الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » لمن الركائب نحو رامة ترتمي

عدد الابيات : 55

طباعة

لمَن الرّكائِبُ نحْو رامةَ ترْتَمي

منْ بعْدِ طولِ تأمُّلٍ وتلوّمِ

عُوجاً كأمْثالِ القِسيِّ ضَوامِراً

مهْما ارْتَميْنَ يُصِبْنَ شاكلَةَ الرّمي

يحْمِلْنَ من أهْلِ الصّبابةِ أسْرَةً

كلفَتْ برَبْعٍ للغَرامِ ومَعْلَمِ

من كُلّ يقْظانِ الفؤادِ حديثُهُ

يزَعُ المنامَ عنِ العُيون النُّوَّمِ

من كلّ منفردٍ بمجموعِ الهَوى

مُغْرىً بأشْتاتِ المحاسِنِ مُغْرَمِ

متوسّدٍ فوقَ الرواحلِ بالحِمى

متوسّلٍ في ربْعِهِ متوسِّمِ

متأمّلٍ لبِعادِهِ متألّمٍ

ومسلّمٍ لغَرامِه مُسْتَسْلِمِ

هُنّ الحَنايا لا الحَطايا إذْ رَمَتْ

منْها إلى الغرضِ القصيّ بأسْهُمِ

ومعاهِد الأُنْسِ التي وقفَتْ بها

للصّبْرِ حلّتْ كُلَّ عقْدٍ مُبْرَمِ

ما بالُها إن أُرْشِدَتْ لسُلُوِّها

لا تنْتَهي ولأهْلِ عُذْرةَ تنْتَمي

تُزْجي عُهودَ الدّمْعِ من أجْفانِها

وجْداً بذكْرى عهدِها المتقدّمِ

لمْ تُنْكِرِ الحيَّ الحِلالَ وإنّما

بهُيامِها عرَفَتْهُ بعْدَ توهّمِ

وعقيلةُ الحَيَّيْنِ تُوقِفُ ركْبَها

فالقوْمُ بينَ تأمُّلٍ وتألّمِ

مالُوا على الأقْتابِ حين تأمّلوا

فالرّكبُ بين توسّدٍ وتوسّمِ

أتْبَعْتُها نظَري غَداةَ تمنّعَتْ

فالطّرْفُ بينَ تمنّعٍ وتنعُّمِ

يُذْكي بمُحْمَرِّ الدموعِ صَبابَتي

فالقَلبُ بينَ تضرُّجٍ وتضرُّمِ

كم وقْفَةٍ حتَمتْ عليهِ بالهَوى

فالوجْدُ بيْنَ تحتّمٍ وتحكُّمِ

والشّمْسُ تبْدو في السّحابِ وتخْتَفي

فالأفْقُ بينَ تغيُّبٍ وتغيُّمِ

والطّيرُ تشْدو والحدائِقُ تنثَني

فالدّوحُ بينَ ترنُّحٍ وترنّمِ

والغيثُ يسحَبُ ذيلَهُ فوقَ الرُبى

فالسّحْبُ بين تجمّعٍ وتجهّمِ

والزَّهْرُ قد شقّ النسيمُ جُيوبَهُ

فالرّوضُ بين تبسّمٍ وتنَسُّمِ

كثَناءِ يوسُفٍ الذي شرعَ النّدى

فالجودُ بيْنَ مؤمَّلٍ وميمَّمِ

ملِكٌ إذا تُلِيتْ مآثِرُ مُلكِه

فالدُّرُّ بيْنَ منضَّدٍ ومنظَّمِ

يُسْتَفتَحُ النادي بذِكْرِ خِلالِه

فالوصْفُ بينَ مقدّسٍ ومُقدَّمِ

كمْ حِكْمَةٍ نادَتْ سيوفَ جِهادِهِ

هَذي العِدى قد أجْهَدَتْ فتحَكَّمي

كمْ همّةٍ نحْو الكواكِبِ ترْتَقي

يومَ الطِّعانِ وللمَواكِبِ ترْتَمي

بمَروعِ غَرْبٍ للسّوابِقِ ينْتَهي

ومُثيرِ حرْبٍ للبَوارِقِ ينْتَمي

من سائِقٍ يهْدي العُداةَ إلى الرّدى

أو سابِقٍ فذِّ الشِّياتِ مطهّمِ

فإذا استَنارَت للسّيوفِ بَوارقٌ

في الرّوْعِ أجْلَتْ كلَّ خطْبٍ مُظْلِمِ

وإذا تجلّتْ للأسنّةِ أنجُمٌ

في النّقْعِ أبْدَتْ كُلَّ معْنىً مُبْهَمِ

والحربُ إن عُقِدَتْ لها راياتُهُ

للكُفْرِ حلّتْ كُلَّ عهدٍ مُبْرَمِ

يقضي بأمْرٍ في المُلوكِ مُحكَّمٍ

يمْضي بعزْمٍ كالحُسامِ مُصمِّمِ

ما ظُلّلتْ لُجَجُ السّوابِغِ في الوَغى

إلا بأدْواحِ القَنا المُتحطّمِ

ما جُرّدَتْ بيضُ الظُّبا في المُلْتَقى

إلا لأن كُسيَتْ بمُحْمَرّ الدّمِ

يا مُنجِدَ الأمْلاكِ بالعزْمِ الذي

أبْدَى السّبيلَ لمُنجِدٍ ولمُتْهِمِ

هذي العِدى ترْجو نَدَى يدِكَ التي

هيَ مورِدُ الظّامي وكنْزُ المُعْدِمِ

لم يجْنَحوا للسّلْمِ إلا بعدَما

ألْقَتْ لك الدُنْيا يدَ المُسْتَسْلِمِ

كمْ أمّةٍ أمّتْكَ بعْدَ خِلافِها

لتَنالَ عفْوَكَ تحْفَةً في المَقْدَمِ

فأنَلتَها من حِلْمِكَ النعْمى التي

ظفِرتْ بهنّ يدُ المُسيءِ المُجْرِمِ

أمَّنْتَها فالقوْمُ بينَ مُهوّنٍ

للخَطْبِ في دَعَةٍ وبيْنَ مُهَوِّمِ

أوْلَيْتَها من جودِكَ النّعَمَ التي

جلّتْ فلا عدِمَتْ وجودَ المُنْعِمِ

هذا ويا للهِ وجْهَتُكَ التي

أعلتْ لدينِ اللهِ أشرفَ مَعْلَمِ

أعْمَلتَها طوْعَ السّعودِ رَكائِباً

تسْري وتَنتقِلُ انتِقالَ الأنْجُمِ

وحلَلْتَ فوقَ البحْرِ أمْنَعَ مَعْقِلٍ

حيثُ الكواكبُ ترْتَقي أو ترْتَمي

قد قابَلَ الكفَّ الخَضيبَ كأنّه

أبَداً يُشيرُ لها بكفِّ مُسَلّمِ

وأقَمْتَ بالقَصْرِ الذي بنُجودِهِ

يُلْفَى الأمانُ لمنجِدٍ أو مُتْهِمِ

فتَرى الثّنيّةَ دونَ مظْهَرِ أفْقِهِ

تلْقى رياحَ الجوّ فاغِرَةَ الفمِ

ثمّ انتقلْتَ لضفّةِ الوادي الذي

منهُ تُمِدُّ البحْرَ راحةُ منْعِمِ

طارَدتَ فيها كُلَّ أطْلَسَ شارِدٍ

متَهَيّبٍ نحْو المنيّةِ مُقْدِمِ

وقدِ انثَنيْتَ لحضْرةِ المُلْكِ التي

ما وصفُ غُرّ خلالِها بمُكتّمِ

وافَيْتَها فاهْنأ بأسْعَدِ وِجْهةٍ

وقدِمْتَها فاهْنأ بأسْعَدِ مَقْدَمِ

موْلايَ لا تُحْصى خِلالُكَ في العُلى

إلا بآياتِ الكِتابِ المُحْكَمِ

فإليْكَها طوْعَ البلاغةِ آثرَتْ

حُكْمَ البِدارِ إليْكَ دونَ تلَوُّمِ

جاءتْكَ منْ حُرِّ الكلامِ بلُؤلُؤٍ

ما بيْنَ فذٍّ للنّظامِ وتوْءَمِ

فبقيتَ ما سارَ الحَجيجُ إلى مِنىً

واحْتَلَ بالبيتِ العَتيقِ وزمْزَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

95

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة