الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » نثار مثلي إذا ما جاء يهديه

عدد الابيات : 71

طباعة

نِثارُ مِثْلي إذا ما جاءَ يُهْديهِ

فألْفُ راوٍ له في القومِ يَرْويهِ

إن لم يكُنْ هو نَثْر الدُّر من يدِه

فإنّما هو نَثْرُ الدُّرِّ مِن فيه

دُرٌّ له الدَّهْرَ أَسماعُ الوَرى صَدَفٌ

والفكْرُ منّي له بَحْرٌ يُرَبيّه

مكنونُ يَمٍّ إذا ما مجَّه طَفِقتْ

تجلو الدُّجى بتلاليها لآليه

واللَّيلُ يَشْهَدُ أَنّ الغُرَّ من دُرَري

أَغْلَى وأَسْرَى وأَهْدَى مِن دَراريه

لمّا همَمْتُ بنَظْمٍ ما دَرى قَلَمي

في الكَفِّ ماذا على القِرطاسِ أُمْليه

وقال دُرّي لِمَنْ أَصبَحْتَ تَقْصِدُ بي

غداً وماذا الذي أمسَيْتَ تَنْويه

فقلتُ مْجِلِسَ عزِّ الدّينِ فاستَبَقَتْ

شَوقاً إلى مَدْحِ عُلْياهُ قَوافيه

فما رأَيتُ ولا قَبْلي رأَى أَحَدٌ

كحُسْنها وهْيَ تَبْهَى وَسْطَ نَاديه

وما على خاطري من مَدْحِه كَلَفٌ

ما دام ناظمُ أَلفاظي مَعانيه

لمّا تَنظَّم عِقْدٌ منه نِيطَ عُلاً

يجِيدِ مَجْدٍ تُحَلِّيهِ مَساعيه

العِقْدُ حَلاّهُ فَضْلاً جِيدُ لابسِه

لا الجِيدُ حلاّهُ حُسْناً عِقْدُ مُهْديه

مَجْدٌ لدولةِ مَولَى النّاسِ قاطبة

أَدناهُ منه لصِدْقِ النُّصحِ مُدْنيه

كُلٌّ من النّاس قد أَضحَى مُهنِّئَهُ

بما مِنَ المُلْكِ وَلاّه مُوليّه

ولستُ أدري من الدُّنيا تَقِلُّ له

بأَيِّ شَيءٍ منَ الدُّنْيا أُهَنّيه

بُشرَى لإقْليمنا أَن قد غدا وإلى

أقلامِنا مُسْنداً عِزّاً تُواليه

أَقلامُه السُّودُ آثاراً إذا سطَرَتْ

في الطِّرْسِ والبيضُ آثاراً تُجاريه

وَقَلَّ أعمالُ خُوزِسْتانَ مَنزلةً

عن أَنْ يكونَ بها تُهدي تَهانيه

لكنّنا إنّنا نَعْني بتَهْنئةٍ

نُفوسَنا حيثُ أَقْبَلْنا نُهنِّيه

فمُؤْذِنٌ بصلاحِ النّاسِ قد عَلِموا

إذا همُ أَصبحوا ممّن يُراعيه

ما الخُوزُ إلاّ كغاب غابَ ضَيْغَمُه

فثارَ شِبْلٌ له غَضْبانُ يَحْميه

عَرينُ مُلْكٍ مَنيعاً كان آوِنةً

عِزّاً بكَوْنِ أَبي أَشبالِه فيه

فقام شِبْلٌ له مُستأسِدٌ حَمِسٌ

أَضحَى مكانَ أَبيه اليومَ يَأْويه

غَضَنْفَرٌ ظَفِرٌ أَضحَى له ظُفُرٌ

بَراهُ من نابتِ الآجامِ باريه

ما غابَ عن غابِه يوماً لصَيْدِ عُلاً

وناب عن نابِه سَيفٌ يُعَرّيه

إلاّ وصادَ به حَمْداً وشاد به

مَجداً وزاد به عَدّاً مَساعيه

يا مَن زِمامُ الزّمانِ الصّعْبِ في يَدِه

فكيف ما شاء أَنْ يَمْشي يُمشِّيه

ما النّاسُ إلاّ رميمٌ أنت باعِثُه

والمُلْكُ إلاّ ذَماءٌ أنت مُبْقيه

كَنَّوْا أباك أبا عيسى فأنت إذَن

عيسى إذا حقّقَ المَعْنَى مُكَنّيه

وعادةُ العَرَبِ العَربْاء وضْعُهمُ

كُنَى الرّجال بصِدْقٍ لا بِتَمْويه

واليومَ سُكّانُ خُوزِسْتانَ كلُّهمُ

مَوْتَى يَقيناً وكُلٌّ أنت مُحييه

كَعازَرٍ ألْفُ ألْفٍ مَيّتون بها

كُلٌّ يُؤَمِّلُ عَدْلاً منك يُحْييه

فصَدِّقِ الجِدَّ في مَعْنىً رآك له

أهْلاً وحَقِّقْ له ما كان يَعْنيه

تُعَدُّ إعجازَ دينٍ قد دُعيتَ له

عزّاً فأوسَعْتَ إعزازاً لأَهْليه

يا مَنْ نَداهُ إلى الإفْضالِ أسْبَقُ من

سُؤالِ عافيهِ أو تَأميلِ راجيه

قَرينُه الجُودُ حتّى ما يُفارِقُه

كأنّما جُودُه ظِلٌّ يُماشيه

لمّا أظلَّتْ ديارَ الخُوزِ رأيتَه

قُرباً ونَبأهم عنه مُنَبِّيه

تَوقّفَ العارِضُ الهَطّالُ مُنتظراً

وُرُودَ موكبه العالي مَراقيه

حتّى إذا عَمّتِ البُشْرى وقيل لقد

حَلّتْ مَواكبُه حَلَّتْ عَزاليه

قال السّحابُ وما حَقٌّ لذي كرَمٍ

إلاّ وذو كَرَمٍ في الخَلْقِ يَقْضيه

هو الّذي عَلَّمتْني الجودَ أنملُه

فكيف مَعْ قُرْبِه أرضَى بسَبْقيه

ما إنْ أرى أدَباً منّي تَقَدَّمَه

وقد بدا لي وَميضٌ مِن تَدانيه

بلْ لم أُرِدْ وَصلَكمْ من بَعْدِ هَجْرِكمُ

لمّا حدا شَطْرَ خُوزِستانَ حاديه

إلاّ لأَقصِدَ إكراماً لمَوْرِده

لَثْمي ثرىً طَرْفُه بالنَّعلِ واطيه

سَمْحٌ إذا انتابَه العافونَ قال له

رَأيٌ بتَخْليدِ حُسْنِ الذِكّرِ يُوصيه

والِ الجميلَ إذا أَوْلَيْتَ تَحْظَ به

فليس تُوليهِ إلاّ مَن تُواليه

كم ظَهْرِ أَرْضٍ منَ التقّبيل أُحْرَمُه

بظَهْرِ كَفٍّ منَ الوُفّادِ يُدْنيه

تُبدي التَّواضُعَ للزّوّارِ من كرَمٍ

طَبْعاً فتَزْدَادُ عُظْماً حينَ تُبديه

ولو رأَى في الكَرى ما نِلّتُه أَحَدٌ

لَهَزَّ ما عاشَ عِطْفُيْهِ منَ التِّيه

يا ماجداً نال غاياتِ العُلا وقَضَى

باريه أَلاّ يُرَى خَلْقٌ يُباريه

لمّا أَبَى اللهُ إلاّ أَن يُمَلِّكَه

ما قَصَّر النّاسُ طُرّاً عن تَمَنّيه

قال العِدا حَسَداً هذا نهايتُه

فقلتُ لا تَغْلَطوا هذا مَباديه

مَلِكٌ أَغَرُّ من الأملاكِ ذو هِمَمٍ

إلى المَحامدِ يَدعو الدَّهْرَ داعيه

قد أصبحَ اليومَ خُوزِسْتانُ جِيدَ عُلاً

بِعِقْدِ أَيّامهِ أَضحَى يُحَلّيه

من أَجلِ نومِ الرَّعايا آمنينَ به

لا يَكْحَلُ العَيْنَ غُمْضاً في لياليه

راعٍ لنا العَدْلُ والإحسانُ سيرتُه

لذلكَ اللهُ طولَ الدَّهرِ راعيه

ومُشْتري الشُّكْرِ بالإنعامِ نائلُه

والشُّكرُ أَشْرفُ ما الإنسانُ يَشْريه

فأعطِ يا صَدْرُ إدراري وخُذْ دُرَري

يا خَيْرَ آخذِ مَرْضيٍّ ومُعْطيه

واسْمَعْ جَميلَ ثناءٍ عن خُلوصِ هَوىً

على لسانِ جَناني فيكَ يُلْقيه

لكَ الأيادي الّتي ضاهَى تَتابُعُها

تَتابُعَ القَطْرِ ساريه لِغاديه

ألا فَقلِّدْ حُساماً مَن تُصادِقُه

منها وطَوِّقْ حُساماً مَنْ تُعاديه

لازلْتَ تَلْبَسُ أَعياداً وتَخْلَعُها

وتَنْشُرُ الدَّهْرَ في النُّعْمَى وتَطْويه

حتّى يَصِحَّ اعْتقادُ النّاسِ كُلِّهمُ

أَنّ الزّمانَ جَديدٌ أَنت مُبْلِيه

مُصاحِباً إخوةً أَصبحتَ مجدَهمُ

كُلٌّ بكلٍّ يَهُزُّ العِطْفَ من تِيه

ودام ظلُّ أَثيرِ الدّينِ يَجْمَعُكمْ

فما رأَتْ مَلِكاً عيَنْي تُساميه

بدْرٌ وأَنجمُ لَيْلٍ حوله زُهُرٌ

يَجْرونُ في فَلَكٍ جَمٍ معاليه

في نعمةٍ ونعيمٍ وادِعينَ معاً

ما دام لَيْلٌ له صُبْحٌ يُجَلِّيه

وما بدا فَرقَدٌ في الأُفْقِ مُشْتَهرٌ

لفَرقدٍ آخَرٍ كُفْؤاً يُواخيه

قُلْ لزَيْنِ الورَى أَبى الفضلِ عنّا

قَوْلَ صدْقٍ وللجميلِ وُجوهُ

إن يكنْ قد تَعذَّرَ اليوم فينا

سَبَبٌ يُدرِكُ الأماني بَنوه

فارْعَ فينا قَرابةَ الفَضْلِ إنّا

نحنُ أَبناؤه وأَنت أَبوه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

123

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة