الديوان » العراق » حيدر الحلي » يا دهر ما شئت فاصنع هان ما عظما

عدد الابيات : 106

طباعة

يا دهرُ ما شئتَ فاصنع هان ما عظما

هذا الذي للرزايا لم يدع ألما

رزءٌ تلاقت رزايا الدهر فاجتمعت

فيه فهوّن ما يأتي وما قدما

ما بالُ أمُّ الليالي فيه قد حملت

فليتها وأبا أيامها عقما

لقد تحكَّم في الدنيا فنالَ بها

من النواظر والأحشاء ما احتكما

مضى الذي طبقتها كفُّه نعماً

فطبقتها الليالي بعده نقما

الآن غودرت الآمال حائمةً

وأين في الدهر منها من يبلُّ فما

وقبَّةُ المجد قد مالت ولا عجبٌ

فإنَّ أثبت أركان العُلى انهدما

فلينتظم مأتماً عمرُ الزمان لمن

بالصالحات جميعاً عمرُه انتظما

ولتحتلب عينها الدنيا لمن يدُه

كانت حلوبة جودٍ تقتل الأزما

وكيفَ تسأمُ من دمعٍ تتابعه

ومن متابعة النعماء ما سئما

في الكفِّ ما زرعت حسن الرجاء له

إلاَّ وأمطرها من كفِّه كرما

يا آخذاً كلَّ قلبٍ في ملامته

دع الملام وشاطرني الدموعَ دما

واقرعْ بلومك سمعَ الدهر حيث أتى

برنَّةٍ تركته يشتكي الصمما

طويتَ من يستظلُّ المعدمونَ به

فليتَ يا دهرُ قسراً ظلُّكَ انعدما

هل يعلم الزمنُ الغدَّار لا علما

ماذا به هجم المقدارُ لا هجما

فأيُّ رزءٍ بأيِّ الناس يكبر في

صدر الأنام سوى هذا الذي دهما

أفي ذوي الحلم فالثاوي زعيمُهم

أم في بني العُلى فالثاوي أبو العلما

أم في الأنام جميعاً فالذي افتقدوا

هو الذي جمعت أبراده الأُمما

بل كلُّ ميتٍ له ثلمٌ بحوزته

لكنَّ في موته الإِسلام قد ثلما

قام النعي على دار السلام له

فقلت بعدك ليت الكون ما سلما

ما زال بشرُك بالعافين ملتمعاً

حتَّى تحوَّل في أحشائهم ضرما

وإن بكتك فلا منٌّ عليك بها

بماء جودك جاري جفنك انسجما

هذي الدموع بقايا ماء عيشهم

من فضل ما كنت توليهم عليك همى

إن لم تفض بك عن وجدٍ نفوسهم

فسوف بعدك من قربٍ تفيضُ ظما

يا راحلاً ولسان الحال ينشدُه

وللمقال لسانٌ بالأسى انعجما

واهاً أبا المصطفى ماذا يقولُ فمي

وما البلى منك أبقى للجوابِ فما

الموت حتمٌ وإن كانَ المنى لك أن

تبقى ولو جاوزت أيَّامُك الهرما

لكن أتقضي بحيث الشمُّ راغمةٌ

من أزمةٍ لم تدع في معطس شمما

هلاّ بقيتَ لها في هذه السنة ال

شهباء تحفظ من أمجادها الحرما

أحين فيها اقشعرَّ العام وانبعثت

غبراء أمحلت الغيطان والأكما

تمضي وتتركها في عام مسبغةٍ

فمن لها وإلى من تشتكي القحما

أوقتُ موتك هذا والورى حشدت

هذي الخطوب عليها والبلا ارتكما

وددت يومك لم يجرِ القضاءُ به

لو كانَ للوح أنْ يستوقفُ القلما

حتَّى تُفرِّج غمَّاءَ الجدوب كما

فرَّجت من قبلها أمثالها غمما

ماذا يُراد بأهل الأرض فابتدرت

دهياءُ يوشك أن تستأصل النسما

أشارَ ربُّكَ إرسالَ العذاب بها

لمَّا جنوها ذنوباً تهتك العصما

فغيَّض الماءَ من أنهارها وطوى

بالموت شخصك عنها والحيا انعدما

مشت بنعشك أهلُ الأرض تحمله

فخفَّ حتَّى كأنْ لم يحملوا علما

وما دروا رفعته من كرامته

أهلُ السماء على أكتافها عظما

لم يرفعوا قدماً إلاَّ وقد وضعتْ

من قبلهم غرُّ أملاك السما قدما

كأنَّ نعشك محمولٌ به ملكٌ

وخلفه العالمُ الأعلى قد ازدحما

ساروا بها وسماءُ الدمع ترسلها

لك النواظرُ مدراراً ولا سأما

وهبَّ حين التقى ماءُ العيون على

أمرٍ نزا منه قلب الموت واضطرما

فكنت نوحاً وكان الفلك نعشك وال

طوفانُ فائرَ دمعٍ أغرق الأُمما

إنْ يحملوك على علمٍ فما حملوا

إلاَّ الركانة والأخطارَ والهمما

أو يدفنوك على علمٍ فما دفنوا

إلاَّ المحاسنَ والأخلاقَ والشيما

أو ينفضوا الكفَّ من تربٍ به دفنوا

ميتاً فتربُك بالأفواه قد لثما

كأنَّ قبرك فوق الأرض نجمُ سما

أو أنَّه في ثراه حلَّ نجمُ سما

يا نازلاً حيث لا صوتي يلمُّ به

عليك أمُّ المعالي جزَّت اللمما

واستوقفت بحشاها الركب في جدثٍ

بجود كفِّك لا بالغيث قد وسما

نادت بشجوٍ خذوا لي في حقائبكم

حشاشةً ملئت من مجدها سقما

قفوا بها واعقروها وانضحوا دمها

على ثرًى أمس قد واروا به الكرما

وقفت بعدك والزوراء أنشدها

أين الذي كانَ للاّجين معتصما

وأين من يزهر النادي بطلعته

للزائرين ويجلو عنهم الغمما

ومن بنى لقرى الأضياف دار عُلى

عمادُها الفخر فيه طاولت إرما

ومن تُردُّ جميعُ المشكلات له

إذا القضيَّة أعيا فصلُها الحكما

وأينَ للشتوة الغبراء مَن كرماً

ما قطَّب العام إلاَّ ثغرُه ابتسما

وأين مَن كانَ للعافينَ يلحفها

جناحَ رحمته ما دهرُه أزما

لا فرقَ ما بينَ أقصاها إذاً نسبا

عنه وما بين أدناه له رحما

وأين مَن ليتامى الناس كانَ أباً

في برِّه قد تساوت كلُّهم قسما

في فقد آبائها لليتم ما عرفت

لكنَّها عرفت في فقدها اليُتما

أحببت في الله كتمان الصنيع ولا

يزداد إلاَّ ظهوراً كلما كتما

من كانَ يحلف أن لم يعتلقْ أبداً

إثمٌ ببردك لم يحنث ولا أثما

ألا وقتك حشا العافين صائبةً

ولا وقاءً إذا رامي القضاء رمى

وهل توفّيك شكر المنعمين وقد

طوّقت حيًّا وميتاً جيدهما نعما

بالأمس وجهك يستسقى الغمامُ به

واليوم قبرُك تستسقى به الديما

وكنت ريَّ صداها فاستنبتَّ لها

ممن ولدت بحاراً للندى فعما

فأين مثلك تلقى الناسُ ذا كرمٍ

ومنك في حالة ما فارقوا الكرما

يا غائباً ما جرت في القلبِ ذكرتُه

إلاَّ ترقرقَ دمعُ العينِ وانسجما

لا غروَ أن يعقد الإِسلامُ حوزته

جميعها مأتماً يوري الحشا ضرما

فالثاكل الدينُ والمثكولُ شخصك وال

ناعي الهُدى والمعزِّي خاتمُ العلما

محمدٌ حسنٌ نظم الثناء له

فقلَّ في سلك تقواه من انتظما

سقت ضريحك من جدواك واكفةٌ

وطفاءُ ترضع درًّا ما الحيا فطما

أعيذ قلبك أن يهفو به حذرٌ

على المكارم أو يغدو لها وجما

طبْ في ثرى الأرض نفساً لا النديُّ خلا

من الوفودِ ولا عهدُ الندى انصرما

قامت مقامك فيه فتيةٌ ضربتْ

على السماء لها علياؤها خيما

وكيف يُظلمُ ربعٌ من عُلاكَ به

أبو الأمين سراجٌ يكشف الظلما

بقيةٌ من أبيكَ المصطفى رفعت

به علاه وفيه مجدُه دعما

أحبَّ قربك واستبقاه خالقُه

ركناً تطوف به الآمالُ مستلما

وأنت يا حرم المجد المنيف عُلًى

لا راعك الدهر واسلم للعُلى حرما

إنْ يوحشنَّك ما من بدرك انكتما

فليؤنسنَّك من نجميه ما نجما

لولا ابنه المصطفى للجودِ قلت شكت

من بعد إنسانها عينُ الرجا عمى

ندبٌ به فتح المعروفُ ثانيةً

من بعدما بأبيه أولاً حتما

مَن يلقه قالَ هذا في شمائله

محمدٌ صالحٌ أن يغتدي علما

حلوُ الخلائق في جيلٍ لهم خلقٌ

لو مازج الكوثر الخلديَّ ما طعما

ما شاهدت عظماءُ الأرض هيبته

إلاَّ وطأطأت الأعناقَ والقمما

والمشتري الحمدَ والأشرافُ أكسبها

لجوهر الحمد أغلاها به قيما

من لو يجود لعافٍ في نقيبته

لم يقرع السنَّ في آثارها ندما

لو قالَ قومٌ نرى بالجودِ مشبهه

لقلتُ هاتوا وعدُّوا العرب والعجما

أستغفرُ الله إنْ شبَّهت أنمله

بالقطرِ منسجماً والبحر ملتطما

نعم حكاه أخوه مَن به ظهرت

مخائلٌ من أبيه تفضحُ الديما

محمدٌ وكفى أنَّ الزمان لنا

عن منظرٍ حسنٍ منه قد ابتسما

إذا بدا سمت الألحاظ ترمقه

تخاله بهلال العيد ملتثما

من لفظه العذب إن شئت التقط درراً

أو فاقتطف زهراً أو فاقتبس حكما

فاهتف بمن ماتَ من أهل العلاء وقل

لولا الردى لا افتضحتم فاشكروا الرجما

قد أطلع المجدُ في أُفق العُلى قمراً

يا فرحة الشهب لو تغدو له خدما

أمات نشر مساعيه مساعيكم

حتَّى انطوت مثلكم تحت الثرى رمما

فلو رآه زهير في شبيبته

إذاً لفدَّاه واختارَ الفدا هرما

من دوحةٍ ما نمتْ إلاَّ الغصونُ عُلًى

وكلُّ غصنٍ بماء المكرمات نما

كارم لها الغيث واستشهد لها بندى

الجواد ثمَّ اروِ كيف الغيث قد لؤما

وفاخر البدرَ في لألاء غرَّته

وحكِّم الشرف الوضَّاح والعتما

واصدع بنجم العُلى الهادي بطلعته

دجى همومك واستكشف به الغمما

ومن أمين الندى فاعقد يديك على

أوفى البريَّةِ في أوفى الندى ذمما

يا أسرة المجد لا زلتم بأسرتكم

عقداً على نحر هذا الدهر منتظما

صبراً بني الحلم إنَّ الحلم منزلةٌ

حتَّى لمن منكمُ لم يبلغ الحلما

وحسبكم مصطفى العلياء فهو لكم

نعم الزعيمُ به شمل العُلى التأما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

549

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة