الديوان » العصر العباسي » أبو الشيص الخزاعي » مرت عينه للشوق فالدمع منسكب

عدد الابيات : 44

طباعة

مَرَت عَينَهُ للشوقِ فالدَمعُ مُنسَكِب

طُلولُ ديارِ الحَيِّ والحيُّ مُغتَرِب

كَسا الدَهرُ بُردَيها البِلى وَلَرُبَّما

لبِسنا جَديديها وأَعلامُنا قُشُب

فَغَّيَرَ مَغناها وَمحَّت رسومَها

سَماءٌ وأَرواحٌ وَدَهرٌ لَها عَقَب

تَربّعَ في أَطلالِها بَعدَ أَهلِها

زَمانٌ يُشِتُّ الشَملَ في صَرفهِ عجب

تَبدَّلَتِ الظُلمان بَعدَ أَنيسِها

وسوداً مِنَ الغِربانِ تَبكي وَتَنتَحِب

وَعَهدي بِها غَنَّاء مُخضَرَّةُ الرُبى

يَطيبُ الهَوى فيها ويُستَحسنُ اللَعِب

وَفي عَرصاتِ الحيِّ أَظبٍ كأَنَّها

مَوائِدُ أَغصانٍ تأَوّدُ في كُثُب

عَواتِقُ قَد صانَ النَعيمُ وجوهَها

وَخَفَّرَها خَفرُ الحَواضِنِ والحُجُب

عَفائِفُ لَم يَكشِفنَ سِتراً لِغَدرَةٍ

وَلَم تَنتِحِ الأَطرافُ مِنهُنَّ بالرِيَب

فأَدرَجهم طيُّ الجَديدَينِ فانطَوَوا

كَذاكَ انصِداع الشَعبِ ينأى وَيَقتَرِب

وَكأَسٍ كَسا الساقي لَنا بَعدَ هَجعَةٍ

حَواشيَها ما مَجَّ مِن رِيقِهِ العِنَب

كُميت أَجادَت جمرَةُ الصَيف طَبخَها

فآبَت بِلا نار تُحَشُّ وَلا حَطَب

لَطيمة مِسك فُتَّ عَنها خِتامُها

مُعتَّقَة صَهباءُ حيريَّة النَسَب

رَبيبةُ أَحقابٍ جَلا الدَهرُ وَجهَها

فَليسَ بِها إِلا تلأَلؤَها نَدَب

إِذا فُرُجاتُ الكأَسِ مِنها تُخيِّلَت

تأَمّلتَ في حافاتِها شُعَل اللَهب

كأَنَّ اطِّرادَ الماءِ في جَنباتِها

تتَّبعُ ماءُ الدُرّ في سُبُكِ الذَهَب

سَقاني بِها واللَيلُ قَد شابَ رأَسه

غَزالٌ بِحناء الزُجاجةِ مُختَضَب

يَكادُ إِذا ما ارتَجَّ ما في إزاره

ومالَت أَعاليهِ مِنَ اللِين يَنقَضِب

لَطيفُ الحَشى عبلُ الشَوى مُدمَجُ القَرى

مَريضُ جُفونِ العَينِ في طيِّهِ قبَب

أَميلُ إِذا ما قائدُ الجَهلِ قادني

إِليهِ وَتَلقاني الغَواني فتَصطَحِب

فَوَزَّعَني بَعدَ الجَهالةِ والصِبا

عَنِ الجَهلِ عَهدٌ بالشَبيبَةِ قَد ذَهَب

وأَحداثُ شَيبِ يَفتَرعنَ عَنِ البلى

وَدَهرٌ تهِرُّ النَاسُ أَيامُهُ كلِب

فأَصبَحتُ قَد نكَّبتُ عَن طُرُقِ الصِبا

وَجانَبت أَحداثَ الزُجاجةِ والطَرَب

يَحِطانِ كأَساً للنَديمِ إِذا جَرت

عَليَّ وإِن كانَت حَلالاً لِمَن شَرِب

وَلَو شِئتُ عاطاني الزُجاجةَ أَحورٌ

طَويلُ قَناةِ الصُلب مُنخَزِلُ العَصَب

لياليَنا بالطَفِّ إِذ نَحنُ جيرَةٌ

وإِذ لِلهَوى فينا وفي وَصلِنا أَرَب

لَياليَ تَسعى بالمدامَةِ بَينَنا

بَناتُ النَصارى في قلائِدِها الصُلُب

تُخالسُني الَّلذات أَيدي عَواطلٍ

وَجوفٍ مِنَ العيدانِ تَبكي وَتَصطَخِب

إِلى أَن رَمى بالأَربَعينَ مُشِبُّها

وَوقَّرَني قَرعُ الحوادثِ والنَكَب

وَكفكَفَ مِن غَربي مَشيبٌ وَكَبرَةٌ

وأَحكَمَني طولُ التَجاربِ والأَدَب

وَبحر يَحارُ الطَرفُ فيهِ قَطعَتُهُ

بِمَهنوءة مِن غَيرِ عُرٍّ وَلا جَرب

مُلاحَكةِ الأَضلاعِ مَحبوكة القَرى

مُداخِلةِ الرَاياتِ بالقارِ والخَشَب

موثَّقة الأَلواح لَم يُدم متنَها

ولا صَفحتيها عَقدُ رَحلٍ وَلا قَتب

عَريَضةُ زَورَ الصَدرِ دَهماء رَسلة

سِنادٌ خَليعُ الرأَس مَزمومة الذَنَب

جَموحُ الصَلا موَّارةُ الصَدرِ جَسرَةٌ

تَكادُ مِن الإِغراق في السير تَلتَهب

مجفّرة الجَنبَين جَوفاء جَونة

نَبيلة مَجرى العَرض في ظَهرِها حَدَب

معلَّمة لا تَشتَكي الأَينَ والوَجى

وَلا تَشتَكي عَضَّ النُسوع وَلا الدَأب

وَلَم يدم مِن جَذب الخشاشة أَنفها

وَلا خانَها رسم المناسِبِ والنَقَب

مُرَقَّقَةِ الأَخفافِ صُمٌّ عِظامُها

شَديدَة طيِّ الصُّلب مَعصوبَةُ العَصَب

يَشقُّ حُبابَ الماءِ حَدُّ جِرانِها

إِذا ما تَفرَّى عَن مناكِبها الحَبب

إِذا اعتَلجَت والريحُ في بَطنِ لُجّة

رأَيتُ عَجاج الموتِ مِن حَولِها يَثِب

تَرامي بِها الخلجانُ مِن كُلِّ جانبٍ

إِلى متن مقتِّر المسافة مُنجَذب

وَمَثقوبَة الأَخفاف تَدمي أَنوفها

معرَّقة الأَصلابِ مطويّة القُرُب

صَوادع للشّعب الشَديد التَيامُه

شَواعِب للصّدع الَذي لَيسَ يَنشعب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو الشيص الخزاعي

avatar

أبو الشيص الخزاعي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Al-Shees-Al-Khuzaie@

77

قصيدة

1

الاقتباسات

80

متابعين

محمد بن علي بن عبد الله بن رزين بن سليمان بن تميم الخزاعي. شاعر مطبوع، سريع الخاطر رقيق الألفاظ. من أهل الكوفة غلبه على الشهرة معاصراه صريع الغواني وأبو النواس. ...

المزيد عن أبو الشيص الخزاعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة