الديوان » العصر العباسي » ابن الرومي » يا عصمة لست منها باغيا بدلا

عدد الابيات : 69

طباعة

يا عصمةً لستُ منها باغياً بدلا

يا نعمةً لست عنها باغياً حِوَلا

يا ابنَ الوزيرينِ يا مَنْ لا انصرافَ له

عن سدّه خَللاً أو عفوِه جَللا

يا مَنْ إذا قلتُ فيه القولَ سدَّدني

إجلالُهُ فكُفيت الزَّيغ والخطلا

ومنْ إذا ما فعلْتُ الفعلَ أيَّدني

إقبالُهُ فُوقيت العَثْرَ والزللا

كم فعلةٍ لك بي أرسلتَها مثلاً

ومدحةٍ فيك لي أرسلتُها مثلا

أحللْتَني قُلل الآمال في دَعَةٍ

أحلَّك اللَّه من آمالِك القُللا

للَّه طولٌ سيجزي غيرَ ما كذبٍ

طَوْلاً قصرتُ به ساعاتِيَ الطُّوَلا

تُبخّلُ البحرَ نفسي ما عرضتَ لها

أو تزدري البدرَ أو تستصغر الجبلا

بل كلُّ ذلك يجري في خواطرها

وما جهلتُ ولا ضاهيتُ مَنْ جهلا

وسائلين بحالي كيف صُورتُها

فقلت قد نطقت حالي لمن عقلا

قالوا أتأملُ مأمولاً فقلتُ لهم

يؤمّل المرءُ ما لم يبلغِ الأملا

مثلُ المسافرِ لا ينفكُّ من سفرٍ

حتى إذا هو وافَى رَحْلَه نزلا

وقد بلغْتُ الذي أملتُ من أملٍ

يا ابن الوزيرِ وما أعطى وما بذلا

فما أؤمِّلُ إلا طولَ مُدته

أطالها اللَّه حتى يُرغمَ الأجلا

أبى الحسين أخي الحُسنى وفاعلها

تمَّ البيان تمامَ البدرِ بل فضلا

لا تجمعنّ إلى ذكراه نِسبَتَه

فقد كفاكَ مكان النسبةِ ابنُ جلا

هل يطلبُ الصبحَ بالمصباحِ طالبُه

ما استُهلك الصبحُ عن عين ولا خملا

رحلْتُ ظني إلى جدواه بل ثقتي

فأخَّر الوعدَ لكنْ قدم النَّفلا

سُقْياً لها رحلةً ما كان أسعدَها

لقد كفتْني طوالَ المُسندِ الرِّحلا

صادفْتُ منه بليغاً في مواهبهِ

تعطي يداه تفاريقَ الغنى جُملا

وليس يقنعُ مَنْ تمَّتْ بلاغتُه

أن يوجزَ القولَ حتى يوجزَ العملا

جرى نداه إلى غاياته طَلَقاً

سرَّ العفاة وساء السادةَ النُّبلا

ما زلتُ في بدَرٍ منه وفي حُللٍ

لم تمتثل عِذراً منهم ولا عللا

حتى اكتسى من مديحي فيه أوشِيةً

شتَّى فرُحْنا جميعاً نسحبُ الحُلَلا

فتىً وإن كان كهلاً في جلالته

كهلٌ وإن كان غضّاً غصنه خَضِلا

ما ظُنَّ يوماً به إتيانُ سيئةٍ

حُقَّتْ ولا ظُنّ فيه صالح بطلا

وما رجا فضله راجٍ فأخلفه

ولا تمنّاه إلا قالَ قد حصلا

إذا التقى سيبُهُ والطالبُونَ لهُ

لاقَوهُ بحراً ولاقى شكرهم وشلا

يلقى الوجوهَ بوجهٍ ماؤهُ غَدِقٌ

لا تسأمُ العينُ منه النهلَ والعَللا

المالُ غائبُهُ والحمدُ آئبُهُ

والمجدُ صاحبُهُ إنْ قال أو فعلا

لم يُزهَ بالدولةِ الزهراءِ حاشَ له

مِنْ شيمةٍ تستحقُّ اللومَ والعذلا

وكيفَ يلقاك مزهوّاً بدولَتِهِ

منْ صانه اللَّه كي تُزهي به الدولا

يا ربّ زِدْ في معاني ما تُخَوِّلُهُ

ولا تزدْ في معانيه فقد كَمُلا

قلْ للإمام أدامَ اللَّهُ غبطتَهُ

لا محَّ نورك مِنْ بدرٍ ولا أفلا

يا خيرَ مُعتضدٍ باللَّهِ معتمدٍ

عليه معتقدٍ ما استودَعَ المِللا

لولاك لم تلبسِ الدنيا شبيبتَها

ولا اكتسى الدينُ سيماهُ ولا اكتهلا

أضحى بيُمنِك دينُ المصطفى نُسكاً

محضاً كما أضحتِ الدنيا به غزلا

مالتْ علينا غصونُ العيش مُثقلةً

حملاً وقام عمودُ الحقِّ فاعتدلا

يا مَنْ وجدناهُ فرداً في سياسته

إن صالَ عدَّل ميلاً أو قضى عدلا

يا مؤنسَ الإنس والوحشِ التي ذُعرتْ

ومن أخافَ الأُسودَ السودَ والجبلا

في قاسمٍ خادمٌ كافٍ كفاكَ به

كأنَّه لك من بين الوَرى جُبِلا

مباركٌ لا تمُجُّ العينُ طلعتَه

ولا يرى الرائي في مخبوره فشلا

مثلُ الحُسامِ الذي يُرضيكَ رونقُهُ

وإن ضربْتَ به في موطنٍ فصلا

لو امتريتَ به الأرزاقَ أنزلها

ولو قرعْتَ به الآجالَ ما نكلا

ممن يُبيّن عن لُبّ بعارضةٍ

والطِّرفُ يُعربُ عن عتقٍ إذا صهلا

وإن جرى الأرقُش النضناض في يده

جرى شجاعٌ يمجُّ السمَّ والعسلا

تجيل طرفَك فيما خطَّ حاملُهُ

فلا ترى رهلاً فيه ولا قحلا

كأن تعديلَ أشباهٍ يصورها

تعديلُ أهيفَ لم يسْمُنْ ولا هَزُلا

خطٌّ إذا قابلته العينُ قابلها

روضُ الربيع إذا ما طُلَّ أو وُبلا

كأنّما الشكلُ والإعجامُ شاملهُ

من البيانِ ولم يُعجَمْ ولا شُكلا

ولو وصلتَ به التدبيرَ أمكَنَهُ

أن يفتقَ الرتقَ أو أن يرتقَ الخللا

تكفي من النَّبلِ أحياناً مكايدُهُ

وربّما خلفتْ أقلامُهُ الأسلا

قال الأماثلُ عجباً باختياركَه

لا فاقَ سهمُكَ من رامٍ ولا نصلا

وما رميتَ ونبلُ القوم طائشةٌ

إلّا أصبتَ وإلا قيلَ لا شللا

ما عيبُ عبدِك إلا أنَّ قيمتَهُ

تنهى أخا العدلِ أن يعتدَّه خولا

يكاد يحميك من أرفاقِ خدمتِهِ

إشفاقُ نفسِكَ أن تلقاه مبتذلا

أبا الحسين ادّرعها إنَّ ملبَسَها

باقٍ عليك إذا ما ملبسٌ سَمَلا

يا قابلَ الناسِ والمقبولَ عندهُمُ

يا مقبلاً نحو باب الخير مقتبلا

لك القبولُ مع الإقبالِ لا ارتحلا

عن عُقرِ دارك ما عاشا ولا انتقلا

يحتالُ قومٌ لرفدِ الرافدين لهم

لكنّ رَفدَكَ مُحتالٌ ليَ الحيلا

ما إن يزالُ نوالٌ منك يسألني

حمدي وأيُّ نوالٍ قبله سألا

إنّي وهزّيك بالأشعار أنسُجُها

للغافل المتعدي جدُّ مَنْ غفلا

أو الشجاعُ الذي لا شيءَ يُفْزِعُه

ولا تُردُّ عوادِيه إذا حملا

إذا استُجيش من الطوفانِ ناجيةً

ما إنْ أرى لي بها حَوْلاً ولا قِبَلا

أستوهبُ اللَّه حظاً من معونَتِه

على دفاعي ندى كفَّيكَ إن حفلا

لوْ أتبعَ الناسُ أمري غيرَ معتبرٍ

إذاً لعدُّونيَ المقدامَة البطلا

كُنْ في مَدى المجدِ للأمجادِ كلِّهمُ

صدراً وكن في مدى أغمارهِم كفَلا

تبقى ويمضون عُمراً لا انقطاع له

مُفضَّلاً بعطاء اللَّه ما اتصلا

أمورُكَ الدهرَ أمثالٌ وأمثلةٌ

إذا أمورُ أُناسٍ أصبحتْ مثلا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الرومي

avatar

ابن الرومي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abn-rumi@

2020

قصيدة

17

الاقتباسات

2139

متابعين

علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، ...

المزيد عن ابن الرومي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة