الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » أجد الصبر بعدكم امتناعا

عدد الابيات : 48

طباعة

أَجَدَّ الصَبرُ بَعدَكُمُ اِمتِناعا

وَجَدَّ الوَصلُ نَأياً وَاِنقِطاعا

قَضى صَرفُ الزِمانِ لَنا اِفتِراقاً

فَهَل يَقضي الزَمانُ لَنا اِجتِماعا

يَحِنُّ إِلى رِباعِكُمُ فُؤادِي

فَلا بَعُدَت رِباعُكُمُ رِباعا

وَيَلمَعُ بارِقُها وَاللَيلُ داجٍ

كَما عايَنتَ في اليَمِّ الشُعاعا

سَرى طَيفُ الكَرى يَجتابُ فَرداً

مَهالِكَ تُرهِبُ البَطَلَ الشُجاعا

إِلى رَكبٍ تَهُزُّهُمُ النَواجي

كَما هَزَّت صَبا الرِيحِ اليَراعا

إِذا ما هَوَّمُوا وَضَعوا أَكُفّاً

عَلى الأَسرارِ خَوفاً أَن تُذاعا

رَجُوا حَلَبَ الغَمامِ فَقُلتُ إِنّي

أَرى حَلَباً أَدَرَّ لَنا اِنتِفاعا

إِذا زُرنا ابنَ فَخرِ الدِينِ بِتنا

رِواءً في مَكارِمِهِ شِباعا

فَتىً جَعَلَ البِلادَ مِنَ العَطايا

فَأَعطى المُدنَ وَاحتَقَرَ الضِياعا

سَمِعنا بِالكِرامِ وَقَد أَرانا

عِياناً ضِعفَ ما وَصَفُوا سَماعا

إِذا حَمَّلتَهُ نُوَبَ اللَيالي

تَحَمَّلَها وَناءَ بِها اِضطِلاعا

يَرى بِالظَنِّ ما في الغَيبِ حَتّى

كَأَنَّ لَهُ عَلى الغَيبِ اِطِّلاعا

إِذا شَهِدَ الوَغا تَرَكَ العَوالي

تَمُجُّ كَعُوبُها العَلَقَ المُتاعا

سَلِ الجَمعَينِ جَمعَ بَني نُمَيرٍ

وَمَن سَكَنَ المُدَيبِر وَالفَراعا

غَداةَ أَتوا يَهُزّونَ المَواضِي

إِلَينا وَالمُطَهَّمَةَ السِراعا

بِصَحراءِ الفُراتِ وَقَد تَوالَت

تَوالي الكُدرِ تَبتَدِرُ القِراعا

أَرَدَّ جُمُوعَهُم إِلّا ثِمالٌ

وَقَد مَلَأَت جُمُوعُهُمُ الوَساعا

بِضَربٍ يَصبِغُ الأَمواجَ حُمراً

وَيَحمي دَرَّ مَن صَدَقَ المِصاعا

رَماهُم بِالسَلاهِبِ مُقرَباتٍ

يُزَلزِلنَ الأَباطِحَ وَالتِلاعا

وَحَجَّبنَ السَنا بِالنَقعِ حَتّى

كَأَنَّ الشَمسَ لابِسَةٌ قِناعا

فَحِينَ تَأَمَّلُوا خَبَبَ المَذاكي

أَطارَ الخَوفُ أَنفُسَهُم شعاعا

وَسائِل عَنهُ في حَلَبٍ أُلوُفا

أَبَت أَسوارُهُم إِلّا اِمتِناعا

نَهاهُم عَن مَمالِكِهِ اِقتِساراً

وَقَد مَلَكُوا المَعاقِلَ وَالقِلاعا

وَحَطَّهُمُ وَقَد كَرِهُوا المَنايا

وَما كانُوا الظِماءَ وَلا الجِياعا

وَأَحسَنَ بِالمُسيءِ وَكَفَّ عَمّا

تَبِيتُ النَفسُ تَتَبَعُهُ اتِّباعا

وَخَلّى المالَ قَد أَوهى المَطايا

وَلَم يَعصِ الإِمامَ وَقَد أَطاعا

وَأَطلَقَ جَعفَراً وَبَني أَبيهِ

وَقَلَّدَهُم جَميلاً وَاِصطِناعا

وَمَنَّ عَلى بَني الجَراحِ جَمعاً

وَلَم تَكُ مِنَّةً ذَهَبَت ضَياعا

وَرَدَّ المُلكَ حَتّى ما رَأَينا

لَمُلكٍ غَيرِ ذا المُلكِ اِرتِجاعا

وَأَمَّنَ خَوفَنا حَتّى أَمِنّا

بِكَثرَةِ ما يُراعي أَن نُراعا

وَسَنَّ العَدلَ في حَلَبٍ فَأَخلَت

بِحُسنِ العَدلِ بُقعَتُها البِقاعا

حَليمٌ عَن جَرائِمِنا إِلَيهِ

وَحَتّى عَن ثَنِيَّتِهِ اِنقِلاعا

إِذا فَعَلَ الكَريمُ بِلا قِياسٍ

فِعالاً كانَ ما فَعَلَ اِبتِداعا

مَكارِمُ ما اِقتَدى فيها بِخَلقٍ

وَلَكِن رُكِّبَت فيهِ طِباعا

فَيالَلَّهِ أَنتَ كَريمُ قَومٍ

بِسَيفِكَ أَدرَكُوا الرُتَبَ الرِفاعا

عَلَوتَ إِلى السَماءِ بِكُلِّ فَضلٍ

فَكادَ الجَوُّ يُخفيكَ اِرتِفاعا

وَأَحيَيتَ النَدى وَالجُودَ حَتّى

حَسِبنا أَنَّ بَينَكُما رِضاعا

إِذا مَدَّت بُغاةُ المَجدِ يَدّاً

إِلى طَلَبِ العَلاءِ مَدَدتَ باعا

أَطَعتَ اللَهَ مُنذُ خُلِقتَ حَتّى

غَدَوتَ بِأَمرِهِ المَلِكَ المُطاعا

إِذا طَلَبَ العِدى لَكُمُ اِنحِطاطاً

أَبَت راحاتُكُم إِلّا اِرتِفاعا

غَدَوتُم عَن مَكارِهِنا بِطاءً

وَفيما سَرَّنا مِنكُم سِراعا

إِذا ضاقَت مُلِمّاتُ اللَيالي

أَبَت أَخلاقُكُم إِلّا اِتِّساعا

فَدَت رُوحي فَتىً ما ضاقَ ذَرعاً

بِنائِبَةٍ تَنوبُ وَلا ذِراعا

مَدَحتُ فَما أَضَعتُ المَدحَ فيهِ

وأَولاني الجَميلَ فَما أَضاعا

فَلَو داسَ التُرابَ بِأَخمَصَيهِ

وَجَدتُ لِناظِرَيَّ بِهِ اِنتِفاعا

كَلاكَ اللَهُ مِن نُوَبِ اللَيالي

فَإِنَّكَ تَكَلأُ الأَدَبَ المُضاعا

وَتَكسُو المَدحَ وَالمُداحَ فَخراً

إِذا أَصغَيتَ لِلمَدحِ اِستِماعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

19

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة