الديوان » العصر العثماني » احمد البهلول » روت هبرا ريح الصبا إذ سرت به

رَوَتْ هَبَراً رِيحُ الصَّبَا إذْ سَرَتْ بِهِ
لِصَبِّ هَوى نَجْدٍ يَطِيرُ بِلُبِّهِ
يقُولُ وَنِيرَانُ الأَسى حَشْوُ قَلْبِهِ
رَعى اللهُ مَنْ هَامَ الْفُؤَادُ بِحُبِّهِ
وَإنْ خَانَ عَهْدِي وَاسْتَمَرَّ عَلىَ غَدْرِي
لَئِنْ كَانَ مَنْ أَهْوَاهُ فِي الْحُبِّ يَرْتَضِي
بِقَتْلي فإنِّي قَدْ رَضِيتُ بِمَا رَضِي
فَلاَ تَجْزَعِ يَا نَفْسُ قَدْ كَانَ مَا مَضِى
رَجَائِي بِأَنْ أَحْظى بِهِ قَبْلَ يَنْقَضِي
زَمَانِي وَيَفْنى الْعُمْرُ بِالصَّدِّ وَالْهَجْرِ
أُقَضِّي زَمَاني حَسْرَةً وَكَآبَةً
وَأَكْتُمُ وَجْدِي وَالْغَرامَ مَهَابَةً
وَدَمْعِي مِنَ الأَشواقِ يَحْكِي سَحَابَةً
رضِيتُ بِقَتْلي فِي هَوَاهُ صَبَابةً
وَلَيْسَ لِمَنْ لَمْ يَرْضَ فِي الْحُبِّ مِنْ عُذْرِ
كَتَمْتُ الْهَوى خَوْفاً وَصَوْناَ لِسِرِّهِ
وَكَلَّفْتُ قَلْبي أَنْ يَقُومَ بِصَبْرِهِ
فَزَادَ بِعَاداً وَاسْتَطَالَ بِغَدْرِهِ
رَثى إلى عَذُولي مِنْ نُحُولي بِهَجْرِهِ
وَقَدْ سَرَّ حُسَّادِي وَقَدْ خَانَني صَبْري
مُحِبٌّ بَكَتْ عُوَّادُهُ مِنْ أَنِبنِهِ
وَرَقَّ لَهُ حُسَّادُهُ مِنْ حَنِينِهِ
بِحُبِّ حبيبٍ قَدْ زَهَا فِي فُنُونِهِ
رَشَا كُلَّمَا عَايَنْتُ نُورَ جَبِينِهِ
عُنِيتُ بِهِ عَنْ طَلْعَةِ الشَّمْسِ وَالْبَدْرِ
سَهْرْتُ وَغَيْرِي فِي دُجى اللَّيْلِ نَائِمُ
مُهَنَّى وَقَلْبي بِالصَّبَابَةِ هَائِمُ
جَفَاني حَبِيبي وَهْوَ بِالْحَالِ عَالِمُ
رَبَا فِي رُبَا قَلْبي وَمَرْعَاهُ دَائِمُ
مُقِيمٌ بِأَحْشَائِي إلَى آخِرِ الدَّهْرِ
سَريعُ الْجَفَا وَالْوَصْلُ مِنْهُ عَلى مَهَلْ
بِهِ طِيبُ نَوْمِي عَنْ جُفُوني قَدِ انْعَزَلْ
حَبِيبٌ يَبِيتُ الْقَلْبُ مِنْهُ عَلى وَجَلْ
رَعَيْتُ لَهُ الْعَهْدَ الْقَدِيمَ وَلَمْ أَزَلْ
عَلَى ودّه مَا دمت أو ينقضي وهدي
حَلِيفُ سِقَامِ لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ
فِراقُ حَبِيبٍ لَمْ يَرِقَّ لِمَا بِهِ
بَكَتْهُ أَعَادِيهِ لِعُظْمِ مُصَابِهِ
رَغِبْتُ بِأَنِّي قَدْ وَقَفْتُ بِبَابِهِ
ذَلِيلاً عَسَى بِالذُّلِّ يَجْبُرُ لي كَسْري
تُرى غُمَّةَ الْهِجْرَانِ بِالْوَصْلِ تَنْجَلي
وَيَبْرَا بِهِ قَلْبُ الْمُحِبِّ الْمُعَلَّلِ
رَشِيقٌ رَمى سَهْماً فَلَمْ يُخْطِ مَقْتَلي
رَفَعْتُ إلَيْهِ قِصَّتي كَيْ يَرِقَّ لي
وَيَرْحَمَ حَالي أو يَجُودَ عَلى فَقْرِي
فُنتِنْتُ بِفَتَّانٍ سَبَاني بِسِحْرِهِ
سَقى الصَّبْرَ صِرْفاً لي بِكاسَاتِ خَمْرِهِ
يَمِيلُ كَنَشْوَانٍ يَتِيهُ بِسُكْرِهِ
رَمَاني بِسَهْمِ الْبُعْدِ مِنْ قَوْسِ هَجْرِهِ
وَصَيَّرني أَرْعَى النُّجُومَ إلَى الْفَجْرِ
رَمى بِلِحَاظٍ مِنْهُ تُصْمِي الجَآذِرَا
عَلى مُهْجَتي مَا زَالَ بِالْهَجْرِ آمرَا
وَلَمَّا رَأيْتُ الْغَيَّ للِرُّشْدِ زَاجِرَا
رَجَعْتُ بِعَزْمِي عَنْ هَوَاهُ مُبَادِرَا
لِمَدْحِ نَبيِّ مَدْحُهُ جَاءَ فِي الذِّكْرِ
لَهُ أُمَّةٌ يَوْمَ الْحِسَابِ رُجُوعُهُمْ
إلَيْهِ لِيَحْظى بِالجِنَانِ جَمِيعُهُمْ
لَهُمُ أَمَلُ فِي حُبِّهِ لاَ يُضِيعُهُمْ
رَؤُفٌ رَحِيمٌ بِالْعُصَاةِ شَفِيعُهُمْ
وَقَدْ غَرِقُوا فِي أَبْحُرِ الذَّنْبِ والوزر
هُوَ الْجَوْهَرُ الشَّفَّافُ يَدْرِيه مَنْ نَقَدْ
وَلَوْلاَهُ فِي سِلْكِ النُّبُوَّةِ مَا انْعَقَدْ
تَعَوَّذَ بِالموْلى مِنَ النَّفْثِ فِي الْعُقَدْ
رقَى مَوْضِعاً لَمْ يَرْقَهُ أَحَدٌ وَقَدْ
تَعَاظَمَ قَدْراً بِالرِّيَاسَةِ وَالنَّصْرِ
بِهِ الدِّينُ أضْحى فِي عُلاً بِرِعَتِهِ
وَقَدَّ بِسَيْفِ النَّصْرِ هَامَ عِدَاتِهِ
يَفُوقُ الْوَرى فِي شَخْصِهِ وَصِفَاتِهِ
رَكَائِبُهُ مَنْصُورَةٌ بِحُمَاتِهِ
يَصُولُ عَلىَ الأَعْدَاءِ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْرِ
لأعْدَائِهِ كَأْسَ الْمَنُونِ يُجَرِّعُ
وَأبْطَالَهُمْ بِالْحَقِّ قَهْراً يُصَرِّعُ
وَصُولٌ أَمِينُ لِلأُصُولِ مُفَرِّعُ
رَسُولٌ إلى كُلِّ الأَنَامِ مُشَرِّعُ
جَلاَ ظُلْمَةَ الأَشْكَالِ بِالنَّهْي وَالأَمْرِ
بِهِ قَدْ أَمِنَّا كُلَّ خَوْفٍ وَذِلَّةٍ
شَرِيفٌ عَفِيفٌ لاَ يُشَانُ بِزَلَّةٍ
مَوَارِدُهُ تُشْفى بِهَا كُلُّ عِلَّةٍ
رُفِعْنَا بِهِ قَدْراً عَلى كُلِّ مِلَّةٍ
لَهُ عُصْبَةٌ شُمُّ الأُنُوفِ بِلاَ نُكْرِ
تَرَاهُمْ جَمِيعاً جَاوَزُوا الْبِيدَ وَالْفَلاَ
لِمَنْ قَدْرُهُ فَوْقَ السَّمواتِ قَدْ عَلاَ
وَكُلٌّ لَهُ قَلْبٌ مِنْ الشَّوْقِ مَا سَلاَ
رِجَالُ بِهِ حَازُوا الْمَفَاخِرَ وَالْعُلاَ
وَنَالُوا رِضَا الرَّحمنِ بالْحَمْدِ وَالْشُّكْرِ
حَبِيبٌ عَلَى مَوْلاَهُ وَابْنُ خَلِيلِهِ
لَهُ أُمَّةٌ نَالُوا الْهُدى بِدَلِيلِهِ
هُمُ الْقَوْمُ لَمَّا اسْتَشْفَعُوا بِرَسُوِلِهِ
رَضَا اللهِ رامُوا سَعْيُهُمْ فِي سَبيلِهِ
بِأنْفُسِهِمْ وَالْمَالِ فِي السِّرِّ وَالجَهْرْ
مَنَازِلُ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْهُمْ دَوَارِسُ
وَلَيْسَ بِهَا بَعْدَ الأَنِيسِ مُؤَانِسُ
لَقَدْ فَتَكَتْ فِيهِمْ لُيُوثٌ عَوَابِسُ
رُعَاةٌ يُرَاعُونَ الذِّمَامَ فَوَارِسُ
حُمَاةٌ لِدِينِ اللهِ بِالْبِيضِ وَالسُّمْرِ
لَقَدْ ظَفِرُوا مِنْهُمْ بِنَيْلِ مُرَادِهِمْ
وَقَدْ مُكِّنُوا مِنْ مَاِلِهمْ وَبِلاَدِهِمْ
هَنِيئاً لَهُمْ قَدْ أَخْلَصُوا فِي جِهَادِهِمْ
رَجَاءِ بِهِمْ أَنْ يُرْزَقُوا فِي مَعَادِهِمْ
جِوَارَ نَبيَّ خَصَّهُ اللهُ بِالذِّكْرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد البهلول

avatar

احمد البهلول حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ahmed-AlBahloul@

30

قصيدة

27

متابعين

أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن البهلول. متصوف فاضل من أهل طرابلس الغرب. رحل إلى مصر ولقي علماءها وعاد إلى بلده. له (درة العقائد) منظومة، و(المعينة) منظومة في ...

المزيد عن احمد البهلول

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة