الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » سقاها بلا ضر بغيث هطول

عدد الابيات : 71

طباعة

سَقاها بِلا ضرٍّ بِغَيثٍ هَطولِ

سَحاب الحَيا مِن أَربُعٍ وَطلولِ

سَقاها وَلَو لَم يطف ناراً بِمُهجتي

وَلَم يَحبُني مِنهُ بِبَردِ غَليلي

وَحاكَت لَها أَيدي الثّريّا مَلابِساً

نَسيج الصّبا سَدَّتهُ كفّ قبولِ

وَإِن حالَ حالُ الدّارِ عمّا عَهِدتهُ

فَعَهدُ الجَوى بِالدّارِ غير محيلِ

إِذِ الدّارُ مِن لَيلايَ كانَت أَنيسةً

وَغصن النّقا ريّان غير ذبولِ

وَشعب اللّوى قَد كانَ واللَّه عامراً

وَرَبع اللّوى لَم يَنشَعِر بِرَحيلِ

خَلِيلَيَّ فيَّ الوَجدُ ثارَ وَشاقَني

سَنا بارِقٍ بِالنيِّرينِ جليلِ

تَبَدَّى سنيُّ الومضِ مِنهُ كَأَنّهُ

أَشِعَّةُ حُسنٍ في جَبينٍ جَميلِ

فَحُثَّا مَطايا الجدّ بِالوَجدِ وَاِقطَعا

فَراسِخَ عَشراً في مَسافَةِ ميلِ

وَمِيلا بِهاتيكَ المَطايا لَعَلَّها

تُقِيل بِظِلٍّ في دِمَشقَ ظليلِ

فَإِنّ بِها بيضاً حِساناً عَقائلاً

أَخذَنَ بِأَرواحٍ لَنا وَعُقولِ

وَفي الكلَّةِ الخضراءِ بَيضاءُ غُرَّةٍ

وَحَمراءُ خَدٍّ بِالجَمالِ أَسيلِ

وَمَكسورة الأَجفانِ مِن سِحرِ لَحظِها

وَوَطفاءِ أَهدابٍ بِطرف كَحيلِ

طَليقة وَجهٍ بِالجَمالِ ملثَّم

أَسيرَة حُسنٍ في الحِسانِ قَليلِ

مَعاصِمُها قَد قيِّدت بِأَساوِرٍ

وَأَرجُلها قَد قُيِّدَت بِحجولِ

مِنَ البابِليّات الجُفونُ وَسِحرُها

هُوَ النّبل توحيهِ لِقلبِ نَبيلِ

فَإِن أوعَدت بِالرّميِ مِن نَبلِ جَفنِها

فَإِيعادُها بِالرّمي غَير مطولِ

وَإِن أَوعَدت بِالقَتلِ في سَيفِ لَحظِها

فَكَم مِن صَريعٍ قَد تَرى وَقَتيلِ

وَفي ثَغرِها خَمرانِ ريقٌ وَمَلفَظ

وَفي لَحظِها المَخمور أَسنى شمولِ

مُخَدَّرَة يَحمونَ رُؤيَة حِصنِها

بِسُمرٍ عَوالٍ أَو بِبيضِ نُصولِ

وَكَم مَنَعوا الغرثان وِردَ رضابِها

وَلَم يَمنَعوا الضيفانَ حُسنَ نُزولِ

مَهاة لَها فَتكُ الأُسودِ بِمُهجَتي

وَلَفتة ظَبي في الكناسِ خذولِ

فَقُلت لَها قَد ذبتُ فيكِ صَبابَةً

أَما أَبصَرت عَيناكِ فَرطَ نُحولي

إِلامَ أُداوي القَلبَ نَشقاً مِنَ الصَّبا

وَما بِعَليلٍ مِن شِفاءِ عَليلِ

وَحَتّامَ أَستَشفي بِرقّةِ خَصرِها

وَأَيّ نَحيلٍ يَشتَفي بِنَحيلِ

وَلَيلةَ طَلَّقتُ الكَرى وَأَبَنْتُهُ

عَلى غَفلَةِ اللّاحي وَسَهو العذولِ

طَرقتُ حِمى لَيلايَ وَالنّسر حِندِساً

صَليبَ نضارٍ في بُرودِ أَبيلِ

أَخوضُ حِياضَ المَوتِ مِن دونِ حَيِّها

فَإِنْ جبت غيلاً صِرت مِنهُ بِغِيلِ

وَمِن أَسَدٍ يَعدو وَآخرَ زائِرٍ

وَمِن ضَيغَمٍ جاثٍ وَساطٍ صَؤولِ

وَلَم أَنسَ طولَ العُمرِ منّي مَقالَها

وَقَد أَبصَرت في الخدرِ منّي دخولي

رُوَيدَكَ قَد أَسلَمتَ نَفسكَ لِلرّدى

وَفيها فَعَلتَ الآنَ فِعلَ جَهولِ

وَفارِس عَبسٍ لَيسَ يَفعَلُ مِثلَ ذا

وَما كانَ في هَذا لَهُ مِن وصولِ

فَكَيفَ إِذا مِن قَبلِ قَتلك قَد سَطَوا

عَلَيكَ بِأَقوى حجَّةٍ وَدَليلِ

وَجالوا بِمِضمارِ الجِدالِ تَباحُثاً

وَأَلقَوكَ في بَحثٍ عَريضٍ طَويلِ

فَقُلتُ لَها مَهلاً فَديتُكِ بِالحَشا

رُوَيدَكِ طيبي وَاِسمَعي ما تَقولي

فَلَستُ أَخافُ القتلَ إِذ كُنتُ عاشِقاً

بِطَعنِ سِنانٍ أَو نِزالِ رَعيلِ

وَهَل أَختَشي في البحثِ نَقضاً وَمانِعاً

وَلي سَندٌ مِثل الإِمامِ الجليلِ

أَخي الفَضلِ بَحرِ العلمِ طَودِ مَعارفٍ

قَليل نَظيرٍ بَل عَديمِ مَثيلِ

شَقيق لِنُعمان وَذاكَ محمَّد

إِمام فُروعِ الفِقهِ ثمّ الأُصولِ

هوَ العابِدُ النسَّاكُ وَهوَ اِبن عابد

ذُو النَّسبِ الزّاكي الكريمِ الأَصيلِ

إِمام بِهِ التّحقيقُ أَدرَكَ سَعدهُ

وَنالَ بِهِ التّدقيق جَرَّ ذُيولِ

فَأَبدى خَفايا المُشكِلات مُوَضِّحاً

وَوَجَّهها حَقّاً بِوَجه جَميلِ

تَأَهَّل لِلتّحقيقِ مِن زَمَنِ الصّبا

وَكَم فاقَ مِن شَيخٍ لَهُ وَكهولِ

وَدانَت لَه فيهِ صُدور جَهابِذٍ

أَفاضِل أَعيان كِبار فُحولِ

هُوَ العالِمُ النّحريرُ الجَهبذُ الّذي

لَهُ حُسنُ إِتقانٍ وَحسنُ مقولِ

فَمَعنى كِتاب اللّه نَصب خَيالِهِ

كَسُنَّةِ خَيرِ الخَلقِ خَيرِ رَسولِ

فَلا شَيء إِلّا قَد يُقيم دَليلَهُ

فَإِمّا بِنَصِّ العقلِ أَو بِالنقولِ

لَهُ اللّهُ مِن فَردٍ قَليلٍ مِثالهُ

وَمثل سِواه الدهرَ غير قليلِ

وَجيه بِأَخلاقٍ حِسانٍ لَقَد دَعَت

إِلى حسنِ إِقبالٍ وَحسنِ قَبولِ

بَليغ لَهُ أَسنى الفَصاحَةِ دَيدَنٌ

وَأَثبَته فيهِ بَلاغَة قيلِ

بِسِحرِ بَيانٍ بِالبَديعِ مُطلسم

فَكَم فيهِ يَسبي مِن حِجىً وَعُقولِ

وَصَيَّرَ سَحبانَ البَلاغَةِ باقلاً

تَرَدّى مَعَ الإِسكاتِ ثَوب ذُهولِ

وَراحَ وَلا إِدراكَ حَتّى إِنِ اِغتَدي

يَقولُ بِأَنّ القَولَ عينُ المَقيلِ

وَدانَت لَهُ شوسُ القَوافي مُطيعَةً

فَلَيس لَدَيه الصّعب غير ذلولِ

وَلَكِنّهُ ما اِختارَ غَيرَ هِجانها

لِخودٍ مَعان غَير ذاتِ بُعولِ

وَأَركَبَها مِنها غَوانِيَ خرّداً

عَذارى عِراباً عادِمات الشكولِ

رَعابيب غيداً بِالجَمالِ بَديعة

بِطرفٍ كَحيلٍ بَل وَإطل نحيلِ

وَأَلبَسها مَنظوم درٍّ وجوهرٍ

وَزَيَّن مِنها الجيدَ بَعدَ العطولِ

أَخو الرّتبةِ القَعساءِ وَالأَمجَدِ الّذي

لَهُ تَخدم العلياءُ غيرَ ملولِ

وَقَرَّ عَلى مَتنِ المَعالي إِذِ اِستَوى

وَلَيسَ لَهُ مُنذ اِستَوى من زميلِ

أَبو العِزِّ شَمسُ المَجدِ بَدرُ ذَوي العلى

لَقَد نالَ في العَلياءِ أَسنى حلولِ

وَمَن جارُه يَبدو العَزيز بِظلِّهِ

يَعيشُ بِطولِ الدّهرِ غَيرَ ذَليلِ

أَخو الحلمِ في لينٍ وَحُسنِ إِناءَةٍ

وَمَن لَيسَ ذا طَيشٍ وَلا بِالعَجولِ

خَدين النّدى حاتم الجودِ مَعنهُ

وَمَن هوَ بِالتّبذيرِ خَير بَخيلِ

فَيا أَيّها المَولى الّذي طابَ سِيرَةً

بِصيتٍ حَميدٍ في الأَنامِ جميلِ

إِلَيكَ أَخا الآدابِ بِكراً يَتيمَةً

وَأَنتَ لَها في الدّهرِ خَير خليلِ

عَروساً إِليكَ الفكرُ مولايَ زفّها

وَظلّ لَها يَرضاكَ خير حَليلِ

فَغُضَّ أَخا الإِحسانِ عمّا يُشينُها

وَهَبها مَع الإِقبال حُسنَ قَبولِ

وَدُم بِأَمانِ اللّهِ في طيبِ عِيشَةٍ

وَخَيرٍ وَآلاءٍ وَعمرٍ طَويلِ

وَصِحّةِ جِسمٍ ما حَييت وَما شَدا

حَمام الرّبى في بُكرَةٍ وَأَصيلِ

وَقالَ اِبنُ فَتحِ اللّه دارَ أَحبّتي

سُقيتِ بِلا ضرّ بِغَيثٍ هَطولِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة