الديوان » العصر العثماني » احمد البهلول » بسقط اللوى صب حليف محبة

بِسَقْطِ اللَّوى صَبٌّ حَلِيفُ مَحَبَّةٍ
مُقِيمٌ ومَنْ يَهْوَاهُ فِي أرْضِ غُرْبَةٍ
أقُولُ لِمَنْ لَمْ يَحْفَطُوا حَقَّ صُحْبَةٍ
بَعِيدٌ عَنِ الْمُشْتَاقِ عَوْدُ أَحِبَّةٍ
تَنَاءَوْا فَكانَ الصَّبْرُ غَيْرَ قَرِيبِ
مُقِيمُ مَدَى دَهْرِي عَلى حِفْظِ وُدِّهِمْ
وَأَبْسُطُ كَفِّي رَاجِياً نَيْلَ رِفْدِهْم
مَتَى يَأْمَنُ الْمُشْتَاقُ مِنْ جَوْرِ صَدَّهِمْ
بِقَلْبي غَرَامٌ لاَ يَزَالُ لِبُعْدِهِمْ
وَقَدَ زَادَ حُزْني بَعْدَهُمْ وَنَحِيبي
خَلِيلَيَّ إنْ وَافَيْتُما ذلِكَ الحِمى
فَعُوجَا عَلى وَادِي الْعَقِيقِ وَسَلِّما
وَقُولاَ لَهُمْ عَنَّي لَقَدْ شَفَّنِي الظَّمَا
بَكَيْتُ مِنَ الأَشْوَاقِ وَالْهَجْرِ عِنْدَما
جَعَلْتُ جَفَاكُمْ وَالصُّدُودُ نَصِيبي
خَبَأْتُكُم ذُخْرِي لآخِرِ مُدَّتي
عَسَى أَن تَكُونُوا عُدَّتي عِنْدَ شِدَّتي
نَسِيتُمْ عُهُودِي ثُمَّ خُنْتُمْ مَوَدَّتي
بَقَائِي عَجيبٌ يَعْدَكُمْ يَا أحِبَّتي
وَلَيْسَ فَنَائِي فِيكُمُ بِعَجيبِ
عُيُون الْوَرى تَبْرا بِطبِّ طَبيبِهَا
كَما بُرءُ عَيْني نَظْرَةٌ مِنْ حَبِيبهَا
وَلي مُهْجَةٌ ذَابَتْ بِحَرِّ لَهِيبِهَا
بِأَيَّامِنَا بَيْنَ الخيام وطيبها
قفوا ساعة فِي رَامَةٍ وَكَثِيبِ
أحِبَّتُنَا جَدُّوا الرَّحِيلَ وَحَمَّلُوا
مَطَايَاهُم يَوْمَ النَّوى وَتَرَحَّلُوا
أُنَادِيهمُ وَالجِسْمُ مِنِّي مُعَلَّلُ
بِوَقْفَتِنَا يَوْمَ الْوَدَاعِ تَمَهَّلُوا
لِيُشْفى مُحِبٌ مِنْ وَدَاعِ حَبيبِ
بَكَيْتُ فَلَمْ تُطْفِ الْمَدَامِعُ عَبْرَتي
وَلَمْ يَصْفُ عَيْشِي بَعْدَكُمْ يَا أحِبَّتي
أَلَمْ تَرْحَمُوا حُزْني وَشَوقي وَوَحْدَتي
بَلَلْتُ رِدَائي مِنْ مَدَامِعِ مُقْلَتي
وَلَمْ يُطْفِ دَمْعِي زَفْرَتي وَلَهِيبي
سَأَلتُكَ بِالرَّحْمنِ يَا حَادِيَ السُّرَى
أَعِدْ لأَحبَابِي حَدِيثي وَمَا جَرَى
أُرَاعِي نُجُومَ اللَّيْلِ فيكُمْ مُفَكِّراً
بروق الحمى لاحت لِعَيْني وَقَدْ سَرَى
نَسِيمُ الصَّبَا مِنْ نَحْوهِم بِهُبُوبِ
لأَجْلِهِمُ فِي الْحُبِّ رُوحِي وَهَبْتُهَا
وَللهِ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ قَدْ سَهِرْتُهَا
وَنِيرَانُهُمْ لَيْلاً بِعَيْني نَظَرْتُهَا
بَدَتْ عِنْدَمَا جَنَّ الظَّلاَمُ رَأَيْتُهَا
لُمُوعَ سُيُوفٍ جُرِّدَتْ لِحُرُوبِ
مَتَى أَنْظُرُ الحُجَّاجَ يَوْماً عَلى مِنى
لَعَلَّ لَيَالي الْخَيْف تَجْمَعُ بَيْنَنَا
وَيَهْدَا فُؤَادُ المُسْتَهَامِ مِنَ العَنَا
بَرَاني الأسى حَتى خَفِيتُ مِنَ الضَّنى
وَقَدْ مَلَّ سُقْمِي عَائِدي وَطَبِيبي
تَرَحَّلَ جيرَانُ الْعَقِيقِ وَخَلَّفُوا
مَدَامِعَ عَيْني فَوْقَ خَدِّيَ تَذْرِفُ
أُنَادِيهمُ يا رَاحِلِينَ تَوَقَّفُوا
بِحِفْظِ ذِمَامٍ لِلنَّبيِّ تَعَطَّفُوا
فَذَاكَ الَّذِي أَعْدَدْتُهُ لِخُطُوبي
تَبَدَّى بِوَجْهٍ يُخْجِلُ الْبَدْرَ لاَمِعِ
سَمَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ أَسْنَى المَطَالِعِ
وَلَيْسَ لَهُ قي حُكْمِهِ مِنْ مُنَازِعِ
بَشِيرٌ نَذِيرٌ كُلَّ عَاصٍ وَطَائِع
وَمُنْقِذُهُمْ مِنْ زَلَّةٍ وَذُنُوبِ
إمَامُ لِرُسْلِ اللهِ يَدْعُو إلَى الْهُدى
سَلِيلُ خَلِيلِ اللهِ ذُو الْجُودِ والنَّدى
كَفِيلٌ بإنْقَاذِ الْعُصَاةِ مِنَ الرَّدى
بِهِ انْبَرَمَ الْعَهْدُ الحَنِيفِيُّ فَاغْتَدى
كَعقْدٍ عَلى جِيدِ الزَّمَانِ رَطِيبِ
بِهِ كَلَّمَ اللهُ الْكَلِيمَ عَلى طُوَى
فَاغْرَقَ فِرْعَوَنَ اللَّعِينَ لمَا غَوى
وَأَوْرَثَهُ مِنْ مُلْكِهِ كُلَّ مَا احْتَوى
بَدَا وَخُيُولُ الْغَيِّ تَرْكُضُ وَالْهَوى
لَهَا سَائقٌ وَالرُّشْدُ غَيْرُ مُجِيبِ
تَوَسُّلُنَا بِاَلْهاشِمِيِّ حَبِيبِنَا
بِهِ يَغْفِرُ المَوْلى جَمِيعَ ذُنُوبِنَا
وَيَصْفَحُ عَنْ زَلاَّتِنَا وَعُيُوبِنَا
بِشِرْعَتِهِ نَجْلي الصَّدَا عَنْ قُلُوبِنَا
وَمَنْ مَالَ عَنْهَا فَهْوَ غَيْرُ مُصِيبِ
سَرى زَائِراً لَمَّا نَأَى عَنْ سَرِيرِه
وَنَالَ المُنى مُسْتَبْشِراً لِمَسِيرِهِ
وَلَمْ يَكُ هذَا حَائِلاً فِي ضَمِيرِهِ
بِدَايَتُهُ كانَتْ نِهَايَةَ غَيْرهِ
وَمَا كُلُّ مَحْبُوبٍ كَمِثْلِ حَبيبِ
وَلَمَّا حَبَاهُ رَبُّهُ بِالْمَوَاهِبِ
رَأَى لَيْلَةَ الإْسرَا أَتَمَّ العَجَائِبِ
وَحَفَّتْ بِهِ الأَمْلاَكُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
بِنُورِ هُدَاهُ يَهْتَدِي كُلُّ طَالِبِ
وَيَهْدَا فُؤَادِي مِنْ جَوًى وَنَحِيبِ
تَرَقّى إِلَى السَّبْعِ الطِّبَاقِ وَقَدْ دَنَا
فَنِلْنَا بِهِ أَجْراً وَحُزْنَا بِهِ دُنَا
لَهُ الْعَلَمُ الْمَنْشُورُ بالْحَمْدِ وَالثَّنَا
بَلَغْتُ بِهِ سُؤْلاً وَنِلْتُ بِهِ مُنى
وَمَا أنَا فِي حُبِّي لَهُ بِمُرِيبِ
لَهُ طَلْعَةٌ مِنْ نُورِهَا الشَّمْسُ تَطْلُعُ
رَؤُوفٌ رَحِيمٌ فِي العُصَاةِ مُشَفَّعُ
لِعلْيَاهُ لأرْبَابُ الْمَنَاصِبِ خُضَّعُ
بَرَاهِنُهُ أجْلى مِنَ الشَّمْسِ فَاسْمَعُوا
مَقَالَ صَدُوقٍ أَجْلى مِنَ الشَّمْسِ فَاسْمَعُوا
مَقَالَ صَدُوقٍ غَيْرِ كَذُوبِ
حَمى دِينَنَا بالْمَشْرِقِّ الْمُهَنَّدِ
نَبيٌّ بِهِ مِنْ ظُلْمَةِ الشِّرْكِ نَهْتَدِي
هَنِيئاً لِمَنْ قَدْ زَارَ تُرْبَةَ أحْمَدِ
بِمَدْحِي لَهُ أَرْجو الشَّفَاعَةَ فِي غَدِ
فَكُنْ سَامِعِي يَا ذَا الْعُلى وَمُجيبي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد البهلول

avatar

احمد البهلول حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ahmed-AlBahloul@

30

قصيدة

27

متابعين

أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن البهلول. متصوف فاضل من أهل طرابلس الغرب. رحل إلى مصر ولقي علماءها وعاد إلى بلده. له (درة العقائد) منظومة، و(المعينة) منظومة في ...

المزيد عن احمد البهلول

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة