الديوان » العصر العباسي » ابن الرومي » يا راغبا نزعت به الآمال

عدد الابيات : 44

طباعة

يا راغباً نزعت به الآمالُ

يا راهباً قذفتْ به الأوجالُ

ذهب النوالُ فما يُحسُّ نوالُ

وعفا الفعالُ فَما يحسُّ فعالُ

أودى الزمانُ بمن يعلّم أهلهُ

كيف النعيمُ فكيف ينعم بالُ

سلبَ الزمانُ جمالَه عن نفسهِ

فغدا وراحَ وما عليه جمالُ

ذهَب الذي ذهبتْ يداهُ وفيهما

للراغبين مناله ومصالُ

ذهب الذي نالتْ يداه من العلا

ما لا ينالُ من المديحِ مقالُ

يا سوءتا للأرض كيف تماسكَتْ

وقد استُزيلَ وحقُّها الزلزالُ

وكفَى من الزلزالِ بعد محمدٍ

أنْ لَيْسَ يُعْرَفُ بعده إفضالُ

ذهب الذي كان الصيامُ شعارَه

ولضيفهِ الإنزالِ والآكالُ

فكأنه رمضانُ في إخباتِه

وكأنه في جوده شوّالُ

ذهب الذي أوصاه آدمُ إذ مضَى

بعياله فهمُ عليه عيالُ

ذهب الذي ما كان يمطل وعدَه

وله إذا جارى السماحَ مِطالُ

أودى محمدٌ بنُ نصرٍ بعدما

ضُربت به في سروه الأمثالُ

ملكٌ تنافست العلا في عمرهِ

وتنافستْ في يومِه الآجالُ

من لم يعاين سيرَ نعشِ محمدٍ

لم يدرِ كيف تسيَّرُ الأجبالُ

يا حفرةً غلبتْ عليه جَنّةً

كانت به وبنفسِها تختالُ

الآن أيقن من يشكُّ ويمتري

أن البقاعَ من البقاعِ تُدالُ

إمّا أصيب فللنجومِ مغاورٌ

تغتالُهُنّ وللجبالِ زوالُ

ولقد يُعزّينا عليه أنَّهُ

وافى كمالَ العُمرِ منهُ كمالُ

أسدٌ مضى وتخلفتْ أشبالُه

وعليَّ أن تستأسِدَ الأشبالُ

ولمَا حَظيتُ بعُرفه ولقد جَرَتْ

بوفاتِه مِحنٌ عليَّ ثِقالُ

وخلوتُ ممّا نالهُ من مالِه

غيري وقد شقيتْ به الأموالُ

ولمَا عرضتُ له فخاب تعرُّضي

لكن عففتُ وألحف السؤَّالُ

وذخرتُه للدّهرِ أعلمُ أنه

كالحصنِ فيه لمنْ يؤول مآلُ

وتمتعتْ نفسي بروحِ رجائه

زمناً طويلاً والتمتعُ مالُ

فرأيتُه كالشمسِ إن هي لم تُنل

فضياؤها والرفقُ فيه يُنالُ

والحقُّ يأمرُ أن يقال وحقُّه

أنْ لا يخالفَ أمره القُوّالُ

لهفي لفقدِكَ يا محمدُ إنه

فُقدت به النفحات والأنفالُ

باللَّهِ أقسم أن عُمرك ما انقضى

حتّى انقضى الإحسانُ والإجمالُ

صلّى الغُدوُّ عليك والآصالُ

وتغمدتكَ بظلّها الأظلالُ

وبكتك أوعيةُ الدموع وتارةً

غيثٌ كعَرفك مُسبلٌ هطَّالُ

وعفا الثَرى عن حُرّ وجهٍ لم يزلْ

حُرَّ اللقاء إذا عرا السؤّالُ

وتماسكت أوصال كفّ لم تزلْ

بنوالها تتماسك الأوصالُ

يا زينةَ الدنيا وزينةَ أهلِها

وثمالَ من أعيا عليه ثمالُ

حالتْ بدارِك بعدَك الأحوالُ

وتغوّلتْ بقطينها الأغوالُ

وبكاك مِنْ بستانِ قصركِ زاهرٌ

لثناك من نفحاتِه أشكالُ

وبكت حمائمُه وعاد غناؤها

نوحاً يُهاجُ بمثلِهِ البلبال

أعزِرْ عليَّ بمنزلاتِك أن غدتْ

ولهنَّ دونك عامرٌ وحلالُ

أعزِزْ عليَّ بصافناتك أن غدتْ

تبكي السروجُ لهنّ والأجلالُ

أعززْ عليَّ بعارفاتك أن غدتْ

يبكي الرجاءُ لهنَّ والتأمالُ

أعززْ عليَّ بأصدقائك أن غدوا

ولشخصكَ الغالي بهم إخلالُ

أصِقالَ كل مروءةٍ مجفوةٍ

ما للمروءةِ مذ أَفَلْتَ صِقالُ

أصبحتَ بعدَ منَافح ومَجامرٍ

لثرىً يُهالُ عليك أو ينهالُ

أمَّا وحليتُك المُذالةُ للبِلى

فاذهبْ فكلُّ مصونةٍ ستُذالُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الرومي

avatar

ابن الرومي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abn-rumi@

2020

قصيدة

17

الاقتباسات

2139

متابعين

علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، ...

المزيد عن ابن الرومي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة