الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » يغني السلو ولا يغني الفتى الجزع

عدد الابيات : 35

طباعة

يُغني السلوُّ ولا يُغني الفتى الجزَعُ

فما بكاءُ الفتى ما ليس يُرْتَجَعُ

من ماتَ فات تقنعْ فذا مَثَلٌ

فيه لمن عرف الأمثالَ مُقتَنَع

ما طار من طائرٍ إلا وأنفُسُنا

ليست بمرتابةٍ في أَنَّهُ يَقَع

ولا حَلَتْ جُرَعٌ يوماً لشاربها

إلا أمَرَّت عليه بعدَها الجُرَع

لا الحزمُ منْجٍ ولا التفريط مَهلَكةٌ

ولا يليقُ طباعُ العاقلِ الطَّبَعُ

أبا الحسينِ إذا ضاقتْ رزيَّةُ ذي

رزيَّةٍ فلهُ في الصبرِ مُتَّسَع

نعم الضجيجُ التأسِّي بابنِ حمزةَ فل

يجمعكما في فراشِ الهمِّ مُضْطَجَع

وما سمعتُ بموعوظٍ سواكَ

وَمِنْ تلقائِهِ الوعظُ لا ينفكُّ يُسْتَمَع

يا أَيُّها المرتقي مِنْ هاشمٍ شَرَفاً

مُذْ سُولَم اليأسُ منه عُودِيَ الطَّمَع

قلِّبْ قلوبَ بني الدنيا فلستَ ترى

فيما يقلَّبُ قلباً ما بِهِ وَجَع

الخِلُّ من خِلِّه بالصُّغْرِ مُخْتَلَسٌ

والإِلفُ من إِلْفِهِ بالرَّغْمِ مُنْتزَع

ما قارعتْ نُوَبُ الأيّامِ ذا جَلَدٍ

إلا وكانتْ لها من دونِهِ القُرَع

هذا كذا وسبيلُ الخلقِ واحدةٌ

فالخلقُ متَّبِعٌ فيها ومتَّبَع

تاللّهِ ما حَملتْ أُنثى ولا وَضَعَتْ

إِلاَّ وللموتِ لا للعيشِ ما تَضَع

وإِنَّ مُنْتجِعَ التقوى لمنتجعٌ

مرعىً له نُجَعٌ ما بَعْدَها نُجَع

فليعتزلْ سُنَنَ الأحزان ذو فطنٍ

سيّان ما سُنَنُ الأحزان والبدَعُ

إن يُنتزَعْ منك ما أُعطيتَ من أَنس

فهي العطيَّاتُ تُعطى ثم تُنتَزَع

لله ما أمُّ شِبْلَيك الملمُّ بها

ما ليس منه لأهلِ المنع ممتَنَع

يُصارعان الأسى من دونِ مَصرَعِها

ويهلعان وماذا ينفعُ الهلَع

إذا تَقَطَّع دَمْعٌ في خدودِهما

ظِلْنا وَأنْفُسُنَا من حَسْرَةٍ قِطَع

كريمةٌ ضُمِّنَتْها بُقعَةٌ كَرُمَتْ

أَكْرِمْ بها بُقْعَةً تشتاقُها البُقَع

تلك التي شيَّعتها من خلائِقِها

إلى البِلى شِيَعٌ ما مثلُها شِيَع

ناحتْ على البِرِّ والتقوى نوائِحُها

وكُفِّنَ الزُّهْدُ في الأَكفانِ والورع

سَقَتْ ثراها الثريّا سَقْيَ مُنْدَفع

إذا مضت دُفَعٌ منه أَتَتْ دُفَع

حتى تُعايِنَ ذاك الربعُ أعينُنا

وفيه للعينِ مُصْطافٌ ومُرْتَبَع

لتخدعِ النفسَ كي تلتذُّ عيشتَها

إن اللذاذاتِ في الدنيا هي الخُدَع

وليأخذِ المرءُ من أيامه مُتَعاً

قَبْلَ التي ليس فيها لأمرئِ مُتَع

تمضي الشهورُ عليه والسنونَ ولا

يدري وتنصرمُ الأيامُ والجُمَع

يا جامعَ الفضلِ في بدوٍ وفي حَضَرٍ

فضلاً عليك لأهْلِ الفضلِ مُجْتَمِع

في ابنيكَ ما إِن سَيُسني فَقَد أمِّهما

إذ فيهما للعلى مرأىً ومُستَمع

المرءُ يسطو بسيفٍ واحدٍ فإذا

سطا بسيفين فالدنيا له تَبَع

وأنت أنت وإن نابَتْكَ نائبةٌ

فالعَودُ يحملُ ما لا يحملُ الرُّبَع

يَبقى لنا الأمنَ حيّاً ما بقيتَ لنا

على الليالي ويقضي نَحبَه الفَزَع

وقد مضى ليَ وعظٌ لا خفاءَ به

وعظٌ يظلُّ بسمع القلب يُستَمَعُ

والوعظُ ذو أثَرٍ فيمن يلينُ له

كما يلينُ بِخَتْمِ الخاتمِ الشَّمِع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة