يصحُ لي أن استعيرَ ثلاثَ جناتٍ من النص القديم
لكي أؤثثَ هذه المشكاة في شخصٍ وسيم السمتِ
أغلقَ آلة التصوير
كي يبقى قليلاً في دفاترنا
ويصغي للتهدج والشغاف قبيلَ أن نبكي
وقبل تفاقم النسيان في أخبارنا
بثلاث جناتٍ (ولا تكفي)
نبالغُ في تواضعنا أمامَ الموت
كي يرأفْ
بما يبقى من الشخص المريض وآلة التصوير.
لا تذهبْ سريعاً
أو تقمصْ آلة التصوير وانظرْ وانتظرْ
ينهالُ كونشرتو ظلام الناس في العدسات
فالتأويلُ يقترح الحدائقََ
وهي تنهض في صباح الناس،
حدّقْ وانتظرْ وأنظرْ
فثمة صورة في جنة أخرى.
يصحُ لي
أن أستعيرَ ضراوة الأحياء فيما يفقدونَ أحبةً كالورد
كي ينتابهم خوفٌ من النوم الكثيف
ورحمة بالطين وهو يؤجل النسيان.
لا تذهبْ وتترك آلة التصوير نائمة على تهويدة الكابوس
لا تذهب وتتركنا
وتترك لحظة التنوير
فينا من يصدقُ أنكَ قادمٌ من غرفة التحميض
فينا من يؤثث شرفة الجغرافيا بشرائح التأويل
فينا شهقة الأطفال تشرع حسرة للبحر كي يهفو إليك
ويسهر الأحفادُ في خيط الرسائل
وهي تسأل زرقة تحنو عليك
فينا نساءٌ تصقل العدسات بالشهوات
كي يسعى إليك الماءُ والملكوت
فيصحُ (ما دمنا تجرّعنا معاً موتاً طويلَ العمر)
أن نبكي علانية على تاريخنا الشخصي وهو يؤجل التصوير
ويصحُ (ما دمنا تبادلنا التهدجَ وانتحابَ القلب)
ان نرتابَ في موتٍ يميزنا ويشْخَصُ في مآقينا
وينشبُ وحشَه فينا.
يصح لنا، ونحن في نهار الفقد
أن نخفي تواضعنا أمام الموت
فالشخص الوسيم لنا
وتأويل الكلام لنا
لماذا لا يصح لنا
صديقٌ سوف يمنحُ فرصةً أخرى قبيلَ رحيله الجارح
نعاتبه على تبكيره في النوم
نشهقُ فيه : لا تذهبْ
ودَعنا أيها الشخص الوسيم
نكفُ عن تفسيرهم للموت
نمنح فتنة التأويل حرياتها الأولى.
ولا تذهبْ
تشبثْ باحتمال السهو والنسيان
بالمعنى نؤلفه بعيداً عن دلالته
تشبثْ وانتظرْ واسمعْ وصايانا
قبيلَ النص والتأويل
لا تذهبْ
يصح لنا، ونحن نلفق الأحلامَ بعد كتابك الأزرق،
أن نغفو أمام وداعك الفاجع
وفيما الكوكبُ البشريّ يستلقي ولا يقلقْ
بأنكَ، في قرارة حلمنا، راجع.
يصح لنا، اذا طابَ الغيابُ، تبادلُ الأخطاءِ كاملةً
يصح لنا الكتابة في قميص القلب
عن غدرٍ ينالُ الشخصَ حتى آلة التصوير
عن وحش مشى في جنة الصحراء
عن ماءٍ مريضٍ، أخوةٍ يبكون مُلكاً ضائعاً
عن ميتٍ في العرش
عن ربع الخراب
عن العذاب
ونصف شكٍ في الكتاب
عن المحبة كلها
وعن الصداقات التي احتقنتْ
وصلَتْ ان يكون اللّه .. أرأفْ.
أيها الشخص الوسيم،
فيما تمر بزرقة الأحياء
عرِّج ساعة فينا
وطمئنا بأن الموت عابر.
قاسم حداد ولد في البحرين عام 1948.
تلقى تعليمه بمدارس البحرين حتى السنة الثانية ثانوي.
التحق بالعمل في المكتبة العامة منذ عام 1968 حتى عام 1975
ثم عمل في إدارة ...