كيف يرجو الحياءَ منه صديقٌ
ومكانُ الحياء منه خرابُ

 وقد تفاءلتُ له زاجراً
كُنيتَهُ لا زاجراً ثعلبا
إنّي تأمّلتُ لَهُ كُنيةً
إذا بدا مقلوبُها أعجبا
يصوغها العكسُ أبا سابعٍ
وذاك فأْلٌ لم يعد مَعْطبا

إنما الموزُ حين تُمْكَنُ منهُ
كاسمه مبْدلاً من الميم فاءَ
وكذا فقدُه العزيزُ علينا
كاسمه مبْدلاً من الزاي تاءَ
فهو الفوزُ مثلما فقدُهُ المو
تُ لقد بان فضلُه لا خَفَاءَ
ولهذا التأوِيلِ سَماه موزاً
مَنْ أفاد المعانيَ الأسماءَ

 ليس يرضى الصديقُ منك ببشر
تحت مَخْبوره دَفينُ جَفاءِ

عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ
فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ
يحولُ من الطعام أو الشرابِ

ولا تحسبنَّ الحزن يبقى فإنه
شهاب حريقٍ واقدٌ ثم خامدُ
ستألفُ فقدان الذي قد فقدته
كإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ

العدلُ فرضٌ وبذلُ الفضلِ نافلةٌ
يا ابنَ الكرامِ فعدلاً ثم إفضالا
ملكتَ مالكَ جُوداً لا يُقامُ له
والعدلُ أفضلُ ما ملكتَهُ المالا

أملي فيه ليأسي قاهرُ
فلذا قلبي عليه صابرُ
وهو المحسِن والمجمِل بي
وأنا الراجي له والشاكر

 وجهك يا عمرو فيه طولُ
وفي وجوه الكلاب طولُ
فأين منك الحياءُ قل لي
يا كلبُ والكلب لا يقولُ

 عجبتُ لقلبي كيف لم ينفَطِرْ لهُ
ولوْ أنَّهُ أقْسى من الحجر الصَّلدِ
بودِّي أني كنتُ قُدِّمْتُ قبْلَهُ
وأن المنايا دُونَهُ صَمَدَتْ صَمْدِي

 شعارُ الفتى ذمُ الزمان الذي أتى
ومن شأنه حمدُ الزمانِ الذي مضى
ولمْ لا وفي الآتي أخو العيش يُجتوَى
وفي الزمن الماضي أخو العيش يُرتَضى

 أرى الحظ يأتي صاحب الحظ وادعاً
ويعيي سواه ساعياً فيه مُتعبا
إذا كان مجرى كوكبٍ سَمْتَ هامةٍ
علاها وإلا اعتاص ذلك مطلبا

 فما العيش إلا قرب من أنتَ آلفٌ
وما الموتُ إلا نأيُه عنك والهجر

لك أنفٌ يابن حربٍ
أنِفت منه الأنوف
أنت في القُدسِ تصلي
و هو في البيت يطوف

وتحسبُ العينُ فكّيه إذا اختلفا
عند التنغم فكَّي بغلِ طحان

وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ

ستألفُ فقدان الذي قد فقدته
كإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ
على أنه لا بدّ من لذْع لوعةٍ
تهبُّ أحايينا كما هبَّ راقدُ