الديوان » العصر العثماني » احمد البهلول » وحرمة ودي لم يكن عنه مصرف

وَحُرْمَةِ وِدِّي لَمْ يَكُنْ عَنْهُ مَصْرِفُ
لِقَلْبِ مُحِبِّ بَعْدَهُمْ يَتَلَهَّفُ
لَقَدْ لَحَّ عُذَّالي وَفي اللَّوْمِ أَسْرَفُوا
وَبِي أَغْيَدٌ حُلْوُ الشَّمَائِلِ أَهْيَفُ
أَعَزٌّ أَزَجٌّ لِلْمَلاَحَةِ قَدْ حَوى
وَفَيْتُ بِعَهْدِي وَهْوَ مَا وَفى
وَكَدَّرَ مِنْ وِرْدِ الْمَحَبَّةِ مَا صَفا
وَمَاذَا عَلَيْهِ لَوْ عَلَيَّ تَعَطَّفَا
وَلَوْ صَحَّ هَجْرِي مُسْتَدِيمٌ عَلىَ الْجَفَا
فَجِسْمِي بِهِ لاَ يَسْتَرِيحُ مِنَ الْبَلْوى
ذَكَرْتُ زَمَاناً بَيْنَ سَلْعِ وَلَعْلَعِ
فَهَيَّجَ نِيرَانَ الأَسى بَيْنَ أَضْلُعِي
وَبُحْبِ لِمَنْ أَهْوى بِفَرْطِ تَوَجُّعِي
وَمَالي إلَيْهِ شَفِعٌ بَيْنَ أدْمُعِي
وَأَشْكُو لَهُ لَوْ رَقَّ يَوْماً إلَى الشَّكْوى
نُفُوسٌ أَرَاهَا لاَ تَزَالُ مُذَابَةً
عَلىَ الْخَدِّ تَجْرِي حَسْرَةً وَكَآبَةً
دَعَتْهَا دَوَاعِي الْوَجْدِ لَبَّتْ إجَابَة
وَلي كِبَدٌ ذَابَتْ عَلَيْهِ صَبَابَةً
وَقَلْبٌ بِنَارِ الشَّوْقِ مِنْ هَجْرِهِ يُكْوى
تُرَى لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ حَلَّ لَهُ دَمِي
وَمَنْ ذَ الَّذِي أَفْتَاهُ فِي قَتْلِ مُسْلِمِ
وَلَوْ رَامَ عَدْلاً مَلَّ ظُلْمَ الْمُتَيَّمِ
وَلكِنَّهُ قَدْ جَارَ فِي قَتْلِ مُغْرَمِ
تَحَمَّلَ وَجْداً لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ رَضْوى
إذَا مَا بَدَا الْوَادِي وَلاَحَتْ بُرُقُهُ
يَزِيدُ بِقَلْبِي حُزْنُهُ وَخُفُوقُهُ
يَا عَاذِلي يَكْفِي فُؤَادِي حَرِيقُهُ
وَقَدْ حَلَّ بِي فِي الْحُبِّ مَالاَ أُطِيقُهُ
وَحَمَّلْتَنِي بِالْهَجْرِ مَا لَمْ أَكُنْ أَقْوى
أَرى لَيْلَ مَنْ أَهْوَاهُ مِثْلَ سُحَيْرِهِ
لِشِدَّةِ مَا يَلْقَاهُ مِنْ فَرْطِ ضَيْرِهِ
وَإنْ سَارَ حَادِي الْعِيسِ سِرْتُ بِسَيْرِهِ
وَقَالُوا تَسَلى عَنْ هَوَاهُ بِغَيرِهِ
وَكَيْفَ التَّسَلَّي وَالْفُؤَادُ لَهُ مَثْوى
بَخِيلٌ عَلىَ طَرْفِ كَرِيمٍ بِعَبْرَةٍ
وَقَلْبٍ مِنَ الأشْوَاقِ يُكْوى بِجَمْرَةٍ
وَعَقْلي عَلَيْهِ الْحُبُّ غَطَّى بِسَكْرَةٍ
وَلَوْ جَادَ يَوْماً لِلْمُحِبِّ بِنَظْرَةٍ
لَمَا صَارَ مِنْ فَرْطِ الضَّنى جِسْمُهُ يُكْوى
أَحِنُّ إلَى بَانِ الْعَقِيقِ وَكُثْبِهِ
وأهْفُو إلَى ظَبْيِ الْعَرِينِ وَسِرْبِهِ
فَيَا أسَفَى أَفْنَيْتُ عُمْرِي بِحُبِّهِ
وَكَمْ قُلْتُ لِلْحَادِي الْمُجِدِّ بِرَكْبِهِ
رُوَيْداً فَمَا أصْغَى لِقَوْلي وَلاَ لَوَّى
نَفى عَنْ جُفُوني طِيبَ نَوْمِي وَشَرَّدَا
حَنِينُ الْمَطَايَا حِين سَارُوا وَقَدْ حَدَا
بِهَا سَائِقُ الأَظْعَانِ وَالرَّكْبُ أَنْجَدَا
وَسَارُوا إلَى وَادِي الْعَقِيقِ وَقَدْ بَدَا
لَهُمْ مَشْهَدٌ تَاهَ الْمَشُوقُ بِهِ زَهْوَا
تَوَلُّوا وَقَلْبي سَائِرٌ حِينَ يَمَّمُوا
إلَى مَكَّةِ حَثُّوا الرِّكَابَ وَأَحْرَمُوا
وَمِنْ بَعْدِ ذَا نَحْوَ الْعَقِيقِ تَقَدَّمُوا
وَفي يَثْرِبٍ حَطُّوا الرِّحَالَ وَسَلَّمُوا
عَلىَ خَيْرِ مَبْعُوثٍ فَضَائِلُهُ تُرْوى
لَقَدْ ظَفِرُوا بِالْقُرْبِ مِنْ بَعْدِ بُعْدِهِمْ
وَبِالْمُصْطَفى قَدْ لاَحَ طَالِعُ سَعْدِهِمْ
وَقَدْ سَرَّهُمْ بِالسَّيْرِ إنْجَازُ وَعْدِهِمْ
وَفَازُوا بِمَا يَرْجُونَ مِنْ حُسْنِ قَصْدِهِمْ
وَنَالُوا الْمُنى مِنْ عَالِمِ السِّرِّ وَالنَّجْوى
دُعَائِي إلَى الْمَولى وَكُلُّ تَوَسُّلي
بِأَكْرَمِ مَبْعُوثٍ وَأَفضَلِ مُرْسَلِ
لِمَنْ تَرِدُ الْحُجَّاجُ مِنْ كُلِّ مَنْزِلِ
وُقُوفاً عَلىَ أَبْوَابِهِ بِتَذَلُّلِ
وَقَدْ شَاهَدُوا ذَاكَ الْجَمَالَ الَّذِي يُهْوى
عَشِيرَتُهُ أَكْرِمْ بِهَا مِنْ عَشِيرَةٍ
أتَتْ عَنْهُمُ الأَخْبَارُ فِي كُلِّ سِيرَةٍ
بِأَنَّ لَهُمْ عَزْماً وَحُسْنَ بَصِيرَةٍ
وَقَدْ نَظَرُوا نُوراً كَشَمْسِ ظَهِيرَةٍ
أَضَاءَتْ عَلىَ الآْفَاقِ بَلْ نُورُهُ أَضْوَا
مَلاَئِكَةُ الرَّحْمنِ بَعْضُ جُنُودِهِ
كَرِيمُ السَّجَايَا مُنْجِزٌ لِوُعُودِهِ
سَعِدْنَا بِهِ إذْ لاَحَ نَجْمُ سُعُودِهِ
وُجُودُ الْمَعَالي كُلَّهَا مِنْ وُجُودِهِ
وَرِيُّ سَحَابِ الْجُودِ مِنْ كَفِّهِ يُرْوَى
مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصى تَرَقى إلَى الْعُلى
وَقَرَّبَهُ مِنْ غَيْرِ هَجْرٍ وَلاَ قلاَ
لَقَدْ خَاطَبَتُهُ جَهْرَةً ظَبْيَةُ الْفَلاَ
وَفي لَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ أُسْرِي بِهِ إلَى
حَظِيرَةِ قُدْسٍ وَاحْتَوَى الْغَايَةَ الْقُصْوى
عَلَيْهِ صَلاَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَجَدَّدَتْ
مَتَى سَجَعَتْ قِمْرِيَّةٌ ثُمَّ غَرَّدَتْ
لَهُ مُعْجِزَاتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ أُسْنِدَتْ
وَلَمَّا ارْتَقى مَتْنَ الْبُرَاقِ وَقَدْ بَدَتْ
مَلاَئِكَةٌ مِنْ حَوْلِهِ وَالْمَدى يُطْوى
رَأَى أَكْبَرَ الآْيَاتِ عِنْدَ اقْتِرَابِهِ
وَأَخْبَرَنَا عَمَّا أتَى بِكِتَابِهِ
لَقَدْ فَازَ مِنْ رَبِّ الْعُلاَ بِخِطَابِهِ
وَحَيَّاهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ إيَابِهِ
فَنَحْنُ بِهِ نَرْجُو الشَّفَاعَةَ وَالْعَفْوَ
أرَى الْعِيسَ تَهْوِي فِي الْمَسِيرِ لأَحْمَدِ
نَبِيِّ الْهُدى وَهُوَ الشَّفِيعُ لِمَنْ هُدِي
مُنَاهَا بِأَنْ تَحْظَى بِزَوْرَةِ سَيِّدٍ
وَلي هِمَّةٌ تَسْمُو بِمَدْحِ مُحَمَّدِ
فَخَاراً وَمَا قَصْدِي سُعَادَا وَلاَ عَلْوَا
يَهِيجُ اشْتِيَاقي عِنْدَ ذِكْرِي لِقَبْرِهِ
وَلاَ سِيَّمَا عِنْدَ ارْتِيَاجِي لِنَشْرِهِ
فَلِلهِ مَا أَذْكَى نُسَيْمَاتِ عِطْرِهِ
وَقَدْ نَفَشَتْ قَلْبِي لَذَاذَةُ ذِكْرِهِ
حَلاَوَتُهَا تُغْنِي عَنِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد البهلول

avatar

احمد البهلول حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ahmed-AlBahloul@

30

قصيدة

27

متابعين

أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن البهلول. متصوف فاضل من أهل طرابلس الغرب. رحل إلى مصر ولقي علماءها وعاد إلى بلده. له (درة العقائد) منظومة، و(المعينة) منظومة في ...

المزيد عن احمد البهلول

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة