جميلةٌ من بناتِ الفكر
مكنونةٌ في حِجاب الصدر
حيَّتك تبدي جميلَ العذر
فحيّ منها أَلوفَ الخدر
يا ساكناً مثلَها أحشائي
سيَّرتُها في سماء الحمدِ
زهرةَ مدحٍ لبدر السعدِ
لمن أياديه جلَّت عندي
قد خفَّفت في ثقيلِ الرفدِ
عن كاهلي منَّةَ الأنواء
معشوقةً أقبلت للوصلِ
لسانُها ناطقٌ بالفصل
تغنيها عن غيرها بالنقل
غناءَ كفَّيك لي بالمحل
حتَّى عن الديمةِ الوطفاء
كم رقَّ ديباجُ نظمي وشيا
وراقَ صوغي القوافي حُليا
كجوهرٍ زانَ نحر العليا
ذاك الذي لم تلد في الدنيا
نظيرَه من بني حواءِ
ذو طلعةٍ هي أُمُّ البشر
من شامَها قال بنتُ البدر
وراحةٍ هي أختُ البحر
كم قلَّدت للورى مِن نحر
بجوهر الرفدِ والنعماءِ
سماؤها لم تزل مُنهلَّةً
بها رياضُ المُنى مخضلَّه
وغيرُها ليسَ يشفي غُلّة
عن الندى لم تزل معتلَّه
بالبخل لا فارقت من داءِ
محمَّدُ الطيبُ الأخلاقِ
الحسنُ الماجدُ الأعراقِ
تباركت قدرةُ الخلاَّق
إذ أطلعت منكَ للإِشراقِ
للأرض شمسَ السما للرائي
سبحانه ناشراً إحسانا
في حسنٍ طاوياً سبحانا
أنسى أخاها به ذبيانا
نسيانَه لي لأمرٍ كانا
حداه عنِّي على الإغضاءِ
يا هل ترى مخلفاً للوعد
من لم يجد غيرَ بذلِ الجهد
إن كنتُ أبطأتُ عما عندي
فأنت يا مسرعاً بالصدّ
أعجلُ بالعتب من إبطائي
لا تشمتَن هجرَنا بالوصل
ولا تسمّ عقدنا بالحلّ
فمثلُك اليوم خلاًّ مَن لي
ومَن لك اليوم خِلاًّ مثلي
ونحن كالماءِ والصهباءِ
أنت على النفس منها أغلا
وأنت في العين مِنها أحلى
وأنت أَولى بقلبي كلاّ
ذاك الهوى لا تخله ملاّ
فمال عنهُ إلى الأهواءِ
لسانُكم للمقالِ الفصلِ
وكفُّكم للندى والبذلِ
فما لكم في الورى من مثلِ
هيهات مثلاً لروح الفضلِ
ما ظلّلت قُبَّةُ الخضراءِ
حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...