عرَفَتْ

حَوْباؤه خُلُقَ الهيّابةِ الوَكَلِ

تدعُو على ساعديه كلَّمَا اشتملتْ

على حنِيتَّه الأرواحُ بالشَّللِ

في جَحفلٍ كالغمام الجَوْنِ ملتبسٍ

بالبرق والرّعد من لَمعٍ ومن زَجَلِ

يُزجِى قَوارحَ فاتت باعَ مُلجمِها

كأَنَّ راكبَها موفٍ على جبلِ

عوَّدها الكرَّ والإقدامَ فارسُها

فأنت تحسَبُها صدرا بلا كَفَلِ

أمَا سمعتم لبولاذٍ وأسرتِهِ

أحدوثةً شَرَدت فوضَى مع المَثَلِ

إذ حطَّه الحَيْنُ من صمَّاء شاهقةٍ

لايلحَق الموتُ فيها مهجةَ الوَعِلِ

فخرَّ للفمِ والكفَّين منعفراً

إنّ السيوفَ لمن يَعصيك كالقُبَلِ

تعافه الطيرُ أن تقتاتَ جثَّتَهُ

لعلمها أنه من أخبث الأُكُلِ

الأرضُ دارُك والأيامُ تُنفقها

على بقائك والأملاكُ كالخَوَلِ

متِّع لواحظّنا حتّى نقولَ لها

لقد رأيتِ جميعَ الناس في رجلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صردر

avatar

صردر حساب موثق

العصر العباسي

poet-Sardar@

130

قصيدة

1

الاقتباسات

122

متابعين

علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي، أبو منصور. شاعر مجيد، من الكتاب. كان يقال لأبيه (صرّ بَعْر) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت (صر ...

المزيد عن صردر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة