الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » ما لي بودك بعد اليوم إلمام

عدد الابيات : 37

طباعة

مَا لِي بِوُدِّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلْمَامُ

فَاذْهَبْ فَأَنْتَ لَئِيمُ الْعَهْدِ نَمَّامُ

قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرَكْتُ مَأْرُبَةً

مِنَ الْمُنَى فَإِذَا مَا خِلْتُ أَحْلامُ

هَيْهَاتَ مِنِّي الرِّضَا مِنْ بَعْدِ تَجْرِبَةٍ

إِنَّ الْمَوَدَّةَ بَيْنَ النَّاسِ أَقْسَامُ

فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي إِنَّنِي رَجُلٌ

يَأْبَى لِيَ الْغَدْرَ أَخْوَالٌ وَأَعْمَامُ

كُلُّ امْرِئٍ تَابِعٌ أَعْرَاقَ نَبْعَتِهِ

وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ أَنْسَابٌ وَأَرْحَامُ

فَانْظُرْ لفِعْلِ الْفَتَى تَعْرِفْ مَنَاسِبَهُ

إِنَّ الْفِعَالَ لأَصْلِ الْمَرْءِ إِعْلامُ

وَلا يَغُرَنَّكَ وَجْهٌ رَاقَ مَنْظَرُهُ

فَالنَّصْلُ فِيهِ الْمَنَايَا وَهْوَ بَسَّامُ

مَا كُلُّ ذِي مِنْسَرٍ فَتْخَاءَ كَاسِرةً

كَلَّا وَلا كُلُّ ذِي نَابَيْنِ ضِرْغَامُ

فَإِنْ يَكُنْ غرَّنِي حِلْمِي فَلا عَجَبٌ

إِنَّ الْحُسَامَ لَيَنْبُوا وَهْوَ صَمْصَامُ

ظَنَنْتُ خَيْراً وَلَمْ أُدْرِكْ عَوَاقِبَهُ

فَكَانَ شَرّاً وَبَعْضُ الظَّنِّ آثَامُ

فَيَا لَهَا ضِلَّةً مَا إِنْ أَبَهْتُ لَهَا

حَتَّى تَرَدَّتْ بِهَا فِي الشَّرِّ أَقْدَامُ

آلَيْتُ أَكْذِبُ نَفْسِي بَعْدَهَا سَفَهَاً

إِنَّ الْمُنَى عِنْدَ صِدْقِ النَّفْسِ أَوْهَامُ

فَيَا بْنَ مَنْ تَزْدَرِيهِ النَّفْسُ مِنْ ضَعَةٍ

فَمَا يُحَسُّ لَهُ وَجْدٌ وَإِعْدَامُ

دَعِ الْفَخَارَ وَخُذْ فِيما خُلِقْتَ لَهُ

مِنَ الصَّغَارِ فَإِنَّ الطَّبْعَ إِلْزَامُ

وَاذْكُرْ مَكَانَكَ مِنْ عَبَّاسَ حَيْثُ مَضَتْ

عَلَيْكَ فِي الدَّارِ أَعْوَامٌ وَأَعْوَامُ

تَبِيتُ مُرْتَفِعَاً فِي ظِلِّ دَسْكَرَةٍ

لِكُلِّ بَاغٍ بِهَا وجْدٌ وَتَهْيَامُ

وَفَوْقَ ظَهْرِكَ لِلأَنْفَاسِ مُعْتَرَكٌ

وَفِي حَشَاكَ لِنَارِ الْفِسْقِ إِضْرَامُ

وَيْلُمِّهَا خَزْيَة طارَتْ بِشُنْعَتِها

صَحَائِفٌ وَجَرَتْ بِالذَّمِّ أَقْلامُ

فَاخْسَأْ فَمَا الْكَلْبُ أَدْنَى مِنْكَ مَنْزِلَةً

وَاخْسَأْ لِمِثْلِكَ إِعْزَازٌ وَإِكْرَامُ

هَذَا الَّذِي تَكْرَهُ الأَبْصَارُ طَلْعَتَهُ

فَحَظُّها مِنْهُ إِيذَاءٌ وَإِيلامُ

فِي وَجْهِهِ سِمَةٌ لِلْغَدْرِ بَيِّنَةٌ

وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ أَحْقَادٌ وَأَوْغامُ

لَهُ عَلَى الشَّرِّ إِقْدَامٌ وَلَيْسَ لَهُ

إِلَّا عَنِ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ إِحْجَامُ

كَأَنَّمَا أَنْفُهُ مِنْ طُولِ سَجْدَتِهِ

فِي حَانَةِ اللَّهْوِ حَرْفٌ فِيهِ إِدْغَامُ

كَعَقْرَبِ الْمَاءِ يَمْشِي مِشْيَةً صدَداً

فَخَلْفُهُ عِنْدَ جِدِّ الأَمْرِ إِقْدَامُ

أَبْدَى بِعَاتِقِهِ الْمنْدِيلُ سِيمتَهُ

وَحتَّ مَوْضِعَهُ مِنْ كَفِّهِ الْجَامُ

وَكَيْفَ يَصْلُحُ أَمْرُ النَّاسِ فِي بَلَدٍ

حُكَّامُهُ لِبناتِ اللَّهْوِ خُدَّامُ

قَدْ يَمَّمَتْهُ الْمَخَازِي فَهْيَ نَازِلَةٌ

مِنْهُ بِحَيْثُ تَلاقى اللُّؤْمُ وَالذَّامُ

مَا إِنْ أَصَبْتُ لَهُ خُلْقاً فَأَحْمَدهُ

فَكُلُّ أَخْلاقِهِ لِلنَّفْسِ آلامُ

فَظٌّ غَلِيظٌ مِقيتٌ سَاقِطٌ وَجِمٌ

وَغْدٌ لَئِيمٌ ثَقِيلُ الظِّلِّ حَجَّامُ

جَاءَتْ بِهِ عَجُزٌ لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ

لَهَا بِمَدْرَجَةِ الْفَحْشَاءِ أَزْلامُ

مُسْتَيْقِظٌ لِلْمَخَازِي غَيْرَ أَنَّ لَهُ

طَرْفاً عَنِ الْعِرْضِ وَالأَوْتَارِ نَوَّامُ

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا مِنْ عَدَاوَتِهِ

فَإِنَّهَا لِجَلالِ اللَّهِ إِعْظَامُ

فَاذْهَبْ كَمَا ذَهَبَ الطَّاعُونُ مِنْ بَلَدٍ

تَقْفُوهُ بِاللَّعْنِ أَرْوَاحٌ وَأَجْسَامُ

وَهَاكَ مَا أَنْتَ أَهْلٌ فِي الْهِجَاءِ لَهُ

فَالْهَجْوُ فِيكَ لِنَقْضِ الْحَقِّ إِبْرَامُ

مِنْ كُلِّ قَافِيَةٍ فِي الأَرْضِ سَائِرَةٍ

لَهَا بِعِرْضِكَ إِنْجَادٌ وَإِتْهَامُ

شِعْرٌ لِوَجْهِ الْمَخَازِي مِنْهُ سَافِيَةٌ

بِحَاصِبٍ وَلأَنْفِ الْجَهْلِ إِرْغَامُ

تَبْلَى الْعِظَامُ وَيَبْقَى ذِكْرُهُ أَبَدَاً

فِي كُلِّ عَصْرٍ لَهُ سَجْعٌ وَتَرْنَامُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1888

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة