الديوان » العصر العباسي » ابن الرومي » لا زلت تفخم والثناء ضئيل

عدد الابيات : 45

طباعة

لا زلْتَ تفخمُ والثناءُ ضئيلُ

ويعزُّ عِرضُك والثراءُ ذليلُ

حَمَّلتني ما لا أُطيقُ وإنما

شأنُ الكريم الحملُ لا التحميلُ

كلفتني ما تستحق وبعضُه

ثقل على المتكلفين ثقيلُ

إن كنتَ تطلبُ في المديح مُشاكلاً

لك في الرجال فما إليه سبيلُ

أتُرى عديلك في المديح مواتياً

هيهاتِ مالكَ في الأمورِ عديلُ

عجزتْ وعيشِك عن حقوقك طاقتي

أأطيقُها وحدي وأنت قبيلُ

بل موسمٌ بل أمةٌ بل عالمٌ

بل عالمونَ وكل ذا فقليلُ

وكذاك معروفُ الكرام كفايةٌ

أبداً وأكثر مَدْحِهم تعليلُ

يأتي القليلُ من الضئيلِ بحقّهِ

كيما يكونَ من الجزيل جزيلُ

ويدُ البخيل لما استفاد قرارةٌ

ويدُ الجواد لما استفاد مَسِيلُ

هل أنتَ مستمعٌ فأنطق بالتي

يُشفى بها من ذي الغليل غليلُ

فلكم نطقتُ من الصوابِ بخطبةٍ

فيها البيان إذا أحال محِيلُ

إن العيوبَ مع التتبّع جمةٌ

وكثيرُهنّ إذا اغتفرت قليلُ

فاجعلْ تصَفُّحكَ المديحَ تفرساً

في غيبِ ما تُسدِي غداً وتُنيلُ

فلذاكَ أجدرُ أن يعانيهِ الفتى

ولذاك أخْلقُ أن يقال نبيلُ

دع مادحيك يُقصّرونَ ولا تكنْ

ممّنْ يقال مُقصرٌ وبخيلُ

إني أعيذك أن يقولوا كاتبٌ

ألِف الحسابَ فشأنه التحصيلُ

وأجلُّ منها أن يقولوا ماجدٌ

ألِف السماحَ فشأنه التسهيلُ

والبسْ جمالك عند كلّ قبيحةٍ

إن التجمّلَ بالرجالِ جميلُ

ماذا يضرُّ فتىً جليلاً قدرهُ

من أن يدقّ المدحُ وهْو جليلُ

وأحقُّ زوجٍ أن يُنتّجَ شكْله

حسناء تُذكرُ عاثرٌ ومُقيلُ

وإذا نظرتَ فإن أخلقَ منهما

لنِتاجِ مجدٍ جاحدٌ ومُنيلُ

أفيُغفرُ الكفرانُ وهْو كبيرةٌ

ويؤاخذ التشبيهُ والتمثيلُ

فعلامَ أُعذلُ في امتثال مقالةٍ

قد قالها جيلٌ سواي وجيلُ

ضُرب الركامُ لكل تهمةِ مُتهمٍ

مثلاً وشاعَ بذاك قبلي قيلُ

أفضِل وأغِضْ جفونَ عينك رأفةً

بذوي العيوبِ يجبْ لك التفضيلُ

ولقد تُصيبُ بديلَ كل مُبرِّزٍ

من مادحيك وليسَ مِنك بديلُ

كم قال جودُك للمنهنِه بدأةً

هيهات ليس لسُنّتي تبديلُ

وكذا يقولُ لمن ينهنه عوْده

هيهات ليس لنعمتي تحويلُ

ولراحتيك بداءةٌ وعُوادةٌ

وليومِ عُرفك بكرةٌ وأصيلُ

يا مَنْ يطالبُ نفسَه بحقوقنا

مثلُ الغريم فرِفده تعجيلُ

وينامُ عنا حينَ نلوي شُكرَهْ

فِعْلَ الكريمِ فشكرهُ تأجيلُ

يا منْ إذا حرَّكتَهُ لكريمةٍ

ألفيتَه والجُولُ منه مَهِيلُ

حتّى إذا نبهتَهُ لعظيمةٍ

ألفيته والرأيُ منه أصيلُ

آمالُ نفسي فيك غيرُ مَطامعٍ

لكنهنّ مزارعٌ ونخيلُ

أجملتُ من وصفي خلالك جُملةً

وعلى التجاربِ بعدها التفصيلُ

فليختبرْك السائلون فإنّهم

إن جرَّبُوك أتاهمُ التأويلُ

ليفسِرنَّ لهم فعالكَ أنه

أبداً بصدقِ المادحيك كفيلُ

لا زلتُ مرغوباً إليك مُيمّماً

مثلَ الصباحِ عليك منك دليلُ

وإذا تأمّلك المعاشِرُ أمَّلوا

ولمن تأمل ماجداً تأميلُ

ما وجَّه التأميلَ نحوك آملٌ

إلا الْتَقى التأميلُ والتمويلُ

شهدتْ بخيرٍ غُرَّةٌ وضّاحةٌ

من حقّها التعظيمُ والتبجيلُ

ووفت بموعِدها يدٌ نفَّاحةٌ

من حقّها الإفضالُ والتقبيلُ

ترجو سواك لدىَ التفكّهِ بالمنى

لكن عليك يُحَصْحص التعويلُ

لا زال تعويلٌ عليك مصدّقاً

وعلى عداك وحاسديك عويلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الرومي

avatar

ابن الرومي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abn-rumi@

2020

قصيدة

17

الاقتباسات

2139

متابعين

علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، ...

المزيد عن ابن الرومي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة