كم أَنا
في الصباح ذهبتُ إلى سوق يوم
الخميس اشتريتُ حوائجنا المنزليّة ,
واخترتُ أُوركيدَةً وبعثتُ الرسائل
بلَّلني مَطَرٌ فامتلأتُ برائحة البرتقالة.
هل قُلْتَ ليْ مَرَّةً إنني نَخْلَةٌ حاملٌ ,
أَم تخيَّلْتُ ذلك ؟ إن لم تجدني
أَرفُّ عليك , فلا تَخْشَ ضَعْفَ الهواءِ ,
وَنَمْ يا حبيبيَ نَوْمَ الهنا...
ـ2ـ
كم أَنا؟
في الظهيرة , لَمَّعْتُ كُلَّ مرايايَ . أَعددتُ
نفسي لعيدٍ سعيدٍ ونهدايَ , فَرْخا
يمامِ لياليك يمتلئان بشهوة أَمس
أَرى في عُروق الرخام حليبَ الكلام
الإباحي يجري ويصرخ بالشُعَراء
اُكتبوني’ كما قال ريتسوس . أَين
اختفيت وأَخفيت منفايَ عن رغبتي؟
لا أرى صُورتي في المرايا , ولا صُورَةَ
اُمرأةٍ من نساء أَثينا تُدِيرُ تَدَابِيرَها
العاطفيَّةَ مثلي هُنا.
ـ3ـ
كم أَنا ؟
في المساء ذهبتُ إلى السينما
مع إحدى الصديقات . كان لهُنُودُ
القدامى يطيرون في , زمن الحرب والسلم
كالشُّهُب الأَثريَّة , مثلي ومثلك .
حدَّقْتُ في طائرٍ فرأيتُ جناحَيْكَ
يرتديان جناحيّ في شجر الأكاليبتوس .
ها نحن ننجو نجاة الغبار من
النهر . مَنْ كان فينا الضحيّةَ فليْحلُم
الآن أكثرَ من غيره بيننا.
ـ4ـ
كم أَنا؟
بعد مُنْتَصفِ الليل , أَشْرَقَتِ
الشمسُ في دمنا
كم أنا أنْتَ , يا صاحبي
كم أَنا ! مَنْ أَنا !
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...