الديوان » العراق » حيدر الحلي » أجل من على ما خلت يرقاه فادح

عدد الابيات : 51

طباعة

أجل من عُلًى ما خلتُ يرقاه فادحُ

هلالُ المعالي طوَّحته الطوائحُ

ومن حيث لا تعلو يدُ الدهرِ أهبطت

إلى اللحد نجمَ الفخر فالدهر كالح

تناوله من أُفق مجدٍ لعزَّةٍ

قد انحسرت عنها العيونُ الطامح

فمطلعه في مشرق المجد مظلمٌ

ومغربه في موضع اللحد واضح

لحى اللهُ يوماً قد أراني صباحه

تباريحَ وجدٍ للحشا لا تبارحُ

به صاحَ ناعيه فأشغلت مسمعي

وقد مضَّ في قعر الحشا منه صائحُ

وهمَّتْ جفوني بالبكا فملكتُها

على الدمع أرجو الكذب والصدق لائحُ

وقلتُ لمن ينعاه إذ جدَّ باسمه

بنوح تبيَّن باسم من أنت نائحُ

بفيك الثرى لا تُسم في النعي جعفراً

فيوشك أن تجتاحَ نفسي الجوائحُ

فلمَّا أبى إلاَّ التي تشعبُ الحشا

وإلاّ التي تبيضُّ منها المسائحُ

جمعتُ فؤادي وانطويتُ على الجوى

على حرقٍ ضاقت بهنَّ الجوانحُ

أعاذلتي عنِّي خذي اللومَ جانباً

فلا أدمعي ترقى ولا الوجدُ بارحُ

فلم ينسفحْ من عيني الدمعُ وحده

ولكنَّ كلِّي مدمعٌ منه سافحُ

أصبراً وذا إنسانُ عينيَ أطبقت

على شخصه أجفانهنَّ الضرايحُ

قد استلَّه من عيني الدهر بعدما

تخيَّلتُ أنَّ الدهر لي عنه صافحُ

بكفٍّ له مدَّت إليَّ بهيئةٍ

بدت وهي فيها كفُّ خلٍّ يصافحُ

ومرَّت على وجهي فقدَّرتُ أنَّه

يلاطفني في مَرِّها ويمازحُ

وما خلتُه يا شلَّها اللهُ أنَّه

بها لسوادِ العينِ منِّي ماسحُ

فأطبقتُ عيني وهي بيضاءُ من عمًى

وإنسانها حيث اشتهى الدهرُ طائحُ

بمن عن ضياء العين يعتاض طرفها

فيغدو عليه وهو للجفنِ فاتحُ

لتجرِ اللَّيالي حيثُ شاءَت بنحسها

فما عندها فوقَ الذي أنا نائحُ

وماذا تُريني بعدَها في مُدى الأسى

يداً لفؤادي سعدُها وهو ذابحُ

أقولُ لركبٍ أجمعوا السيرَ موهناً

وقد نشطت للكرخ فيهم طلايحُ

أقيموا فواقي ناقةٍ من صدورها

لأودعكم ما استحفظته الجوانحُ

خذوا مهجتي ثمَّ انضحوها عقيرةً

على جدثٍ دمعُ البلى فيه ناضحُ

وقولوا لأيدٍ أحدرت فيه جعفراً

ولم تدرِ ماذا قد طوتهُ الصفائحُ

لأحدرت من قلب المكارم فلذةً

قد انتزعتها من حشاها الفوادحُ

فغير جميلٍ بعده الصبرُ للورى

ولا عيشهم لولا محمدُ صالحُ

فتى الحلم لا مستثقلاً لعظيمةٍ

تخفُّ لها الأحلامُ وهي رواجحُ

تدرَّع من نسج البصيرة قلبه

إضاة أسًى لم تدَّرعها الجحاجحُ

وصابرها دهياء من فقدِ جعفرٍ

يكافحُ منها قلبُه ما يكافحُ

ونهنه فيه زفرة عدن فوقها

حوانيَ من عبد الكريم الجوانحُ

تعرّض فيها حادثُ الدهر منهما

لصلَّين من نابيهما السمُّ راشحُ

ونصلين لا تمضي بيوم كريهةٍ

مضاءهما يومَ الخصام الصفائحُ

ورمحين سلَّ قلبُ الكواشح عنهما

بما منهما في القلبِ تلقى الكواشحُ

تجده كليماً وهو أعدلُ شاهدٍ

على جرحه والجرحُ لا شكَّ فادحُ

تسربلتها يا دهرُ شنعاءَ وسمها

لوجهك ما عمَّرت بالخزي فاضحُ

عمًى لك هل عينٌ تبيتُ وطرفها

لإنسانها بالشر أزرقُ لامحُ

أفق أيَّ وقتٍ فيه منك لجعفرٍ

تُفرغُ كفٌّ ليته منك طائحُ

وقد شغلت في كلِّ لمحة ناظرٍ

يديك جميعاً من أبيه المنائحُ

فتًى يجدُ الساري على نوره هدًى

ولو ضمَّه فجٌّ من الأرضِ نازحُ

كأنَّ المحيَّا منهُ والليل جانحٌ

سهيلٌ لأبصار المهبِّينَ لائحُ

تجاوز هادي مجده كاهل السهى

إلى حيث ما لحظ الكواكب طائحُ

وأمسى حسيناً وجه جدواه للورى

على حين وجه الدهر في الخلق كالحُ

وأصبحَ معنى فخرِه مصطفى العُلى

وكلٌّ لأن يقفو محمدَ صالحُ

فتى في صريحِ المجد يُنمى لمعشرٍ

أكفُّهم أنواءُ عرف دوالحُ

مضيئون ضوء الأنجم الشهب للورى

فأوجههم والشهب كلٌّ مصابحُ

على أوَّل الدهر استهلَّ نداهم

فسالت به قبل الغيوث الأباطحُ

ومدَّ أبو المهديّ فيه أناملاً

رواضعها صيد الملوك الجحاجحُ

جرت بالنمير العذب عشر بحارها

وكلّ بحار الأرض عذب ومالحُ

فما للندى في آخر الدهر خاتم

سواه ولا في أوَّل الدهر فاتحُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

549

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة