الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » يوم بفارث حسنه لا يدفع

عدد الابيات : 73

طباعة

يومٌ بفارثَ حُسنُه لا يُدفَعُ

يومٌ أغرُّ من الزمانِ مُلَمَّعُ

يومٌ بديباج الغيوم وَوشيِهِ

يا صاحبيَّ مجلَّلٌ وَمُبَرقَع

يومٌ كأن الشمس فيه خريدةٌ

حسناءُ من خَلَل السُّجوف تَطلَّع

يومٌ حدت ناياتُه عيدانَهُ

حَدْواً بمحثوثِ الغناءِ يشْيَّعُ

جالستُ فيه أبا الحسين بمجلسٍ

خِلَعُ الربيعِ على رُباهُ تُخلَع

جلساؤه فيه هِزَبرٌ ضيغمٌ

وغضنفرٌ صارٍ وأَغلبُ أَرْوَع

فخلعتُ فيه عذارَ لهوٍ لم يكن

في غيره من قبلِ ذلك يُخلع

بمخنَّثِينَ مُصنَّعين كأنهمْ

لُعَبٌ بأيدي اللاعبات تُصَنَّع

بمؤنثين مزوَّرين وإِنني

بهوى المزوَّر في الإِناث لمولع

وَمُطَرَّرين مُعَقربي أصداغهم

فوق الخدود عقارباً لا تَلْسَع

ناياتُهم تبعاً لقول طبولهم

وطبولُهُم في قولها تَتنطَّع

وإذا تَغنَّوا في سرَيْجِيَّاتِهمْ

والكاسُ تسجدُ والقناني تركع

والراحُ تُخْدَع بالمزاج وإنما

من حيث تحسبها ستُخدَع تَخدَع

تدعو السرورَ وإن نأى فيجيبُها

عجلاً وتَشفَعُ عنده فتُشفَّع

في فَيءِ بستان يؤزَّر روضهُ

بِمُفوَّفات بُرُودِه وَيُقَنَّع

فيه الدراهمُ والدنانيرُ التي

أبداً على شكلٍ سواءٍ تُطْبَع

قَطَعَتْ طريقَ الطَّرْفِ خَيْريّاتُه

بطرائفٍ عما سواها تُقْطَع

وبديعُ خُرَّمِهِ ولم أَخْرِمْ به

في الحُكْمِ من كلِّ البدائعِ أبدع

وكأنّ عيدَ الوردِ فيه عندنا

بل ليس يَجْمَعُ عندنا ما يَجْمَع

ورقٌ من الياقوتِ فيه مُلَزَّقٌ

ذا مُشْربٌ لوناً وهذا مُشْبَع

وكأنّ نَوْرَ الآسِ في أوراقِهِ

نورُ الكواكبِ في ظلامٍ يلمع

يحبوك آذريونه بزبرجدٍ

رطبٍ بأقماعِ العقيقِ يُقَمَّع

وعيونُ نَرْجِسِهِ متى تدمعْ ندىً

فعلى خدودٍ من شقيقٍ تدمع

بالأقحوان مجزِّعٌ بالزعفرا

نِ ملمَّعٌ بالبَهْرَمانِ مُرَصَّع

للطيرِ فيه صنوفُ أصواتِ فذا

يدعو وذا يحدو وهذا يَسْجَع

لم يَقْتنِ النعمانُ قطُّ شبيهَهُ

فيما اقتناهُ ولا اقتناه تُبَّع

وقبالة الندماءِ حيثُ تقابلوا

منه حيث يَرى النديمُ ويسمَع

فلَكٌ من الدُّولاب فيه كواكبٌ

من مائه تنقض ساعة تطْلُع

متلوِّن الأصوات يخفض صوتَه

بغنائِه طوراً وطوراً يَرفع

أبداً حنينُ النِّيبِ فيه مرَدَّدٌ

أبداً زئيرُ الأسْدِ فيه مرجَّع

والبركة الحسناءُ فيما بيننا

ملأى تُجَوشَن تارةً وَتُدَرَّع

رأتِ الحضورَ لِعُرْسِها فتصنَّعَتْ

إن العروسَ لِعُرْسها تَتَصَنَّع

يا نُبْلَها من بركةٍ لم تعدُ بل

لم يَعْدُها في النُّبْلِ بحرٌ مُتْرَع

ما لاحتِ الجوزاءُ إِلا خلتُها

وكواكبُ الجوزاءِ فيها تَكْرَع

وترى السماءَ كما تراها فهي في ال

مرْأى تغيِّمُ ساعةً وتَقَشَّع

لا يقطع الغوّاصُ أدنى غَمرها

حتى تَرَى أوصالَهُ تتقطَّع

ويضيقُ ذرعاً بالتوسُّطِ وَسْطُها

فيحيدُ عنه السابحُ المتذرِّع

لكنها في جَنبِ جودكَ دَمعَةٌ

من مقلةٍ لم يحْتَسِبْها المدمع

من يا عليّ أبا الحسين يقولُ مَنْ

يا هاشميُّ كما أَقولُ وتصنع

قولٌ وفعلٌ لستُ أدري أيّما

مَن ذا وَمن ذا أنت فيه أسرع

أترى أباك محمداً تابَعتَ أم

أتراك جَدَّكَ حمزةً تَتَتَبَّع

ما إِن أُبالي يا فدتك عشيرتي

من واقعاتِ نوائب تُتُوقَّع

إذ صار عند سواك طولُ إِقامتي

ضرراً عليَّ وصار عندك يَنفَع

إِبْقُوْا بني العباس ما بَقِيَ الحصى

لندىً يؤمَّلُ أو لخرقٍ يُرْقَع

عاداتكمْ في مجدكمْ عاداتكمْ

وطريقكمُ فيه الطريقُ المهْيَع

لله درُّ أبي الحسينِ فتىً به

يرتاعُ رَيْبُ الدَّهْرِ حينَ يُرَوَّع

عادتْ به حلبٌ إلى عاداتِها

وحلا به المصطافُ والمتربَّع

رَحُبَتْ عليَّ وكنتُ قد ألفيتُني

منها وما فيه لرحليَ موضع

لم آتِ فارثَ مُجْمِعاً للقائِهِ

إلا تلقَّاني التفضُّل اجْمَع

كم لي بفارثَ عنده من مرتعٍ

ما طاب لي مذ لم أَزُرهُ مَرتَع

زَرْعُ البلادِ مآكلٌ ومشاربٌ

وزروعُ فارثَ مكرُماتٌ تُزرَع

يُدْني التشوّقُ ربَّها فكأنما

مِيلي إليه من التشوق إِصبع

ثقةً بمن تثقُ النفوس بأنها

ليست إذا فَزِعتْ إليه تفزع

المُنزِلي من وُدِّه في ذِرْوَةٍ

هي في ارتفاع النجم بل هي أرفع

والتاركي خَرِبَ القناعةِ بعدما

قد كان يُقنِعني الذي لا يُقنِع

والمطمعي من غيرهِ بجزيل ما

يوليه فيما ليس فيه أَطْمع

طَبْعُ السحائب في المواهب طَبْعُهُ

لا بل يداهُ من السحائبِ أَطبَع

متكبِّرٌ عن أن يُرى متكبِّراً

مترفِّعُ عن أن يرى يَتَرَفَّع

ومتوَّجٌ تاجَ الجمالِ فعنده

تَروَى العيونُ من الجمال وتَشبَع

لا يألفُ البُقيا على أموالِهِ

أو يألفَ المتنصِّبَ المتشيِّع

يهفو به تحتَ العجاجةِ سابحٌ

تهفو بأربَعِهِ الرياحُ الأرْبَع

مستودعٌ يمناهُ قائمَ مُرْهَفٍ

حدُّ الردى في حدِّهِ مُسْتَوْدَع

ما زعزعتْ كفَّاه مَتْنَ مُثَقَّفٍ

إلا توهمتُ الجبالَ تُزعْزَع

فترى الشجاعَ إذا رآه كأنما

صَدْرُ الشجاعِ من الشجاعةِ بلقع

وإذا اشتكى ضيقَ المسالكِ في الوغى

شاكٍ فأضيقُها لديه الأوسع

أسَمِيَّ خيرِ الأوصياءِ وَمَنْ غدا

في حوضِ خيرِ الأنبياء سَيَشْرَع

مذ زاد في الشعيِّ نورُ قصائدي

أيقنتُ أنَّ قصائدي تتشيّع

خُذْها تروقُ مُوالياً وَمُعادياً

فيظلُّ ذا يسمو وذا يَتَضَعْضَع

مَدَريَّةٌ وَبَريَّةٌ ضَبِّيّةٌ

عربيةٌ أنسابها تتفرَّع

لم يرعَ مرعاها أبو تمامٍ الط

ائيُّ قطُّ ولا رعاها أشْجَع

الوردُ من أطرافِها متضوِّعٌ

والشِّيحُ من أعاطافِها يَتَضَوَّع

ويبينُ فيها معْ تَبَيُّنِ طُولِها

قِصَرٌ على السَّمعِ الذي يَتَسَمَّع

ويطيبُ مَقْطَعُها لديكَ وإِنما

طيبُ النوادرِ أن يطيبَ المقطَع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة