الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » أسل الديار عن الحبيب وفي الحشا

عدد الابيات : 39

طباعة

أَسَلُ الدِّيَارَ عَنِ الْحَبِيبِ وَفِي الْحَشَا

دَارٌ لَهُ مَأْهُولَةٌ وَمَقَامُ

وَمِنَ الْعَنَاءِ سُؤَالُ خَاشِعَةِ الصُّوَى

بِيَدِ الْفَنَاءِ جَوَابُهَا إِرْمَامُ

ذَكَرَتْ بِهَا النَّفْسُ اللَّجُوجُ زَمَانَهَا

إِنَّ التَّذَكُّرَ لِلنُّفُوسِ غَرَامُ

إِذْ لِلْهَوَى ثَمَرٌ يَرِفُّ وَلِلصِّبَا

كَأْسٌ تُشَفُّ وَلِلْمُنَى إِلْمَامُ

تَسْتَنُّ فِيهَا الْعِينُ بَيْنَ مَخَانِسٍ

فِيهَا السَّلامُ تَعَانُقٌ وَلِزَامُ

فِي فِتْيَةٍ فَاضَ النَّعِيمُ عَلَيْهِمُ

وَنَمَاهُمُ التَّبْجِيلُ وَالإِعْظَامُ

ذَهَبَتْ بِهِمْ شِيَمُ الْمُلُوكِ فَلَيْسَ فِي

تَلْعَابِهِمْ هَذَرٌ وَلا إِبْرَامُ

لا يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ آدَابِ الْهَوَى

سُمُحُ النُّفُوسِ عَلَى الْبَلاءِ كِرَامُ

مِنْ كُلِّ أَبْلَجَ يُسْتَضَاءُ بِنُورِهِ

كَالْبَدْرِ جَلَّى صَفْحَتَيْهِ غَمَامُ

سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لا يَسُوءُ جَلِيسَهُ

بَيْنَ الْمَقَامَةِ وَاضِحٌ بَسَّامُ

مُتَوَاضِعٌ لِلْقَوْمِ تَحْسَبُ أَنَّهُ

مَوْلَىً لَهُمْ فِي الدَّارِ وَهْوَ هُمَامُ

تَتَقَاصَرُ الأَفْهَامُ دُونَ فِعَالِهِ

وَتَسِيرُ تَحْتَ لِوَائِهِ الأَقْوَامُ

فَإِذَا تَكَلَّمَ فَالرُّؤُوسُ خَوَاضِعٌ

وَإِذَا تَنَاهَضَ فَالصُّفُوفُ قِيَامُ

حَتَّى انْتَبَهْنَا بَعْدَ مَا ذَهَبَ الصِّبَا

أَنَّ الْخَلاعَةَ وَالصِّبَا أَحْلامُ

لا تَحْسَبَنَّ الْعَيْشَ دَامَ لِمُتْرَفٍ

هَيْهَاتَ لَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ دَوَامُ

تَأْتِي الشُّهُورُ وَتَنْتَهِي أَيَّامُهَا

لَمْعَ السَّرَابِ وَتَنْقَضِي الأَعْوَامُ

وَالنَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَارِدٌ

أَوْ صَادِرٌ تَجْرِي بِهِ الأَيَّامُ

لا طَائِرٌ يَنْجُو وَلا ذُو مِخْلَبٍ

يَبْقَى وَعَاقِبَةُ النُّفُوسِ حِمَامُ

فَادْرَأْ هُمُومَ النَّفْسِ عَنْكَ إِذَا اعْتَرَتْ

بِالْكَأْسِ فَهْيَ عَلَى الْهُمُومِ حُسَامُ

فَالْعَيْشُ لَيْسَ يَدُومُ فِي أَلْوَانِهِ

إِلَّا إِذَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجَامُ

مِنْ خَمْرَةٍ تَذَرُ الْكَبِيرَ إِذَا انْتَشَى

بَعْدَ اشْتِعَالِ الشَّيْبِ وَهْوَ غُلامُ

لَعِبَ الزَّمَانُ بِهَا فَغَادَرَ جِسْمَهَا

شَبَحاً تَحَارُ لِدَرْكِهِ الأَفْهَامُ

حَمْرَاءُ دَارَ بِهَا الْحَبَابُ فَصَوَّرَتْ

فَلَكاً تَحُفُّ سَمَاءَهُ الأَجْرَامُ

لا تَسْتَقِيمُ الْعَيْنُ فِي لَمَعَانِهَا

وَتَزِلُّ عِنْدَ لِقَائِهَا الأَقْدَامُ

تَعْشُو الرِّكَابُ فَإِنْ تَبَلَّجَ كَأْسُهَا

سَارُوا وَإِنْ زَالَ الضِّيَاءُ أَقَامُوا

حُبِسَتْ بِأَكْلَفَ لَمْ يَقُمْ بِفِنَائِهِ

نُورٌ وَلَمْ يَبْرَحْ عَلَيْهِ ظَلامُ

حَتَّى إِذَا رَقَدَتْ وَقَرَّ قرَارُهَا

سَلِسَتْ فَلَيْسَ لِذَوْقِهَا إِيلامُ

تَسُمُ الْعُيُونَ بِنَارِهَا لَكِنَّهَا

بَرْدٌ عَلَى شُرَّابِهَا وَسَلامُ

فَاصْقُلْ بِهَا صَدَأَ الْهُمُومِ وَلا تَكُنْ

غِرّاً تَطِيرُ بِلُبِّهِ الأَوْهَامُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ لَيْسَ بِخَالِدٍ

وَالدَّهْرُ فِيهِ صِحَّةٌ وَسَقَامُ

يَهْوَى الْفَتَى طُولَ الْحَيَاةِ وَإِنَّهَا

دَاءٌ لَهُ دُونَ الشَّغَافِ عُقَامُ

فَاطْمَحْ بِطَرْفِكَ هَلْ تَرَى مِنْ أُمَّةٍ

خَلَدَتْ وَهَلْ لاِبْنِ السَّبِيلِ مُقَامُ

هَذِي الْمَدَائِنُ قَدْ خَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا

بَعْدَ النَّعِيمِ وَهَذِهِ الأَهْرَامُ

لا شَيءَ يَبْقَى غَيْرَ أَن خَدِيعَةً

فِي الدَّهْرِ تَنْكُلُ دُونَهَا الأَحْلامُ

وَلَقَدْ تَبَيَّنْتُ الأُمُورَ بِغَيْرِهَا

وَأَتَى عَلَيَّ النَّقْضُ وَالإِبْرَامُ

وَإِذَا السُّكُونُ تَحَرُّكٌ وَإِذَا الْخُمُو

دُ تَلَهُّبٌ وَإِذَا السُّكُوتُ كَلامُ

وَإِذَا الْحَيَاةُ وَلا حَيَاةَ مَنِيَّةٌ

تَحْيَا بِهَا الأَجْسَادُ وَهْيَ رِمَامُ

هَذَا يَحُلُّ وَذَاكَ يَرْحَلُ كَارِهَاً

عَنْهُ فَصُلْحٌ تَارَةً وَخِصَامُ

فَالنُّورُ لَوْ بَيَّنْتَ أَمْرَكَ ظُلْمَةٌ

وَالْبَدْءُ لَوْ فَكَّرْتَ فِيهِ خِتَامُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1889

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة