الديوان » العصر المملوكي » ابن دقيق العيد » يا سايرا نحو الحجاز مشمرا

عدد الابيات : 50

طباعة

يا سايراً نحوَ الحجاز مُشمراً

اجْهَدْ فَدَيْتُك فِي المَسير وَفِي السُّرى

وتدَرَّع الصبرَ الجميلَ ولا تكُنْ

فِي مطلب المَجْدِ الأثيلِ مُقَصرَا

اقصدْ إِلَى حَيْثُ المكارمُ والندى

يلقاكَ وجههما مضيئاً مقمرا

وإذا سهرت الليلَ فِي طلب العلا

فحذارِ ثُمَّ حَذَارِ من خدْع الكرى

إن كلتِ النجبُ الركائبُ تارةً

فأعِدْ لَهَا ذكر الحَبيب مُكَررا

وأبعث لَهَا سرَّ المُدامِ فإنها

بالذِّكرِ لا تَنْفكُّ حَتَّى تَسْكَرا

وإذا اخْتفتْ طُرقُ المَسير وظَلّ من

أشكالِها نَظرُ البصير محيرا

فالقصْدُ حَيْثُ النورُ يُشرقُ ساطِعاً

والطرق حيثْ ترَى الثَّرى مُتَعطرا

قف بالمنازلِ والمَناهل من لدُنْ

وادي قباءَ إِلَى حِمى أمُ القُرَى

وتوَخّ آثارَ النَّبي فَضَعْ بِهَا

مُتَشرِّفاً خَدَّيكَ فِي عَفْر الثَّرَى

وَإذَا رَأيتَ مهابِطَ الوحيِ الَّتِي

نَشرتْ عَلَى الآفاق نُوراً نَوَّرَا

فاعلم بأنَّكَ مَا رَأيتَ شَبِيهَهَا

مُذْ كنتَ فِي ماضيَ الزَّمان ولا يرى

شرفاً لأمكنة تَنَزَّلَ بَيْنَها

جبريلُ عن رب السماء مُخَبِّرا

فَتَأَثَّرَتْ عنهُ بأحسنِ بهجة

أُفدى الجَمالَ مُؤثَّراً ومُؤَثِّرا

فتردَّد المحتارُ بَيْنَ بَعِيدهَا

وقَرِيبِها مُتَبدّياً مُتَحَضرَا

فتبرمتْ بجمالهِ وتشرَّفَتْ

بجلالهِ وَرَأَتْ مَقَاماً أكْبَرا

واسْتَوْدَعت من سره مَا كاد أنْ

يُبدَى لنا مَعنى الكمال مُصَوَّرَا

سرٌّ فهمنا كنههُ لَمْ يَشْتَبِهْ

فنشكَّ فِيهِ وَلَمْ يهنْ فَيُفَسَّرَا

اللهُ أكْبَرُ مَا أعزَّ جَنَابَه

وأجلَّ رفعْتَه عَلَى كُل الورَى

ولقدْ أقولُ إذَا الكواكبُ أشرَقَتْ

وترفعتْ فِي منتهَى شرف الذرى

لا تفخراً زُهراً فإنَّ مُحَمَّداً

أعلى عُلاً مِنهَا وأشرقُ جوهَرا

أحيى الإلهُ بِبعثِه سُننَ الهُدَى

وأعادَ مِن عَهْد النَّبُوَّةِ أعصرَا

وأتى بِهِ والنَّاسُ فِي ظُلَم الْعَمَى

مُولى المعَارفُ والقلوب فأنشرا

نِلنَا بِهِ مَا قَدْ رأينا من عُلاً

معَ مَا يؤمل فِي القيامة أنْ ترى

فَبِهِ المَلاذُ تَقَدَّماً وتأخراً

ولَهُ الجَميلُ مُحقّقًا ومقرَّرَا

لله مَا فِيهِ مِنَ الشرفِ الَّذِي

أعيَا عَلَى حُسَّابِه أنْ يُحْصرا

فَسَعادَةٌ أوليةٌ سَبَقَتْ وَمَا

هوَ ثابتٌ أزلاً فلنْ يَتَغَيَّرا

وسيادَةٌ بارَى الأنامَ لَهَا وَلا

سيما إذَا قدموا عَلَيْهَا المحشَرا

وَزَهَادَةٌ مَا اسْتَصْلَحَت شَيئاً من الدْ

دُنْيا لأنْ يُصغِي إِلَيْهِ ويَنظُرا

وجَلالَةٌ فِي الخُلْقِ حَتَّى إنَّه

أثنى عَلَيْهَا من بَرَاهُ وَصَوَّرا

وطهارةٌ فِي الخَلْق حَتَّى إنَّهُ

يندَى مع الأعرافِ مِسكاً أذفَرَا

وتجاوزٌ يُنسى العيوب تكرماً

ويُغادِر الذنب الكبير مُحقرا

ومواهبٌ يأتي لَهَا التأمِيلُ مُسْ

تقصىً فَيَرجعُ عَندَهُ مستقصرَا

ومهابةٌ مَلأ القلوبَ بَهاؤُهَا

واسْتَنْزَلَتْ كِبْرَ المُلوكِ مُصغَّرَا

نَزَلَتْ عَلَى قِدَم الزمان بِتُبَّعٍ

وَدَنَتْ عَلَى بُعد المَزارِ بِقَيصَرا

ولربما هبَّ القِتالُ فلوْ غَدَتْ

للَّيْثِ نالَ بِهَا الفريسةَ مُخْدَرَا

وبَديعُ لُطفِ شَمائل مِن دونِها

مَاءُ الغَمامَة والنَّسيمِ إِذَا سَرَى

مَع سَطْوَة لله فِي يوْم الوَغَى

تعنُو لشدَّةِ بأسها أَسْدُ الشرى

متعادلُ الطَّرَفيْن فِي طرُق العلا

عدلا وحاشاهُ بأن يَسْتَجْورا

لا يُنْكَرُ المَعْرُوفُ مِن أَخلاقه

فإِذا استبيحَ حمى الإلَه تَنَكَّرَا

عضبا لو أن البيض تدركُ كنهه

دانتْ لَهَا رعباً فسالتْ أنْهُرَا

شوْقِي لِقُرِب جنانه وصَحابِه

شوقاً يجِلُّ يسيرُهُ أن يذْكرا

أفنى كنوزَ الصَّبر من إسرافه

وجرَى علَى الأحشاء منْهُ مَا جرى

إِن لاح صُبحٌ كَانَ وجداً مقلقاً

أَوْ جنَّ ليلٌ هماً مسهرَا

لا وَاخَذَ اللهُ الزمانَ فإنَّه

أعنى مُرادِي مِنْهُ أن يتيسرا

أرجُو وصَالَ أحبّتي فكأنَّمَا

أرجو المحَالَ وُجُودَهُ المتعَذرَا

وأَسيرُ نَحْو مقامِهِم حَتَّى إِذَا

شَارفْتُ رؤيته رَجعتُ القهقَرَا

متلوّناً فِي الحالِ والمتَغير الأحْوَا

لِ يَلْقَى شرْبَهُ مُتَغَيرا

يَا خاتم الرُّسَل الكرامِ نداءَ مَنْ

وافى إِلَيْكَ مديحَه مُسْتَعذَرَا

أنا ضَيفك المدعو يومَ معادنا ال

مرجوّ فاجْعَلْ منْ قرايَ الكوثَرَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن دقيق العيد

avatar

ابن دقيق العيد حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Bin-Daqiq-Al-Eid@

52

قصيدة

61

متابعين

محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح، تقي الدين القشيري، المعروف كأبيه وجده بابن دقيق العيد.قاض، من أكابر العلماء بالأصول، مجتهد. أصل أبيه من منفلوط (بمصر) انتقل إلى قوص، ...

المزيد عن ابن دقيق العيد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة