الديوان » العصر المملوكي » ابن سنان الخفاجي » أفي نجد تحاورك القبول

عدد الابيات : 54

طباعة

أَفي نَجدٍ تُحاوِرُكَ القَبولُ

أَظُنُّ الرّيحَ تَفهَمُ ما تَقولُ

تَغَنَّت في رِحالِ الرَّكبِ حَتّى

تَشابَهَتِ الذَّوائِبُ وَالذُّبولُ

صَحِبنا في دِيارِكُمُ صَباها

تَناوَبها التَّنَفُّسُ وَالنُّحولُ

وَأَمطَرنا سَحابَ الدَّمعِ حَتّى

حَسِبنا أَنَّهُ مُهَجٌ تَسيلُ

وَعُجنا ذاهِلينَ فَما عَلِمنا

أَنَحنُ السّائِلونَ أَمِ الطُّلولُ

وَأَعدَينا بِذِكرِكُمُ الخُزامى

فَمالَ مَعَ النَّسيمِ كَما يَميلُ

وَفي الأَظعانِ لَيِّنَةُ الثَّنِيِّ

عَصِيُّ الرِّدفِ مانِعَةٌ بَذولُ

سَأَلناها تُحَيِّينا فَضَنَّت

وَذَلِكَ لَو تَجودُ بِهِ جَزيلُ

سَقَت أَرضَ السَّوِيَّةِ وَالغَوادي

تَهاداها الأَباطِحُ وَالسُّهولُ

يَمانِيَةٌ تُصَفِّقُها النَّعامى

إِذا خَطَرَت وَتَلحَقُها القَبولُ

كَأَنَّ يَدَ المُعِزِّ حَنَت عَلَيها

مَخافَةَ أَن تَضُرَّ بِها السُّيولُ

شَفى مَرَضَ العَواصِمِ عامِرِيٌّ

تَنمُّ عَلى خَلائِقِهِ الشَّمولُ

جَلا صَدأَ القَذى عَنها وَصَحَّت

فَلَيسَ سِوى النَّسيمِ بِها عَليلُ

وَآمَنَ سِربها مِن كُلِّ خَطبٍ

فَأمُّ النّائِباتِ بِها ثُكولُ

كَريمٌ يَستُرُ المَعروفَ حَتّى

كَأَنَّ كَثيرَ ما يُعطي قَليلُ

تَغيرُ عَلى سوابِقِهِ الفَيافي

وَتَضرِبُ في صَوارِمِهِ الفُلولُ

تَزورُ جِيادُهُ أَرضَ الأَعادي

وَأَطرافُ الرِّماحِ لَها دَليلُ

طَلَعنَ مِنَ الجَزيرَةِ في هَناتٍ

تَقاضاها الطَّوائِلُ وَالدُّخولُ

وَجُبنَ مَعاقِلَ الأَعداءِ حَتّى

تَناذَرَتِ الرَّكائِبُ وَالخُيولُ

إِذا خَدَعَتهُمُ بِالنَّقعِ قالوا

نَعامُ الدَّوِّ أَفزَعَها الرَّعيلُ

وَإِن صَدَقَتهُمُ الخُرصانُ عَنها

وَلاحَت في عَجاجَتِها النُّصولُ

أَجارَهُمُ الفِرارُ مِنَ العَوالي

وَقَد يَنجو مِنَ القَدَرِ الذَّليلُ

وَحَلّوا بِالسَّماوَةِ في شِعابٍ

يُذَمُّ لَها مِنَ الطَّلَبِ الخُمولُ

رَعوا فيها الهَشيمَ وَقَد تَباهَت

بِزينَتِها المَخازِمُ وَالهُجولُ

إِذا سَرَحَت قِلاصُ الحَيِّ أَمناً

وَسارَت عَن مَنازِلها الحُمولُ

ثَوَوا أَسرى الخِدارِ وَقَد أَريحَت

مَطِيُّهُمُ وَسالَمها الذَّميلُ

طِلابٌ لا يُرَوِّعُهُ عِثارٌ

وَعَزمٌ لا يُنَفِّرُهُ نُكولُ

وَمُلكٌ شادَهَ ظَعنُ الهَوادي

تَزولُ الرّاسِياتُ وَلا يَزولُ

حَماهُ مِن مُخاتَلَةِ اللَّيالي

فَتىً مِثلُ المُرادِ بِهِ جَليلُ

تُحاذِرُ بَأسَهُ سُمرُ العَوالي

فَفيها مِن مَهابَتِهِ ذُبولُ

وَيُطلِعُ في ظَلامِ النَّقعِ مِنها

نُجوماً في النُّحورِ لَها أفولُ

مِنَ القَومِ الَّذينَ لَهُم أَكُفٌّ

يُبادِرُها فَتَنجابُ المُحولُ

كُهولُهُم إِذا غَضِبوا شَبابٌ

وَمُردُهُم إِذا حَلِموا كُهولُ

إِذا راعَت سُيوفُهُمُ المَطايا

تَمَنَّت أَنَّ مالِكَها بَخيلُ

غَدَت غُرَراً عَلى هامِ الأَعادي

وهُزَّ عَلى مَناسِمِها حُجولُ

وَقَفرٌ قُيّدَت فيهِ الدَّياجي

فَما لِخِضابِها عَنهُ نُصولُ

تَسَتَّر فيهِ ضَوء الصُّبحِ خَوفاً

فَنَمَّ بِسِرِّهِ السَّيفُ الصَّقيلُ

تَمُرُّ بِهِ السَّحائِبُ خائِفاتٍ

فَلَيسَ لَها بِساحَتِهِ هُمولُ

أَقاموا في غَياهِبِهِ العَوالي

مَناراً ما يَضِلُّ بِهِ سَبيلُ

حَذارِ فَإِنَّ في حَلَبٍ لُيوثاً

وَآجامُ الرِّماحِ لَهُنَّ غيلُ

وَمِن بَطنِ الشآم إِلى دُجَيلٍ

مَراتِعُ نَبتُها الأَسَلُ الطَّويلُ

يُشَيَّدُ دونَها لِبَني كِلابٍ

بُيوت ما يُضامُ لَها نَزيلُ

تَسيلُ شِعابُها بِنَدى ثِمالٍ

فَلَيسَ لَها إِلى كَلأ رَحيلُ

تَغَمَّدَ جُرمَها إِن طاحَ حِلمٌ

وَضَلَّت عَن هِدايَتِها عُقولُ

وَصُنها فَهيَ في يُمناكَ عَضبٌ

يُزينُكَ حَملُهُ وَبِهِ تَصولُ

فَدونَكَ عاجَلَت وَخزَ العَوالي

كَأَنَّ الرُّمحَ يَطعَنُهُ التَّليلُ

وَتَحتَ لِوائِكُم صَعبٌ أَباء

فَلَم يَركَب لَها ظَهرٌ ذَلولُ

أَرى إِبلي شَوارِعَ من قُنوعي

مَوارِدَ ما يُبَلُّ بِها غَليلُ

وَلَم تَعرِف لِمُصعَبِها قُيودٌ

وَلَم يَملِك لِشارِدِها جَديلُ

وَآمالي مُطرحَةٌ بِطاء

يُنازِعُ دونَها قَدَرٌ مَطولُ

أعيذُ نَميرَ وُدِّكَ مِن أَوامي

وَقَد أَودى بِجِمَّتِهِ النُّهولُ

فَهَل يَرضى لَكَ الكَرَمُ اطِّراحي

وَلَو أَنّي لجودِكُمُ عَذولُ

فَما يَسمو الزَّمانُ إِلى قِراعي

وَظِلُّ جَنابِكُم أَبَداً ظَليلُ

وَلا تَسطو عَلَيِّ يَدُ اللَّيالي

وَظَنّي في رَجائِكُمُ جَميلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن سنان الخفاجي

avatar

ابن سنان الخفاجي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-Sinan-Al-Khafaji@

148

قصيدة

24

متابعين

عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الخفاجي الحلبي. شاعر. أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري وغيره. وكانت له ولاية بقلعة (عزاز) من أعمال حلب، وعصي بها، فاحتيل ...

المزيد عن ابن سنان الخفاجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة