عرَّفت ناسكةَ ذاتُ اللمى
فرنت فاتكةً في أضلعي
ولكم بالهدب راشت أسهما
فرمت شاكِلتي صبري معي
أنشقتني يومَ جمع عَرفَها
وعلى الخيفِ حَمتني رشفَها
كحلَ الحسنُ لحسنٍ طرفَها
ما رنت للصبِّ إلاَّ أقسما
ما كذا ترنو ضباءُ الأجرعِ
والغواني تَدَّعي السحرَ وما
هو إلاَّ تحت ذاك البُرقعُ
غادةٌ أَقتَلُها لي كلُّها
مثلَ ما أحيى لقلبي وصلُها
ذاتُ غنجٍ قد سباني دلُّها
طرقت وهناً فقالت أجرما
إذ رأتني بائتاً في الهجَّعِ
ونعم يا ريمُ طرفي هوَّما
طمعاً منك بطيفٍ مُمتعِ
دُميةٌ نشرُ الخزامى نشرُها
بفُتاتِ المسك يزري شعرُها
كم ليالٍ هي عندي بدرُها
قابلت فيهنَّ مرآةً السما
بمحيَّاها فقيل انطبعي
هي والظبيةُ من وادٍ كما
هي والبدرُ معاً من مَطلع
كلَّما ورَّد خدَّيها الخجل
قطفت ذيّالك الوردَ المُقل
لا تسل عنِّي وعنها لا تسل
وقفت فاستوقَفتني مسقما
وأفاضت فأفاضت أدمعي
عجباً راقبتُ فيها الحَرَما
واستحلّت صيدَ قلبي الموجعِ
كم قضت في سعيها من منسك
ما أضاعت فيه إلاَّ نُسُكي
فلقد عدتُ بقلبٍ مُشركٍ
في الهوى يعبدُ منها صنما
فهو في اللاّهين لا في الركَّع
ظِلّة يقرأ قُل مَن حرَّما
زينةَ اللهِ ولمّا يقلعِ
لست أنسى بالمصلَّى موقفا
فيه يُرجى العفوُ عمَّا سَلفا
فبدت أحلى الغواني مَرشفا
تجرح النسكَ بلحظٍ إن رمى
سهمَه قَرطَسَ قلبَ الورع
وانثنت تطعنُ بالحج بما
قد حوى لينَ الرماحِ الشُّرَّع
يا سقى اللهُ ضحيَّاتِ النقى
وكَساها الروضُ وشياً مونقا
كم أرت عينيَ وجهاً مُشرقاً
وجلت لي من فتاةٍ مبسما
عن شتيتٍ واضحٍ ملتمع
فدعي دمعي ولكن رخّما
فأجابت بعقيقٍ أدمعي
عجبت حين بدت في تربها
ورأتني بين صرعى حبِّها
ثمَّ قالت للَّتي في جنبِها
هل وصلنَ الغيدُ قبلي مغرما
وسوى الشيبِ له لم يشفعِ
سُنَّةٌ ما عَمِلت فيها الدُمى
وهي في دين الهوى لم تُشرَعِ
لا ومن أودع في خصري النُحول
ورمى نرجِسَ جفني بالذبول
لستُ أُحيي أشيباً واسمي قَتول
للذي ماءُ الصبا فيه نما
غصنه من ناشئٍ أو يَفِعِ
كلَّما استقطرتُ منه اللَّمما
قطَّرت ماءً فبلَّت موضعي
قلتُ يا سالبتي طيبَ الوَسن
ما لمن تُصبي المعنَّى والسُنن
فصلي الصبَّ الذي فيكِ افتتن
واجعلي وصلَك في هذا الحمى
بدعةً جاءت كبعض البِدعِ
وأَلمّي كخيالٍ سَلّما
هوَّم الركبُ فحيّا مضجِعي
مَن رأى خدّيكِ قال العجبُ
كيفَ في الماءِ يشعُّ اللَهبُ
والتي طاب أبوها العنبُ
بالذي أودعها منكِ الفما
وبهِ حلّت بأحلا موضعِ
ما الذي مَن يرتشفه أَثِما
هي أم فوكِ فزيدي ولعي
وحديثٌ تتهاداه الربى
طاب نشراً بين أنفاسِ الصَبا
عن بشيرٍ جاء يطوي السبسبا
تأرجُ البشرى عبيراً أَينما
حلَّ في الأربُعِ بعد الأربع
شعبت شملَ العُلى فالتأما
ودعت قلبَ الحسود انصدع
فأدر يا صاحبي كأسَ الطرب
واطّرح في كأسِها بنتَ العنب
قُم فشاركني بما سرَّ الحسب
بَشِّرِ المجدِ وَهنّ الكرَما
وعلى هذا الهنا باكِر معي
قد تجلَّى كلُّ أُفقٍ أَظلما
بسنا هذي البدورِ الطلّع
زُهرُ مجدٍ زَهَر المجدُ بهم
لا خلت أفلاكُه من شُهبِهم
كلّما خفَّ الهوى في صَبّهم
وعلى المسرى إليهم عَزَما
ثَقُلت نهضتُه في المربع
في أمور طاريات كلّما
همَّ ينحو قصدَهم قُلنَ ارجعِ
لكَ يا عبد الكريمِ الفرَحُ
ولحُسّادكَ ذاك الترح
وصَفت لابن أخيكَ المنحُ
مصطفى المجدِ بأزكى من نما
شرفٌ سامٍ لمجدٍ أرفعِ
كبدورِ التمّ تنضو اللثُما
عن ثغورٍ كالبروقِ اللُّمعِ
قَرَّ طرفُ الفخرِ منها بالحسن
ذاك من قرَّت به عينُ الزمن
شخصُه والدهرُ روحٌ وبدن
فحياةُ الدهرِ لمّا قَدِما
رجعت للناس أحلا مَرجعِ
ما براه اللهُ إلاَّ عيلما
لبني الآمالِ عذبَ المَشرعِ
ردَّ في صدرِ المعالي قلبَها
ولأفلاكِ المساعي قُطبَها
والقوافي سبَّحته ربَّها
وأتت تهدي إليه أنجما
ما حواها فلكٌ في مَطلع
دُرَراً وهي تُسمى كَلِما
مثلُها ما أنشدت في مجمعِ
شهدت للمجد أبهى محفل
فادَّعت فخراً وقالت هو لي
أيّها القالةُ مثلي فصلِّي
من فريدِ المدح ما قد نُظِما
ثمَّ يا صاغةُ مثلي رصِّعي
أو فكفِّي وأريحي القلَما
وبياضَ الطرسِ للطرس دعي
هذه الأفناءُ أفناءُ الشرف
مُنتدى الآداب فيها والظرف
لم يزل للمدح فيها معتكَف
مَن يَردْ يهدي إلى هذي السما
يلتقط من هذه الزهرِ معي
ما وعاها الدهرُ إلاَّ مغرما
قال أحسنتَ ففرّط مسمعي
دار مجدٍ مصطفى الفخرِ بها
كأَبيه حلمُه من هُضبِها
فالورى في شرقِها أو غربِها
كلُّها تلحظُ منه عَلَمَا
شامخاً هضبته لم تطلعِ
خيرُها مجداً وأعلى منتما
في العُلى من كلّ ندبٍ أروعِ
طاوَلَ الأمجادَ حتَّى ابتدروا
غايةً جازَ إليها القمرا
وغدا جُوداً يُمير البشرا
بيدٍ أخجلَ فيها الدِيَما
قائلاً يا أيُّها السحب اقلعي
ما أتاه الوفدُ إلاَّ كرما
حلَّ منه في الجناب الممرعِ
يا عرانينَ المعالي والشرف
لكُم أهديتُها أسنى التحف
ولكم تُجلى عروساً وتُزف
فلها البشرُ بكم زهواً كما
لكم البشرُ بها في المجمعِ
والبسوا الأفراح ثوباً مُعلَما
عنكم طولَ المدى لم يُنزعِ
نَصبَ العشقُ لعقلي شَركا
مِن جعودٍ كم سبت ذا ولعِ
ومِن اللحظِ بقلبي فتكا
بسهامٍ ليتها لم تُنزَعِ
يا نديميَّ على الوردِ الندي
مِن خدودِ الخرّدِ الغيدِ الكعاب
غَنِّياني بِلَعوبٍ بالعشيّ
ليس غيرَ العطر تدري والخضاب
قد حوى مرشفُها العذبُ الشهي
شهدةً قد لقَّبوها برضاب
أَطرِباني ودعا من نسكا
إنَّما الجنَّةُ تحتَ البرقعِ
في محيَّا ذاتِ قَدٍّ قد حكى
قمرَ التمِّ بأبهى مطلعِ
عَلِّلاني برشُوفٍ ثغرُها
مرتوٍ خلخالُها عطشى الوشاح
غضةِ الجيدِ رهيفٍ خصرُها
لم تكن تبسم إلاَّ عن أُقاح
طَرقت زائرةً تستُرُها
طرَّةٌ في ليلها تعمي الصباح
بتُّ لا أجذبُها إلاَّ اشتكى
خصرها ممَّا تلوَّى ولعي
لفَّنا الشوقُ وقال احتبكا
بعناقٍ وبضمٍّ ممتعِ
غادةٌ قامتها الغصنُ الوريق
فوقها ريحانةُ الفرعِ تَرِفّ
صدغُها والخدُّ آسٌ وشقيق
فتروَّح وإذا شئتَ اقتطِف
خالُها والريقُ مسكٌ ورحيق
فتنشَّق وكما تَهوى ارتشِف
نصبت ألحاظُها مُعتركا
غير عُذريّ الهوى لم يجمع
جفنُها في سيفهِ كم سفكا
من دمٍ لولا الهوى لم يَضِعِ
معرَكٌ للشوقِ كم فيه مُقام
لأخي قلبٍ من الوجدِ صديع
وبه كم قلَّبت أيدي الغرام
بين ألحاظِ الغواني مِن صريع
ودعت حوراؤه موتوا هيام
فلدينا أجرُكم ليسَ يَضيع
في سبيلِ الحبِّ من قد هلكا
فمعي يُمسي ومَن يمسي معي
كانَ في جنَّة حُسني مَلِكاً
أينَ ما مدَّ يداً لم يُمنعِ
أقبلت سَكرى ومن خمرِ الصبا
عَطَفتها نشوةُ الدَّلِّ عَليك
تَسرِقُ النظرةَ من عينِ الضِبا
وبلحظٍ فاترٍ ترنو إليك
تخذت ماشطةً كفَّ الصبا
كلَّما رجَّلت الجعدَ لديك
نَثَرت مِسكاً بذي البانِ ذكا
فسرت نفحتُهُ في لَعلَع
كم تستَّرت بها فانهتكا
ذلك السترُ بطيب المضجع
ونديمٍ لفظهُ العذبُ الرخيم
كنسيمِ الورد في رقَّته
قبلَه ما خلتُ وُلدانَ النعيم
بعضُهم يُسرقُ مِن جَنَّته
إنَّما آنستَ يا قَلبي الكليم
شُعلةً بالكاسِ مِن وَجنتِه
لا تقل كيفَ من الكاس ذكا
جمرُ خدَّيه معاً في أضلعي
فذُكاً وهي تَحلُّ الفَلكا
إن تُقابَل بزجاجٍ تَلذعِ
عَدِّ عن ذكرِك رَبَّاتِ الخدور
وأَعد لي ذكرَ أربابِ الحسب
وأَدر راحَ التهاني والحُبور
للندامى واطَّرح بنتَ العنب
فَصبا الأفراح عن نَورِ السرور
فتَّحت يا سعدُ أكمامَ الطرب
والعُلى والمجدُ بشراً ضحِكا
في ختانٍ قال للشمسِ اطلعي
إن يكن قطعاً ففيه اشتركا
بسرورٍ ليس بالمنقطع
طاوِلوا الشمَّ بني الشمِّ الرعان
والبسُوا الفخرَ على طولِ السنين
ما أتمَّ المجدُ فيكم فالزمان
منكُم العليا به في كلِّ حين
لم تلد إلاَّ غنياً عن ختان
وسليمٍ عن زياداتٍ تشين
كلُّهم في منبتِ العزِّ زكا
وكطيبِ الأصلِ طيبُ المفرع
من تَرى منهم تخله مَلكا
قد تراءى بشراً في المجمع
لكم البُشرى ذوي الفخر الأغر
بسليلي أكرمِ الناسِ قبيل
لستُ أدري أفهل أنتم أسرّ
بهما اليومَ أم المجدُ الأثيل
وهل العلياءُ عيناها أقرّ
بهما أم عينُ ذي الرأي الأصيل
مصطفى المعروفِ مَن لو مَلكا
حوزةَ الأقطارِ لم تتَّسع
لأياديكم بها قد سمكا
مِن سماءٍ لعلاءٍ أرفع
إن أقل يا بدرَ مجدٍ زَهَرا
وبزعمي غايةَ المدحِ بَلغت
قالَ لي البدرُ كفاني مَفخراً
فبتشبيهكَ لي فيهم مَدحت
أو أقل يا بحرَ جودٍ زَخَرا
قال لي البحرُ لماذا بي سَخرت
قست من لوازم فخراً لا تكن
وكفى عنِّي بصُغرى إصبع
كم بها بخَّل غيثاً فبكى
وغدا ينحبُ بالرعد معي
واحداً في كلِّ فضلٍ منفرد
بمزاياً في الورى لم تكنِ
حلف الدهرُ به أن لا يلد
للعُلى مثلاً له في الزمن
لا تخلها حِلفةً لم تنعَقد
فَبِها استثنى له بالحسن
ذاكَ من أُصعدَ حتَّى أدركا
ذُروَةَ المجدِ التي لم تطلع
كم من المجدِ سماءً سَمكا
لاح والشمسَ بها من مطلع
ذو مزاياً سُقيتها روضتُه
فارتوت بالعذبِ من ماءِ النُهى
كمُلت عندَ المعالي نهضتُه
لو بها شاءَ إذاً حطَّ السهى
وهو الغيثُ ولكن ومضتُه
تُنبِت الشكرَ بمنهلّ اللهى
مثلما ينبت طوراً حسكا
في عيونٍ حسداً لم تهجع
أعينٌ ليت الكرى إن سَلَكا
بين جفنيها جَرى في الأدمع
يا خليليَّ وأيامُ الصبا
حلباتٌ فانهضا نستبقِ
خَلَعت خيلُ التصابي عذرَها
فَرِدا فيها بحزوى غدرَها
واقنصا بين الخزامى عفرَها
فاتَ فيما قد مضى أن تطربا
فخذا حظّكما فيما بقي
إنَّ أيَّامَ الصِبا في مذهبي
لأخي الشوقِ دواعي الطربِ
فعلى جلوةِ بنتِ العنبِ
أو على نرجس أحداق الظبا
غنّياني من لصبّ شيّق
زالَ عنِّي يا نديميَّ الوَصبْ
أقبلَ النورُ ولي فيه أَرب
أبرز الأنقاءَ في زيٍّ عَجب
ومن الوشيِ كساها قُشُبا
حُللَ السندسِ والإستبرقِ
وشّح الطلُّ عروسَ الزهرِ
بسقيطِ اللؤلؤ المُنحدر
ثم حيَّاها نسيمُ السحَر
وجَلاها فوق كرسيِّ الرُبا
لمعُ برقٍ من ثنايا الأَبرق
أعرسَ الروضُ بنوَّارٍ حلا
عندليبُ الأَيكِ فيهِ هَلهَلا
رقصَ القطرُ فغنَّى وعلى
منبرِ الأغصانِ لمَّا خطبا
عقدَ البانَ وقال اعتنقي
في ربيعٍ بالتهاني زَهَرا
فرشَ الأرضَ بهاراً بَهَرا
ودَنانيراً عليها نَثَرا
بيد الوسميِّ ليست ذهبا
بل خدودُ الجلّنارِ المونقِ
كم شقيقٍ قد جلى عن نظرةٍ
من بياضٍ مُشربٍ في حمرةٍ
ومن الريحانِ كم من وفرةٍ
رفرفت ما بين أنفاسِ الصَبا
فوق قدٍّ من قضيب مُورق
وعلى خدٍّ من الوردِ بدا
صدغُ آسٍ بلَّهُ طلُّ الندى
في رياضٍ غضَّةٍ فيها غدا
ضاحكاً ثغرُ الأقاحي عَجَبا
وبها النَرجِسُ ساهي الحدقِ
في الرياحين يطيبُ المجلسُ
لبني اللهوِ وتحلو الأكؤُسُ
نُزَهٌ ترتاحُ فيها الأنفسُ
لمدامٍ عتّقوها حُقبا
ونديمٍ ناشئ ذي قُرطُقِ
بين سمطي ثغره للمستلَذ
خمرةٌ لم يعتَصِرها مُنتَبذ
إن تغنَّى هَزَجاً قلتُ اتخذ
مِعبداً عبداً وبعه إن أبى
وعلى إسحاقَ بالنعلِ اسحقِ
ذي دلالٍ يتكفَّى غَنَجا
فاقَ أنفاسَ الخُزامى أرَجا
كلَّما شَعشها تحتَ الدُجى
خلتهُ أوقد منها لَهبا
كادَ أن يَحرِقَ ثوب الغسق
أيها المخجلُ ضوءَ القمرِ
حرِّك الشوق بجسِّ الوتر
فإلى ريقك ذاك الخَصِر
طربَ الصبُّ فزده طربا
بغنًى يصبي ذوات الأطوق
واجلها وجنةَ خدٍّ أشرِبت
ماءَ وردِ الحسنِ حتَّى شرقت
وبكأسٍ من ثناياك حَلَت
عاطِنيها خمرَ ريقٍ أعذبا
من جنى النحلِ وربّ الفلق
كم ليالٍ بالهنا مُبيضةٍ
نعَّمتنا بفتاةٍ غضَّة
صيغ حسناً نحرُها من فضَّةٍ
وهي تلويه وشاحاً مُذهبا
فوق خصرٍ مثلُه لم يُخلَق
ذاتُ خدٍّ وردُه للمقتطِف
عقرب الصدغِ عليه تَنعطِف
وعلى فرشٍ من الجعدِ تَرِفْ
طالما العاشقُ منها قلّبا
حلوةَ المرشَفِ والمعتنَق
حيِّها عاقدةً زِنَّارَها
كم قضت مِن صبِّها أوطارَها
ودعت في خِدرِها مَن زارَها
لبني الأتراكِ أفدي العَرَبا
فظُباهم خدرُها لم يُطرقِ
لو تَطيقُ العربُ من إشفاقِها
حمت الطيف على مُشتاقِها
وغواني التركِ مع عُشَّاقِها
كلَّما مدَّ الظلامُ الغَيهبا
كم لها في مَضجعٍ من عَبَق
من عذيري من غزالٍ ثملٍ
ثعلي الجفن لا من ثعل
راش بالأهدابِ سهمَ المُقلِ
لو رمى من حاجب فيمن صبا
حاجباً راح بقوسٍ غلق
يا خليليَّ على ذكرِ المُقلِ
خلتُما همتُ ومَن يسمَع يخَل
لا وما في الرأس من شيبي اشتعَل
إنَّما كان غرامي كَذِبا
وحديثي في الهوى لم يَصدقِ
إن ريعانَ الشباب النظِر
وطرُ العمرِ وعمرُ الوَطِر
فخذا غيدَ الطلى عن بَصري
فاتني العشق وفي عصرِ الصِبا
خسرت صفقةُ من لم يَعشق
كانَ ذيَّاك السوارُ المنقلِب
شافعاً عندَ العذارى لم يَخِب
فأتى الشيبُ ولي قلبٌ طَرِب
فبماذا أبتغي وصل الظِبا
ولها عندي بياضُ المِفرق
وعظ الحلمُ فلبَّاه النُهى
ونهى جهل التصابي فانتهى
فبِما راع بفوديَّ المَها
خبّراها إنَّ طرفي قد نبا
عنكِ يا ذاتَ المحيَّا المُشرق
قد وهبنا لسُلَيمى قدَّها
وعلى اللثمِ وفرنا خدّها
بَرُد الشوقُ فعفنا بردَها
واقتبلنا فرحةً قد أعربا
حسنُها عن جدّةً لم تخلقِ
إن في عرسِ الحسينِ ذي النهى
حيّز الكون جميعاً قد زهى
وبهاءُ الغرب للشرقِ انتهى
يَبهجَ العينَ ويجلو الكُرُبا
وإلى الغرب بهاءُ المشرق
بشِّر الدينَ به أن سَيلد
مَن حُبا الدينِ عليهم تَنعقد
والمعالي هنِّها أن سَتجد
منه في أُفقِ سناها شُهبا
وهو بين الشهبِ بدرُ الأُفق
فله الأملاكُ لمَّا عَقَدوا
كلُّهم للهِ شكراً سَجَدوا
وعلى المهديِّ طُرًّا وفدوا
ثمَّ هنُّوهُ وقالوا لا خبا
نورُ هذا الفرحِ المؤتلقِ
يا صَبا البشرِ بنشرٍ رَوِّحي
شيبةَ الحمدِ وشيخَ الأبطحِ
وعلى الهادي بريَّاكِ انفحي
ولأنفِ المرتضى والنُقَبا
ولده عرفَ التهاني انشقي
وعلى الفيحاء زهواً عرِّجي
وانقلي فيها حديث الأرج
وانشري وسطَ حِماها المُبهج
لا عن الشيح ولا عودِ الكبا
بل عن المهديِّ طيبَ الخُلقِ
مَن به الدينُ الحنيفيُّ اعتضد
والهدى فيه اكتسى عزّ الأبد
جدَّ في كسبِ المعالي واجتهد
وسواه يَستجيدُ اللقَبا
فوق فرشٍ حفَّها بالنِمرقِ
ضَمنَ الفخرَ بمُثنى بُردِه
ووطى الشهبَ بعالي جَدّه
كانَ نصفاً لو أعادي مَجدهِ
كلَّما حلّت لمرآه الحُبا
رفعت نعلَيه فوقَ الحُدقِ
نَشَرَ المطوي عمَّن سَلَفوا
فطوى مَن نَشرتهُ الصُحفُ
أينَ منهُ وهو فينا الخَلفُ
إنَّه أعلمُ ممَّن ذَهَبا
من ذوي الفضلِ وأعلى من بقي
يابن مَن قد عُبِدَ اللهُ بهم
ولهم من سَلَّم الأمرَ سَلِم
إن أنفاً إن مدحناك رُغم
ليتَه ما شمَّ إلاَّ التربا
أو أطاحته مُدَى معترقِ
لكَ لا مُدَّت من الدهرِ يدٌ
فلأَنتَ الروحُ وهو الجسدُ
وهو الباعُ وأنت العضدُ
كم ألنَّا بكَ منهُ المنكبا
بعد ما كان شديد المِرفَقِ
تزدهي الأمجادُ في آبائِها
وتباهى الصيدَ من أكفائِها
ونرى هاشمَ في عَليائِها
أنت قد زيَّنتَ منها الحسبا
فاكتسى منكَ بأبهى رَونقِ
فالورى شخصٌ بجدواك كما
أصبحت في مدحك الدنيا فما
لو بتقريضِك أفنى الكَلِما
لم يصف معشارَ ما قد طَلبا
من معانيك لسانُ المُفلقِ
دارك الدنيا وأنتَ البشرُ
ولك الوِردُ معاً والصَدَرُ
وبتعليمك جادَ المطرُ
فالورى لو كفرت منك الحَبا
لكفى شكرُ الغمامِ المغدق
هي أرضٌ أنتَ فيها مَلِكٌ
أم سماءٌ أنتَ فيها مَلَكُ
دارُ قدسٍ يتمنَّى الفَلكُ
لو حوى ممَّا حوته كوكبا
ولها كلُّ نجومِ الأُفقِ
كلُّ ذي علمٍ فمنهم يستمد
وإليهم كلُّ فضلٍ يستَند
وبتطهيرِهم اللهُ شهد
حَنق الخصمُ فقلنا اذهبا
عنهمُ الرجسَ لأهلِ الحنق
حسدت شمسُ الضحى أمَّ الهدى
فتمنَّت مثلهم أن تَلدا
وابنُها البدرُ لهم قد سجدا
وحياءً منه مهما غَرُبا
ودَّ من بعد بأن لم يشرق
كلُّهم جعفرُ فضلٍ من يَرد
خُلقَه العذب ارتوت مِنه الكَبد
أبداً في الوجهِ منه يطّرد
ماءُ بشرٍ من رآه عَجبا
كيف قد رقَّ ولمّا يُرق
ففداءً لمحيَّاه الأغرّ
أوجهٌ تُحسبُ قُدَّت من حجر
أين هم من ذي سماحٍ لو قدر
وعلى قدرِ عُلاهُ وهبا
وهبَ المغربَ فوق المشرق
لا تفقه والورى في حلبةٍ
فلقد بان بأعلى رتبةٍ
ولئن كانَ وهم من منبتٍ
فالثرى يُنبتُ ورداً طيبا
وصريماً ليس بالمنتشق
جاءَ للمجدِ المُعلّى صالحا
بحرَ جودٍ بالمزايا طافحا
فغدا فكريَ فيه سابحا
يُبرز اللؤلؤُ عِقداً رَطبا
والعُلى تَلبسَهُ في العنق
فرعُ مجدٍ كرمت أخلاقه
فكستها طيبَها أعراقُه
يهجر الشهدَ لها مشتاقُه
لو بكأسِ الدهر منها سكبا
ثمل الدهر ولمَّا يَفِقِ
وَرِعٌ أعمالُه لو وزّعت
في الورى عنها الحدودُ ارتفعت
أو بتقواه الأنامُ ادَّرعت
لَوَقَتها في المعادِ اللَّهبا
أو لنارٍ لهبٌ لم يُخلَق
بأبي القاسم قد حلَّت لنا
راحةُ الأفراحِ أزرارَ المنى
لم يُزنه بل زين الثنا
أُفحِمَ المُطرِي فكنَّى مُغرِبا
إذ رأى ذكرَ اسمه لم يُطَقِ
بالحسينِ استبشروا آلَ الحسب
وابلغوا في عُرسِه أسنى الأرب
ولكم دام مدى الدهر الطرَب
بختان الطيبينَ النجبا
خيرِ أغصانِ العلا المُعرق
اجتلي الكأس فذي كفُّ الصَبا
حَدرَت عن مبسمِ الصبح اللثاما
واصطحبها من يَدي غضِّ الصِبا
أغيدٍ يجلو محيَّاهُ الظلاما
بنتُ كرمٍ زُوِّجت بابنِ السحب
فتحلَّت في لآلٍ من حَبَب
مذ جلاها الشربُ في نادي الطرَب
ضَحِكت في الكاسِ حتَّى قَطّبا
كلُّ مَن كانَ لها يُبدي ابتساما
وانثنى الزامرُ يشدو مُطرِبا
غرِّقوا بالراحِ كِسرى يا ندامى
هيَ نارٌ في إناءٍ من بَرَد
عجباً ذابت به وهو جَمد
أبداً تحرقُ نمرودَ الكمد
وإذا منها الخليلُ اقتربا
غُودرت بَرداً عليه وسلاما
فاحتسي أعذبَ من ماءِ الربى
خمرةً أطيبَ من نشرِ الخُزامى
أشبهت صافيةً في الأكؤس
دمعةَ الهجرِ بخدَّي ألعس
إن أُديرت مَثَّلت للمحتسي
وجنةَ الساقي بها فاستُلبا
رشدهُ حتَّى تراه مُستهاما
ليس يدري وجنةً قد شربا
أم سُلافاً عتّقت عاما فعاما
تنشئ الخفَّة في روحِ النسيم
وتروضُ الصعبَ منهم للكرم
لو حساها وهو في اللؤمِ عَلَم
مادرٌ منه إذاً لانقلبا
ذلكَ اللؤمُ سماحاً مُستداما
ودعى خذ مع عقلي النشبا
آخرَ الدهر ودعني والمداما
كم على ذاتِ الغضا مِن مجلس
قد كساه الروضُ أبهى مَلبس
فيه بتنا تحت بُردِ الحندس
نتعاطى من كؤوسٍ شُهبا
تطردُ الهمَّ وإن كان لزاما
إذ به نامت عيونُ الرُقبا
ليتها تبقى إلى الحشر نياما
ونديمي مِن بني الترك أغَن
شهدةُ النحل بفيه تُختَزن
هبَّ يثني عطفَه سُكرُ الوسن
بمدامٍ خلتُ منها خُضّبا
أنملاً أبدى بها الحسنُ وشاما
وكأَن خدَّيه منها أُشرِبا
خمرةً إذ زفَّها جاماً فجاما
رشأٌ جُسّد صافي جسمِه
من شعاعِ الخمرِ لا من جُرمِه
خَفيت صهباؤُه من كتمِه
لسناه مذ عليها غلبا
نورُ خدَّيه فما تدري الندامى
أسنا خدَّيهِ أبدى لهبا
أم سنا الكاس لهم أبدى ضَراما
إن يقل لليلِ عَسعِس شعرُه
قال للصبحِ تنفَّس ثَغرهُ
أو من الردف تشكَّى خصرُه
قال يا زادك مَن زانَ الظِبا
بالخصورِ الهيفِ ضعفاً وانهضاماً
ولكاسِيكَ الوشاحَ المُذهبا
زاد جفنيه فتوراً وسَقاما
يا أليفي صبوتي بُشراكما
جاء ما قرَّت به عيناكما
ذا جديدُ الأُنسِ قد حيَّاكما
وخلاصاً لكما قد جلبا
ناقلاً من صفةِ الراحِ النظاما
فاجعلاه للتهاني سببا
فعلَ من يرعى لذي الودِّ الذماما
خلِّيا ذكرَ أحاديثِ الغَضا
واطويا من عهدِ حزوى ما مضى
وانشرا فرحةَ إقبالِ الرضا
وأخيه المصطفى ابن المجتبى
إنَّ إقبالَهما سَرَّ الأناما
وكذا الدنيا استهلت طربا
إذ معاً آبا وقد نالا المُراما
بوركا في الكرخ من بدري عُلا
شعَّ برجُ المجدِ لمَّا أقبلا
ومحيَّا الفخرِ بالبِشرِ انجلى
وغدا زهواً ينادي مَرحبا
بمُنيرَي أبرجَ المجدِ القُدامى
بكما قرَّت عيونُ النُجبا
آلِ بيتِ المصطفى السامي مقاما
رجع السعدُ إلى مطلعِه
والبها رُدَّ إلى موضعه
والندى عادَ إلى منبعِه
بسِراجي شرفٍ قد أذهبا
بالسنا من أُغف الكرخ الظلاما
وخضمَّي كرمٍ قد عَذُبا
مورداً يروي من الصادي الأُواما
هل بَناتُ السير في تلك الفلا
علمت عادَ بها ما حملا
وبماذا بوقارٍ وعُلى
رحلت بالأمس تطوي السبسبا
حَدَراً تهبطُ أو تعلو أُكاما
وأُريحت بالمصلَّى لُغبا
قد برت أقتابُها منها السَناما
حملت من حرمِ المجد الكرَم
وانبرت تسعى إلى نحوِ الحرم
وألمَّت لا لتمحيصِ اللمم
بمقام البيتِ لكن طَلَبا
لمزيد الأجرِ وافينَ المقاما
وبمغناه طرحنَ القتبا
بغيةَ الفوز وألقين الخُطاما
قَرَّبت منه ومُنشي الفَلكِ
صفوتي بيتِ التُقى والنُسُك
بالسما أُقسمُ ذاتِ الحُبك
لهما بالحجِّ حازا رُتبا
ما حبا في مثلِها اللهُ الأناما
هي كانت من سواها أقربا
عنده زُلفى وأعلاها مقاما
رتباً لا يتناهى قدرُها
يسعُ الخلقَ جميعاً برُّها
حيثُ لو عادَ إليهم أجرُها
واستووا في الإِثم شخصاً مذنبا
لمحى اللهُ به عنه الإِثاما
وله من حسناتٍ كتبا
ضِعفَ مَن حجَّ ومن صلَّى وصاما
بهما سائِل تجد حتَّى الحجر
شاهداً أنَّهما بين البشر
خيرُ من طافَ ولبَّى واعتمر
وهما مُذ للحطيم اقتربا
مسحاهُ بيدٍ تنشئ الحُطاما
هي بالجودِ لأجزالِ الحَبا
كَعبةٌ تعتادُها الوفد استلاما
حيثُ كلٌّ منهما أين يُحلّ
بين إحرامٍ عن الإثم وحِلّ
ويرى للهدي بالنحرِ يصلِ
كلَّ يومٍ ويميحُ النشبا
بيدٍ لم يحكِها الغيثُ انسجاما
كان طبعاً جودُها محتلبا
لا كما تحتلبُ الغيثَ النُعاما
ثمَّ لمّا أكملا الحجَّ معاً
ودَّعا مكَّة فيمن ودَّعا
وإلى يثرب منها أزمعا
قصد من ألبس فخراً يثربا
وحباها شرفَ الذكرِ دَواما
وبه فاقَ سناها الشهُبا
فاشتهت تغدو لها الشهبُ رُغاما
ونحى كلٌّ ضريحَ المصطفى
ناشقاً طيبَ ثراه عرفا
وبه طاف ومنه عطفا
نحوَ مغنى المرتضى مرتغِبا
لسواه عنه لا يلوي الزِماما
فقضى مِن حقِّه ما وجبا
وأتى الكرخ فحيّا وأقاما
كم لأيدي العيسِ يا سعدُ يدُ
أبداً مشكورةٌ لا تُجحدُ
فعليها ليسَ ينأى بلدُ
وبها وخداً سَرَتْ أو خبَبا
يدرك الساري أمانيه الجساما
ويرى أوطأَ شيءٍ مركبا
ظهرَها من طَلِبَ العزَّ وراما
أطلعت بالكرخ من حجب السرى
قمري سعدٍ بها قد أزهرا
وغراماً بهما أمُّ القُرى
لو أطاقت لهما أن تصحَبا
حين آبا لأتت تسعى غراما
وأقامت لا ترى منقلبا
عن حمى الزوراءِ ما دامت دواما
أوبةٌ جاءت بنيلِ المِنَحِ
ذهبت فرحتُها بالترح
فبهذا العامِ أمَّ الفرحِ
وَلَدتها فأجدَّت طربا
بعد ما جاءت بها من قبلُ عاما
ولها الإقبالُ قد كان أبا
سعدُه أخدَمَه اليمنَ غُلاما
فاهنَ والبشرى أبا المهديّ لك
تلك علياكَ لبدرَيك فلك
قد بدا كلٌّ بها يجلو الحلك
فترى الأقطارَ شرقاً مغرِبا
لم يدع ضوؤهما فيها ظلاما
والورى أبعدَها والأقربا
بهما تَقتسمُ الزهو اقتساما
مَلَت القلبَ سروراً مثلما
قد ملأتَ الكفَّ منها كَرَما
واحتبت زهواً تهنّيك بما
خصَّك الرحمنُ من هذا الحَبا
حيث لا زلتَ لها ترعى الذماما
جالياً إن وجهُ عامٍ قَطّبا
للورى وجهاً به تُسقي الغماما
ففداءُ لك يا أندى يدا
من بني الدهرِ وأزكى مَحتِدا
معشرٌ ما خُلِقوا إلاَّ فدا
لبسوا الفخرَ مُعاراً فنبا
عن أُناسٍ تلبسُ الفخرَ حراما
كلّ من فيهم على الحظّ أبى
قدرهم عن ضعةٍ إلاَّ الرغاما
تَشتكي من مسِّ أبدانِهمُ
حللٌ ترفعُ من شانِهمُ
وإذا صرَّ بأيمانِهمُ
قلمٌ فهو ينادي عَجبا
صرتُ في أنملةِ اللؤمِ مُضاما
من بها قرَّ مُقيماً عُذِّبا
إنها ساءت مقرًّا ومُقاما
هب لهم درهمهم أصبحَ أب
فسما فيهم إلى أعلا الرُتب
إكرامٌ هم لدى نصّ النسب
إن يعدّوا نسباً مُقتَضَبا
لا عريقاً في المعالي أو قدامى
عدموا الجودَ معاً والحسبا
فبماذا يتسمّونَ كراما
عَبَدوا فلسَهمُ دهرَهمُ
وعليه قَصروا شكرَهمُ
فاطّرِح بين الورى ذكرَهمُ
وأعِد ذكرَ كرامٍ نُجبا
قصروا الوفرَ على الوفدِ دواما
وبنوا للضيفِ قدماً قِببا
رفعت منها يدُ المجد الدُعاما
إذ على تقوى من الله الصمد
أُسِّس البنيانُ منها وَوطد
من له كلُّ يدٍ تشكرُ يَد
مصطفى الفخرِ وفيها أعقبا
عَشرةَ ألقى له الفضلُ الزماما
إذ سهامُ الفضلِ عشرٌ قَصبا
فيه كلُّ فحوى العشر السِهاما
أعقبَ الصالحَ فيها خَلَفا
وأبا الكاظم من قد شُرِفا
والرضا الهادي حسيناً مصطفى
وأميناً كاظماً إن أغضبا
وجواداً جعفراً كلاًّ هُماما
صبيةٌ سادوا ولكن في الصِبا
بأبي المهديّ قد سادوا الأناما
معشرٌ بيتُ عُلاهم عامرُ
بهم للضيفِ زاهٍ زاهرُ
فيه يا أمُّ الأماني عاقرٌ
تَلِدُ النجحَ فتكفي الطَلَبا
وأبو الآمالِ لا يشكوا العُقاما
وعلى أبوابِه مثلُ الدَبي
نَعَمُ الوفد لها تلقي الزماما
أرضعت أمُّ العُلى ما ولدوا
فزكى ميلادُهم والمولِدُ
إنّهم طفلُهم والسؤدُد
يستهلاّنِ فداعٍ للحبا
ذا وهذا قائلٌ طبتَ غلاما
إبقَ في حجر المعالي حقبا
لا ترى من لبنِ العليا فِطاما
صفوةَ المعروفِ قِرّوا أعينا
واهنئوا بالصفوِ من هذا الهنا
لكم السعدُ جلا وجهَ المُنى
بيدِ اليمنِ ومنه قرَّبا
لكم الإقبالُ ما ينأى مراما
فالبسوا أبرادَ زهوٍ قُشُبا
منكم لا نزُعَت ما الدهرُ داما
وإليكم غادةً وشّحتُها
وبريّا ذكركم عَطّرتُها
وإلى علياكم أرفقتُها
فلها جاءَ افتتاحاً طيّبا
نشرُ راح الأنسِ منكم لا الخزامى
ولها تشهدُ أنفاسُ الصَبا
من ثناكم مسكه كانَ ختاما
حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...