الديوان » العصر العباسي » ابن الرومي » لا تصدفا عن دمن المنازل

عدد الابيات : 81

طباعة

لا تَصدِفا عن دِمَنِ المنازلِ

اللائي أصبحنَ قِرَى النوازِلِ

مُستضعَفاتٍ لصبيب هاطلِ

طوراً وطوراً لسفيٍّ حافلِ

من كلّ أحوى قَصِف الأنامِلِ

وكلّ عَجْلى ذاتِ ذيلٍ ذائلِ

حتى كأنْ لم تكُ بالأواهِلِ

صاولَ منها الدهرُ غيرَ صائلِ

كالثائرِ الطَّالبِ بالطوائلِ

فلمْ يُرع عن دِمنٍ ذلائلِ

خواشعٍ أطلالُها خواملِ

ولن تراهُ غافلاً عن غافلِ

ولا إذا عامَلَ بالمُجاملِ

لا درَّ درُّ الدهرِ من مُعاملِ

مُجاملٍ مَنْ ليس بالمجامِل

مماحلٍ من ليس بالمماحِل

ملتحفِ المكرِ على نَياطِل

مشتمل الشوطِ على مَقاولِ

يهدمُ ما يَبني بلا مَعاول

عُوجا خليليّ من العياهل

عوجةَ راعي منزلٍ لآهل

نلبسْ بقايا الخِلع السَّوامِل

من المَغاني لا مِنَ السرابل

قد تُحفَظُ الأبرادُ في الرَّعابِل

سَقياً لها إذ نحنُ في غَياطِل

من عيشنا ذِي الظِّللِ الظَّلائلِ

كالبُكرِ الطَّلَّاتِ والأصائل

في نفحاتِ الشَّمألِ البلائل

واهاً لها والظّلُّ غير زائل

والدهرُ لم يثقُلْ على الكواهل

مُرّا على جَنَّاتِنا الذوابل

نَبكِ مع الوُرْقِ بها الهوادل

معاهدَ الأيام واللَّيائل

لا السُّودِ تاللَّهِ ولا الأطاول

ميلا إليها مَيلة المُمائل

لا تُعرِضا عنها بوجهٍ خاذل

بحقّ أُدْماناتِها الخوازل

أبكارِهنّ الغيدِ والمطافل

وإن توجَّدْنا على البخائلِ

المُستميحات بلا وسائل

صفوَ الهَوى من مُهجةِ المُغازل

المُوقظات للهوى الغوافل

الفارغاتِ الهِمم الشواغل

التابلاتِ المرءَ غيرَ التابِل

والنافثاتِ السّحرَ سحرَ بابِل

بالأعينِ الصَّحائح العلائل

واهاً لها من أعيُنٍ كَلائلِ

معدودةٍ في عُدَد المَناصِل

سلبْنَ من أصورةِ الخمائل

مَكاحلاً تُغني عن المكاحل

خُطَّ لها كحلٌ بلا ملامِل

ساءتْ ظِباءُ الوحَش من بدائلِ

والمُخرِساتِ ألسُنَ الخلاخل

إخراسَهُنَّ ألسُنَ العواذل

اللائي يمدُدْنَ إلى المُناول

بِيضاً سِباطاً ليس بالعَوامل

غيرَ جليفاتٍ ولا هَزائل

يَصِلْن راحاً عَطِرَ الجَداول

يا لك من راحٍ ومن أناملِ

نوائشٍ ألبابَنا نوائل

تخالها بدْهةُ عينِ الخائلِ

سَبائكاً رُكِّبنَ في وذَائلِ

تُجنَى بها حبةُ قلبِ الذاهلِ

أنذرْتُكَ البيضَ فقِفْ أو وائلِ

هُنَّ العِدا في صورةِ الخلائلِ

وأين تَنجُو من غرامٍ داخلِ

تلك اللَّطيفات من المداخلِ

تسمو إلى الأملاك في المعاقلِ

من بقرٍ مبثوثةِ الحبائل

للأُسدِ في آجامها البواسِل

يا للمُجدِّاتِ بنا الهوازلِ

الشَّافياتِ الخَبْلَ والخوابلِ

القاطعات القيظَ في الغَلائلِ

والقُرَّ في الخَزّ وفي المراجل

بُطِّنَ بالسَّمورِ والحواصلِ

تلك الحَوالِي لا بل العواطل

الخالعاتِ نِحَل النَّواحل

عن جيدِ تيّاهٍ عن المراسل

مُستغنياتٍ بعطايا الجابلِ

وربما استعددنَ للمُواصلِ

غيرَ أخي الكيدِ ولا المُقاتِل

فزُرْتَهُ في العُددِ الكوامِل

من الحُلِيِّ الجمّةِ الصَّلاصل

والسَّلَبِ الرائع لا المباذل

والمسكِ في أبشارهنّ الشامل

والعنبرِ المنشور كالقساطل

يهتفن هل من فارسٍ مُنازِل

أولى فأولى لابنِ أمِّ هابل

نازل أقرانَ بني الثَّواكل

ومن عظيم الفِتَنِ الهوائل

عقائلُ الدرِّ على العقائلِ

في وَشْيهنّ الفاخِر المَخايل

والمِسك صِرْفاً كدم الأباجلِ

قاتلهُنّ اللَّهُ من قواتِل

صوارع بالكيد أو خواتل

رُوعِ المَحالي فُتُنِ المَعاطِل

يلقيننا في الوشُح الجوائل

أطغى من الأبطالِ في الحمائل

يهززْن أوصالَ قنا عواسلِ

قنا ظُهورٍ لا قنا قنابِل

بين عواليهنَّ والسوافِل

نشرُ قرونٍ جعدةِ السلاسل

مثلِ الدجى مسدُولة السدائل

إلى خدودٍ ذاتِ ماء جائل

كأنها صفائحُ الصياقل

صُبغنَ لا بالصِّبَغِ الحوائل

إلى ثُغورٍ عذبةِ المَناهل

كأُقحوانِ الديم الهواطل

ذات رُضابٍ مثلِ أرْي العاسل

إلى ثُدِيٍّ فُرَّغٍ حوافل

ترنو إلى أجيادِها العطائل

على صدورٍ لسنَ بالقواحل

تَلمسُ منِهنَّ يدُ المُباعِل

رُمانَ لا قطفٍ ولا مُكاتِل

من كلّ ريَّا حُلوةِ الشمائلِ

ناعمةٍ ذاتِ مُحب ذابل

حسناءَ مِثل الأملِ المقابل

في العُمُرِ المقتبلِ المُماطل

معدومةِ الأمثالِ والعَدائل

إن قلتَ مثلَ البدرِ لم تُماثل

أو قلتَ مثل الشمس لم تُعادِل

مُهتزَّةٍ فوق كثيبٍ هائِل

مُرتجّةٍ تحت قضيبٍ مائل

عرِّجْ على آيٍ لهنّ مائل

فاستسقِ غيثاً بعد دمعٍ هامل

له وواقفْ خيمَه وسائل

حافظْ على عهدٍ لهنَّ حائل

عليه فاربَعْ لا على الجنادل

ولا على مَبرِك ذاكَ الجامل

ما قَدْرُ إصرارِكَ بالجمائل

في وقفةٍ من مُخبرٍ أو سائل

لا بل دعِ الهزلَ لكلّ هازل

والْهُ عن الباطلِ غيرِ الحاصل

زايلَ عهدُ الظاعن المُزائل

ما رِعيةُ المقتولِ عهدَ القاتل

ما صِلةُ الواصلِ غيرَ الواصل

في موقفٍ مستهدفٍ للعاذل

مُفيِّلٍ رأيكَ غيرَ الفائل

يستنكثُ الداء على عَقابِل

ما ذاكَ للعاقِل بالمُشاكل

والعقلُ قِدْما مَعقلٌ للعاقل

والصبرُ من خير مآلٍ آئل

فاعدِلْ إلى الأحجى من المَعاذل

والتمِسِ الفوزَ ولا تُواكل

واستنجحِ العزمَ ولا تُماطل

عساكَ أن تحظى بنفلِ النَّافل

ما أقربَ النُّهزةَ من مُعاجل

وأبعدَ العثرةَ من مُماهل

وفي التأنِّي رشدُ المُحاول

ما لمْ تَفُتْهُ فرصةُ المُزاول

ليس نضيجُ اللحم للمُناشل

شتَّان لحما منضجٍ وناشل

وتوأمُ النقصِ غُلُّو الفاتل

إذا تعدَّى فيه حدَّ الجادل

فاقصدْ إذا فرَّطتَ من مُباذل

ولا تُكثِّرْ فيه بالأباطل

وازجُرْ عن الجَهلِ ولا تُجاهل

وادعُ إلى الخيرِ ولا تُقاتل

ليس حميداً سائقٌ كعاتل

شمّر لكي تُسبِلَ ذيلَ الرافل

فالفَقرُ في أذيالك الذَّوائل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الرومي

avatar

ابن الرومي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abn-rumi@

2020

قصيدة

17

الاقتباسات

2139

متابعين

علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، ...

المزيد عن ابن الرومي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة