الديوان » العصر العثماني » احمد البهلول » قصدتكما عوجا بنجد وسلما

قَصَدْتُكُمَا عُوجا بِنَجْدٍ وَسَلِّمَا
عَلىَ مُدْنَفٍ أضْحى مِنَ الْحُبِّ مُغْرَمَا
يُنَادِي إذَا مَا عَايَنَ اللَّيْلَ مُعْتِمَا
قِفِ الْعِيسَ يَا حَادِي الْمَطِيِّ عَلَى الْحِمى
وَأَبْلِغْ سَلاَمِي سَكِنَ الْبَانِ وَالنَّقَا
سَلُوا عَنْ نُحُولي هَجْرَهَا فَهْوَ مُسْقِمِي
أفي كُلِّ شَرْعٍ قَدْ أُحِلَّ لَهَا دَمِي
أَبِيتُ وَلاَ تَدْرِي بِفَرْطِ تَأَلُّمِي
قَرِيرَةُ عَيْنِ عن سُهَادِ مُتَيَّمِ
يَحِنُّ إلَى ذَاكَ الْجَنَابِ يَشَوُّقَا
وَفَاتِنَةٍ أَوْصَافُهَا قَدْ تَزَايَدَتْ
كَمَا لاَ تُرِيكَ الْبَدْرَ حُسْناً إذَا بَدَتْ
وَمَنْ لي بِهَا لَوْ أَنْصَفَتْني وَسَاعَدَتْ
قَرِيبَةُ عَهْدٍ مِنْ دِيَارٍ تَبَاعَدَتْ
تُجَدِّدُ عَهْداً فِي فِنَاهَا وَمَوْثِقَا
تُرَى بَعْدَ هذَا الْهَجْرِ تَجْمَعُ شَمْلَنَا
وَتُرْجِعُ أَيَّاماً تَقَضَّتْ عَلىَ مِنى
أُنَادِيهِمُ وَالدَّمْعُ فِي الْخَدِّ مُعْلِنَا
قَضَى اللهُ بِالْبَيْنِ الْمُشَتِّتِ شَمْلَنَا
وَهَلْ سَاعَةً مِنْكُمْ سَبِيلٌ إلَى اللِّقَا
فُؤَادُ الْمُعَنى لاَ يُرَامُ ثَبَاتُهُ
بِحُبِّ الَّذِي فِي الْحُسْنِ تَمَّتْ صِفَاتُهُ
لَهُ أَمَلٌ وَالْعُمْرُ يُخْشى فَوَاتُهُ
قَتِيلُ غَرَامٍ كَيْفَ تُرْجى حَيَاتُهُ
وَمَيْتُ سِقَامٍ لاَ يُرَامُ لَهُ بَقَ
خُذُوا مِنْ صَبَا نَجْدٍ حَدِيثي إذَا سَرى
لِيُخْبِرَكُمْ عَنْ شَرْحِ حَالي وَمَا جَرى
وَلي مُقْلَةٌ لَمْ يُهْنِهَا سِنَةُ الْكَرى
قُصَارى فَإنِّي لاَ أًطِيقُ تَصَبُّرَا
وَقَدْ حَثَّ حَادِي الْعِيسِ بِالْبِيدِ أَيْنٌقَا
إذَا مَا رَأَتْ نَجدْاً يَحِدُّ حَنِينُهَا
وَيَعْلُو إذَا جَنَّ الظَّلاَمُ أَنِينُهَا
إلىَ نَحْوِ وَادِي الْخَيْفِ تَرْنُو عُيُونُهَا
قَوَائِمُهَا تَشْكُو الْوَجى وَجُفُونُهَا
شَكَتْ مَدْمعاً لَوْلاَ الزَّفِيرُ لأَغْرَقَا
أَسَائِقَهَا رِفْقاً عَلَيْهَا وَخَلِّهَا
وَدَعْهَا عَسَاهَا أنْ تَجُودَ بِوَطْئِهَا
مُقَلْقَلَةُ الأَحْشَاءِ مِنْ فَرْطِ كَلِّهَا
قَلِيلاً قَلِيلاً لاَ تَسُقْهَا وَخَلِّهَا
تَسِبرُ الْهُوَيْنَا وَامْتَهِلْ وَتَرَفَّقَا
سُلُوِّيَ هَجْرٌ وَالْغَرَامُ حَقيِقَةٌ
وَأَجْفَانُ عَيْني بِالدُّمُوعِ غَرِيقَةٌ
وَكَمْ بَيْنَ أَخْبَاءِ الضُّلُوعِ حَرِيقَةٌ
قُلُوبٌ إلَى نَحْوِ الْحَبِيبِ مَشُوقَةٌ
تَزِيدُ عَلىَ بُعْدِ الْمَزَارِ تَحَرُّقَا
أَحِنُّ إلَى الْوَادِي وَأَهْوى مَنَازِلاَ
تَرَحَّلَ عَنْهَا مَنْ هَوِينَاهُ عَجِلاَ
وَلَمَّا سَرَى الْحَادِي وَحَثَّ الرَّوَاحِلاَ
قَطَعْنَا إلَى وَادِي الْعَقِيقِ مَنَازِلاَ
وَقَدْ لاَحَ نُورُ الْهَاشِمِيِّ وَأشْرَقَا
إذَا مَا بَدَا الْبَرْقُ اللَّمُوعُ مِنَ الْحِمى
يُذَكِّرُني ذَاكَ الْمَقَامَ الْمُكَرَّمَا
وَلَمَّا حَدَا الْحَادِي سُحَيْراً وَزَمْزَمَا
قَدِمْنَا إلَى خَيْرِ النَّبِييِّنَ بَعْدَمَا
نَشَرْنَا لَهُ الأَعْلاَمَ غَرْباَ وَمَشْرِقَا
بِهِ الْمَدْحُ يَحْلُو فِي مَلاَبِسِ حِرْزِهِ
وَيَزْهُو دَلاَلاً فِي مَحَاسِنِ طَرْزِهِ
وَيُشْرَحُ فِيهِ خَاطِرُ الْمُتَنَزِّهِ
قَرَعْنَا بِكَفِّ الذُّلِّ أَبْوَابَ عِزِّهِ
فَلَمْ نَرَ بَاباَ إذْ أَتَيْنَاهُ مُغْلَقَا
غَرَامِي بِهِ دَانٍ وَصَبْرِي نَاشِزُ
وَوَجْدِي بِهِ وَالْقَلْبُ لِسِّرِّ حَائِزُ
فَمِنِّي لَهُ مَدْحُ وَمِنْهُ الْجَوَائِزُ
قَدِيرٌ عَفُورٌ رَاحِمٌ مُتَجَاوِزُ
عَلىَ أُمَّةِ التَّوْحِيدِ مَا زَالَ مُشْفِقَا
سَرَائِرُهُ مَعْصُوَمةٌ وَالظَّوَاهِرُ
وَأوْقَاتُهُ مَحْرُوسَةٌ وَالْخَوَاطِرُ
وَلَمَّا دَنَا التَّوْدِيعُ وَالرَّكْبُ سَائِرُ
قَعَدْتُ بِجِسْمِي وَالْفُؤَادُ مُسَافِرُ
وَشَوْقِي جَدِيدٌ وَاصْطِبَارِي تَمَزَّقَا
إلَيْهِ اشْتِيَاقِي لاَ يَزَالُ وَحَسْرَتي
عَلَيْهِ وَصَبْرِي لاَ يُرَامُ وَسَلْوَتِي
وَإنِّي إذَا مَا جِلْتُ فِي مَدِّ خَطْوَتي
قَصِرُ الْخُطَا عَنْ طُولِ وَهْمِي وَأَنَّتِي
يُعَوِّقُنِي عَنْهَا التّخَلُّفُ وَالشَّفَا
مُحِبٌّ تَمَنَّى أَنْ يَتِمَّ لَهُ الأمَلْ
بِزَوْرَةِ خَيْرِ الأَنبِيَاءِ فَلَمْ يَنَلْ
وَفي كُلِّ عَامٍ أرْتَجِي الْوَصْلَ لَوْ حَصَلْ
قَضَيْتُ زَمَاني فِي مَتَى وَعَسَى وَهَلْ
أَفُوزُ بِهِ وَالْعَزْمُ أَضْحَى مُعَوَّقَا
رَسُولٌ أَتَانَا نَصِحاً بِتَوَدُّدِ
هُدِينَا بِهِ وَهْوَ الشَّفِيعُ لِمَنْ هُدِي
رَفِيعُ الْمعَانِي سَيِّدٌ وَابْنُ سَيِّدِ
قَوَاعِدُ دِيني مِدْحَتِي لِمُحَمَّدِ
شُغِلْتُ بِهَا أضْحى لِسَانِي مُطْلَقَا
هَدَانَا بِهِ الْبَارِي إلَى صَوْمِ شَهْرِهِ
وَعَرَّفَنَا مِقْدَارَ لَيْلَةِ قَدْرِهِ
نَبِيٌّ يَرَى الْمَخْفِيَّ مِنْ غَيْبِ سِرِّهِ
قُفُولٌ لَقَدْ سَارَتْ تَزُورُ لِقَبْرِهِ
ضَرِيحاً كَسَاهُ اللهُ نُوراً وَرَوْنَقَا
هُوَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقى بِهَا فَازَ مَنْ لَجَا
إلَيْهِ وَنُورٌ لاَحَ فِي غَسَقِ الدُّجى
وَقَفْنَا بِهِ نَدْعُوهُ يَا خَيْرَ مُرْتَجى
قَوَاطِعُ ذَنْبٍ وَاصَلَتْنَا وَمَا نَجَا
أَسِيرٌ بِدُنْيَاهُ غَدَا مُتَعَلِّقَا
إلَى قَابِ قَوْسَيْنِ ارْتَقى عِنْدَمَا سَرى
وَعَادَ سَرِيعاً مِنْ سَمَاءِ إلىِ ثَرى
عَدِمْتُ فُؤَاداً رَامَ عَنْهُ تَصَبُّرَا
قَبِيحٌ عَلى عَيْنِي تَنَامُ وَلاَ تَرى
بِيَثْرِبَ قَبْراً نُورُهُ قَدْ تَأَلَّقَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد البهلول

avatar

احمد البهلول حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ahmed-AlBahloul@

30

قصيدة

27

متابعين

أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن البهلول. متصوف فاضل من أهل طرابلس الغرب. رحل إلى مصر ولقي علماءها وعاد إلى بلده. له (درة العقائد) منظومة، و(المعينة) منظومة في ...

المزيد عن احمد البهلول

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة