تُبْدِي الغرامَ وأهلُ العشق تكتمُه
وتدّعيه جِدالا منْ يُسَلِّمهُ
ما هكذا الحبُّ يا من ليس يفهمه
خلِّ الغرامَ لصبٍ دمعُه دمُه
حيران توجدُه الذكرى وتعدمُه
دعْ قلبَه في اشتغالٍ من تقلبُّه
ولبَّه في اشتعالٍ من تلهبُّه
واصنعْ جميلَ فعالٍ في تجنبه
واقنعْ له بعلاقاتٍ عَلِقنَ به
لو اطَّلعت عليه كنتَ تَرحمُه
فؤاده في الحمى مسعى جآذرِه
وفي نجوم السما مَرعى نواظرِه
فيا عذولاً سعى في لوم عاذره
عذلتَه حين لم تنظر بناظره
ولا علِمتَ الذي في الحب يعلمه
أما ترى نفسه مَرعَى الهَوى انتجعتْ
وساقها الحبُ فانساقتْ ولا رجعتْ
فاعذرْ أو اعذلْه ما وُرْقُ الحِمى سجعتْ
لو ذقتَ كأس الهوى العذريّ ما هجعتْ
عيناك في جُنح ليلٍ جُنَّ مظلمه
ولا صبوتَ لسلوانٍ ولا مللِ
ولا جنحتَ إلى لومٍ ولا عَذِلِ
ولا انثنيت لخطبٍ في الهوى جللِ
ولا ثنَيت عنانَ الشوق عن طلل
بالٍ عفتْ بيد الأنواء أرسمُه
فكيف ناقشته في أصل مذهبهَ
وما تحرَّيتَ تحقيقاً لملطبهِ
فوالذي صانه عن وَصمةِ الشبه
ما الحبُّ إلا لقومٍ يُعرفون به
قد مارسوا الحب حتى هان معظمه
تجيبه إنْ دعا للوعدِ أُمتُه
وعزمه بينهم سامٍ وهممتُ
قومٌ لديهم بيانُ الحب عجمته
عذابه عندهم عذبٌ وظلمته
نورٌ ومغرَمه بالراء مغنمَه
يا منْ دعاهُ هواه أن يعاشرَهم
اسلكْ مشاعرهم والزمْ شعائرَهم
وإن تكلَّفتَ أن تدرى أشايرَهم
كلَّفتَ نفسك أن تقفو مآثرهم
والشيءُ صعبٌ على من لس يُحكمُه
في حب ليلى خلىُّ البال يعذلُنى
إن لم أغالظ فما ينفكُّ يخذلني
فوالذي منزلَ العشاق ينزلنى
إنى أورِّى عَذولي حين يسألني
بزينبٍ عن هوى ليلى فأوهمه
كم في الهوى والنوى قاسيتُ من ألم
وكم ملأتُ طروسَ العشق من كلم
وكم سهرتُ سميرَ النجم في الظلم
وطالما سجعتْ وهْناً بذى سلَم
ورْقاءُ تعجم شكواها فأفهمه
ما السحبُ إلا دموعُ العين باكيةً
ولا لظَى غير أحشائي محاكيةَ
لا شك أني أناغي الوُرق شاكيةً
وتثنى عذباتِ البان حاكيةَ
عِلمَ الفريقِ فأدرِي ما تترجمُه
إمامُ عشقٍ تَوَّلى نصرَ ملَّته
على الوشاةِ وفاداها بمهجتهِ
نادى وقد ذابَ وجداً مع ثنيته
يا من أذاب فؤادي في محبته
لو شئتَ داويتَ قلباً أنت مُسقمه
متى بربْع صحابي أبلغُ الأملا
فكم سقى ماءُ دمعي السهلَ والجبلا
وما شفى معهداً من ساكنيه خلا
سقى الجبال فرعنَ الطودَ منه إلى
شِعب المريحاتِ هامي المزنِ مرهمه
ملثُ غيثٍ يسحُّ الوابلَ الهطلا
وصيبُ طيبٍ يستخصبُ الطَللا
أضحى بمنهمر الأنواء منهملا
وبات يرفض من وادي الحزام على
وادي أرامٍ وما والي يلملمه
حيَّا منازلُها فيضُ الحيا وملا
أرجاءها من بروقٍ يبْتسمْنَ جلا
ولا عدا عن رُباها الجودُ إذْ نزلا
يسوقه الرعدُ من خير البطاحِ إلى
أمّ القُرى ورياحُ البشر تقدمُه
سمى جُودٍ سريعاتٌ نجائبه
وليُّ عهدٍ مُريعاتٌ رَغائبهُ
وواكفٌ بالندى تكفي سَواكِبه
وكلما كفَّ أو كَلتْ ركائبُه
باداه بالرحبِ مَسعاهُ وزمزمُه
ما درَّ من قبله غيثٌ يُعارضَهُ
ولا أضرتْ بمسراهُ عوارضُه
تخاله وهو لا ريحٌ يُناقضه
لما ألثَّ على البطحاء عارضه
علا المدينةَ برقٌ راقَ مَبْسمه
برقٌ بواسمه في الجو قد سطعتْ
فقهقهَ الرعدُ بالغبْرَا وقد خشعتْ
والرجع سحَّ من الخضرا وما جمعت
سقى الرياض التي من روضها طلعت
طلائعُ الدين حتى قام قَيِّمُهُ
مغاربُ الأرض طُراً أو مشارقها
تسعى إلى طيبةٍ منها خلائقها
مدينةُ العلمِ هل تخفى حَقائقها
حيث النبوةُ مضروبٌ سرادقها
والنورُ لا يستطيعُ الليلُ يكتمه
يلوح في روضةٍ مأثورةِ الشرفِ
دريُّ كوكبها يجلو دُجى السُّدفِ
والبدر يطلعُ في أفقٍ بلا كلفِ
والشمسُ تسطع في خلف الحجابِ وفي
ذاك الحجابِ أعزُّ الكون أكرمهُ
يا زائراً قبرَ خيرِ البدو والحضرِ
الثمْ ثرى تربه المعشوشِب النضرِ
يلقاك حياً بأهنى عَيْشهِ الخضر
محمدٌ سيد الساداتِ من مُضر
خيرُ النبييِّن محيي الدينِ مكرمُه
عَرِّجْ بساحته يمنحْكَ تكرمةً
فلا تخفْ بعدها بغياً ومظلمةً
هذا المشفَّع يومَ العرض مرحمةَ
فردُ الجلالة فردُ الجود مكرمةَ
فردُ الوجود أبرُّ الكونِ أرحمُه
من في صَباحه يحكيه مبتسما
من في ملاحته حازَ البها وسما
كم أقسمَ الحقُ باسم المصطفى قسما
نورُ الهدى جوهرُ التوحيد بدرُ سما
ءِ المجدِ واصفُه بالبدر يَظلِمُه
بطيب عُنْصره طابتْ سريرتُه
شمائلُ المجد دونَ الحدِّ سيرتهُ
وسورةُ الفتح مثل الحمدِ سورته
من نور ذي العرش منشاه وصورته
ومنشأُ النورِ من نورٍ يُجسِّمه
من لاذَ من فَزعٍ بالهاشميِّ أَمِنْ
أو حادَ عنه فعن سُبل الرشاد عَمٍ
بالفضل قد خصّه مولاه وهو قَمِنْ
ومُودعُ السر في ذاتِ النبوة مِن
علمٍ وحلمٍ وإحسانٍ يُقسِّمه
ما حكمةُ الله ألا تُعجز الحُكما
قد أبرزتْ للورى أسمى الورى عَظُما
لبُّ اللباب تَسامى أصلُه ونما
فذاك من ثمراتِ الكون أطيبَ ما
جاد الوجودُ به أعلاه وأعلمه
سيوُفه بالردى نحو العدا لمعتْ
وكفُه بالنَّدى قبلَ النِّدا همعتْ
صفوفه في المدا رُوم الهدى اجتمعتْ
فما رأتْ مثلَه عينٌ ولا سمعت
أذنٌ كأحمدَ أين الأين نعلمه
لا تُعْزَ روماً وتُركاً أو جراكسةً
لحسنه إن في هذا مواكسةً
تقول آمنةٌ فيه منافسةً
أضحتْ لمولدِه الأصنامُ ناكسةً
على الرؤوس وذاقَ الخزيَ مُجرمه
فلا ترى الفرسَ للنيران جانحةً
بعد الخمود ولا الأنوارُ لائحةً
والمانويةُ لا تنفكُّ نائحةً
وأصبحتْ سُبلُ التوحيدِ واضحة
والكفرُ ينْدبُه بالويل مَأتْمه
كم ظلمةٍ عند أهل الزْيغ كامنةٍ
قد انجلتْ بيدٍ للنفع ضامنةٍ
وعصبةٍ من هجوم الروع آمنةٍ
والأرضُ تَبهجُ من نور ابن آمنةٍ
والعدلُ ترمي ثغورَ الجور أسهُمُه
فلا ترى كاهناً للغيب يسترقُ
كلاَّ ولا مارداً إلا ويحترقُ
والجنُّ خابوا الرجا بل مَسَّهم فرقُ
وإن يقُم لاستراقِ السمع مسترِقُ
رصْدنه أنجمُ الأرجاء ترجمُه
فكم تحدَّى وأبدى في دلالتهِ
من معجزاتٍ توالتْ في رسالتهِ
فقل لطاغٍ تمادى في ضلالتهِ
إن ابنَ عبد منافٍ من جلالته
شمسٌ لأفق الهدى والرسلُ أنجمُه
ما جاء مَن سلَب الأعدا غنيتمُه
به قتادةُ قد ردتْ كريمتُه
في كل آونةٍ تَزدادُ قيمتُه
العدل سيرتُه والفضلِّ شيمتُه
والرعبُ يقدمه والنصرُ يخدمه
في حَوْمَةِ الدين أصْمَى الغيَّ والجدلا
وجَنْدلَ الكفرَ حتى صار مُبتذلا
يمٌ طويلُ نجادٍ حكمُه عدلا
أقام بالسيف نهجَ الحق مُعتدلا
سهلُ المقاصدِ يَهدى من يُممه
يا صاح كنْ برسول الله مُقتديا
في فعله وبنورِ الحق مُهتدياً
فكم أبادَ من الباغين مُعتديا
وكلما طال ركنُ الشِّركِ مُنْتهِيا
في الرَّيغ قامَ رسولُ الله يَهدمه
بسعدِ طالعه تسمُو كواكبُه
وطالما ابتهجتْ زهواً مواكبُه
سَلْ البراقَ بماذا فاز راكبه
سارتْ إلى المسجد الأقصى رَكائبه
يزفُّه مُسرجُ الإسرا وملجمه
سَرى به وهو في أقصى تعجبِه
وفاز طه بأعلى المجد أعجبهِ
له انجلى ما توارى في تَحجبه
والشوقُ يهتف يا جبريلُ زُجَّ به
في النورو النورُ مرقاه وسُلَّمُه
في رؤيةِ الرسل ليلاً كمْ قضى أرَبا
وكم دنا وتدلّى ثمَّ واقتربا
لقد رأى الآية الكُبرى وما اضطربا
والعرشُ يهتزُّ من تعظيمه طربا
إذ شرَّفَ العرش والكرسيَّ مَقدمُه
اعتزَّ بالله حباً في معزتهِ
وحلَّ في الملأ الأعلى بحوزتهِ
فكيف فاز نبيٌّ شطرَ فوزته
والحقُ سبحانه في عزِّ عزته
من قاب قوسين أو أدنى يُكلمه
في السبع فازَ بخمسٍ فوزَ منصرفِ
بأجر خمسين يُسدى شكر معترفِ
ونال ما نال من مجدٍ ومن ترف
فكم هنالك من عزٍّ ومن شرف
لمن شديدُ القُوى وحيْاً يعلمه
كفَّارُ مكةَ ما كانتْ مُجوزةً
لا زال يمنحُ آياتٍ معززةً
حتى إذا جاء بالتنْزيل مُعجزةً
بل أصبحت بالأحاجي فيه مُلغزة
يمحو الشرائعَ والإحكامُ محكمه
أجابَ كلّ مصيخٍ بالسجود كما
آياتُه أخرستهم مَنطقاً وفمَا
وحيثُ كلٌ لديها ألقوْا السلما
هانتْ صفاتُ عظيم القريتين وما
يأتيه جهلاً أبو جهلٍ ويزعمه
فطالما بَالغُوا في السبِّ أو ثَلموا
عِرْضاً وأنفسَهم والله قد ظلموا
لو ميَّزوا قدرَهم من قدره سلموا
حال السُّهَى غيرُ حالِ الشمس لو علموا
بل أهلُ مكة في طغيانهم عمهُوا
عمْىُ البصائر عن قَدْرٍ وعن قَدَرِ
صمُّ المسامع عن تقديرٍ مُقتدر
فمن تخلف في وِرْدٍ وفي صدرٍ
فاصدعْ بأمرك يا بنَ الشمّ من مضر
فقد بُعِثْتَ لأنفِ الشِّرْكِ ترغمه
من يَسبْغِ شأرَك في قاب الكمل يمُنْ
بحظِ منهزمٍ يكبْوُا وعجزِ زَمِنْ
لك الشفاعةُ مولاك الكريمُ ضَمن
لك الجميلُ من الذكر الجميل ومن
كل اسم جودٍ عظيم الجودِ أعظمه
ففي البداية كنتَ السيدَ الحكَما
وفي النهاية حزتَ الحُكم والحِكَما
فرِّجه ودعْ الكهانَ والحِكما
يا أيها الآملُ الراجي ليهنك ما
ترجوه ذا كعبة الراجي وموسمه
يممْ ضريحاً إذا ما قام يحصُره
عادٍ ملائكةُ الرحمن تنصره
روضاً تباهتْ به في الدهر أعصره
قبراً أشاهد نوراً حين تبصره
عيني وأنشِقُ مسكاً حين ألثْمُه
خِضَمْ جودٍ تناهى في عزازتِه
فيه الأميرُ برئٌ من إمارته
من لي ولو بنصيبٍ من خفارته
كم استنبْتُ رفاقي في زيارته
عني وما كلُّ صبِّ القلبِ مُغرمه
قلبي طليقُ اللِّقا جسمي مُقيدُّه
فليتَ شعري متى يَفْديه سيدُه
كم أمَّهُ زائرٌ مثلي يؤيده
وكم تصافحه من لا يدي يده
ولا فمي عند تقبيل الثرى فمُه
أراه كالبدر في العلياء أرصدُه
قرينَ بُعدٍ وبالآمال أقْصِدُه
من للمُريد وقد أقصاه مُرشده
متى أناديه من قرب وأنشده
قصيدةً فيه أملاها خُرَيْدمه
حديثةٌ السنِّ ما نيطتْ تمائمُها
نضيرةُ الغصن قد غنتْ حمائمها
راجتْ حواسدُها جارتْ لوائِمُها
مهاجريةٌ أفترّتْ كمائِمها
عن ثغرِ لسانُ الحالِ ينظمه
عذراءُ منذورةٌ في خدمة الحرمِ
عسى يكونُ بها صفحٌ لمجترمِ
ويبلغ القصدَ قبل الفوتِ بالهِرمِ
كم يأمل الروضةَ الغراءَ ذو كرمِ
يرجو الزيارةَ والأقدارُ تحرمه
لما تجنَّى زماني الذنبَ وافتعلا
وابيضَّ مسودُّ شعر الرأس واشْتعلا
قصدتُ منْ جلَّ في سلطانه وعَلا
مستعدياً بحبيب الزائرين على
دهرٍ تَنكَّر بالإهمالِ معجمُه
هل سامَ فخرك إنسانٌ ولا ملَكٌ
أورام قدرَك سلطانٌ ولا مَلِكُ
فانْ ألمَّ زمانٌ خطبه حلك
فقمْ بعبدك يا شمسَ الوجود وك
حِماهُ من كل خطبٍ مرٍّ مطعمُه
فكم سقاه الردى أقذَى مشاربِه
من حيث ساقَ له أدهى نَوائبه
فاجعلْ زيارته أبهى مناقبهِ
وادعُ الإله إذا ضاق الخِناقُ بِهِ
ما خابَ من أنت في الدارين مُكْرِمُه
أرجوكَ نَصرةَ إعزازٍ مؤزَّرةً
على هوى النفس إذ كانتْ معذّرةً
وقد توالت جيوشُ الهمِّ منذرةً
يا سيِّدَ العربِ العرْباءِ معذرةً
لنادم القلبِ لا يُغني تَندمه
إلى حماكَ ضعيفاً أمرُه وَكلا
وكم مليكِ حمىً بالجاه رعى كَلاَّ
أصبحتُ كلاًّ على نُعماك بل ثِكلا
أثقلتُ ظهري بأوزارِي وجئتُك لا
قلبٌ سليم ولا شيءٌ أقدمه
سلكتُ في هذه الدنيا سلوك غبي
وما غدوتُ من الأخرى على رَهبِ
لكن تعلَّقتُ في أذيال خير نبي
يا صاحبَ الوحي والتنزيل لطفك بي
لا زلتَ تعفُو عن الجاني وتكرمه
رفاعةُ يشتكي من عصبةٍ سخرتْ
لما رأت أبحرَ العرفان قد زَخَرَتْ
فارفعْ ظلامةَ نفسٍ عدلك ادخرتْ
وهاك جوهرَ أبياتٍ بك افتخرت
جاءتْ إليك بخط الذنبِ ترقمه
قبولُ تَخمِيسها فضلٌ عليه ومَنْ
لأنه زَمِنٌ قاسَى ظروفَ زَمن
تلا مؤلفها يرجو الخلاصَ ثمنْ
فانهضْ بقائلها عبد الرحيم وَمَنْ
يليه إنْ همَّ صرفُ الدهرِ يهزمه
فاكشفْ بحقك عند اليوم مَظلمةً
من الهموم غدتْ كالليلُ مظلمةً
وانظر إليه بعين الفضل مَكرمة
واجعله منك بمرأى العين مَرحمةً
إذا ألمَّ به منْ ليس يرحمه
وارحمْ غريباً بُعيدَ الدار غائبه
حبلُ النوى حِملُ الأثقالِ غاربُهُ
فصِلْ رَغائبه وافصلْ غرائبه
وإن دعا فأجبه واحمِ جانبه
يا خيرَ من دُفنتْ في الترْب أعظمه
أسيرُ بيْنٍ قليلُ الصبر قاصِرُه
وعصرُه بفراقِ الأهل عاصره
وأنت ذو كرمٍ لا شيَّ حاصره
فكلْ من أنت في الدارين ناصره
لم تستطع محنُ الدارين تهضمه
وهذه حاجةُ الملهوفِ مُجملُها
وأنتَ أعلمُ والمولى يُجملُها
وتنتهي وقريبُ العفو يشملها
عليك مني صَلاتُ الله أكملُها
يا ماجداً عمَّتْ الدارينِ أنعمُه
يَسقى البرايا جميعاً ريَّ عارضها
إنساً وجناً ووحشاً في مرابضها
تُشفى الخلائق طُراً من تمارضها
يُبدي عبيراً ومسكاً مسكُ عارضها
ويبدأ الذكرُ ذكراها ويختمه
وها تحيةُ ربي أكرم الكُرَما
تنحُو ضريحك يا خيرَ الورى كَرَما
سواطعُ النور منها تملأ الحرما
ما رنح الريحُ أغصانَ الأراكِ وما
حامتْ على أبرق الحنان حُوَّمه
تحيةً بصلات البر عائدةً
بالخير موصلةً للرشد قائدةً
تُثنى عليك وليست عنك حائدةً
رَتنثني فتعمُ الآلَ جائدةً
بكل عارض فضلٍ جاد مُسجمه
رفاعةُ خمَّسَ المنظومَ مُرتجلا
قريضَه وهو بالخرطوم قد وَجل
قالت هواتفُه بالله كنْ رجلا
فإن جَدَّك طه للخطوبِ جلا
فأمرُ جدك هذا الجَدُّ يحسمه
ماذا العناءُ وأهل البيت قد كفلوا
عوداً جميلاً وما عن وعدهم غفلوا
لا تعنَ بالغير جَدّوا السيرّ أو قفلوا
هم أجمعوا أمرهم لكيْدِ واحتفلوا
والأمرُ لله ما يرضاه يَحْكمه
رفاعة بن رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي، يتصل نسبه بالحسين السبط. عالم مصري، من أركان نهضة مصر العلمية في العصر الحديث. ولد في طهطا، وقصد القاهرة سنة 1223 هـ، ...