الديوان » العصر العباسي » بشار بن برد » أعبيد يا ذات الهوى النزر

عدد الابيات : 42

طباعة

أَعُبَيدَ يا ذاتَ الهَوى النَزرِ

ثَقُلَت مُوَدَّتُكُم عَلى ظَهري

لَو كُنتِ يا عَبّادَ صادِقَةً

بِالحُبِّ قارَبَ أَمرُكُم أَمري

طُوِّقتِ صَبراً عَن زِيارَتِنا

وَيَقِلُّ عَن لُقيانِكُم صَبري

العَينُ تَأمُلُ فيكِ قُرَّتَها

وَغِنىً لَها مِن داخِلِ الفَقرِ

أَنتِ المُنى لِلنَفسِ خالِيَةً

وَحَديثُها في العُسرِ وَاليُسرِ

فَتَحَرَّجي إِن كُنتِ مُؤمِنَةً

بِاللَهِ يا عَبّادَ مِن هَجري

لَو تَعلَمينَ بِما لَقيتُ بِكُم

لَفَدَيتِني بِالرَحمِ وَالصِهرِ

وَلَما بَخِلتِ بِمَشرَبٍ خَصِرٍ

مِن ريقِ أَشنَبَ طَيِّبِ الثَغرِ

جَمجَمتُ حُبَّكِ لا أَبوحُ بِهِ

سَنَتَينِ في حَقرٍ وَفي سَترِ

حَتّى إِذا الكِتمانُ أَورَثَني

سُقماً وَضاقَ بِحُبِّكُم صَدري

عَنَّيتُ نَفساً غَيرَ آمِنَةٍ

في غَيرِ فاحِشَةٍ وَلا هُجرِ

أَشهى لِنَفسي لَو أُثَقِّلُها

وَلِما بِها مِن لَيلَةِ القَدرِ

أَهذي بِكُم يَقظانَ قَد عَلِموا

وَأَبيتُ مِنكِ عَلى هَوى ذِكرِ

وَتَقَلَّبينَ وَأَنتِ لاهِيَةٌ

في الخَزِّ وَالقوهِيِّ وَالعِطرِ

أَعُبَيدَ هَلّا تَذكُرينَ فَتىً

تَيَّمتِهِ بِحَديثكِ السِحرِ

لِلمَوتِ أَسبابٌ وَحُبُّكُمُ

سَبَبٌ لِمَوتي مُحصَدُ الشَزرِ

وَلَقَد عَلِمتُ سَبيلَ عِلَّتِكُم

فيما يَحِنُّ لِغَيرِكُم ظُفري

فَفَلَلتُ كَفّي عَن مساءَتِكُم

فَظَلِلتُ واضِعَها عَلى سَحري

طَمَعاً إِلَيكِ بِما أُؤمِّلُهُ

وَمَخافَةً أَن تَقطعي عُذري

لِصَريمَةٍ غَلَبَت مُواصَلَتي

وَمَوَدَّةٍ زادَت عَلى وَفري

إِنَّ المُحِبّينَ الَّذينَ هَفَت

أَحلامُهُم لِعَواقِدِ الخُمرِ

أَمَلوا وَخافوا مِن حَياتِهِمُ

وَعراً فَما وَأَلوا مِنَ الوَعرِ

نَزَلوا بِوادي المَوتِ إِذ عَشِقوا

فَتَتابَعوا شَفعاً عَلى وَترِ

وَكَذاكِ مِن وادي وَفائِهِمُ

أَصبَحتُ مُجتَنِحاً عَلى سَفرِ

ماضٍ وَمُرتَهَنٌ بِدائِهِمُ

فَنُفوسُهُم لِلِقائِهِم تَجري

يا صاحِ لا تَعجَل بِمَعذِلَتي

سَتَبيتُ مِن أَمري عَلى خُبرِ

وَاِعرِف بِقَلبي حينَ تَذكُرُهُ

أَن يُستَهامَ بِبَيضَةِ الخِدرِ

إِنَّ الهَوى جَثَمَت عَقارِبُهُ

فيهِ جُثومَ الفَرخِ في الوَكرِ

يَومَ العَذارى يَستَطِفنَ بِها

مِثلَ النُجومِ يَطُفنَ بِالبَدرِ

لَم أَنسَها أُصُلاً وَقَد رَكِبَت

شَمسُ النَهارِ لأَرذَلِ العُمرِ

وَدُموعُها مِمّا تُسِرُّ بِنا

تَجري عَلى الخَدَّينِ وَالنَحرِ

فَاِغتالَ ذَلِكُمُ وَغَيَّرَهُ

عَصرٌ تَناسَخَها إِلى عَصرِ

وَبيَاضُ يَومٍ بَعدَ لَيلَتِهِ

دانٍ مِنَ المَعروفِ بِالنُكرِ

أَنكَرتُ ما قَد كُنتُ أَعرِفُهُ

مِنها سِوى المَوعودِ وَالغَدرِ

وَالنَفسُ دانِيَةٌ بِمَلَّتِها

مِنها تُطيفُ بِها اِبنَةَ الدَهرِ

إِنّي لأَخشى مِن تَذَكُّرِها

مَوتَ الفُجاءَةِ حَيثُ لا أَدري

مِن خَفقَةٍ لَو دامَ عارِضُها

قَدرَ الفَواقِ وَفى لَها عُمري

لَكِن تَأَخَّرَ يَومُ مُرتَهَنٍ

بِوَفاتِهِ فَوَعا عَلى كَسرِ

فَلَتَنزِلَنَّ بِهِ الَّتي نَزَلَت

يَوماً بِصاحِبِ عُروَةَ العُذري

فَإِذا سَمِعتِ بَمَيِّتٍ حَزَناً

بَكَرَ الحِمامُ بِهِ وَلَم يَسرِ

فَاِبكي عَلى قَبري مُفَجَّعَةً

وَلَقَلَّ مِنكِ بُكىً عَلى قَبري

فَاِستَيقِني أَنّي المُصابُ بِكُم

عَجِلَت مَنِيَّتُهُ مَع الزَفرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بشار بن برد

avatar

بشار بن برد حساب موثق

العصر العباسي

poet-bashar-ibn-burd@

639

قصيدة

14

الاقتباسات

1479

متابعين

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ...

المزيد عن بشار بن برد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة