أمرّ على ساحل الحب. ألقي السلامْ
سريعاً. وأكتب فوق جناحِ الحمام
رسائل منِّي اليّ.
كم امرأةٍ مزقتني
كما مزَّق الطفل غيمةْ
فلم أتألم، ولم أتعلَّم. ولم أحْمِ نجمهْ
من الغيم خلف السياج القصيّ.
أمُرُّ على الحب كالغيم في خاتم الشجرهْ
ولا سقفَ لي، لا مَطَرْ
أمر كما يعبر الظلُّ فوق الحجرْ
وأسحب نفسيَ من جَسدٍ لم أرَهْ
أخاف الرجوع الى أيِّ ليل عرفتُهْ
أخاف العيون التي تستطيعُ اختراقَ ضِفافي
فقد تبصر القلبَ حافي
أخاف اعترافي
بأني أخاف الرجوعَ الى أيِّ صدرٍ شربتُهْ
فألقي بنفسيَ في البئر.. فيّ.
*
أنا العاشق السيء الحظ. قلت كلاما كثيراً
وسهلا عن القمح حين يُفَرِّخُ فينا السنونو.
وقلت نبيذ النُعاس الذي لم تقله العيونُ
ووزَّعتُ قلبي على الطير حتى يحُطَّ وحتى يطيرا
وقلت كلاما لألعبَ. قلت كلاماً كثيرا
عن الحبِّ كي لا أحبَّ، وأحمي الذي سيكونُ
من اليأس بين يديّ.
ويا حُبّ، يا من يُسَمُّونه الحبَّ، من أنتَ حتى تعذب هذا الهواءْ
وتدفع سيدة في الثلاثين من عمرها للجنونِ
وتجعلني حارساً للرخام الذي سال من قدميها سماءْ؟
وما اسمك يا حُبُّ، ما اسم البعيد المعلق تحت جفوني
وما اسم البلاد التي خيمت في خطى امرأة جنَّةً للبكاءْ
ومَنْ أنت يا سَيِّدي الحب حتى نُطيع نواياك أو نشتهي
أن نكون ضحاياكَ؟
إيَّاك أعبدُ حتى أراكَ الملاكَ الأخيرَ على راحتيّ.
أنا العاشق السيء الحظ. نامي لأتبع رؤياك، نامي
ليهرب ماضيَّ مما تخافين. نامي لأنساكِ. نامي لأنسى مقامي
على أول القمح في أوَّل الحقل في أوَّلِ الأرضِ. نامي
لأعرف أني أحبك أكثر مما أُحبكِ. نامي
لأدخل دغل الشعيرات في جَسَدٍ من هديل الحمامِ
ونامي لأعرف في أي ملحٍ أموت، وفي أي شَهْدٍ سأُبعث حيَّا.
ونامي لأحصي السموات فيك وشكل النباتات فيكِ. وأُحصي يَديَّا
ونامي لأحفر مجرى لروحي التي هربتْ من كلامي
وحطَّتْ على ركبتيكِ.. لتبكي عليا.
أُحبُّ، أُحبُّ، أُحبُّك . لا أستطيع الرجوعَ الى أولِ البحر.
لا أستطيع الذهاب الى آخر البحر. قولي
الى أين يأخذني البحرُ في شهوتكْ
وكم مرةً سوف تصحو الوحوش الصغيرة في صرختكْ؟
خذيني لآخذ قوتَ الحَجَلْ
وتوت زُحَلْ.
على حجرِ البرقِ في ركبتيكِ.
أحب، أُحبُّ، أُحبُّكِ. لكنني لا أُريد الرحيلَ عن موجتكْ.
دعيني، اتركيني، كما يترك البحر اصدافَهُ
على شاطئ العزلة الأزليّ.
أنا العاشق السيء الحظَّ لا أستطيع الذهاب اليكِ. ولا أستطيع الرجوع اليّ.
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...