الديوان » العصر العثماني » نيقولاوس الصائغ » للإنشقاق الرذل شر معان

عدد الابيات : 243

طباعة

للإِنشقاقِ الرَذلِ شَرُّ مَعانِ

في أمرهِ قد حارَ كلُّ مُعانِ

كم ذا أُكابِدُ من مَكايدِ حربهِ

بفؤَادي العاني بهِ وأُعاني

اشكو تصاريفَ الزَمانِ وحُكمَهُ

إذ لم تُقَد يوماً على بُرهانِ

ذَلَّ العزيزُ بهِ وعَزَّ ذليلُهُ

ورُمِي الشريفُ بهِ بسهمِ هَوانِ

كم خاملٍ فيهِ تَشرَّفَ وأُهَيلُهُ

تجري به ابداً مع الدَوَرانِ

زَمَنٌ كبحرٍ والهمومُ بهِ ونحنُ

كموجهِ والصخر يصطدمانِ

موجُ الشُرورِ بِلُجه مُتلاطمٌ

حَرَكاتُهُ أَنِفَت من الإِسكانِ

لا يَبرَحُ التِنِّينُ فيهِ لاعباً

مُتلاعباً واللِعبُ في الإِنسانِ

أَلقَى زُؤَانَ الكُفرِ فيهم اولاً

والأَرتقاتُ لَشَرُّ كُفرٍ ثانِ

كم مُؤمنٍ باللَهِ امسى كافراً

متسوّماً للكُفرِ والكُفران

تركَ الكنيسةَ أُمَّهُ وهيَ التي

تسقيهِ دَرَّ أَمانةٍ وأَمانِ

كم مستقيمٍ قد غدا متعوّجاً

متلوّياً بالسَيرِ كالسَرَطانِ

كم خاضعٍ للحقّ أَصبحَ جاحداً

بعِنادهِ الممقوتِ كالشَطانِ

كم من رئيسٍ طائعٍ امسى به

متوشحاً بملابس العِصيانِ

اغراهُمُ بالكِبرِ حُبُّ رِئَاسةٍ

حتَّى غَدَوا كُفراً بلا إِيمان

وَهَمُوا بما نصَّ الكتابُ وخادَعوا

فيهِ الوَرَى بالزُورِ والبُهتانِ

كم من جَهُولٍ قد سُبِي بخداعهم

فسَقَوهُ ماءَ البُغض والعُدوانِ

بَذَرَ الشُكوكَ بأَرض حقلِ عُقُولهم

فاستثمروا شَكّاً عن الإِيقانِ

يا ايُّها المُغتالُ أَنَّى اقتَدتَهم

عَسفاً بغير أَزِمَّةٍ وعِنانِ

إِبليسُ كيفَ إلى الغَوايةِ سُقتَهم

سَوقَ الجَزُور لمَسلخِ النِيرانِ

القيتَ اشباكَ الضَلال عليهمِ

ولذلكَ اصطيدوا كما الحيتانِ

أَضحَوا قطيعاً شارداً متبدّداً

متفرّقاً ابداً بكلِّ مَكانِ

عَدِموا أَباً باللَه كانَ يَعُولُهم

بحليبٍ بِرٍّ مُخصِبٍ رُوحاني

كانوا مُذُ اعتمدوا بني العالي وقد

حَفِظوا أَمانتهُ بلا نُكرانِ

خَضَعوا لراعٍ واحدٍ وتأَلَّفوا

برَجائِهم والحُبِّ والإِيمانِ

بكنيسةٍ وُصِفَت بوَحدةِ رأسِها

رأسِ الشُعوبِ بعيدِها والداني

أًسقيتَهم سَمَّ الغَوايةِ فاغتَدَوا

قَتلى بغير مهنَّدٍ وسِنانِ

ودفقتَ من فَمِكَ المِياهَ ليَنهَلُوا

منها كما قد جاءَ في الجليانِ

كم عالِمٍ اوردتَهُ وِردَ الظما

فاعجَب بهِ من واردٍ ظَمآنِ

من عهد سِيمُونَ اللعينِ و

عاتي إلى ماني ومركيَّانِ

وظهورِ نيقولاوُسَ الزاني الدخيلِ

وآبِيُونَ الجاهلِ الخَوَّانِ

مع بولسَ الجاني السُمَيساطي الذي

اضحى كعُضوٍ ميِّتٍ مُنهانِ

ثُمَّت ابوليناريُس مَن قد طَغَى

فطَغى عليهِ ماءُ بحر لِعانِ

والفدمِ أَريُوسَ الذي لضَلالهِ

وعِنادهِ أَضحى كيُودَسَ ثانِ

اذ افصلَ الإِبنَ الوحيدَ بقولهِ

فَقَدَ الوُجُودَ بغابر الأَزمانِ

في أَنَّهُ غيرُ المساوي جوهراً

للآب معزيهِ إلى النُقصانِ

وكذاك مَكدوني المجدِّفُ قالَ انَّ

الروحَ مخلوقٌ كما الإِنسانِ

نُسطورُ جَدَّفَ غير مُستحيٍ على

أُمِّ الالهِ فصارَ ظَرفَ هَوانِ

لم يَكفِهِ ذاك الكُفرُ حتى زادَهُ

اذ قال في ابن اللَهِ أُقنومانِ

افتيشيس ذاكَ الذي ملأَ الوَرَى

من سُوءِ رأيٍ بالخطا هملانِ

قد قالَ إِن طبعا المسيح تمازَجا

كَلَّا وهل يتمازَجُ الطبعانِ

برصومُ مع يعقوبَ ذاكَ البردعيِّ

ودِسقُرُس تَبِعُوهُ بالبُطلانِ

وكذاكَ تيموتاوسُ النمسُ الذي

بالسحرِ كانَ كأَعظَمِ الكُهَّانِ

ساويريسُ مع بطرسَ القصَّارِ قد

صارا لإِبليسٍ من الأَخدانِ

حنّا الملقَّب بالحياتيّ الذي

قد حانَ فيما قد رواهُ كماني

كيرُس وسرجيسُ الغبيّث وبيرُسُ ال

عاتي وماكاري والفاراني

ذهبوا بفعلِ واحدٍ ومشيئَةٍ

في الإِبنِ قد يحويهما طبعانِ

رُؤَسا الرعيَّة والأَئِمَّةُ اصبحوا

في الشرقِ شرَّ الناسِ بالطُغيانِ

ولقد اطاعوهم لفرطِ مَخافةٍ

عن طاعةٍ هيَ أَكبَرُ العِصيانِ

جعلوا الرعايا من تفاقُم جهلِهم

صُماً وبُكماً مُشبِهي الأَوثانِ

فَهُمُ رُعاةٌ بل ذئابٌ تَخطَفُ ال

أَغنامَ والأَنعامَ بالرَوَغانِ

تاللَهِ انكَ قد سُرِرتَ بهم وقد

وافَوكَ كالأَنصارِ والأَعوانِ

أَهدَوكَ شعبَهُمُ كخيرِ هديَّةٍ

من ظلمهم لا طاعةِ الإِذعانِ

اما الاثيمُ الغُمرُ اوريجانيُس

نكرَ القِيامةَ والكِيانَ الثاني

وحَذاهُ ديديُمس وانَّ كِلَيهما

حُرما معاً بالإِسم والعُنوانِ

في مَجمَعٍ هُوَ خامسٌ كُشِفَت دَسا

تِيرٌ لَهم وفُحِصنَ بالإِمعانِ

والوَغدُ مَلكُ الرُوم لاوُنَ إِنَّ ذا

مَلِكاً غدا بتسامُحٍ رَبَّاني

بِدَعٌ لهم كُفريَّةٌ وكذا ابنهُ ال

زبليُّ أَضحى مَسكِنَ الشَيطانِ

كَفَروا بقِدِّيسي الالهِ وابطلوا

تلكَ الدُمَى وعبادةَ الصُلبانِ

عرّوا الكنائسَ من بَهاءِ جَمالها

حتى غدت كالخان او كالحَانِ

والأَرمنيُّ الغُمرُ جَدَّدَ ما عَفَت

من رسم كُفرِهمِ يدُ الأَزمانِ

كانت زُهَا سبعينَ عاماً مُدَّةٌ

حكموا بها بالظُلم والعُدوانِ

كم عذَّبوا ناساً وانفوهم وكم

سلبوا وكم فضحوا من النُسوانِ

والفَدمُ فوتيسُ الأَجَمُّ المعتدي

بدء الشِقاق ومنشأُ العِصيانِ

شقَّ الكنيسةَ من تكبُّرِ قلبهِ

في عهد ميخائيلَ ذي السُلطان

وتلاهُ ميخائيل كورُولاريُس

بالكُفرِ والتزويرِ والبُطلانِ

ثمَّ البلاماسُ الذي في بِدعِهِ

أَضحى كبِلعامَ اللعينِ الجاني

خدعَ الممالكَ والمُلوكَ بغِشِّهِ

فيما أَتى بعظائِم البُرهانِ

واكسنتبوليُّ الغَشُوشُ المُقتفِي

آثارَهم قد فاقَ بالهَذَيانِ

أَسقى بِلادَ الرومِ سَمّاً قاتلاً

فاستسلموا منهُ لموتٍ ثانِ

كَلوينُسُ الملعونُ ذاك المُلحِدُ ال

جاني اباحَ الكُفرَ مع لُترانِ

فكِلاهما اضحى طريقَ جهنَّمٍ

وهما لدارِ جحيمها بابانِ

وجميعهم لَحِقوا بقايينٍ ويو

رُ بعامَ وابيرومَ مع داثانِ

لكن عروسُ الحقّ لاشتهم كما

إِستيرُ قد لاشت دَها هامانِ

والأَفسُيُّ الوَغدُ مَرقُصُ في فُلُو

رَنسا ارتدى بالجهلِ كالصبيانِ

في مَجمَعٍ هو ثامنٌ لمجامعٍ

ما شانهُ غيرُ المَعِيبِ الشاني

رام احتجابَ ضِياءِ شمس حقائقٍ

والشمسُ لم تُحجَب بنسج دُخانِ

نكرَ القضايا الخمسَ اذ ثَبَتَت بهذا

المجمع القُدسيّ بالبُرهانِ

بشَهادة الآباءِ غِبَّ تجادُلٍ

جَدَلٍ بكل محبَّةٍ وامانِ

أَغوَى عقولَ الشعب فانقادوا إلى

آرائِهِ كالعُصبةِ العُميانِ

قد خالفوا الناموسَ والإِنجيلَ مع

كُتُب الكنيسةِ باختلاف معاني

إذ أنكروا رسمَ المسيح لأَنَّهم

جحدوا رئاسةَ صخرةِ الإِيمان

ان الرئاسةَ في الكنيسةِ رحمةٌ

قامت من الرحمن مُنذُ زَمانِ

اذ قامَ موسى رأسَ عهدٍ تالدٍ

وكذا الصفا راسُ الطريق الثاني

ولقد تلقَّبَ من يسوعَ بصخرةٍ

لَقَبٌ تخصَّصَ فيهِ عن سِمعانِ

نعتٌ لمنعوتٍ ومقصودٍ وفي

إِعرابِهِ بَدَلٌ وعطفُ بَيانِ

أَعطاهُ سُلطانَ المفاتيحِ التي

مرموزُهنَّ لمُطلَقِ السُلطانِ

واصارهُ رأسَ الكنيسةِ كلها

وكذا خلائفُهُ بلا نُكرانِ

فبفُلك نوحٍ رسمُها وهو المدبرُها

الوحيدُ وما لهُ من ثانِ

ولقد نجا مَن كانَ داخلَها ومَن

لم يُحوَ فيها ماتَ بالطُوفانِ

وكذا الكنيسةُ للشعوبِ سفينةٌ

فتَقِي نفوسهمُ من الطُغيانِ

قال المسيحُ الربُّ قَولاً صادقاً

وكمالُهُ ما شِيبَ بالنُقصانِ

عن ايّ بيتٍ مقسمٍ في ذاتهِ

مع كل مَملَكةٍ سينهدمانِ

وكذا اصابَ الرومَ حينَ تقسَّمت

آراؤُهم فُسُبوا بكل مَكانِ

من مَرقُصَ النَذلِ اللعينِ وشرّهِ

وَصَلُوا لكل مَذَلَّةٍ وهَوانِ

زَعَموا بان الصالحينَ جميعهم

لم يَسعَدوا بالمَنظَرِ النُوراني

حقّاً لقد كفروا بإِلحادٍ غدا

ضِدّاً لكلِّ حقيقةٍ وبَيانِ

لَقَدِ اعتدَوا حتى غَدَوا اعداءَهم

ان العداوةَ ثمرة العُدوانِ

اذ سايَرَ الأَبرارَ في فَلَكِ العَلا

متمتّعين بمنظر الرَحمانِ

شَهِدَت لهم كُتُبُ الكنيسةِ كلُّها

من غيرِ ما نُكرٍ ولا نكرانِ

جحدوا جهنَّمَ ثُمَّ مَطهَرَ أَنفُسٍ

فيهِ تُؤَدِّي الدَينَ للدَيَّانِ

لكنما تقديسُهم عن مائتٍ

مع تِلكُمُ الصَلَواتِ والإِحسانِ

منها لسانُ الحال يَشهَدُ انها

لِتُطهِّرَ الأَرواحَ من أَدران

فالهالكونَ على الحقيقةِ ليس ينتفعونَ

بالقُدَّاس والقُربانِ

والخالصون فلا احتياجَ لهم إلى

هذي الوسائط من يد الإِنسان

زَعَموا عن الخُبز الفطيرِ بانهُ

ما ساغَ للقُربان مُنذُ زَمان

والحالُ ان يسوعَ قدَّمهُ كما

قد نَصَّهُ الإِنجيلُ بالتبيانِ

اذ إِنَّهُ صنعَ العَشا السِرِّيَّ في

فِصحِ اليهودِ بغُرفةِ العِبراني

حينَ امتِناع وجودِ كل مُخمَّرٍ

فمقالُهُم ضَربٌ من الهَذَيانِ

بكلامِ فيهِ قدَّسَ الخُبزَ الذي

فيهِ تحجَّبَ أَقدَسُ الجثمانِ

وكذلك الكأسُ التي مُنِحَت لنا

عهداً جديداً مانحَ الغُفرانِ

وفي انبثاق الروحِ ضلُّوا كونهم

اعزوا الاله الإِبنَ للنُقصانِ

قالوا بان الآبَ دُونَ الإِبن يَبثُقُ

رُوحَهُ القُدسيَّ أَي خُلَّاني

هل ان فعلَ الجوهرِ الفَرديّ مختلفٌ

وذات إِلهنا قِسمانِ

ان كانَ ذاتُ الآبِ ذاتَ الإِبنِ هل

يمتازُ فعلُهما أَياذا الجاني

هذي القَضايا انكرَتها الرومُ فاشتركوا

بخُدعةِ شِيعةِ الأرباني

ولقد اضلَّ العقلَ منهم مَرقُصٌ

فغَدَوا اضلَّ هُدىً من العُربانِ

سَقِموا وسُقمُهُمُ عُضالاً قد غَدا

يأبِي الشِفاءَ كعِلَّةِ الإِزمانِ

ضلُّوا كما قد ضلَّ اشياعٌ مَضَوا

من أَرمَنٍ والقِبطِ والسِريانِ

لا غَرو ان فاظ الفُؤَادُ من الأَسَى

حُزناً وفاضَ الدمعُ كالغُدرانِ

وتَراجَعَت سجع الحَمامِ بأَيكها

لتهيُّج الأَحزانِ والأَشجانِ

أَسَفاً على قومٍ رَمَى العالي بهم

ولذاكَ قد خَرُّوا إلى الأَذقانِ

ضاعَ الجميلُ بهم فضاعَ جميلُهم

فَقَدوا جميلَ الحُسنِ والإِحسانِ

كانوا مَرامَ العِزِّ فيما قد مَضَى

فَغَدَوا مَرامي الذُلَّ والخِذلانِ

سادوا الوَرَى غَرباً وشَرقاً عَنوةً

بالنَصرِ والجَبروتِ والسُلطانِ

خضعت لهم مِلَلُ الشُعوبِ تعظُّماً

لسَنائهم من شاسعٍ او دانِ

لكنهم اذ أُهمِلوا من ربهم

أَضحَوا أَسارى من بني عُثمانِ

واستُؤصِلوا واستُملِكوا واستُبيعوا

بيعَ السَماحِ بأَبخَسِ الأَثمانِ

فنِساؤُهم صارت لغيرهمِ وقد

أُسِرَت بناتهمُ مع الشُبَّانِ

يا مِلَّةَ الرومِ التي سَكِرَت بخمرِ

الحَينِ جهلاً لا بخمر الحانِ

يا خمرةً قد خُمِّرت منها النُهَى

كِبراً عَلَت فيهِ على الأَقرانِ

فلو اعتبرتَ لذا الشَقاءِ تقطَّرت

منك المدامعُ كالنجيعِ القاني

اينَ الممالكُ والمدارسُ والحِجَى

وكنائسٌ وديارة الرُهبانِ

غدت العِدَى والحان والجهل الردي

وجوامعاً ومساكنَ الحيوانِ

اينَ الرواهبُ والرهابينُ الأُولى

كالزُهرِ قد لمعوا بكل مَكانِ

ببوادي الأُردُنّ والأسقيط أي

وادي هبيبَ بمصرَ مع فارانِ

اسلا وميزان القلوب وبارتي

بائيس والقسطاس مع بحرانِ

من سيدنٍ وأَلِيقَ مع وادي شدا

اهدى شَذاهم سائرَ البُلدانِ

وديارةٌ نُسِيَت بإِنطاكيَّةٍ

للبار ذي طَودِ التُقَى سِمعانِ

تُحيي الجَنانَ جِنانُها ورياضُها

يا جَنَّةً هي جَنَّتي لجَناني

لِلّه هاتيكَ المناسكُ والصوا

معُ والمشاهدُ حيثُ كلُّ امانِ

عاثَ الدَمارُ بها فأَمسَت بَلقَعاً

قَفراً يَباباً فاقدَ القُطَّانِ

والبُومُ يَنعَقُ شاكراً شرَّ الشِقا

قِ لأَنَّها أَضحت بلا سُكَّانِ

كم في بِلادِ الروم كان ديارةٌ

من كل ذي سِبطٍ وكلّ لِسانِ

ساعينَ في أَثرِ الكَمالِ فأَدرَكوا

من كل ساهٍ في الدُجَى سَهرانِ

شدُّوا مَناطقهم على حَقوِ التُقَى

متنشطينَ فليسَ فيهم وانِ

عقدوا مآزرَهم لحِفظِ طَهارةٍ

مع طاعةٍ والفَقرِ من قنيانِ

هذي الثلاثُ اطائدٌ ودعائِمٌ

للرهبناتِ وطيدةُ الأَركانِ

والآن ضاعت منهمُ حتى غدت

رُهبانهم كالجُند في المَيدانِ

من كل راكبِ صَهوةٍ ومُقلنَسٍ

شاكِ السِلاحِ يصولُ كالفُرسانِ

يجنونَ اموالَ الرعيَّةِ بالدَها

فكأَنَّما هم من بني ساسانِ

اقضوا بان يقضوا لُباناتِ الهَوَى

اذ لم يُبالوا من قَضا الدَيَّانِ

كانت رُعاةُ الشرقِ آلافاً تُرَى

من أُسقُفٍ سامٍ ومن مَطرانِ

ولانهم ارفوا الشِقاقَ تشقَّقوا

وتمزَّقوا كتمزُّق الدخانِ

ذلُّوا وقد قلُّوا وقلَّ عديدُهم

ففَنُوا ودونَ اللَهِ كلٌّ فانِ

فاسكندريَّةُ لم يَعُد فيها فَتىً

يَرَعى رعايا اللَه باطمِئنانِ

رُؤَساؤُها جعلوا الكنيسة متجراً

آلَت لهم أَسرارُها بِضَمانِ

صهيونُ قد تبكي لفَقدِ رُعاتها

اذ قد بقي من جمعهم إِثنانِ

لجأُوا إلى النِيرانِ لَجأَة حائرٍ

فهمُ المَجُوسُ العابدوا النِيرانِ

ولقد اناروا النارَ نوراً خادعاً

ما ذاكَ الَّا خُدعةُ الأَعيانِ

قد يَدَّعُونَ بانها نورٌ وهم

يَغذُونَها بالشَمع والأَدهانِ

فهُمُ هُمُ ليسوا بأَنقصَ ضِلَّةً

ممن يَرَونَ عِبادةَ الأَوثانِ

ذا مجدُهم في نارِهم لكنهُ

ذا مجدُ كِسرَى صاحبِ الإِيوانِ

وسيُحشَرونَ معاً وذا شَرَفٌ لمن

يَعزَى إلى كِسرَى لآنُو شَروانِ

وكذاك إِنطاكيَّةٌ تَنعى بَها

ءَ سنائها السامي الرفيع الشانِ

لم يبقَ الَّا عُشرُ عُشر رُعاتِها

هم عِشرةٌ كمعاشرِ الصِبيانِ

لكن أَستثنِي رُعاةً منهمُ

سادوا ولكن عن رِضَى المَنَّانِ

وسِواهمُ سادوا الرعيَّةَ بالرُشَى

قهراً وما قد قُلتُهُ فكفاني

جاءُوا بلا عِلمٍ ولا فَهمٍ ولا

عَقلٍ ولا دِينٍ ولا إِيمانِ

من كل ذي غَمَرٍ لَوَ ان عرَّضتَهُ

للبيعِ يوماً لم يُسَم بلِسانِ

مُعتَلِّ اصلٍ مُستهانِ الشأن مُختلِّ

النُهَى متناقص الأَوزانِ

يتسخَّطونَ على الأَنام ليأخُذوا

اموالهم بالظُلم والعُدوانِ

ويُبارِكونَ الناسَ لكن عند قبض

الوَرقِ اذ هُوَ عِلَّةُ الغُفرانِ

فعزومُهم في الخيرِ مثلُ الماءِ لكن

قلبهم في الشرِّ كالصَوَّانِ

أَسفي على الرومِ الذينَ لاجلهم

أَذرِي الدِما لا الدمعَ من أَجفاني

من حينما أُسِروا من الأَتراكِ عن

حُكم الإِلهِ العَدلِ بالمِيزانِ

أَضحَوا وكلٌّ يشتهي حُكماً على

قومٍ لمتعة قلبِهِ الشَهواني

يتسابقون على الرئاسةِ جَهرةً

فكأنهم بالسَبقِ خيلُ رِهانِ

يجرونَ في مَيدانِ حُبِّ تقدُّمٍ

كالخيلِ جاريةً بلا أَرسانِ

ثَلَموا الرعيَّةَ ثَلمةً حتى لَقَد

قالت بلاني خالقي ورماني

لا يَجبُرونَ مَهِيضَها كلَّا ولا

يَهدُونَ من قد ضلَّ في القيعانِ

بل يذبحونَ ويطبُخونَ الجَديَ في

لَبَن امِّهِ فافهَم لُبابَ معاني

قامت رؤُوسٌ جَمَّةٌ لكنيسةٍ

فذٍّ فكلٌّ بالرئاسةِ زانِ

تَخِذوا الصوارمَ محتمىً لضَلالهم

يتهَدَّدونَ الخَلقَ بالخسرانِ

صونُ النفوسِ غدا يُجامعُ كُفرَهم

وبعُرفهم صَوناً لجمع صواني

يَشدُونَ بالأَلحانِ كيما يخدَعوا

بلذاذةِ الأَنغام كالخِيلانِ

اعيادُهم واحادُهم جعلوهما

موضوعَ جمع الشمعِ والقُربانِ

جعلوا على الأَسرارِ أَسعاراً لها

ثَمَنٌ فما تُعطَى بلا أَثمانِ

ولاجل سلبِ الوَرق تنظُرُهم كما ال

ورقاءِ يفتنُّونَ بالأَلحانِ

وبطولة الصلواتِ كم اكلوا بُيو

تَ أراملٍ بالسِرّ والإِعلانِ

يتفاخرونَ برَقشِ ثوبٍ فاخرٍ

وبرونقِ البدلات والتِيجانِ

يستخدمونَ شماساً ان شِمتَهم

شِمتَ الشُموسَ على غُصونِ البانِ

من كل شادٍ شادنٍ إِمَّا شَدا

بُعداً لصوتِ مَثالثٍ ومَثانِ

اينَ التورُّعُ والتنسُّكُ عندما

يجلونَ كأسَ الراح بالأَوزانِ

تغدو نُداماهم نُدامى فارتدِع

يا من يبيت مُنادمَ النَدمانِ

شانوا سَنَى الكهنوتِ اذ من شأنِهم

ان يمنحوهُ لِصبيةٍ غِلمانِ

راعوا النظيرَ فاصبحوا كشعوبهم

عُميَ البصائرِ قادةَ العُميانِ

غدت الدِيانةُ عندهم والدينُ حِفظَ

الصوم ليس الصونِ كالشَيطانِ

فكأنما هو كلُّ ما يكفي لمن

يبغي نَقاءَ النفس من أَدرانِ

يُوصُونَ في حِفظِ الطقوسِ بدِقَّةٍ

شيمٌ تكلُّفُها لقد اعياني

اما وصايا اللَه ما عَبِئُوا بها

وهيَ الحقائقُ لا رُسومُ مَبانِ

حَفِظوا القُشور وقد رَمَوا بلُبابها

رَميَ الجهولِ بجوهرٍ وجُمانِ

قد حرَّفوا مَعنَى الكِتابِ واحرفوا

عن صدقهِ بالكِذبِ والبُطلانِ

ياايها الشعبُ الشريفُ المُشترى

بدمٍ ثمينٍ فائقِ الأَثمانِ

يا ايها الشعبُ الذي من اجلهِ

صُلِبَ الالهُ ومات موتَ مُهانِ

يا ايها الشعبُ الجليلُ المُفتدَى

بدمٍ شَفاهُ من أَذَى الثُعبانِ

يا ايها الشعبُ العظيمُ المُجتَبَى

من فضل رحمةِ بارئِ الأكوانِ

حتى مَ تَخبِطُ في ظَلامٍ دامسٍ

متعثِّراً بالغيِّ كالسَكرانِ

أَنَّى فصلتم إِن يَثبُت بجوهرِ اصلهِ

يَثبُت وان يُفصَل يُعَدَّ كفاني

أَني ارتضيتم حُكمَ اعظمِ مِلَّةٍ

سنَّت بان يُقضَى لكم بِلعانِ

حقّاً لقد كَمَلَت بكم اقوالُ دا

ودَ النبيِّ باوضح التِبيانِ

من لم يشا البَرَكاتِ عنهُ تباعدت

وتقمَّص اللَعَناتِ كلَّ أَوانِ

يا ربِّ يا ربِّ استرِدَّ رعيَّةً

شَرَدَت وضلَّت كالقطيع الضانِ

وأَنِر عُقولهمُ التي قد أَظلَمت

وتبرقعت بالغَيِّ والذهلانِ

عقُّوا الكنيسةَ أُمَّهم وهيَ التي

حَضَنَتهمُ في امنع الأحضانِ

تلك التي قد أَسَّها الباري على ال

صخرِ الوطيدِ الثابتِ الأَركان

تلكَ التي المولى يسوعُ ابتاعَها

بدِمائِهِ لا بالدمِ الإِنساني

بِكرٌ من الأُمَمِ اجتباها مِثلَما

قد قالَ عنها بُولُسُ الطُوباني

هذه حَمامتُهُ الوحيدةُ في الورى

ولها الطَهارةُ والتُقَى جنحانِ

غَرَّاءُ جامعةٌ مقدَّسةٌ كما

يُنبيكَ عنها مجمعٌ هو ثانِ

رُسليَّةٌ ويُبِينُ ذلكَ رُسلُها

الجائلونَ بسائر البُلدانِ

سارينَ للبُشرى بغير عَصاً ولا

سيفٍ ولا كيسٍ ولا هِميانِ

متكلّماً مجموعهم بجميع انوا

عِ اللُغاتِ وكلِّ نُطقِ لِسانِ

كُرسيُّ رُوميةِ المدائنِ أُسُّها

ما شِينَ قطُّ بوَصمةِ الطُغيانِ

فيها أُقيمَ أَساسُها مع رأسِها

حِبرِ الهُداةِ الأَعظَمِ الروماني

لم تفتإِ الخُلفاءُ في شخص الصَفا

حتى مجيء الحاكم الديَّانِ

تَرعَى الخِرافَ مع النِعاج تحكُّماً

اعني الرُعاةَ وجُملةَ القُطعانِ

هذا الذي قد فاه في لاهوتِ إِبنِ

اللَهِ اذ ناداهُ باستِعلانِ

انتَ المسيحُ الهُنا ابنُ اللَهِ با

رينا بلا شكٍّ ولا كُتمانِ

في ذلك الكرسيّ من دُونِ السِوَى

حُفِظَت أَمانتُهُ بلا نُقصانِ

في ذلك الكرسيِّ اكملَ وعدَهُ ابنُ

اللَهِ لما قالَ بالإِعلانِ

انتَ الصَفا وعليكَ أَبني بِيعتي

كيما تكونَ وطيدة البُنيانِ

تَقوَى وما تُقوِي من التقوَى ولا

تَقوى عليها بِدعةُ المَيَّانِ

هذا الذي خَضَعَت لطاعة امرهِ

مِلَلُ الأَنام بعيدُها والداني

دخلوا بدِينِ اللَهِ أَفواجاً بلا

خوفٍ ورَهبةِ صارمٍ وسِنانِ

انا أَستميحكَ يا الهي مِنَّةً

يا بحرَ كل تعطُّفٍ وحَنانِ

في ان تنيرَ عُقولَ من قد اصبحوا

من ذي الغَباوةِ مُظلِمي الأَذهانِ

وأَقِل مساعينا العِثارَ ورَوِّيَنَّ

أُوامَنا من بحرك الهَتَّانِ

وعلى وَلائك أَلِّفَنَّ قلوبنا

واسمَح لنا بالفوزِ والرُضوانِ

وارحَم ايا مولايَ شعباً بائساً

وانظُر اليهِ بطَرفِكَ اليَقظانِ

واقتَدهُ من وَعثِ الضَلال إلى الهُدَى

بجَلالِ مريمَ بَهجةِ الأَكوانِ

من قد سَمَت فضلاً على أَوج العُلَى

وعَلَت أَخامصُها على كِيوانِ

فلها التحيَّةُ سرمداً ما غرَّدَت

وترنَّمت وَرقاءُ في أَفنانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نيقولاوس الصائغ

avatar

نيقولاوس الصائغ حساب موثق

العصر العثماني

poet-nicolaos al-sayegh@

342

قصيدة

33

متابعين

نيقولا (أو نيقولاوس) الصائغ الحلبي. شاعر. كان الرئيس العام للرهبان الفاسيليين القانونيين المنتسبين إلى دير مار يوحنا الشوير. وكان من تلاميذ جرمانوس فرحات بحلب. له (ديوان شعر - ط) وفي ...

المزيد عن نيقولاوس الصائغ

أضف شرح او معلومة